وزير المياه المصري لـ {الشرق الأوسط}: ملتزمون بالمسار التفاوضي مع إثيوبيا بشأن سد النهضة

كشف عن دعوته لاجتماع طارئ للجنة الثلاثية بالقاهرة لحل الخلافات

د. حسام مغازي وزير الموارد المائية والري المصري («الشرق الأوسط»)
د. حسام مغازي وزير الموارد المائية والري المصري («الشرق الأوسط»)
TT

وزير المياه المصري لـ {الشرق الأوسط}: ملتزمون بالمسار التفاوضي مع إثيوبيا بشأن سد النهضة

د. حسام مغازي وزير الموارد المائية والري المصري («الشرق الأوسط»)
د. حسام مغازي وزير الموارد المائية والري المصري («الشرق الأوسط»)

قال الدكتور حسام مغازي وزير الموارد المائية والري المصري أمس إن بلاده مستمرة في المسار التفاوضي الذي تتبعه مع دولة إثيوبيا بشأن أزمة «سد النهضة»، وتأثيره المحتمل على حصتها من مياه نهر النيل، مشيرا في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى أنها دعت لاجتماع طارئ للجنة الخبراء الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان في القاهرة قريبا، لمناقشة العوائق والخلافات التي ظهرت مؤخرا لبحث حلها. وتابع قائلا «أمام مصر الكثير من الخيارات للتعامل مع الوضع.. لكن لكل حادث حديث».
واتفق وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا في أبريل (نيسان) الماضي على اختيار مكتبين استشاريين هما «بي آر إل» الفرنسي كمكتب رئيسي، و«دلتارس» الهولندي كمكتب مساعد يتعاونان معا في تنفيذ الدراسات اللازمة لمعرفة الآثار المائية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية لبناء سد النهضة.
لكن المفاوضات تعثرت مؤخرا عقب إعلان المكتب الهولندي انسحابه من تنفيذ الدراسات الفنية للسد، وترك الساحة أمام المكتب الفرنسي «بي آر إل» بمفرده. والذي تعتبره مصر منحازا للموقف الإثيوبي.
وقالت مصادر بوزارة الموارد المائية إن المكتب الهولندي رفض الشروط الموضوعة بواسطة اللجنة الوطنية الثلاثية والمكتب الفرنسي ووصفها بأنها «لا تعطي ضمانة لإجراء دراسات بحيادية وجودة عالية».
وقال مغازي أمس إن مصر «وجهت دعوة للمكتبين الفرنسي والهولندي لاجتماع مشترك بحضور لجنة الخبراء من الدول الثلاث للتفاوض حول تعديل الشروط المرجعية والوصول إلى توافق حولها».
ووقع زعماء مصر والسودان وإثيوبيا في مارس (آذار) الماضي على وثيقة اتفاق مبادئ بشأن سد النهضة، والتي تشمل مبادئ تحكم التعاون فيما بين الدول الثلاث للاستفادة من مياه النيل الشرقي وسد النهضة الإثيوبي، الذي أثار إنشاؤه مخاوف شديدة في مصر من سنوات حدوث جفاف مائي محتمل خلال ملء خزان السد الذي تقيمه إثيوبيا لتوليد الطاقة الكهربائية.
وشدد مغازي على أن بلاده ملتزمة باتفاق إعلان المبادئ، باعتباره ضمانة هامة للتعاون المشترك على أساس من المنفعة المتبادلة وعدم الضرر لجميع الأطراف، مشيرا إلى أن هناك خمسة أطراف في المفاوضات هي مصر والسودان وإثيوبيا والمكتبان الاستشاريان الفرنسي والهولندي، كل منهما له رؤيته الخاصة، وأولوياته المختلفة يتم التوفيق بينها.
وحول احتمالية فشل تلك المفاوضات وإصرار المكتب الهولندي على الانسحاب، قال إن «أي مفاوضات تمر بمراحل ولكل مرحلة فنياتها»، مضيفا أن «أمام مصر الكثير من الخيارات لكننا اخترنا طريق المفاوضات والتعاون لإيجاد صيغة مرضية لكل الأطراف».. وتابع: «لكل حادث حديث». ونوه إلى أن مصر تتعامل على أساس دراسة جميع السيناريوهات اللازمة لضمان جدية الحوار، وتحقيقه للتعاون المشترك بين مصر والسودان وإثيوبيا.
وكشف مغازي أن المكتب الهولندي أرسل خطابا رسميا للوزارة يعرب عن استعداده للتفاوض مجددا حول العرض الفني المعدل المقرر تنفيذه بين الشركتين لإجراء دراسات سد النهضة الإثيوبي.
ويقوم المكتبان بإجراء الدراسات المتعلقة بهيدروليكا النيل الأزرق، خلف سد النهضة التي تحدد قواعد التشغيل تمهيدًا للملء الأول لخزان السد، بالإضافة إلى الدراسات الاقتصادية والاجتماعية للمشروع.
وكانت «مجموعة حوض النيل»، التي تضم 15 أستاذا وخبيرًا مصريا ووزراء سابقين، قد أصدرت تقريرا أمس حول المفاوضات المصرية - الإثيوبية، أكدت فيه أن إثيوبيا تستغل عامل الوقت لتفعل ما تشاء من تخزين وتشغيل للسد، وأنّ التبعات ستكون كارثية مائيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وأمنيًا وسياسيًا على مصر.
وأكد التقرير أن سد النهضة مبالغ في حجمه وارتفاعه، كما أن كفاءته في توليد الكهرباء متدنية ولا تبرر هذا الحجم، وأن هدفه سياسي وليس تنمويا، حيث يهدف إلى التحكم في مياه النيل، ممّا يؤثر سلبا على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية في مصر.
وأشار إلى أن الآثار المباشرة لنقص الحصة المائية الناتج عن سد النهضة تتمثل في بوار مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية وانخفاض منسوب المياه الجوفية، وزيادة تداخل مياه البحر في الدلتا وتملح أراضيها، وانكشاف الكثير من مآخذ محطات مياه الشرب والمصانع الواقعة على نهر النيل وفرعيه، وزيادة تلوث مياه النهر والترع والمصارف والبحيرات الشمالية وتهديد الثروة السمكية.
ونوه إلى أن التداعيات الأخرى لسد النهضة تتمثل في تشجيع بقية دول حوض النيل على تنفيذ مشاريع السدود الكبرى والمتوسطة، وقيام إثيوبيا بإنشاء بقية سدودها، وانضمام جنوب السودان إلى اتفاقية عنتيبي وتنفيذ مشاريع استقطاب فواقد النهر بتمويل ودعم دولي لبيع المياه لمصر، وتوسع السودان في الزراعات على مياه النيل الأزرق خصما من حصة مصر المائية، وليس مستبعدًا انضمام السودان لاتفاقية عنتيبي وتنصلها من اتفاقية 1959.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».