مصادر دبلوماسية فرنسية: روسيا تسعى لفرض رؤيتها

الأمم المتحدة تستضيف 5 اجتماعات حول سوريا والإرهاب

سكان يعاينون آثار قصف من قبل قوات النظام في بصرة الشام أمس (رويترز)
سكان يعاينون آثار قصف من قبل قوات النظام في بصرة الشام أمس (رويترز)
TT

مصادر دبلوماسية فرنسية: روسيا تسعى لفرض رؤيتها

سكان يعاينون آثار قصف من قبل قوات النظام في بصرة الشام أمس (رويترز)
سكان يعاينون آثار قصف من قبل قوات النظام في بصرة الشام أمس (رويترز)

تنتقل مشكلات العالم أواخر الأسبوع الطالع إلى نيويورك بمناسبة انطلاق أعمال الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي من المنتظر أن تستضيف ما لا يقل عن 150 رئيس دولة وحكومة ناهيك بعشرات من وزراء الخارجية والمئات من الخبراء والموظفين والصحافيين. وقد أحصت أجهزة الأمم المتحدة ما لا يقل عن 170 موضوعا ستطرح خلال المناقشات، لكن القسم الأهم منها سينطلق يوم 28 سبتمبر (أيلول) الحالي مع بدء المناقشات السياسية التي ستستمر حتى 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
مصادر دبلوماسية فرنسية معنية بالأمم المتحدة قالت إن ثمة محاور أساسية ستسيطر على المناقشات على رأسها: ملف الإرهاب، والهجرات الجماعية، والأزمات الإقليمية كسوريا والعراق، و«النووي الإيراني»، والسلام في الشرق الأوسط، يليها موضوع المناخ الذي ستستضيف باريس قمته نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) وحتى 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين، وآخرها حقوق الإنسان، والإصلاحات المطروحة بالنسبة لقواعد عمل مجلس الأمن الدولي واستخدام حق النقض (الفيتو).. لكن باريس ترى أن ما سيجري من لقاءات ثنائية وغير ثنائية بمناسبة وجود هذا العدد الكبير من الرؤساء في مكان واحد، «أهم بكثير» مما سيجري داخل القاعات. ولم يعرف حتى تاريخه ما إذا كان الرئيسان الأميركي والروسي باراك أوباما وفلاديمير بوتين سيلتقيان في نيويورك.
من الواضح أن المحطات الأساسية التي ستستقطب الاهتمام الدولي تتناول بالدرجة الأولى أزمات الشرق الأوسط، وعلى رأسها «النووي الإيراني»، وسوريا، والإرهاب.
وفي هذا السياق، فإن وزراء خارجية مجموعة «5+1» سيعقدون اجتماعا تقويميا يوم 28 من الشهر الحالي للنظر في مآل الاتفاق مع إيران ومراحله المقبلة؛ إذ إنه سيدخل حيز التنفيذ الفعلي منتصف الشهر المقبل. وستتركز أنظار الوزراء الستة على مسألة المصادقة على الاتفاق في الكونغرس الأميركي ومجلس الشورى الإيراني. وقالت المصادر الفرنسية إن إيران تنفذ المطلوب منها بموجب الاتفاق في هذه المرحلة «التمهيدية»، لكن صلب الموضوع يكمن في التطبيق الأمين لالتزاماتها كخفض أعداد الطاردات، وتحويل اليورانيوم متوسط التخصيب، وخفض كمياته، والتصديق على البروتوكول الإضافي، والإجابة عن كل تساؤلات الوكالة الدولية للطاقة.. وهي الشروط المطلوب تنفيذها قبل البدء برفع العقوبات ووضع حد للقرارات الدولية الخاصة بها.
وفي موضوع الإرهاب، ثمة حدثان رئيسيان: الأول، القمة التي ستلتئم بدعوة من الرئيس أوباما وبرئاسته يوم 29 سبتمبر الحالي، والثاني الاجتماع الوزاري الاستثنائي الذي دعت إليه روسيا وسيرأسه وزير خارجيتها سيرغي لافروف. ووفق المعلومات التي كشفت عنها مصادر الخارجية الفرنسية، فإن الطرف الروسي يريد التركيز تحديدا على الإرهاب في الشرق الأوسط، وتحديدا «داعش»، من أجل دفع مشروعه الداعي إلى تشكيل تحالف دولي يحارب «داعش» وتنضم إليه دول المنطقة كالسعودية وتركيا والأردن والعراق بالإضافة إلى القوات السورية الرسمية - أي النظام - والمعارضة، وهو ما لم يلق أذنا صاغية لا من الدول الغربية ولا من المعارضة. وأضافت المصادر الفرنسية أن موسكو تريد الحصول على قرار من مجلس الأمن «يترجم رؤيتها لمحاربة الإرهاب» كما تروج لها منذ أشهر. وفي حساب موسكو أن توجهًا كهذا «لا يمكن إلا أن يخدم النظام السوري الذي تقدمه على أنه الطرف الأقوى ميدانيا على محاربة (داعش)».
وفي المقابل، فإن أوباما يسعى، من خلال القمة التي دعا إليها، إلى «إعادة التأكيد على تعبئة التحالف الدولي في حربه على الإرهاب و(داعش) في كل المجالات»، وهي تشمل تجفيف التمويل ومحاربة تجنيد المقاتلين الأجانب وسرقة الآثار والاتجار بها والعقوبات المفروضة على الأشخاص والهيئات. وبحسب باريس، فإن هذه الاجتماعات «لن تحمل جديدا، بل الغرض منها أن تعكس إرادة سياسية» في استمرار العمل الجماعي للوقوف بوجه الإرهاب.
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى اجتماع برئاسته يوم 29 سبتمبر الحالي لوزراء خارجية «مجموعة الخمس» أي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وبحضور ممثله ستيفان دي ميستورا للنظر في الوضع السوري وفي ما يمكن عمله من أجل مساعدة المبعوث الدولي على دفع مبادرته التي عرضها على مجلس الأمن في 29 يوليو (تموز) الماضي، إلى الأمام. كذلك ستستضيف نيويورك اجتماعا إضافيا عن سوريا بدعوة من ألمانيا سيضم وزراء خارجية مجموعة السبع والبلدان الخليجية، وسيخصص لمسألة الهجرة واللاجئين السوريين والأوضاع الإنسانية بشكل عام. وبحسب باريس، فإن الاهتمام الألماني لا يمكن عزله عن تدفق موجات المهاجرين بعشرات الآلاف إلى هذا البلد ورغبة ألمانيا في إيجاد «حلول جماعية» لها، لا تشمل فقط استقبالهم في أوروبا، وإنما أيضا المساعدة على بقاء اللاجئين السوريين في أماكن وجودهم الحالية بانتظار أن تسلك الأزمة السورية طريقها إلى الحل.
من جانب آخر، سيطرح موضوع الهجرة عبر العالم بمناسبة اجتماع دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة.
ككل عام، يعود الملف الفلسطيني إلى مائدة المحادثات، وجديده هذه المرة أنه يتم على وقع المواجهات والتوتر المتصاعد في باحات المسجد الأقصى وفي ظل رفع العلم الفلسطيني على مدخل «القصر الزجاجي» بحضور الرئيس محمود عباس (أبو مازن). وقالت المصادر الفرنسية إن باريس ستكثف اتصالاتها من أجل تشكيل ما يسمى «مجموعة الدعم» التي يراد منها تحريك الوضع والانتقال من الجمود السياسي إلى معاودة استئناف مفاوضات السلام. وتريد باريس ضم بلدان أوروبية وعربية إلى «الرباعية الدولية» التي تقول عنها إنه «ثبت فشلها». لكن لا يبدو أن اتصالاتها قد تقدمت كثيرا. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية عربية أن واشنطن ولندن تسعيان لإجهاض المبادرة الفرنسية، علما بأن باريس تراجعت عن خطتها الأولى وهي تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن يؤكد محددات السلام وينص على فترة زمنية للانتهاء من التفاوض (18 شهرا أو سنتيان) بعد رفض إسرائيلي عنيف وفتور أميركي. وسيناقش أبو مازن كل وجوه المسألة مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يوم الثلاثاء المقبل في باريس قبل أن يتوجه إلى موسكو لمقابلة الرئيس بوتين.
يذكر أن بان كي مون دعا كذلك إلى اجتماع وزاري لمجموعة الدعم للبنان في الثلاثين من الشهر الحالي. وقالت باريس إن الغرض منه «التعبير عن التضامن مع لبنان في مواجهة أعباء الوجود الكثيف للاجئين السوريين، والدفع باتجاه ملء الفراغ الدستوري، وعودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي». وقالت المصادر الفرنسية إن رسالة الأمين العام يمكن اختصارها في أنه «ينبغي ألا ننسى لبنان، ويتعين أن نعبئ الجهود لدعمه».



أنس معضماني صاحب السيلفي مع ميركل يرفض العودة إلى سوريا

أنس معضماني يظهر صورته الشهيرة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل (إكس)
أنس معضماني يظهر صورته الشهيرة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل (إكس)
TT

أنس معضماني صاحب السيلفي مع ميركل يرفض العودة إلى سوريا

أنس معضماني يظهر صورته الشهيرة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل (إكس)
أنس معضماني يظهر صورته الشهيرة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل (إكس)

انتشرت صورة السيلفي التي التقطها أنس معضماني مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل في كل أنحاء العالم، لكن هذا اللاجئ السوري الذي حاز الجنسية الألمانية لا يريد العودة إلى بلده حتى بعد سقوط بشار الأسد.

ويخبر منتج الفيديو البالغ 27 عاماً والذي وصل إلى برلين عندما كان في الثامنة عشرة في عزّ أزمة اللجوء سنة 2015 التي بات من أشهر رموزها بعد الصورة التي التقطها مع المستشارة الألمانية والبسمة على وجهها: «أنا من سكان برلين وحياتي هنا».

وخلّدت صورته جوهر سياسة الاستقبال التي انتهجتها ألمانيا قبل نحو 10 سنوات عندما فتحت حدودها لنحو مليون شخص، أي أكبر جالية سورية في الاتحاد الأوروبي.

وبات اليوم أنس معضماني الحائز دبلوماً في الاتصالات بعد دراسة موّلها من خلال العمل يومين في سوبر ماركت، يتعاون مراسلاً حراً مع هيئة الإذاعة والتلفزيون العامة (دويتشه فيله) التي تبثّ برامجها على نطاق دولي.

صورة السيلفي الشهيرة (إكس)

وقال: «لديّ شقّة رائعة وامرأة جميلة جدّاً وكلّ ما يلزمني هنا».

ويعيش أنس مع خطيبته الأوكرانية التي وصلت إلى ألمانيا قبل أشهر من غزو روسيا لبلدها في فبراير (شباط) 2022.

ويعدّ هذا الثنائي رمزاً بذاته، فالأوكرانيون والسوريون يشكلّون أكبر جاليتين للاجئين في ألمانيا.

وتعمل خطيبته في مجال الهندسة الميكانيكية بعد إتمام دراستها في برلين.

ويؤكد أنس معضماني الذي غادر سوريا «هرباً من الخدمة العسكرية» أنه لا يريد العودة إلى بلده «بسبب الفظائع التي عشتها. فقدت أصدقاء وقضى أفراد من عائلتي».

قلق

منذ سقوط بشار الأسد الأحد، عاد إلى الواجهة النقاش بشأن إرجاع اللاجئين السوريين إلى بلدهم في ألمانيا ودول أخرى من الاتحاد الأوروبي.

وقبل أقلّ من ثلاثة أشهر على الانتخابات التشريعية في 23 فبراير المقبل، تعلو النداءات في أوساط اليمين المتطرّف والمحافظين الألمان لطرد اللاجئين السوريين.

وهي دعوات انتقدتها الأربعاء وزيرة الخارجية من حزب الخضر أنالينا بيربوك، معتبرة أنها «تنمّ بكلّ وضوح عن قلّة واقعية إزاء الوضع في الشرق الأدنى».

ويقرّ أنس: «أنا قلق بالنسبة إلى أصدقائي الذين لم يحصلوا على جواز سفر ألماني. ولا شكّ في أن الحرب انتهت، لكن الوضع ليس آمنا ولا بدّ من مراقبة التطوّرات».

وما زالت عائلة أنس الذي له «أصدقاء في برلين أكثر من سوريا» تعيش في محيط دمشق على مسافة نصف ساعة عنها بالسيارة.

ويشير الشاب إلى أن إسرائيل تشنّ مئات الغارات على بلده، كاشفاً: «هي قد تطال أيّاً كان... عندما كنت أهاتف والدتي أخيراً، كانوا مختبئين في القبو».

ويريد والداه الخمسينيان مراقبة التطوّرات للوقت الراهن. ويعمل والده كهربائياً متخصصاً في إصلاح مولّدات الكهرباء.

«في التاريخ إلى الأبد»

غير أن استقدام عائلته إلى ألمانيا قد يصبح أكثر تعقيداً من السابق؛ إذ قرّرت برلين، الاثنين، تعليق النظر في طلبات اللجوء المقدّمة من سوريين.

ومنذ السيلفي مع ميركل، بات أنس معضماني، كما يقول: «صوتاً للأشخاص الآتين من سوريا» وله حساب على «تيك توك» يتابعه أكثر من 50 ألف متابع.

وفي حين رأى فيه السوريون في ألمانيا بطلاً، حوّر اليمين المتطرّف صورته مع ميركل؛ ما دفعه إلى مقاضاة «فيسبوك» سنة 2017 لمحو صور مفبركة. لكنه خسر دعواه في وجه العملاق الأميركي.

وصحيح أنه لم يلتقِ ميركل مجدداً، غير أن الأخيرة لم تنسَ لقاءهما. وهي كشفت في مذكّراتها التي صدرت في 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، عن أنها ما زالت لا تفهم كيف أن «وجهاً بشوشاً على صورة افترض أنه كافِ لحضّ أعداد غفيرة على الهرب من بلدها».

وبالنسبة إلى أنس معضماني، فإن رؤية صورته في كتاب ميركل الواقع في 700 صفحة «أمر رائع»؛ إذ إن «صورتي دخلت في التاريخ إلى الأبد».