بان كي ـ مون لـ {الشرق الأوسط}: العالم سيكون أكثر دموية من دون الأمم المتحدة

الأمين العام ثمَّن دعم الملك سلمان لحل مشاكل المنطقة.. وقال إنه يأمل في أن يقود الاتفاق النووي مع إيران إلى «فتح الفرص» للتقدم في سوريا

بان كي  ـ مون لـ {الشرق الأوسط}: العالم سيكون أكثر دموية من دون الأمم المتحدة
TT

بان كي ـ مون لـ {الشرق الأوسط}: العالم سيكون أكثر دموية من دون الأمم المتحدة

بان كي  ـ مون لـ {الشرق الأوسط}: العالم سيكون أكثر دموية من دون الأمم المتحدة

رأى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن «الوقت حان» كي تنظر الدول الأعضاء في تولي امرأة منصب الأمين العام المقبل بعدما توالى عليه ثمانية رجال منذ إنشاء المنظمة الدولية عام 1945، معترفًا بأن هناك ما يبرر الانتقادات التي توجه للمنظمة التي تحتفل بالذكرى السنوية السبعين لتأسيسها. لكنه اعتبر أن العالم سيكون «أكثر دموية وأكثر مأساوية» من دونها. وعبر عن اعتقاده أن غياب الحل السياسي في كل من سوريا واليمن وليبيا أدى إلى «كم هائل من المعاناة» لشعوب هذه الدول، مشددًا على أن «ما يجمع بين هذه الأزمات الثلاث هو ضرورة أن تفعل الأطراف الإقليمية كل ما في وسعها لوقف دعم القوى العسكرية على الأرض».
وأكد بان كي مون في حوار مع «الشرق الأوسط»، جرى بمكتبه في نيويورك، أن التسليح الروسي لنظام الرئيس السوري بشار الأسد «يزيد الوضع سوءًا». وأمل في أن يؤدي النجاح الدبلوماسي في ملف إيران النووي إلى «فتح فرص» لإحراز تقدم «ليس فقط في سوريا، بل أيضًا في ملفات رئيسية أخرى في المنطقة». وكشف أن الأمم المتحدة والسعودية «تواصلان العمل سوية لمعالجة قضايا كثيرة» في المنطقة والعالم، مثمنًا الدعم الذي يتلقاه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والسعودية، مشيرًا إلى أنه تحادث هاتفيًا مع العاهل السعودي لمناقشة الأوضاع في مدينة القدس القديمة وفي اليمن، فضلاً عن مواضيع أخرى.
* مع بدء الدورة السنوية السبعين للأمم المتحدة، هل يمكنك القول إننا نعيش اليوم في عالم أفضل من ذلك الذي كان قبل تسعة أعوام حين باشرت عملك كأمين عام؟ لماذا تعطي هذه المناسبة أهمية كبيرة؟
- هذا وقت مهم للأمم المتحدة، يمكننا فيه استخدام الدورة الـ70 للتفكير بعناية بما فعلناه لإنجاز أهداف الألفية للتنمية ويمكننا أن نتفق على رزمة جديدة من أهداف التنمية المستدامة لإنارة طريقنا في السنوات المقبلة.
بكل صدق، لا يمكنني أن أقول إن العالم أفضل مما كان عليه في الأعوام التسعة الماضية. نحن نواجه تحديات مختلفة عما كنا نواجهه قبل عقد، في أماكن من سوريا إلى جنوب السودان ومن اليمن إلى أوكرانيا. ولكن أنا ممتن للرد الموحد الذي صاغه زعماء العالم في التعامل مع أهداف الألفية للتنمية، التي ساعدتنا على إحراز تقدم في تقليص الفقر، وتحسين أنظمة التعليم والصحة والمحافظة على حقوق المرأة. هذا النوع من التعاون يظهر ماذا يمكن أن تحققه الأمم عندما تعمل سوية.
أنا واثق من أن الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة هي الوقت المناسب لاستخدام هذه الوحدة كي نتحرك إلى الأمام حول مواضيع اهتمامنا، بما في ذلك معالجة التحديات التي يمثلها تغير المناخ وضمان أن يجري التعامل مع اللاجئين والمهاجرين في العالم بكرامة.
* ولكن ماذا فعلت الأمم المتحدة طوال 70 عامًا؟
- هذا سؤال جدي للغاية يستوجب ردًا طويلاً طويلاً. ولكن دعني أقول إن الأمم المتحدة ولدت عام 1945. وبعد 70 عامًا الآن صارت الأمم المتحدة مختلفة. حقًا إنها مذهلة رغم الظروف والملابسات ومستوى التقدم والتحول وعمقهما في العالم. نحن نعيش في مجتمع مختلف كليًا. خلال 70 عامًا، وأنا مدرك تمامًا للانتقادات في شأن فاعلية الأمم المتحدة وقدراتها وأدائها وشفافيتها وحتى مدى صلتها (بما يحصل). أنا واع تمامًا لهذا النوع من الانتقاد. ولكن إذا نظرت إلى الماضي، فإن الأمم المتحدة صنعت هنا أهم القرارات العالمية المهمة. الأهم هو أن إنهاء الاستعمار أدى إلى نشوء الكثير من الدول والمجتمعات المفتوحة والمستقلة. هذا ما نما، مع وعي قوي لأهمية حقوق الإنسان، والكرامة الإنسانية ومواضيع المساواة والعدالة. هذا ما قدمته الأمم المتحدة للمجتمع السلمي والصحي.
الآن، مع كل التطور التكنولوجي والتنوعي، أعتقد أننا نرى مشاكل أكثر مما نرى حلولاً. هذا ما يؤسف له. ولكن إذا فكرت إذا لم تكن الأمم المتحدة موجودة، ما كانت هناك أرضية مشتركة حيث يمكن لكل أعضاء الأمم المتحدة للجلوس سوية ومناقشة كل هذه القضايا. أخشى ما أخشاه أن العالم كان سيكون أكثر دموية وأكثر مأساوية من دون الأمم المتحدة. هذا لا ينبغي أن يفهم على أنه رضى. لا. نحن نبذل أفضل جهودنا من أجل أن نتغير، تكيفًا مع الوضع المتغير.
إن أهداف التنمية المستدامة، وعلى رغم أنها لا تعنى مباشرة بالأزمات، ولكن باعتقادي أن الأمم المتحدة تمثل الآن الرؤية الأكثر أهمية لشعوب العالم. حين لا تكون هناك تنمية، تنمية مستدامة، فإن ذلك يوفر أرضًا خصبة للشكوى واليأس وانعدام الاستقرار السياسي. لذلك فإن التنمية رئيسية لكل الأعمدة التي يتألف منها ميثاق الأمم المتحدة: السلم والأمن، التنمية، حقوق الإنسان. أعتقد أنه من هذه الأعمدة الثلاثة، التنمية أساس. بالطبع كلها متصلة ببعضها الآخر. أنا فخور بأني أخدم كأمين عام، حتى لو كان علينا أن نعمل أكثر. أنا مدرك لذلك.
* لا يزال لديك أكثر من سنة لتنهي ولايتك الثانية. الكثير من الدبلوماسيين يقولون علنًا إن الوقت حان للإتيان بامرأة إلى هذا المنصب. هل توافق؟
- أنا اعتقدت دائمًا بضرورة تعزيز دور المرأة في الأمم المتحدة وأعضاء حكوماتنا. في ولايتي كأمين عام، ضغطت أكثر من أسلافي من أجل تعيين نساء في مراكز رئيسية، بما في ذلك عبر تعيين المزيد من النساء بين الممثلين الخاصين للأمين العام. الآن، ومع قرب انتهاء ولايتي كأمين عام، من الواضح أن دولاً كثيرة تعتقد أيضًا أنه حان الوقت لتعيين امرأة بمنصب أمين عام، وأنا سعيد أنهم يعترفون بذلك.
* ولكن هل تزكي تعيين امرأة؟
- أنا ملتزم جدًا ما يسمى التمكين الجندري والمساواة الجندرية، وبما أنني ثامن رجل كأمين عام، بالتالي أعتقد أن الوقت حان كي تناقش الدول الأعضاء وتنظر في هذا النوع من التطلعات بين الكثيرين من الناس. الأمر لا يتعلق فقط بالمرأة، بل بالمجتمع النسوي. كثيرون يتساءلون عن هذا الأمر. ولكن كأمين عام في الوقت الراهن، ومع إقراري بأن هناك كثيرات من القادة النساء المؤهلات والمتمرسات والملتزمات، فإن هذا الأمر بكليته يعود إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تقرر من هو الشخص الأفضل لقيادة هذه المنظمة. فيما يعنيني، سأواصل بذل قصارى جهودي للقيام بعملي كأمين عام حتى اليوم الأخير من ولايتي، ولترك الأمم المتحدة في أفضل الظروف.
* كيف ترى العالم العربي اليوم؟ كم أنت غاضب على الوضع في سوريا؟ ماذا ترغب في أن ترى في ليبيا؟ ما الذي تعتقد أنه ينبغي عمله في اليمن؟
- في كل من سوريا واليمن وليبيا، نرى كمًا هائلاً من المعاناة بسبب غياب الحل السياسي على الأرض. في كل من هذه الحالات، أوضحت الحاجة إلى حل تفاوضي، وأنا دعمت عمل المبعوثين، ستيفان دو ميستورا في سوريا وإسماعيل ولد الشيح أحمد في اليمن وبرناردينو ليون في ليبيا، في سعيهم إلى جلوس الأطراف على الطاولة. ما يجمع بين هذه الأزمات الثلاث هو ضرورة أن تفعل الأطراف الإقليمية كل ما وسعها لوقف دعم القوى العسكرية على الأرض ولدفع الأطراف إلى مفاوضات ذات مغزى. إذا كانوا سيفعلون ذلك، يمكن أن نساعد على استعادة أمس ما يحتاج إليه العالم العربي: السلام والاستقرار.
في سوريا، يتحدى المتحاربون كل الأعراف الإنسانية. يواصل مبعوثي الخاص بذل جهوده. غير أن مسؤولية وقف هذا الرعب تقع على عاتق الأطراف، وعلى عاتق الجيران والقوى الخارجية التي تذكي القتال.
في اليمن، النزاع متصاعد.. أحض الأطراف اليمنية على العودة فورًا إلى العملية السياسية بتيسير من مبعوثي الخاص، وطبقًا لقرارات مجلس الأمن، بما في ذلك القرار 2216. لا يوجد حل عسكري لهذا النزاع.
* اللاجئون بسبب الحرب يتعرضون لخطر كبير في البر والبحر. نحن نرى ما يتعرضون له على الحدود المجرية من قبل شرطة مكافحة الشغب التي تتصدى لهم بمدافع المياه والغازات المسيلة للدموع. ماذا تقول عن ذلك؟
- لقد تحادثت مع الكثير من الزعماء الأوروبيين، ومع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان وشددت على أهمية التعامل مع هذه القضية وفقًا للمعاهدات الدولية ذات الصلة، مثل معاهدات اللاجئين الدولية والقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان. ووعدني أن يفعل أفضل الممكن. صدمني أن أرى كيفية التعامل مع هؤلاء اللاجئين والمهاجرين. أعرف أنه ربما تكون هناك بعض المسائل والمشاكل المحلية. ألا تواجه كل البلدان مشاكل محلية؟ بما أن هؤلاء الناس الذين يهربون من العنف والاضطهاد، يجب أن نقدم لهم قيادة عطوفة.
* هل تشعر بالارتياح حيال دور إيران في العالم العربي؟
- أعتقد أن لإيران دورًا مهمًا تضطلع به في المنطقة، وأنا والمبعوثون الخاصون بي نسعى كي تلعب السلطات الإيرانية دورًا مساعدًا في بحثنا عن حلول سياسية للأزمات في الشرق الأوسط. آمل في أن يؤدي نجاح دبلوماسية إيران النووية إلى فتح فرص من أجل إحراز تقدم ليس فقط في سوريا، بل أيضًا في ملفات رئيسية أخرى في المنطقة.
* لكن روسيا تزيد دعمها العسكري للحكومة السورية، ما هو تقييمك لهذا التطور؟ وماذا تتوقع من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن أن تفعل الآن، وخصوصًا بعد الاتفاق النووي مع إيران؟
- رأيت هذه التقارير عن الدعم العسكري الروسي وردي هو أنه لا يوجد حل عسكري. أنا قلق من الجهات التي تسلح وتوفر الأسلحة. هذا الوضع يساعد فقط على ازدياد الوضع سوءًا، من سيئ إلى أسوأ. ينبغي لكل الأطراف، وخصوصًا أعضاء مجلس الأمن، أن تظهر تضامنها الآن. نرى أن عدد القتلى بلغ أكثر من 250 ألفًا، وهناك أكثر من أربعة ملايين لاجئ، ونصف السكان صاروا نازحين ويحتاجون إلى المساعدة الإنسانية الطارئة الآن. نرى المشاهد الرهيبة في وسائل الإعلام. اضطراب كامل. صار البلد كله مدمرًا. لا أعرف ما هو الوقت المطلوب للتعافي ولإعادة البناء. لذلك أعتقد أنه على رغم مضي نحو خمسة أعوام على هذه الحرب، علينا أن نتحرك الآن.
* يمثل «داعش» وغيره من المنظمات الإرهابية تهديدًا رئيسيًا للأمن والسلم الدوليين. ماذا يمكن لمجلس الأمن أن يفعل كي يمارس مسؤولياته؟ كيف تنظر إلى الدعم السعودي لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب؟
- إن مجلس الأمن مدرك للتحديات التي تمثلها المنظمات الإرهابية، وأنا شجعت كل الدول على تنفيذ قرارات مجلس الأمن فيما يتعلق بالتهديدات التي يشكلها «داعش» وغيره من الجماعات الإرهابية. أنا أقدر مساهمات كل الدول لجهودنا في مكافحة الإرهاب، بما في ذلك دعم السعودية لمركز مكافحة الإرهاب.
* كيف تقيم العلاقة بين الأمم المتحدة والسعودية خصوصًا؟ ماذا يمكن أن تقول عن علاقتك بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؟
- الأمم المتحدة والسعودية تواصلان العمل الوثيق سوية لمعالجة قضايا كثيرة، سواء أكان في المنطقة أم حول العالم، وأنا أثمن الدعم الذي أتلقاه من الملك سلمان والسعودية. تحادثت هذا الأسبوع مع الملك سلمان، وناقشنا الأوضاع في مدينة القدس القديمة وفي اليمن، من ضمن مواضيع أخرى.
* لماذا تبدو إسرائيل فوق القانون؟ لماذا لا تطلب من المسؤولين الإسرائيليين التقيد بالقانون الدولي؟
- إن المبدأ الأساسي هو أن كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عليها واجب التقيد بالقرارات الدولية. لا توجد دولة فوق القانون. هذا مبدأ أساسي، مثل حقوق الإنسان. كل الناس متساوون. كل الدول الأعضاء متساوية. رأينا بعض الدول تتأخر في تنفيذ أو لا تنفذ قرارات. مجلس الأمن يتصرف حيال هذا الأمر، يحاول اتخاذ إجراءات عقابية من خلال فرض عقوبات أو مواضيع أخرى. هناك دول لا تنفذ بأمانة كل هذه القرارات التي يتخذها مجلس الأمن. ولذلك من المهم أن نساعد الإسرائيليين وجميع الفلسطينيين على الجلوس سوية. على هامش اجتماعاتنا في الجمعية العامة، سيعقد اجتماع لمسؤولي الرباعية لمناقشة هذا الأمر بصورة جدية للغاية.



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».