29 قتيلاً في هجوم طالباني على قاعدة لسلاح الجو الباكستاني

29 قتيلاً في هجوم طالباني على قاعدة لسلاح الجو الباكستاني
TT

29 قتيلاً في هجوم طالباني على قاعدة لسلاح الجو الباكستاني

29 قتيلاً في هجوم طالباني على قاعدة لسلاح الجو الباكستاني

قتل 29شخصًا على الأقل اليوم (الجمعة)، في هجوم شنه مسلحون من حركة طالبان الباكستانية على قاعدة لسلاح الجو الباكستاني في شمال غربي البلاد، في عملية هي الأكثر جرأة للمتمردين منذ هجومهم الدامي على مدرسة في بيشاور في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وأعلن الجنرال عاصم باجوا المتحدث باسم الجيش الباكستاني أنّ أكثر من عشرة متمردين هاجموا فجرًا قاعدة بادابر العسكرية في ضاحية بيشاور على الحدود الأفغانية؛ لكنّ الجنود تمكنوا من صد تقدمهم.
وبعد ذلك اندلعت مواجهات عنيفة و«طوق الجنود الإرهابيين في منطقة ضيقة»، كما أضاف هذا المسؤول. وأفاد الجيش عن مقتل «16 شخصًا كانوا يصلون في مسجد» متاخم لموقع المواجهات، من غير أن يوضح ما إذا كانوا مدنيين أو عسكريين.
وقتل ضابط في الجيش أيضا في المواجهات كما قتل 13 متمردًا على الأقل، بحسب ما ذكر العسكريون الباكستانيون. لكن مصدرًا أمنيًا حذّر من أنّ «هذه الحصيلة يمكن أن ترتفع».
من جهة أخرى، أوضح مسؤول كبير في سلاح الجو الباكستاني طلب عدم كشف اسمه، أنّ هذه القاعدة تستخدم فقط لإيواء العسكريين، مضيفًا «ليس هناك أي طائرة تابعة لسلاح الجو، أو أي طائرة حربية منتشرة في هذه القاعدة».
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أفاد الشاهد كفاية الله الذي يمتلك متجرًا قرب هذه القاعدة العسكرية، أنّ «الهجوم بدأ في وقت مبكر من هذا الصباح برمي قنابل يدوية واستخدام أسلحة أوتوماتيكية». وأضاف: «كنا نصلي في مسجد قريب. كان متعذرا الخروج من بابه الرئيسي، لذلك قفزنا من النافذة وهربنا».
وذكر ثابت الله خان العامل المياوم الذي لحقت أضرار جزئية بمنزله من جراء هذا الهجوم، لأن قاعدة بادابر قريبة من أحد الأحياء السكنية، أنّ «الانفجارات وإطلاق النار كان كثيفا. إنّه لأمر مرعب».
ولا تزال هناك عملية جارية خلال فترة قبل الظهر للقبض المتمردين المختبئين في محيط القاعدة، كما قال الجيش.
وتبنى المتحدث باسم حركة طالبان باكستان، العملية في رسالة إلكترونية لوكالة الصحافة الفرنسية، موضحًا أنّ أكثر من عشرة مقاتلين شنّوا الهجوم.
وكانت الحركة التي تخوض تمردًا مسلحًا منذ ثماني سنوات ضد الحكومة والجيش، شنت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعنف هجوم في تاريخ باكستان الحديث حين اقتحمت وحدة من عناصرها مدرسة في بيشاور وقتلت أكثر من 150 شخصًا معظمهم من الأطفال.
ومنذ ذلك الحين، شن المتمردون الإسلاميون عمليات استهدفت العسكريين والأهداف. لكن هجوم اليوم هو الأكثر جرأة الذي تشنه حركة طالبان باكستان في البلاد منذ تلك المجزرة.
وعلى إثر هذا الهجوم، كثف الجيش الباكستاني عملياته ضد معاقل المتطرفين في شمال غربي البلاد وعلى الأخص في منطقتي خيبر ووزيرستان الشمالية القبليتين، المنطقة التي كانت المعقل الرئيسي لحركة طالبان وشبكة حقاني وتنظيم القاعدة في العقد الماضي.
وقصف الطيران الحربي الباكستاني هذا الأسبوع، وادي شوال في شمال وزيرستان، وهي منطقة مكسوة بغابات كثة يختبئ فيها المتمردون. وأدت هذه العمليات العسكرية خلال الأشهر الأخيرة إلى الحد من عدد الاعتداءات التي ينفذها المتمردون في جميع أنحاء البلاد.
كما استأنفت باكستان ردًا على الهجوم على المدرسة في بيشاور، عمليات الإعدام وأنشأت محاكم لقضايا الإرهاب تواجه انتقادات، إذ تسمح للجيش بمحاكمة مدنيين في جلسات مغلقة.
وينتقد المدافعون عن حقوق الإنسان خصوصا استخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات، وعدم احترام حقوق الدفاع، والتوقيفات والاعتقالات والإعدامات السرية على هامش هذا النظام القضائي.
وتشن باكستان منذ أكثر من عام عملية عسكرية كبيرة تستهدف مخابئ المتمردين في المناطق القبلية بشمال الغرب بهدف القضاء على تمرد إسلامي يعصف بالبلاد منذ أكثر من 10 أعوام.
ويقول المسؤولون إنّ نحو ثلاثة آلاف مسلح قتلوا منذ إطلاق تلك العملية.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».