الحوثيون ينفذون حملات دهم واعتقال لسكان في الحديدة بحجة انتسابهم للمقاومة

حقوقيون يتهمون المتمردين بإرسال المخطوفين إلى سجون صنعاء للضغط على ذويهم

الحوثيون ينفذون حملات دهم واعتقال لسكان في الحديدة بحجة انتسابهم للمقاومة
TT

الحوثيون ينفذون حملات دهم واعتقال لسكان في الحديدة بحجة انتسابهم للمقاومة

الحوثيون ينفذون حملات دهم واعتقال لسكان في الحديدة بحجة انتسابهم للمقاومة

شنّت الميليشيات الحوثية، أمس، حملة دهم واعتقال لعشرات من سكان محافظة الحديدة الواقعة غرب اليمن، دون مسوغات قانونية، وأجبرت عددا من الأسر على ترك منازلهم تحت تهديد السلاح، في حين رصد حقوقيون ومهتمون بالجانب الإنساني ممارسات تعذيب وضرب قام بها أفراد من الانقلابيين لمجموعة من الشباب حاولوا الدفاع عن أسرهم.
وقامت الميليشيات الحوثية وحليفها علي صالح، تحت تهديد السلاح، بترحيل أكثر من مائة شخص من سكان الحديدة إلى السجون في صنعاء بعد عمليات اختطاف للمواطنين جرت في ساعات متأخرة من الليل، تحت ذريعة انتسابهم للمقاومة الشعبية في المدينة، التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثيين، في حين يرى الحقوقيون أن إرسال المواطنين إلى سجون صنعاء جاء للضغط على سكان المدينة وترويعهم.
ورصدت اللجان الحقوقية عمليات التعذيب والاختطاف لشباب لم تتجاوز أعمارهم الـ18 عاما، واقتيادهم إلى مواقع مجهولة، فيما دونت هذه اللجان عمليات السرقة التي نفذتها الميليشيات مدعومة بقيادة عسكرية موالية للرئيس المخلوع، للوقود والسلع الغذائية من المخازن الاستراتيجية التي تعتمد عليها المدينة في الحالات الطارئة.
ويتوقع، بحسب المنتسبين لهذه اللجان، أن ترفع خلال الأيام المقبلة تقريرا موسعا عن هذه الانتهاكات وأعمال العنف التي تمارسها ميليشيات الحوثي ضد المواطنين، موثقة بصور وأدلة جنائية لعدد من الذين أفرج عنهم وتتضح عليهم عمليات التعذيب غير المبررة، مع مطالبها بضرورة معرفة مصير عدد من أعيان المدينة وأئمة المساجد، ومنهم الشيخ أحمد مهيم إمام وخطيب جامع «الأخوة» بمنطقة دباس التابعة لمديرية جبل رأس بمحافظة الحديدة، الذي اعتقل وهو يؤدي الصلاة في المسجد أمس.
وأرجع مختصون في الشأن السياسي الأعمال الهستيرية التي تنفذها الميليشيات بحق المواطنين إلى المخاوف من فقدان السيطرة على المدينة خاصة مع القصف التي نفذه طيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية على عدد من القواعد العسكرية المتحركة التابعة لميليشيات الحوثي وحليفهم علي صالح، تمثلت في بطاريات صواريخ ودبابات، عمد الحوثيون إلى إخفائها في المزارع الواقعة في شمال غربي مديرية «الزيدية» التابعة لمحافظة الحديدة، وتجمعات لأفراد وقيادات من الحوثيين في مواقع مختلفة من المديرية، إضافة إلى قصف معسكر اللواء العاشر في مدينة باجل، ومخازن أسلحة كانت الميليشيات الحوثية استولت عليها منذ احتلالها لمدينة الحديدة.
في سياق متصل، أبدت جمعيات خيرية عاملة في إقليم تهامة ومختصون في الصحة مخاوفهم من أن تصاب بعض المديريات بالعزلة نتيجة الحصار وعمليات السرقة وضرب البنية التحتية فيها من قبل الحوثيين وحليفهم علي صالح، خاصة أن هناك مناطق أصبحت خطرة على حياة المدنيين مع ارتفاع حالات الإصابة بالأمراض ونقص في الأغذية.
وحذرت الجمعيات الخيرية من أن تصبح هذه المناطق، مع نقص المؤن الغذائية والمستلزمات الطبية والعلاجية وارتفاع عدد النازحين، إلى محافظات منكوبة. إضافة إلى ارتفاع رقعة الحرب التي ستسهم في ارتفاع عدد المصابين، بخلاف الحالات الإنسانية التي تحتاج إلى إخلاء طبي سريع إلى الدول المجاورة.
وفي الجانب الصحي، الذي لا يختلف كثيرا عن الأمني والغذائي، تعاني المدينة نقصا في المستلزمات الطبية يتطلب فيها دعما من كل الجهات المعينة لدعم القطاع الصحي، والذي انعكس على الحالة العامة للمواطنين، إذ تشير التقارير إلى تدهور الحالة الإنسانية نتيجة النقص في كل المستلزمات، كما أن هناك شعورا عاما لدى المواطنين بأن الميليشيات الحوثية تعمل على هذا الجانب لدفع المواطنين لترك المدينة وارتفاع عدد النازحين.
وتعمل الجمعيات الخيرية للتواصل مع المنظمات الدولية والإغاثية، في محاولة لإيجاد مخرج للأزمة التي تعيشها المدينة، خاصة أن قوات التحالف تسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى ميناء الحديدة، إلا أن المشكلة تكمن في سيطرة الحوثيين وحليفهم علي صالح على هذه المؤن، وهو ما دفع بهذه الجمعيات إلى دعوة هذه المنظمات لإرسال مراقبين للتأكد من عمليات توزيع هذه المساعدات.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».