رئيسة حزب الدستور: فوزي يؤكد التغير الشديد في عقلية المجتمع المصري

هالة شكر الله شددت لـ على أن هيئتها السياسية تفتح أبوابها للجميع وأن فيها منشقين من «النور»

د. هالة شكر الله
د. هالة شكر الله
TT

رئيسة حزب الدستور: فوزي يؤكد التغير الشديد في عقلية المجتمع المصري

د. هالة شكر الله
د. هالة شكر الله

أكدت الدكتورة هالة شكر الله الفائزة أخيرا بمنصب رئيس حزب الدستور خلفا للدكتور محمد البرادعي، أن الحزب لن يطرح مرشحا للرئاسة وسيكتفي بمراقبة الأوضاع على الساحة السياسية في مصر، مشيرة في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى احتمالات دخول الحزب في تحالفات مع من هم أقرب للحزب في الرؤى والأفكار. وقالت شكر الله في المقر الرئيس لحزب «الدستور» في القاهرة، إن «اختيار البرادعي كرئيس شرفي للحزب لا يعني سؤاله قبل اتخاذ أي قرار داخل الحزب، لكننا نتخذ القرارات وفق رؤيتنا لمدى أهميتها، ومدى تعبيرها عن القيم التي نتخذها».
جدير بالذكر أن شكر الله فازت قبيل أيام قليلة بمنصب رئيس حزب الدستور في انتخابات داخلية ساخنة، حصلت فيها على 108 أصوات من إجمالي أصوات الجمعية العمومية لحزب الدستور البالغ عددها 203 أصوات في المؤتمر العام الأول للحزب الذي عقد يوم الجمعة الماضي، لتكون بذلك أول امرأة مصرية مسيحية تترأس حزبا سياسيا بالانتخاب. وهو ما أحدث أصداء واسعة على الساحة الحزبية والسياسية في مصر، وفتح آفاق الآمال على مصراعيها أمام غيرها من النساء والمسيحيين للسير على نفس الخطى.
وإلى نص الحوار..

* بداية كيف تواجهين التحدي الكبير في خلافة الدكتور البرادعي لرئاسة الحزب وفي ظل هذه الظروف السياسية الصعبة في مصر؟
- نحن نصنع طريقنا بأنفسنا وفقا للمعطيات التي نعيشها، ولا يمكن أن نقيس ذلك بما كان يمكن أن يفعله البرادعي لو كان بيننا، فهذا ليس الذي يشغلني، نحن نحترم الدكتور البرادعي جدا ونحترم تمسكه بمبادئه، ونحترم وقوفه مع الشباب في لحظة بالغة الخطورة، وهذا قيمة مهمة في حد ذاته. ولذلك عندما جرى وضعه كرئيس شرفي فهذا أمر طبيعي، لكن هذا لا يعني ألا نتخذ قرارا إلا بعد أن نسأل الدكتور البرادعي، فنحن الذين نتخذ القرارات وفق رؤيتنا لمدى أهميتها ومدى تعبيرها عن القيم التي نتخذها.
* لكن حزب الدستور تعرض لهزة كبرى بعد انشقاق كثيرين عنه وبعد سفر البرادعي، أليس لذلك أثره على جماهيرية الحزب بالشارع المصري؟
- أعترف أنه بعد استقالة الدكتور البرادعي تأثر الحزب وضعف وضعه، لكننا نتكلم اليوم عن انطلاقة جديدة نحو التوحد داخل الحزب حتى فيما بين العناصر التي كانت تتنافس على نفس المقاعد لخلق مجموعة موحدة تبني الحزب معا، ونخلق معها آليات فعلية ديمقراطية، وهي لم تكن موجودة من قبل وكانت سببا في إحداث انشقاق سابق داخل الحزب على مراحل كثيرة، دون انعزال عن الواقع ومتطلباته.
* ما ردك على من يشككون في فاعلية الأحزاب المصرية ويتهمونها بالفشل في الاقتراب من الجمهور والتعبير عنه؟
- لا شك أن المناخ السياسي في مصر أثر كثيرا على هذا الأمر، وأقصد به المناخ السياسي القمعي الذي لم يكن يسمح للأحزاب بأن تفرد أجنحتها وتتواصل مع الجماهير. فخلال مرحلتي (الرئيسين الأسبقين) مبارك والسادات كانت كلها فترات ممنوع على الأحزاب التواصل فيها مع الناس، وهو ما كان يجعل الشعب منفصلا دائما عن الأحزاب مما كرس لهذا الإحساس السلبي تجاه الأحزاب.
أما اليوم فالأمر مختلف، لأننا مقبلون على مرحلة جديدة والمعركة لم تحسم بعد. فما زالت هناك مخاطر من عودة النظام القديم، وهو يحاول أن يمسك بقلب المجتمع لأنه يمتلك مطامع من الصعب جدا أن يتخلى عنها. وبالتالي فهو يحاول بكل الطرق، لكن الشعب هو الذي سيحسم هذه المعركة لأنه أدرك أمرا مهما جدا في 25 يناير، ألا وهو أنه جزء أساسي في العملية السياسية وأنه لا أحد يستطيع الرقي من دون أن يتوجه لهذا الشعب.
ونحن من جهتنا سنحاول القيام بالدور الذي يجب على الحزب القيام به، بأن يدافع عن الشعب ويتبنى الفئات المهمشة والأكثر فقرا بالذات، ويدافع عن حقوقها ويساعدها أن تكون طرفا في هذه المعركة، وأن يكون هناك ممثلون عنها في كل مكان حتى يرتفع صوتها. فهذه هي الطريقة التي يبنى بها المجتمع الديمقراطي.
* لكن هناك من يعد حزب الدستور حزبا لـ«الصفوة» وليس حزبا شعبيا بالمعنى المعروف؟
- كل الأحزاب تتهم بنفس التهمة.. بأنها أحزاب للنخبة فقط!
* بعد رئاسة حزب الدستور، هل تطمحين لما هو أعلى من ذلك، خاصة أن الدستور يتيح هذه الفرصة؟
- لا أطمح فيما أكبر من ذلك، وأعلى سقفي هو رئاسة حزب الدستور وليس لدي سقف آخر؛ بل إنني لم يكن لدي رغبة في الترشح لرئاسة الحزب في بداية الأمر، فقد اعتدت لسنوات أن أعمل مع الناس على أرض الواقع وفي مواجهة المشكلات الحياتية، ولكن ثقة الشباب في شخصي ومطالبتهم بالترشح شجعتني لتحقيق أملي في أن نصنع تجربة رائدة في الحياة السياسية المصرية.
* وماذا عن الطموح السياسي لحزب الدستور؟ هل يطرح مرشحا رئاسيا؟ وماذا عن الانتخابات البرلمانية؟
- أولوياتنا الآن هي ترتيب البيت من الداخل، وهي تأتي متواكبة مع المعركة الرئاسية. وما اتفقنا عليه أن «نشتبك» مع المعركة الانتخابية ولكن دون طرح مرشح رئاسي من الحزب لأننا لسنا في استعداد لهذه الخطوة. ومن ثم سنقوم بمراقبة المشهد وتحديد موقفنا مما يحدث في هذا الأمر. ومن ناحية أخرى فإننا سنوجد في الانتخابات المحلية والبرلمانية بحكم اتساع نطاق الحزب في مواقع كثيرة بأنحاء مصر، ومن خلال قامات ليست بالقليلة، وبالتالي فإنه ستكون هناك آلية لتنظيم هذه العملية بالنسبة لمن لديهم الطموح لتمثيل بيئتهم كنواب في البرلمان.
* هل سيكون هناك تحالفات في المستقبل في هذا الإطار؟
- كل الاحتمالات واردة، وإن كان طبعا الحزب المصري الديمقراطي هو الأقرب إلينا. وقد يكون ذلك نواة تحالف خلال الانتخابات المقبلة، فهو احتمال وارد.
* ما معايير الحزب في اختيار الحليف؟
- وجود أرضية ورؤى ومواقف مشتركة، وبالتالي نحن نقرأ الوضع بشكل قريب جدا ومستعدون أن نتبنى نفس المواقف. أيضا لا بد أن نكون متفقين على المعايير والمحددات التي سندخل بها المعركة السياسية والهدف المراد تحقيقه منها.
* على خلفية زيارة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح (رئيس حزب مصر القوية، المرشح الرئاسي السابق) للحزب أخيرا، هل يمكن أن يعقد «الدستور» تحالفات مع أحزاب ذات مرجعية إسلامية؟
- أود أن أوضح أن زيارة الدكتور أبو الفتوح للحزب جاءت قبل فوزي برئاسة الحزب، وبناء على طلب منه. وهي كانت زيارة بروتوكولية ولم يسفر عنها أي نوع من الاتفاقات، لكنها بدافع بيان موقفه من الانتخابات في إطار أن الأحزاب المصرية حاليا تراقب مواقف الأحزاب المختلفة، وهي مقبلة على مرحلة كالتي نعيشها.
* كحزب ليبرالي منفتح على كل المصريين، هل يمكن قبول أعضاء منشقين من أي أحزاب إسلامية أو من جماعة الإخوان؟
- لدينا بالفعل شباب منشقون من حزب «النور» ذي المرجعية الإسلامية، ودخلوا واندمجوا في حزب الدستور. وهم متفقون معنا على كل مبادئنا بما فيها حظر التمييز، والديمقراطية.. وهذا ما يجعلنا ننادي بأن هذه الكتل ليست جامدة، ويجب ألا أن نتعامل معها على هذا الأساس. فهي أحيانا كثيرة تكون مغيبة وتعمل بدوافع الغضب والقهر، وقد تكون داخل قوالب فكرية معينة تبعدها عن الأهداف الحقيقية، ولكن في لحظات سياسية معينة تعود إليها. لذلك عندما نتكلم عن الأمن، فإننا نطالب بألا يتعامل الأمن مع كل القواعد بنفس الطريقة، ويكتفوا بالتعامل مع المجموعات العنيفة فقط كل وفق ظروفه.
* خدمة «فكرة توحدنا» كانت عنوان قائمتك التي فزت من خلالها برئاسة الحزب، فكيف تعملين على تنفيذها؟
- في بداية وضع قائمتنا الحزبية حددنا رؤيتنا، ومباشرة برقت أمامنا «فكرة توحدنا» لتجاوز الخلافات والعمل نحو التوحد. فمن ملاحظاتي أنه على الرغم من دخول أعضاء للحزب بدافع تغيير الواقع، ولكن بمجرد انتمائهم له سرعان ما تأخذهم الحياة الداخلية والصراعات داخل الحزب فينشغلون بها. ومن ثم يبدأون تدريجيا في الابتعاد عن الواقع الحقيقي، ويعيشون في واقع متخيل، وهذه تقريبا سمة كل الأحزاب الموجودة. ومن هنا كان هدفي من طرح «فكرة توحدنا» هو توحيد الصفوف، وأنا أعتقد أن وقت المنافسة داخل الحزب انتهى ليبدأ وقت التعاون.
* ما شعورك كأول امرأة مصرية مسيحية تفوز برئاسة حزب؟
- عندما ترشحت لم أكن أهتم بكوني امرأة أو مسيحية، ولا من رشحوني اهتموا بأي من هذين العنصرين، لأن الاهتمام الأساسي كان بالقضايا محل الاهتمام المشترك؛ فأنا مواطنة مصرية.
لكني أدرك جيدا تداعيات ذلك على المشهد السياسي، خاصة ما يتعلق بمكانة المرأة وحقوقها، وهذا محل اهتمامي بحكم تاريخي في العمل النسوي لفترات طويلة. وأعتقد أن الكثيرين يعدون وصولي لمنصبي الجديد بمثابة كسر لإحدى العقبات الشديدة، التي يمكن أن يكون لها توابع إيجابية أخرى وتشجع المجتمع لتقبل فكرة أن هذه الأمور ليست حاجزا أمام العمل. وهذه في حد ذاتها رسالة مهمة للمجتمع. ومجرد حدوث ذلك معناه أننا أمام حالة تغير شديدة في عقلية المجتمع بعد 25 يناير.
وشباب حزب الدستور كلهم يعكسون عقلية شباب 25 يناير، وهم أكثر الشباب المشاركين، والذين خلقوا معهم ثقافة جديدة من وحي الميدان.. مثل ثقافة وقوف الرجل ومساندته للمرأة باحترام شديد، وثقافة المسيحيين الذين كانوا يقفون لحماية صلاة المسلمين في ميدان التحرير.. وهي ثقافة الثورة التي أخرجت أفضل ما فينا آنذاك.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.