البرلمان الفرنسي يناقش اليوم العمليات العسكرية في سوريا وسط انقسامات اليمين واليسار

تنتقد المعارضة اليمينية الطلعات الجوية وتطالب بإرسال قوات أرضية إلى سوريا

البرلمان الفرنسي يناقش اليوم العمليات العسكرية في سوريا وسط انقسامات اليمين واليسار
TT

البرلمان الفرنسي يناقش اليوم العمليات العسكرية في سوريا وسط انقسامات اليمين واليسار

البرلمان الفرنسي يناقش اليوم العمليات العسكرية في سوريا وسط انقسامات اليمين واليسار

قبل ثمانية أيام، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في مؤتمره الصحافي نصف السنوي عن قراره استهداف تنظيم داعش في سوريا، بعد أن كانت عمليات سلاح الجو الفرنسي مقصورة على مواقع «داعش» في العراق. وحجة الحكومة الفرنسية كانت مزدوجة: حرمان النظام من الاستفادة عسكريا وسياسيا من استهداف «داعش» وحدها، مما سيفضي إلى استقوائه، وغياب الأساس القانوني لعمليات عسكرية جوية أو غير جوية في سوريا.
اليوم، تغير الوضع وقرار الرئيس الفرنسي يلقى شبه إجماع من الطبقة السياسية ومن الفرنسيين وفق ما تدل عليه استطلاعات الرأي. وبعد الظهر، يلتئم البرلمان للاستماع إلى رئيس الوزراء مانويل فالس في جلسة خاصة مكرسة للوضع في سوريا ولقرار هولاند إرسال الطائرات الحربية في مهمات استطلاعية تمهدية لعمليات قصف جوي ضد أهداف «داعش». والحجة الأساسية للحكومة أن ما ستقوم به الطائرات الحربية يندرج في إطار «الخطوات الاستباقية» باعتبار أنه تجمعت لباريس الأدلة الكافية للتأكد من أن العمليات الإرهابية التي استهدفت الأراضي والمصالح الفرنسية تم التخطيط لها في قواعد «داعش» في سوريا. ثم هناك حجة «عسكرية» إضافية تقول إن «داعش» تقوم بنقل مراكز القيادة والتخطيط إلى مواقعها في الأراضي السورية، بيد أن قرار هولاند تحول إلى مادة للجدل السياسي داخل الطبقة الفرنسية، إذ إن المعارضة اليمينية تراه «خجولا ومنقوصا وغير كافٍ» لأنه لا ينص على إرسال قوات برية، باعتبار أن الضربات الجوية وحدها لا تكفي، والدليل على ذلك أنه بعد أكثر من أربعة آلاف طلعة جوية منها 200 طلعة فرنسية ما زالت «داعش» قوية، بل قادرة على المبادرة في سوريا والعراق على السواء.
ومنذ الإعلان عن القرار الرئاسي يوم 7 سبتمبر (أيلول) الحالي وحتى الآن، قامت الطائرات الفرنسية بطلعتين فقط الغرض منهما تجميع المعلومات ورصد تحركات «داعش». وترجح مصادر عسكرية أن الحكومة ووزارة الدفاع تحديدا كانتا تنتظران «اطلاع» البرلمان في جلسة اليوم التي لن تشهد عملية تصويت على القرار لأن الدستور الفرنسي لا ينص على ذلك من أجل مباشرة الضربات.
في تبريره لاقتصار التدخل الفرنسي في سوريا على الطلعات الجوية، اعتبر هولاند أن إرسال قوات برية سيكون «غير واقعي وغير منتج»، فهو غير واقعي من جهة «لأن فرنسا ستجد نفسها وحيدة» في سوريا و«غير منتج» لأن القوة المرسلة ستتحول إلى «قوة احتلال»، لكن هذا الطرح لا يحظى بالإجماع، فرئيس حزب «الجمهوريون» اليميني المعارض ورئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي، أعلن أول من أمس أنه «يتعين إرسال قوات أرضية إلى سوريا». ومن المهمات التي يحددها ساركوزي مساعدة الطائرات الحربية على استهداف قواعد «داعش» وتأهيل وتدريب الجيش السوري الحر.
وما جاء به ساركوزي يدعو إليه رئيس الحكومة السابق فرنسوا فيون الذي أرسل إلى مانويل فالس رسالة مفتوحة يدعو فيها الحكومة الاشتراكية إلى «مراجعة استراتيجيتها في سوريا»، ويوجه إليها انتقادات مرة متهما إياها بـ«الجمود» إن في سياستها إزاء الرئيس السوري بشار الأسد أو في قراراتها العسكرية.
وما يقوله فيون وساركوزي يؤكد عليه الوزير السابق والمرشح المحتمل للرئاسة برونو لو مير وزميله سابقا في الحكومة أريك وورث، وكذلك وزير الدفاع الأسبق هيرفيه موران، وكلهم يرون أن الرد الفرنسي وفق التصور الحكومي سيكون «ضعيفا» ومن غير تأثير على الواقع، بيد أن الصوت النشاز داخل اليمين الكلاسيكي يتمثل بآلان جوبيه، رئيس الحكومة الأسبق ومنافس ساركوزي الأول على الترشح عن حزب «الجمهوريون» لرئاسة الجمهورية الذي يلامس موقف هولاند وتعاطيه مع موضوع التدخل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.