«القوات المشتركة» تبدأ عملية تحرير مأرب وتحرز تقدمًا كبيرًا في جبهات القتال

قتلى وجرحى بالعشرات وسقوط مناطق استراتيجية

عناصر من المقاومة الشعبية على ظهر عربة مدرعة في محافظة مأرب شرق العاصمة صنعاء أثناء اشتباكات مع المتمردين الحوثيين أمس (أ.ف.ب)
عناصر من المقاومة الشعبية على ظهر عربة مدرعة في محافظة مأرب شرق العاصمة صنعاء أثناء اشتباكات مع المتمردين الحوثيين أمس (أ.ف.ب)
TT

«القوات المشتركة» تبدأ عملية تحرير مأرب وتحرز تقدمًا كبيرًا في جبهات القتال

عناصر من المقاومة الشعبية على ظهر عربة مدرعة في محافظة مأرب شرق العاصمة صنعاء أثناء اشتباكات مع المتمردين الحوثيين أمس (أ.ف.ب)
عناصر من المقاومة الشعبية على ظهر عربة مدرعة في محافظة مأرب شرق العاصمة صنعاء أثناء اشتباكات مع المتمردين الحوثيين أمس (أ.ف.ب)

حققت القوات المشتركة في مأرب، والمكونة من قوات التحالف وقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، أمس، تقدما كبيرا في جبهات القتال في مأرب، في اليوم الأول لبدء عملية عسكرية كبيرة وواسعة لتحرير المحافظة من قبضة المسلحين الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح.
ودارت معارك في عدد من جبهات القتال، وتشرف على هذه العمليات قيادات عسكرية بارزة من قوات التحالف والجيش الوطني اليمني، إضافة إلى أن بعض المصادر ذكرت أن الرئيس عبد ربه منصور هادي، يشرف شخصيا، عبر غرفة العمليات على مجريات المعارك. وتشارك وحدات من قوات التحالف في العملية، إلى جانب قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مأرب.
وأفادت مصادر عسكرية بأن قوات يمنية موالية للشرعية، وبدعم من مروحيات ومدفعية قوات التحالف العربي، شنت حملة واسعة ضد المتمردين الحوثيين وحلفائهم في محافظة مأرب الاستراتيجية شرق العاصمة صنعاء.
وذكر مصدر عسكري أن هذه الحملة هي «الأوسع والأعنف» ضد المتمردين «منذ بدء العمليات العسكرية في محافظة مأرب» في أغسطس (آب) الماضي.
وأضاف المصدر أن القوات الموالية «تستخدم مختلف أنواع الأسلحة لقصف مواقع المتمردين في الجفينة والفاو وذات الراء»، في شمال غربي مأرب كبرى مدن المحافظة التي تحمل الاسم نفسه وتعتبر السيطرة عليها في غاية الأهمية تمهيدا لمعركة صنعاء. وذكرت مصادر عسكرية أخرى أن نحو 12 ألف جندي يمني من «الجيش الوطني» الموالي لهادي، شاركوا في عرض عسكري بمنطقة العبر. وقالت مصادر محلية في مأرب لـ«الشرق الأوسط» إن معركة تحرير مأرب فجر أمس، حيث تقدمت القوات باتجاه الجفينة والفاو، على مشارف مدينة مأرب، وقد فتحت قوات الجيش والتحالف، ثلاث جبهات، الأولى في الجفينة، والثانية في الجدعان والثالثة في صرواح، وأكدت المصادر الميدانية أنه جرى تحرير تبة الحمراء وتبتي المصارية وماهر، على أطراف الجفينة، إضافة إلى سقوط أجزاء كبيرة من منطقة الفاو ومحيط السد والبلق، وحول جبهة الجدعان.
و قالت المصادر الميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الجيش والمقاومة ومعها قوات التحالف، شنت هجوما كبيرا على أطراف مديرية مدغل (الجدعان)، من جهة الدشوش ونخلاء وأطراف جبهة المخدرة ومفرق السحيل، وأضافت المصادر أن الميليشيات الحوثية تستميت في القتال لمنع تقدم القوات باتجاه جبهة الجدعان، التي تعتزم السيطرة على مفرق الجوف – مأرب – صنعاء الاستراتيجي، الواقع في مديرية مجزر (الجدعان).
وحسب المصادر، فإنه ورغم استماتة الميليشيات، فإن القوات العسكرية المشتركة (قوات التحالف وقوات الجيش الوطني والمقاومة)، تمكنت من السيطرة على: الدشوش ونخلاء والسحيل ومفرق الضيق الجدعان، وفي جبهة صرواح، دارت معارك عنيفة تمكن الجيش والمقاومة خلالها من تطهير أغلب جبهة إيدات الراء ومفرق صرواح - مأرب المحاذي لإيدات الراء وتوغلت القوات في اتجاه الزور على مقربة محطة كوفل لضخ النفط في صرواح والتي ما زالت في أيدي الميليشيات، حتى اللحظة.
وقالت المصادر المحلية في مأرب لـ«الشرق الأوسط» إن تقدم القوات المشتركة، جرى في ظل غطاء جوي، وإن المواجهات عنيفة، واستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، كالدبابات والمدفعية الثقيلة والكاتيوشا.
وتحدثت المصادر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح، إضافة إلى وقوع نحو 15 مسلحا في الأسر، ولم تتحدث مصادر القوات المشتركة عن خسائر المواجهات التي جرت، حتى اللحظة، غير أن مصادر ميدانية توقعت أن تكون خسائر القوات المشتركة محدودة، نظرا لكثافة النيران في الهجوم ومشاركة طائرات الأباتشي وإف 16 في المعارك، مما يقلل احتمالات الخسائر الكبيرة في قوات المشاة، وأكدت المصادر أن الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح بدأت في الفرار، في ظل تقدم كبير للقوات المشتركة.
وقال مصدر ميداني لـ«الشرق الأوسط» إن المشكلة الكبيرة التي تواجههم الآن، هي آلاف الألغام التي زرعها الحوثيون، لكنه أكد أنه سيتم التغلب على هذه المشكلة عبر كاسحات الألغام التي جلبتها قوات التحالف والتي شرعت في القيام بمهام تطهير المناطق المزروعة بالألغام. وبحسب مخططات القوات المشتركة، التي أشارت إليها «الشرق الأوسط» في سلسلة من التقارير الأيام الماضية، فإن عملية تطهير مأرب، ستليها عملية مماثلة في محافظة الجوف، ثم التوجه نحو العاصمة صنعاء لتحريرها، وكانت مؤشرات انطلاق عملية تحرير مأرب، ظهرت من خلال قصف قوات التحالف، أول من أمس، لمنطقة فرضة نهم التي تربط صنعاء بمأرب، وكانت قوات التحالف حشدت قوات برية كبيرة في منطقة صافر النفطية بمأرب، مجهزة بكافة المعدات العسكرية واللوجستية، من أجل المشاركة في عملية تحرير مأرب والجوف ثم العاصمة صنعاء.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.