أسعار النفط تتجه إلى مسارات هابطة بفعل العرض الإيراني وزيادة المخزون الأميركي

خبراء يتوقعون استمرار تقلبات الأسعار لمنتصف العام المقبل

أسعار النفط تتجه إلى مسارات هابطة بفعل العرض الإيراني وزيادة المخزون الأميركي
TT

أسعار النفط تتجه إلى مسارات هابطة بفعل العرض الإيراني وزيادة المخزون الأميركي

أسعار النفط تتجه إلى مسارات هابطة بفعل العرض الإيراني وزيادة المخزون الأميركي

تواجه أسواق النفط العالمية استمرار عوامل الضغط على الأسعار بفعل زيادة المعروض وتوقعات بدخول كميات جديدة بسعر أقل، مما يعزز استمرار المسار الهابط للأسعار إلى منتصف العام المقبل، بحسب توقعات مختصين في السوق.
وقال خبراء أسواق النفط إن السوق ستواجه ضغوطا كبيرة خلال الفترة المقبلة في ظل إعلان إيران عزمها بيع النفط بأسعار أقل، إلى جانب تمسك روسيا بقرارها بعدم خفض الإنتاج.
وتوقع معتصم الأحمد، خبير أسواق النفط، أن تشهد السوق مستويات سعرية أقل في ظل العديد من العوامل التي تشكل ضغطا كبيرا على مجريات السوق، ومنها التغيرات في الأسعار المعروضة واستمرار ضخ الكميات مقابل التباطؤ في الاقتصادات الناشئة وفي مقدمتها الصين التي كان يعول عليها لاستهلاك كميات من النفط، مشيرا إلى ارتفاع مخزون الخام الأميركي الذي وصل إلى نحو 2.6 مليون برميل مع توقعات بزيادته، موضحا أن هناك مؤشرات تعزز استمرار تقلب الأسعار نحو المستوى المنخفض، ومن المتوقع أن تستمر تلك المسارات ما لم تشهد السوق تغييرا في مجريات النمو الاقتصادي.
من جهتها، قالت شريهان المنزلاوي، المستشارة الاقتصادية في البنك الأهلي التجاري، إن الزيادة في مخزونات النفط الخام مع زيادة إنتاج دول أوبك والدول المنتجة من خارج المنظمة، وتباطؤ الطلب على النفط، والعودة للسوق من مناطق الإمدادات المضطربة، وعلى نحو خاص من ليبيا، وقوة الدولار، تسببت في هبوط أسعار النفط.
وأضافت أن التأثيرات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط كانت لها مساهمة كبيرة في التأثير على مجريات السوق وبدء دخول النفط الإيراني الذي تزامن مع انتعاش إنتاج الخام بالولايات المتحدة الأميركية الذي ظل متسما بالقوة وواصل ضغطه على أسعار النفط؛ وإنتاج مقارب للمستوى القياسي من جانب روسيا ودول «أوبك».
وقال الدكتور فهمي صبحة، المستشار الاقتصادي، إن المشهد النفطي في دول الأوبك برمتها وعلى رأسها السعودية أنها تسعى للحفاظ على مستوى الحصص السوقية وعدم خفض إنتاجها كنتيجة حتمية للتوقعات التي تشير إلى أن ضخ النفط الإيراني سيكون بسعر أقل، وهو ما يؤكد عزم الأكثرية من دول الأوبك الحفاظ على حصصها السوقية لخلق توازن بين العرض والطلب في السوق النفطية. وأضاف «جميع المؤشرات في السوق النفطية تؤكد استمرارية الضغوطات على أسعار النفط كنتيجة لزيادة المعروض والانخفاض في الطلب، إضافة إلى الارتفاع الملحوظ في مخزون النفط بأميركا الذي وصل لنحو ضعفين ونصف ضعف التوقعات التي قدرت المخزون بنحو 933 ألف برميل؛ ليصل الإجمالي لما يقارب من 458 مليون برميل».
وبين فهمي أن النفط حتى اللحظة يتأرجح بين المسار الحرج وهو ما يقارب 40 - 44 دولارا، ومستويات عام 2009 الذي وصل إلى 36 دولارا، ليبقى النطاق السعري في نطاقات ضيقة جدا ومحدودة نتيجة للمؤشرات الضبابية للاقتصاديات الدولية.
وتبقى السوق النفطية في النطاقات الضيقة خلال الربع الأخير من العام الحالي والعام المقبل ما لم تتفق دول الأوبك على استراتيجية متسارعة لخلق التوازن المطلوب بين العرض والطلب بما يخدم ويساعد الدول ذات العلاقة بانتماءاتها المختلفة، مصدرة ومستوردة، خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أن هناك عاملين مهمين في المشهد النفطي ككل خلال الفترة المقبلة يتعلقان بالتطورات الجيوسياسية في المنطقة والمؤشرات الاقتصادية الضبابية للصين والهند واليابان وما ستؤول إليه نتائج الاتفاق الأميركي الإيراني، لتضاف عناصر ضغط جديدة إلى المشهد النفطي.
وكان بنك «غولدمان ساكس» قد قلص توقعاته الأخيرة لأسعار الخام الأميركي في 2015 إلى 48.10 دولار للبرميل من 52 دولارا، وخفض مستوى توقعاته لسعر الخام الأميركي في العام المقبل إلى 45 دولارا للبرميل من 57 دولارا.
وشملت توقعات البنك أيضا مزيج برنت خلال العام الحالي، إذ هبط مستوى توقعه من مستوى 58.20 دولار إلى 53.70 دولار للبرميل، ومضت نظرة البنك التشاؤمية لمزيج برنت لتشمل أيضا عام 2016 عندما قلص توقعاته من 62 دولارا إلى 49.50 دولار للبرميل أي بتراجع مقداره 12.5 دولار. وكانت وكالة الطاقة أشارت إلى أن بعض الدول من خارج أوبك ستضطر إلى وقف إنتاج النفط بمعدلات ستسهم في فقدان نصف مليون برميل يوميا خلال العام المقبل، الأمر الذي يجعل من هذا الانخفاض الأكبر من نوعه في 24 عاما.
وتشير الإحصائيات الحديثة إلى أن إجمالي الإنتاج العالمي 84.4 مليون برميل يوميا، تستقطع أوبك منها 31.57 دولار للبرميل يوميا، وتبلغ حصة السعودية في أوبك مقدار 10.3 مليون برميل، في حين يتفاوت إنتاج باقي الدول الأخرى في المنظمة.



التوترات الجيوسياسية الخطر الرئيسي على التجارة العالمية

سفن وحاويات في ميناء صيني (رويترز)
سفن وحاويات في ميناء صيني (رويترز)
TT

التوترات الجيوسياسية الخطر الرئيسي على التجارة العالمية

سفن وحاويات في ميناء صيني (رويترز)
سفن وحاويات في ميناء صيني (رويترز)

قال كبير الاقتصاديين في منظمة التجارة العالمية، رالف أوسا، إن التوترات الجيوسياسية، ولاسيما تلك المندلعة في الشرق الأوسط، ما زالت الخطر الرئيسي على التجارة العالمية.

وقال أوسا، وفق وكالة أنباء «شينخوا» الصينية، إن تصاعد التوترات في الشرق الأوسط قد يؤدي إلى نقص الإمدادات وارتفاع أسعار النفط، مضيفاً: «ارتفاع أسعار النفط سيؤثر على النشاط الاقتصادي الكلي، وكذلك على التجارة الدولية». وهبط برنت بأكثر من 7 في المائة خلال الأسبوع الماضي، بينما خسر خام غرب تكساس نحو 8 في المائة، وهو أكبر انخفاض أسبوعي لهما منذ الثاني من سبتمبر (أيلول)، وذلك بعد أن خفضت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) ووكالة الطاقة الدولية، توقعاتهما للطلب العالمي على النفط في عامي 2024 و2025.

وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 1.39 دولار أو 1.87 في المائة إلى 73.06 دولار للبرميل عند التسوية، كما هبط خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.45 دولار أو 2.05 في المائة إلى 69.22 دولار للبرميل. ونما الاقتصاد في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، في الربع الثالث بأبطأ وتيرة منذ أوائل 2023، لكن البيانات المتعلقة بالاستهلاك والإنتاج الصناعي فاقت التوقعات في سبتمبر.

وقال جون كيلدوف، الشريك في «أجين كابيتال» في نيويورك: «الصين مهمة في المعادلة فيما يتعلق بالطلب، لذا يؤثر ذلك بشدة على الأسعار هنا اليوم». كما انخفض إنتاج مصافي التكرير في الصين للشهر السادس على التوالي إذ أثر ضعف استهلاك الوقود وتراجع هوامش التكرير سلباً على عمليات المعالجة.

وقال نيل أتكينسون، محلل الطاقة المستقل المقيم في باريس، والرئيس السابق لقسم النفط في وكالة الطاقة الدولية: «لا يمكننا تجاهل أثر المركبات الكهربائية في الصين». وأضاف: «هناك عوامل عدة مؤثرة هنا، الضعف الاقتصادي في الصين، ولكن أيضاً التحرك صوب تحويل قطاع النقل إلى العمل بالكهرباء». وقفزت مبيعات المركبات الكهربائية في الصين 42 بالمائة في أغسطس (آب)، وسجلت مستوى قياسياً مرتفعاً بما يزيد على مليون مركبة. وطرح البنك المركزي الصيني خطتين للتمويل، ستضخان مبدئياً 800 مليار يوان (112.38 مليار دولار) في سوق الأسهم من خلال أدوات سياسة نقدية تم إطلاقها حديثاً.

وقال ريشي راجانالا، الشريك في «إيجس هيدجنج»: «تظهر البيانات الصينية علامات مؤقتة على التحسن، لكن الإحاطات الأحدث عن التحفيز الاقتصادي الإضافي جعلت المشاركين في السوق يشعرون بالإحباط».

وفي تقرير صادر في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، توقعت منظمة التجارة الدولية أن ينمو حجم تجارة السلع العالمية بنسبة 2.7 في المائة في عام 2024، بزيادة طفيفة عن توقعاتها في أبريل (نيسان) الماضي، التي أشارت إلى نموه بنسبة 2.6 في المائة.

وكانت التوقعات الإقليمية تحديثاً مهماً في التقرير الجديد. في ضوء ذلك، قال أوسا: «نرى أن أداء آسيا أقوى مما توقعنا، بينما كان أداء أوروبا أضعف مما توقعنا»، مضيفاً: «تظل آسيا المحرك الرئيسي للتجارة الدولية، سواء في الاستيراد أو التصدير».

وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تزيد الصادرات في آسيا بنسبة 7.4 بالمائة في عام 2024، وذلك مقارنة بزيادة وارداتها بـ4.3 في المائة.

وأردف أوسا: «كنا نتوقع انتعاش التجارة في أبريل الماضي، وما زلنا نتوقع انتعاشها اليوم، يرجع ذلك بشكل كبير إلى عودة التضخم إلى طبيعته والتخفيف المقابل للسياسة النقدية».

وقال إن الصين تظهر أداءً قوياً في التصدير، مشيراً إلى أنه من الممكن أن تعزز سياسة التحفيز الأخيرة التي نفذتها الحكومة الصينية، الطلب المحلي داخلها، وتساعد على إعادة التوازن في التجارة الدولية.

ومن أجل معالجة التحديات المتعددة، دعا أوسا إلى الدفاع عن نظام التجارة متعدد الأطراف، بحيث تمثل منظمة التجارة العالمية نواته، مؤكداً أهمية تكييف منظمة التجارة العالمية لتناسب متطلبات القرن الحادي والعشرين.

وفيما يتعلق بتأثير الذكاء الاصطناعي، سلط أوسا الضوء على إمكانات الذكاء الاصطناعي في خفض تكاليف التجارة والتغلب على الحواجز اللغوية وتوسيع الخدمات المقدمة إلكترونياً.