الفساد يخترق المظاهرات في بغداد والانشقاق يزيد بين العبادي والمالكي

تقرير أميركي يؤكد ما نشرته {الشرق الأوسط} حول الخلاف بين السيستاني وخامنئي

عراقيون يرفعون لافتات ضد الفساد والطائفية خلال مظاهرة في بغداد أمس (أ.ف.ب)
عراقيون يرفعون لافتات ضد الفساد والطائفية خلال مظاهرة في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

الفساد يخترق المظاهرات في بغداد والانشقاق يزيد بين العبادي والمالكي

عراقيون يرفعون لافتات ضد الفساد والطائفية خلال مظاهرة في بغداد أمس (أ.ف.ب)
عراقيون يرفعون لافتات ضد الفساد والطائفية خلال مظاهرة في بغداد أمس (أ.ف.ب)

يبدو أن كرة ثلج الفساد في العراق طالت حتى المتظاهرين في بغداد، ليعلق أمس عدد من منظمي تلك المظاهرات التي أصبحت سمة من سمات يوم الجمعة مشاركتهم، بعد أن اكتشفوا أنه تم اختراق قادة المتظاهرين بالدعم المالي لتغيرها عن مسارها نحو أهداف منها لفت النظر إلى الحشد الشعبي، وركوب موجات جديدة، فيما زادت حدة الانشقاق بين رئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وقال المتحدث باسم الهيئة التنظيمية للحشد المدني خضير اللامي خلال مؤتمر صحافي إن «الحشد المدني سيعلق مشاركته في المظاهرات حتى إشعار آخر». وعزا اللامي، ذلك إلى «تلقي بعض قادة المظاهرات لدعم مالي من جهات خارجية وإصرارهم على عدم الاتفاق على مطالب محددة والتظاهر من أجل التظاهر والإصرار على رفع شعارات مسيئة للإسلام»، متهمًا «أطرافًا خارجية بمحاولة لفت النظر عن الحشد الشعبي من خلال المظاهرات».
وفي هذا السياق أكد الناشط المدني حميد قاسم أحد منسقي الحراك الشعبي في بغداد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «قضية تلقي أموال من قبل بعض الجهات أمر مطروح بالفعل وقد عرضت علينا أموال لكن ليس من أجل إنهاء المظاهرات وإنما من أجل حرفها عن مسارها من خلال تغيير الشعارات والأهداف وهو ما يسهل ركوب موجتها». وأضاف قاسم أن «هذه العروض كانت محدودة وانتهت إلى الفشل».
وفي هذا السياق يقول القيادي في التيار المدني جاسم الحلفي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «المظاهرات سوف تستمر وإذا كان زخمها ينخفض هنا فإنه يمكن أن يزداد هناك لأن المظاهرات تعم العراق كله تقريبا والأهم أن الهدف واحد وهو إصلاح النظام السياسي وهو أمر يحتاج إلى رؤية ووضوح سواء من قبل الحكومة التي يتعين عليها الاضطلاع بهذا الدور على المستوى التنفيذي أو المتظاهرين الذين قدموا للجهات الرسمية ما يكفي من تصورات لغرض تحقيق هذه الإصلاحات».
وأضاف الحلفي أن «الأهداف لم تتغير والشعارات إلى حد كبير موحدة وهو ما يجعلنا نطمئن على خط سيرها». وأكد الحلفي أنه «في النهاية لا بد من الاتفاق على موعد لإنهاء المظاهرات لكنه لم يحن بعد حيث إننا نرى أن الغاية المنشودة لم تتحقق حتى الآن».
من جهته قرر الحشد المدني تعليق مشاركته في المظاهرات المطالبة بالإصلاح حتى إشعار آخر.
وسجلت مظاهرات أمس الجمعة في العاصمة العراقية بغداد تراجعا كبيرا بالقياس إلى الأسابيع الماضية على الرغم من أن زخمها لا يزال يتصاعد في المحافظات الوسطى والجنوبية من العراق ذات الغالبية الشيعية.
إلى ذلك استمر المرجع الشيعي في العراق علي السيستاني بدعم الخطوات التي أعلن عنها رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، ليطلق دعوته أمس إلى ضرورة حماية المال العام من كبار الفاسدين مع وضع ضوابط صارمة لتوزيع مبلغ الـ5 مليارات دولار التي خصصتها الحكومة العراقية على شكل قروض لتنشيط قطاعات الزراعة والصناعة والإسكان.
وقال ممثل المرجعية العليا في كربلاء عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة إن «قرار مجلس الوزراء الأخير بتخفيض رواتب كبار المسؤولين يعد خطوة في الاتجاه الصحيح للإصلاح الذي يطالب به الشعب»، مشيرا إلى أن «من الخطوات المهمة الأخرى تحقيقا لدرجة من العدالة الاجتماعية إقرار سلم الرواتب الجديد الذي يلغي الفوارق غير المنطقية بين موظفي الدولة في رواتبهم ومخصصاتهم وينصف الذين خصصت لهم رواتب قليلة لا توفر لهم الحد الأدنى من العيش الكريم». وأضاف: «لقد قلنا من قبل ونؤكد اليوم أيضا أن من الخطوات الأساسية للإصلاح إضافة إلى ملاحقة ومحاسبة الفاسدين واسترجاع ما استولوا عليه من الأموال بغير وجه حق هو إعادة تقييم أداء المسؤولين في الحكومة على أساس مهني وموضوعي والقيام باستبدال من يثبت عدم كفاءتهم بأداء مهامهم بأشخاص آخرين يضمن اختيارهم على أساس الكفاءة والنزاهة والحرص على مصالح الشعب».
ولفت الكربلائي إلى أن «يكون اختيار البديل مستندا إلى قرار جمع من ذوي الخبرة والاختصاص في مهام الوزارات حتى لا يكون هناك مجال للاتهامات بالتفرد وعدم الموضوعية في الاختيار». وأشار الكربلائي إلى أن «الخطوات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة بإقراض البنك المركزي العراقي مبلغ 5 تريليونات دينار للمصارف الزراعية والصناعية والمصرف العقاري وصندوق الإسكان تحتاج إلى إجراءات صارمة في مراقبة صرف هذه المبالغ في المواضع الصحيحة وعدم السماح لرؤوس الفساد وأصحاب الجشع والطمع وممن امتدت أيديهم إليها كما امتدت إلى مئات المليارات التي ذهبت هباءً في السنوات الماضية باسم المشاريع الوهمية».
على ذات الصعيد أكدت تقارير أميركية ما نشرته «الشرق الأوسط» حول الانقسام في البيت الشيعي بعد لقاء عاصف بين العبادي وسليماني بحضور قادة التحالف الوطني، وذلك لجهة الانقسام بشأن تأييد إصلاحات العبادي التي يريد لها السيستاني شمول رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وهو ما ترفضه طهران بقيادة المرجع الإيراني علي خامنئي، ليسعى رئيس الوزراء حيدر العبادي لتفويض شعبي يتيح له اتخاذ قرارات أكثر فاعلية ويواصل التحالف الوطني اجتماعاته من أجل تطويق هذه الخلافات.
وفي هذا السياق عقدت الهيئة السياسية للتحالف الوطني أمس الجمعة اجتماعا برئاسة وزير الخارجية ورئيس التحالف إبراهيم الجعفري ورئيس الوزراء حيدر العبادي غير أن اللافت عدم حضور المالكي مثل هذا الاجتماع للمرة الثانية في غضون أسبوع وهو ما يؤشر طبقا للمراقبين في بغداد زيادة شقة الخلاف بينه وبين العبادي. وعلى صعيد المظاهرات فإنه في الوقت الذي تواصلت فيه بمشاركة آلاف المواطنين في المحافظات الوسطى والجنوبية والتي ترفع شعارات مؤيدة للإصلاح ومطالبة بإحالة مسؤولين كبار يتقدمهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ورئيس السلطة القضائية مدحت المحمود إلى القضاء فإن المظاهرات في العاصمة بغداد شهدت انحسارا واضحا.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن أول من أمس الخميس أن عدد الموظفين الذين يتقاضون رواتب من الدولة هو أكثر من 4 ملايين شخص، ما يناهز 20 في المائة من القوة العاملة في البلاد التي يقدر عدد سكانها بنحو 36 مليون نسمة.
وقال العبادي «لدينا دولة فيها أكثر من أربعة ملايين موظف»، وذلك في كلمة خلال ورشة عمل عن الإصلاح الاقتصادي، وبثت عبر قنوات تلفزة.
وأضاف: «نقارن بدول أخرى حتى الدول المجاورة، عدد نفوسها ربما ضعفين ونصف نفوس العراق، (لكن) عدد موظفيها ربما نصف عدد موظفينا».
وبحسب المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، فإن تقدير الوزارة لعدد سكان العراق حاليا هو «36 مليون نسمة».
وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن «القوة العاملة التي تتراوح بين عمر 14 سنة إلى 60 سنة، يشكلون 58 في المائة من السكان»، أي نحو 21 مليون نسمة. كما تشكل نسبة العاملين في الدولة نحو 11 في المائة من مجمل عدد السكان، في بلد يعاني من تراجع حاد في إيراداته نتيجة انخفاض أسعار النفط، وارتفاع تكاليف المعارك على جبهات عدة ضد تنظيم داعش. وشدد العبادي الذي بدأ في الأسابيع الماضية اتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد وتحسين الخدمات العامة، أنه لا يعتزم حاليا تقليص عدد الوظائف.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.