تقرير أمني: «داعش» يبني شبكة تنظيمية باستقطاب الطلاب الوافدين للأزهر

السلطات المصرية أوقفت طالبين من طاجيكستان على صلة بالتنظيم > كوادر «الإخوان» يسهّلون سفرهم إلى تركيا.. وتحذيرات من نشاط 20 ألف وافد يقطنون شرق القاهرة

الرئيس عبد الفتاح السيسي يتفقد أسلحة مضبوطة خلال زيارة سابقة لسيناء (ا.ف.ب)
الرئيس عبد الفتاح السيسي يتفقد أسلحة مضبوطة خلال زيارة سابقة لسيناء (ا.ف.ب)
TT

تقرير أمني: «داعش» يبني شبكة تنظيمية باستقطاب الطلاب الوافدين للأزهر

الرئيس عبد الفتاح السيسي يتفقد أسلحة مضبوطة خلال زيارة سابقة لسيناء (ا.ف.ب)
الرئيس عبد الفتاح السيسي يتفقد أسلحة مضبوطة خلال زيارة سابقة لسيناء (ا.ف.ب)

كشف تقرير أمني في القاهرة أعدّ عقب إلقاء السلطات المصرية القبض على طالبين من طاجيكستان يدرسان في الأزهر على صلة بتنظيم داعش الإرهابي، عن مساعي التنظيم لبناء شبكة له عبر العالم الإسلامي من خلال تجنيد الطلاب الأجانب الوافدين للدراسة في الأزهر. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطات فصلت بالفعل نحو 300 وافد يدرسون في المعاهد الأزهرية بمصر بسبب شكوك حول علاقتهم بتنظيمات متشددة.
ورصد التقرير تحركات لكوادر من طلاب ينتمون لجماعة الإخوان، لتسهيل مهمة سفر الوافدين إلى تركيا ما يثير شكوكًا بشأن التحاقهم بعناصر «داعش» في سوريا.
ووضعت السلطات الأمنية تقريرها على مكتب مسؤولين في الأزهر، وأوصى التقرير باتخاذ خطوات من شأنها ضبط حركة الوافدين.
وقال مصدر مسؤول في الأزهر، إن «المشيخة لا تعرف شيئًا عن الوافدين المقيمين خارج مدينة البعوث الإسلامية ويقدر عدهم بنحو 20 ألف وافد، وذلك منذ دخولهم للبلاد وحتى مغادرتهم، ولا تمتلك المشيخة أي قاعدة بيانات محددة عن أماكن وعناوين وهواتف هؤلاء الطلاب المبعوثين في مصر وهو ما يجعلهم فريسة للعناصر المتطرفة».
وتقع مدينة البعوث الإسلامية في حي الدراسة بالقرب من مشيخة الأزهر، أسسها الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر عام 1959 لتكون قبلة لطلبة العلوم الإسلامية من دول العالم.. ومنذ سقوط حكم جماعة الإخوان، قبل عامين، باتت المدينة مخزونًا استراتيجيًا يسهل على التنظيمات المتطرفة اختراقها وتجنيد عناصر لها.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد الطلاب الوافدين الدارسين بالأزهر يتعدى 30 ألف طالب وطالبة من 110 دول، بعضهم وافد بمنح من الأزهر وبعضهم وافد على منح جهات مانحة أخرى، وبعضهم وافد على حسابه الخاص، ويقيمون في مدينة البعوث الإسلامية بالقاهرة والمدنية الأخرى في الإسكندرية.. والغالبية العظمى تقيم في مساكن خاصة.
ويقول الأزهر، إن «الطلاب المبعوثين هم طلاب العلم الوافدين من شتى بقاع الأرض الذين يشدون الرحال إلى الأزهر لينهلوا من علومه، ويتزودوا بالفكر الإسلامي الصحيح، والقيم الإسلامية الصافية النقية من شوائب الغلو والتطرف، ويعودون إلى بلادهم وأوطانهم علماء يبلغون رسالة الإسلام صافية نقية كما زودهم بها الأزهر»، لكنّ مراقبين أكدوا أن «بعض الطلاب الوافدين يعودون لبلادهم لنشر الأفكار المتطرفة لفكر (داعش) والإخوان».
وذكر التقرير الأمني، أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة، تهدف بشكل جدي لتجنيد أعداد من الطلاب المبعوثين، لاستخدامهم في أعمال العنف، ونجحت بالفعل في خداع بعض هؤلاء الطلاب، وبعضهم انضم لـ«داعش» وشارك في مظاهرات الإخوان خاصة عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في ميدان رابعة العدوية (سابقًا)».
وكشف التقرير الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، عن أن «جماعة الإخوان تقوم باستقطاب الوافدين عن طريق توفير كل احتياجاتهم المادية والمعيشية للانضمام للجماعة.. وكثير من الوافدين يتم إقناعهم بضرورة تأسيس فكر الإخوان في بلادهم عند عودتهم». وأكد التقرير، الذي أعدته جهات أمنية، أنه «بالفعل تم رصد طلاب من الوافدين من ماليزيا وإندونيسيا سعوا لنشر فكر الإخوان في بلادهم، عند عودتهم.
ورصد التقرير، «قيام طلاب جماعة الإخوان في جامعة الأزهر بتوجيه الوافدين للسفر إلى تركيا والدراسة في إسطنبول بدلاً من جامعة الأزهر، ووعدهم بالكثير من الامتيازات هناك تتضمن الإقامة المجانية والإنفاق عليهم طوال فترة الدراسة».
وقال التقرير إنه «تم تحذير مشيخة الأزهر من وجود عناصر متطرفة في الجامع الأزهر هدفها استقطاب الوافدين».
من جانبه، قال المسؤول في المشيخة، إن «الوافدين لهم عشق خاص بالجامع الأزهر ويقضون فيه معظم وقتهم.. وهذا ما دعا المشيخة للسيطرة على الجامع وضمه لها بعيدًا عن وزارة الأوقاف (وهي المسؤولة عن المساجد في مصر)، فضلاً عن فرض أساتذة جامعة الأزهر في الجامع العريق بتخصيص ندوات طوال ساعات اليوم في أروقة الجامع، حتى لا تترك الفرصة للعناصر المتطرفة للتسلل للجامع، ويتم إغلاق الباب أمام المتصيدين للوافدين.
وكشف تقرير الجهات الأمنية المصرية، عن أن «معظم الوافدين يتمركزون في أحياء «العاشر والسابع والسادس» في مدينة نصر (شرق القاهرة) على نفقتهم الخاصة، وينتشرون في المساجد الرسمية التابعة للدولة المصرية، والتابعة للجمعيات الشرعية، ويلتقون بشكل متواصل مع قيادات متشددة من الجماعات التكفيرية. ولفت التقرير إلى أنه «تم رصد هذه اللقاءات والتنبيه على الأوقاف بضرورة بسط سيطرتها على المساجد التي تتبعها».
في ذات السياق، قالت مصادر أمنية في جامعة الأزهر، إنه «تم ضبط عدد من الطلاب الوافدين انضموا لتنظيم داعش الإرهابي، حيث ألقى القبض على طالبين (ع.ع) و(و.ش) مؤخرًا من طاجيكستان، جندهما كادر إخواني تمهيدًا لضمهما لـ(داعش)». وأضافت المصادر أنه «ثبت لجهات التحقيق أنهما مقيمان بالحي الثامن بمدينة نصر، وأن تنظيم داعش أسند إليهما مهمة محددة بحكم وجودهما في مصر، وهى محاولة تجنيد أكبر عدد من الوافدين من الدول الأجنبية للدراسة بالأزهر ليكونوا نواة لشبكة للتنظيم عبر العالم الإسلامي».
من جانبه، قال المسؤول في المشيخة، إن «الأزهر عقب دخول الوافد للبلاد لا يعرف عنه شيئًا.. وطوال فترة إقامة الوافد في مصر لا أحد يعرف عنه أي معلومات»، لافتًا إلى أن الأزهر لا يمتلك قاعدة بيانات محددة عن أماكن وعناوين وهواتف هؤلاء الطلاب، فجميعهم منتشرون في أنحاء البلاد، ما يعني أن الكثير منهم غير معلوم أين يسكنون وإلى أي مرحلة دراسية وصلوا، ولا مع من يتواصلون، مع الوضع في الاعتبار المشكلات والأزمات وعدم كفاية الدعم المالي الذي تخصصه الدول لهؤلاء الطلاب لمساعدتهم في الدراسة، وهو ما يجعل بعضهم يقعون فريسة لابتزاز الجماعات الجهادية مقابل الأموال أو توفير الدعم اللوجستي، موضحًا: «للأسف الشديد هناك بعض الجهات استغلت هؤلاء الطلاب بطريقة غير إيجابية».
وميزانية مدن البعوث الإسلامية كانت مستقلة، والآن أصبحت تبع مشيخة الأزهر مما زاد من قيمة الميزانية، وكل طالب وافد يقيم في مدينة البعوث الإسلامية يحصل على منحة شهرية تقدر بنحو 400 جنيه.. أما غير المقيم فلا يحصل على أي دعم.
وقالت المصادر الأمنية نفسها في جامعة الأزهر، إن «الطالب الوافد عندما يأتي للدراسة في الأزهر لا يسحب منه جواز سفره ويظل معه طوال فترة الدراسة، ما يعطيه حرية التنقل وعدم التقيد، وبالتالي فقد يرتكب الوافد جريمة ويهرب خارج البلاد دون أن يمنعه أحد»، مؤكدة أن هذا خطأ تغافلت عنه إدارة الوافدين، وكان من المفترض أن تسحب جوازات السفر من الطلاب وتمنحهم تصريح هوية، ولا يتم تسليمهم الجواز؛ إلا أثناء المغادرة.
وقال المسؤول في المشيخة، إن «الأزهر انتبه لملف الوافدين، وبدأ يتعامل مع هذا الملف منذ 3 سنوات بجدية من خلال اشتراطه بضرورة موافقة سفارات الطلاب على الدراسة بمصر والتقارير الأمنية التي تؤكد أنه ليس «خطرًا على الأمن العام»؛ لكنّ مراقبين أكدوا أن «الكارثة في محاولات السيطرة عليهم فكريًا من قبل (داعش) والإخوان داخل الدولة المصرية».
ولفت المسؤول في المشيخة إلى أن «السيطرة على الطلاب الوافدين عن طريق الجمعيات الخيرية التي تقدم الدعم للوافدين القاطنين خارج مدينة البعوث، حيث يسكن في المدنية التابعة للأزهر نحو 10 آلاف؛ إلا أن أكثر من 20 ألفًا خارج المدنية، خاصة طلاب ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة وروسيا».
وأضاف المسؤول، أن الأزهر أدرك هذه الخطورة وبدأ في ضبط حركة الطلاب في مدينة البعوث واعتماد حضور وانصراف وكذا في المعاهد الأزهرية وتم فصل أكثر من 300 وافد خلال العاميين الماضيين، لعدم التزامهم والشك في سلوكهم المتطرف، حيث كانوا يتخذون من الأزهر وسيلة للدخول للعاصمة القاهرة، من أجل الدراسة في معاهد الجمعيات الشرعية (وهي معاهد تابعة للدعوة السلفية وحزب النور)، وتتبنى الفكر المتشدد.
«الشرق الأوسط» زارت مدنية البعوث، والتقت مع طلابها، وقال أحد المبعوثين من السنغال، إن «هناك محاولات مستميتة من بعض كوادر طلاب الإخوان بجامعة الأزهر لتجنيد الطلاب المبعوثين». وأكد (س.أ)، أن «الإخوان توعدوا الطلاب بتوفير نفقات لهم حتى يتم تجنيدهم»، لافتًا إلى أن «ظروف المبعوثين المعيشية خاصة المقيمين خارج مدينة البعوث، تجبرهم على الانضمام لتنظيمات إرهابية من أجل الحصول على المال».
وتحدث (س.أ) عن تجربة حدثت لأحد أصدقائه، وكان يقيم في مدينة نصر، قال: «تعرف على قيادي في الإخوان خلال اعتصام رابعة العدوية أغسطس (آب) عام 2013، وشارك في اعتصام رابعة وعقب فض الاعتصام لم نسمع عنه أي خبر.. وتردد بعدها أنه انضم لـ(داعش) وسافر للتنظيم عبر الحدود مع لبيبا عن طريق وسيط من الإخوان».
من جانبها، علقت إحدى الوافدات وتدعى (م.ع) من الصومال، قائلة: «البنات الوافدات أكثر عرضة للانخراط في التنظيمات الإرهابية الآن.. وهناك محاولات كثيرة وإغراءات لننضم لصفوف (داعش) والزواج منهم»، لافتة إلى أن الكثير من الوافدات المقيمات خارج مدينة البعوث، يتواصلن مع عناصر من «داعش» عبر «فيسبوك» و«تويتر».. وهناك محاولات وإغراءات كبيرة من التنظيم للانضمام إليه. وعن كيفية تواصل الوافدات مع «داعش»، أكدت (م.ع) التي فضلت ذكر الأحرف الأولى من اسمها واسم والدها: «الكثير من الطالبات الوافدات لديهن إضافات للطلاب الوافدين في مصر على «فيسبوك» و«تويتر».. وبعض هؤلاء الطلاب سافروا وانضموا لـ(داعش) وهم موجودون على صفحات الطالبات الوافدات وسهل جدًا التواصل معهن، حتى من قام من هؤلاء الطلاب بتغيير اسمه عقب الانضمام لـ(داعش) وسمى نفسه اسمًا حركيًا».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».