العبادي في عامه الأول.. احتجاجات شعبية وأزمات اقتصادية

رئيس الوزراء العراقي يعفي 123 وكيل وزارة ومديرًا عامًا

العبادي في عامه الأول.. احتجاجات شعبية وأزمات اقتصادية
TT

العبادي في عامه الأول.. احتجاجات شعبية وأزمات اقتصادية

العبادي في عامه الأول.. احتجاجات شعبية وأزمات اقتصادية

أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس، إعفاء 123 وكيل وزارة ومديرا عاما من مناصبهم. وتزامن القرار مع مرور عام على أداء حكومة العبادي اليمين الدستورية في 9 سبتمبر (أيلول) 2014.
وجاء في بيان صادر عن المكتب الإعلامي للعبادي أنه «تنفيذًا لحزمة الإصلاحات وللمضي بإجراءات الترشيق بما يرفع من كفاءة أداء مؤسسات الدولة، قرر رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي إعفاء مائة وثلاثة وعشرين وكيل وزارة ومديرًا عامًا»، مبينا أن «المذكورين سيحالون على التقاعد أو يكيف وضعهم الإداري حسب القانون وفق تعليمات تصدرها الأمانة العامة لمجلس الوزراء». وحسب البيان، يتولى معاون المدير العام أو مدير القسم الأقدم، إدارة الدائرة المستمرة في عملها لحين تعيين مدير عام لها.
ولا يبدو رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي سعيدا بما يجري حوله رغم ما يحظى به من دعم وتأييد شعبي من خلال المظاهرات والاحتجاجات، أو ديني عبر التفويض الممنوح له من قبل المرجعية الشيعية العليا في مدينة النجف على صعيد ما باتت تتحدث عنه بشكل صريح، وهو الضرب بيد من حديد على رؤوس الفساد الكبيرة.
العبادي الذي جاء خلفا للمالكي من الحزب نفسه «حزب الدعوة» والائتلاف النيابي نفسه «دولة القانون» والتحالف السياسي والمذهبي نفسه «التحالف الوطني الشيعي» لا يحظى بما يكفيه من تأييد لا من حزب الدعوة، المنقسم على نفسه بصمت الآن حيال ما يجري بسبب الخلاف حول وضع المالكي داخل الحزب والائتلاف والتحالف، ولا من ائتلاف دولة القانون نفسه، الذي لا يزال فيه من يؤيد المالكي، ولا من التحالف الوطني نفسه الذي لا تزال بعض أطرافه ترى أن العبادي، وفي محاولة منه لكسب ثقة حزبه فإنه لا يزال يتبع سياسة المالكي نفسها من خلال التعيين بالوكالة، وهو مخالف لوثيقة الاتفاق السياسي طبقا لما تحدث به إلى «الشرق الأوسط» قياديون من كتل مختلفة لمناسبة الذكرى الأولى لنيل الحكومة الحالية الثقة من البرلمان.
فعلى صعيد الأزمة الاقتصادية فإنه وطبقا لما تحدث به نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الأعرجي في حديث لـ«الشرق الأوسط» قبل إعلان استقالته بنحو أسبوع فإن «الحكومة الحالية وجدت الميزانية خاوية تماما، حيث لم نتسلم من الحكومة السابقة التي كان يترأسها المالكي سوى 3 مليارات دولار أميركي في وقت بدأت فيه أسعار النفط بالانخفاض». وأضاف الأعرجي أن «المشكلات التي عانياها طوال هذه السنة تتراوح بين تركة ثقيلة من الحكومة السابقة وتمدد (داعش) في عدد من المحافظات الغربية وعدم وجود سيولة نقدية»، مشيرا إلى أن «العبادي يريد أن يعمل لكن لا أحد يقف خلفه مساندا له، بما في ذلك التحالف الوطني الذي ينتمي إليه»، مبينا أن «التيار الصدري كان ولا يزال مع العبادي وسيستمر في مساعدته لأنه الفرصة الأخيرة لبقاء العراق موحدا».
هذه الرؤية التي سبق أن عبر عنها الأعرجي الذي أعلن استقالته من منصبه قبل إلغاء مناصب نواب رئيسي الجمهورية والوزراء تقابلها رؤية قيادي آخر في التحالف الوطني ينتمي إلى كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي الذي يتزعمه عمار الحكيم. إذ يقول صلاح العرباوي: «لا أستطيع القول إن كل التحالف الوطني كان داعما للعبادي. كنا قد وقفنا إلى جانبه سواء في إزاحة من سبقه، وكان لنا دور معروف في ذلك، وفي دعم مجيء العبادي». وتابع أن «كتلة المواطن بقيت تراقب على مدى سنة طبيعة أداء الحكومة حيث كنا داعمين لما هو جيد ورافضين لما نعده خروجا على التوافقات، لا سيما وثيقة الاتفاق السياسي التي تشكلت الحكومة الحالية بموجبها، وكانت ولا تزال لدينا ملاحظة بشأن عملية التعيين بالوكالة التي كانت جزءا من نهج المالكي والتي استمر عليها للأسف الدكتور حيدر العبادي، والأهم من ذلك أن معظم هذه التعيينات هي لطرف واحد (في إشارة إلى ائتلاف دولة القانون الذي ينتمي إليه العبادي) وهو ما أعلنا رفضه له».
وبشأن الإصلاحات التي يقوم بها العبادي، قال العرباوي إن «رؤيتنا للإصلاحات كانت في سياق تأييدها منذ البداية، لكننا نرى أن هذه الإصلاحات يجب أن تكون جدية لا ترقيعية وجذرية لا فوقية ومطابقة للدستور والقانون لأن الدستور هو الضامن الوحيد لوحدة العراق كما أنها يجب أن تكون شاملة ومتوازنة».
كتلة التحالف الكردستاني وعلى لسان نائب رئيس الكتلة عبد العزيز حسن لها رؤية لا تختلف كثيرا عن الرؤى التي كثيرا ما عبرت عنها القوى السياسية الأخرى سوى أنها ترى أن «الوعود التي سبق أن التزم بها العبادي لم تتحقق حتى الآن رغم مرور سنة على تشكيل الحكومة، ورغم أننا نعرف حجم وطبيعة التحديات التي تواجهها، لكن ذلك لا ينبغي أن يكون مبررا، لأن عدم تطبيق ما تم الاتفاق عليه، لا سيما بين بغداد وأربيل، لا علاقة له بالأزمة الاقتصادية أو (داعش)، بل عدم وجود إرادة حقيقية لحل المشكلات العالقة». حسن يضيف أن «البنود الواردة في وثيقة الاتفاق السياسي لا تزال معظمها كما هي لم تطبق بشكل جدي، وهو ما أدى في النهاية إلى تفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية». وكشف حسن عن «وجود نحو 2227 ملف فساد يشمل وزراء ومسؤولين كبارا، معظمهم من الحكومتين السابقتين برئاسة المالكي لم يجرِ تحويلها إلى القضاء ومن أحيل منها فقد تم التلاعب بها من قبل القضاء لأن القضاء لدينا مسيس مع الأسف الشديد، وبالتالي حين نتحدث عن الإصلاح يجب أن نتحدث عن وقائع لا شعارات». وأوضح أن «العلاقة بين بغداد وأربيل محكومة بقانون النفط والغاز الذي لم يشرع حتى الآن والمادة 140 التي تخص المناطق المتنازع عليها، إذ لم يجر التعامل مع هذه الأمور بالجدية المطلوبة وبالتالي حين نقول إننا داعمون للحكومة فإن هذا لم يعد كافيا ما دام لم يتم التحرك لمعالجة المشكلات الحقيقية العالقة».
أما الحراك الجماهيري الذي تعبر عنه المظاهرات في بغداد وعدد من المحافظات الوسطى والجنوبية فإنه وعلى لسان المنسق العام للتيار المدني الديمقراطي في العراق رائد فهمي يقر بـ«حجم المشكلات والتحديات التي واجهها ولا يزال يواجهها رئيس الوزراء حيدر العبادي سواء على الصعيد الاقتصادي والمالي أو على صعيد التحديات الأمنية والسياسية، وهي تحديات أساسية وتحتاج إلى موقف وطني موحد، وهو ما عمل عليه العبادي عندما تبنى خطابا معتدلا تمكن من خلاله من مد جسور الثقة مع الشركاء، بالإضافة إلى ما حظي به من دعم عربي ودولي».
وأضاف فهمي أن «المشكلة التي لا تزال قائمة هي في طريقة توظيف العبادي لهذا الدعم، لا سيما على صعيد الإصلاحات التي تبناها بعد قيام الاحتجاجات الجماهيرية، خصوصا أن الاحتجاجات هي ليست ضد العبادي وإنما هي ضد الحكومة السابقة». وأوضح فهمي: «إننا لا نشك في كون العبادي جادا في الإصلاحات لكن هناك تلكؤا، كما أن النتائج لم تكن بمستوى الطموح لا سيما على صعيد ضرب رؤوس الفساد الكبيرة، حيث هناك على ما يبدو قوى كابحة تمنع من تنفيذ الإصلاحات التي تنادي بها الجماهير».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.