وزير خارجية البحرين: مجموعة «5+1» اهتمت بالنووي وأغفلت من يحاربنا بالمتفجرات

الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أكد لـ {الشرق الأوسط} أنه ما دام الحوثي لم يتراجع عن خياراته العسكرية فلن نتراجع عن مواجهته

وزير خارجية البحرين: مجموعة «5+1» اهتمت بالنووي وأغفلت من يحاربنا بالمتفجرات
TT

وزير خارجية البحرين: مجموعة «5+1» اهتمت بالنووي وأغفلت من يحاربنا بالمتفجرات

وزير خارجية البحرين: مجموعة «5+1» اهتمت بالنووي وأغفلت من يحاربنا بالمتفجرات

كشف وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أن حجم المتفجرات المهربة للبحرين عبر زوارق بحرية قادمة من إيران والتي قبض عليها في يوليو (تموز) الماضي كانت كافية لإزالة مدينة المنامة من الوجود، مضيفا أن انضمام طهران إلى المنظومة الإقليمية سيكون في صالح دول منطقة الخليج في حال التزمت طهران بسياسة حسن الجوار والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتتخلى عن الازدواجية بين اللغة والتصرف، مشددًا علي ضرورة أن تعي إيران بتغير سياستها وترفع يدها عن شيعة العرب وأهل بلدان العرب وتضع حدا لسياسة التفريق على أساس طائفي.
وقال الوزير البحريني الموجود في باريس ضمن الوفد الحكومي الرسمي لملك البحرين حمد بن عيسى الذي زار فرنسا أول من أمس: «إن الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الغربية مع طهران «لا يغطي كافة مصادر التوتر من إيران»، مضيفًا أنه في حال استمرت طهران على نهجها السابق، فلن تكون منطقة الخليج قد تحصلت منه شيئا فيما يخص أمن واستقرار المنطقة.
وشدد الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في حوار مع «الشرق الأوسط» على ضرورة أن يعي المسؤولون الإيرانيون الإقدام على أمرين مهمين هما، التنفيذ الأمين لبنود الاتفاق والثاني إصلاح علاقاتها مع جيرانها. فإلى نص الحوار:
* بداية بودنا أن نعرف ماذا حققت زيارة الملك حمد إلى باريس ولقاؤه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند؟
- هذه الزيارة حققت الكثير لأنها مبنية على علاقات ثنائية صلبة بيننا وبين فرنسا، وهي ليست الزيارة الأولى للملك إلى فرنسا في ولاية الرئيس هولاند. لكنها الأولى بعد زيارة هولاند إلى الرياض لحضور قمة مجلس التعاون، حيث ألقى كلمة رسم فيها خطة عمل مشتركة لفرنسا ومجلس التعاون لغرض توثيق العلاقات في كل المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية. وجاءت زيارتنا للبناء على تلك المعطيات، وحقيقة وجدنا كل ترحيب من الرئيس الفرنسي الذي تناولنا معه الكثير من المواضيع منها الأوضاع الإقليمية والتعاون الثنائي، إضافة للمجال الاقتصادي كمسألة شراء طائرات إيرباص أو في مجال التخطيط. وتم التفاهم على أن تمدنا باريس بخبرتها في موضوع التخطيط المدني وإفادة البحرين منها. كذلك تناولنا جوانب أخرى كالتعاون في المجال الأمني أو الطبي. أما في المسائل السياسية، فقد تناولنا الوضع في المنطقة إجمالا والموقف من الاتفاق النووي مع إيران وأزمة اليمن وتقديرنا لما آل إليه الوضع، فضلا عن الوضع في العراق والحرب على «داعش» والإرهاب.
* استضافت باريس الثلاثاء مؤتمرا دوليا حول حماية الأقليات في الشرق الأوسط من الاضطهاد. والبحرين شاركت فيه وكذلك دول عربية أخرى. لكن نلاحظ أن الصحافة الغربية تطرح تساؤلات وتوجه انتقادات للموقف الخليجي من مسألة هجرات السوريين والعراقيين بعشرات الآلاف باتجاه بلدان الأوروبية فيما البلدان الخليجية لا تبدو مهتمة. والسؤال الرئيسي الذي يطرحه الإعلام الغربي: ما الذي تفعله بلدان مجلس التعاون الغنية لهؤلاء اللاجئين ولماذا لا تستضيف قسما منهم؟
- حقيقة الحملة الإعلامية التي تقول لا أدري من أين تبدأ ولا أعرف أين تنتهي، لكنها حقيقة مليئة بالمغالطات، فلو نظرنا للسعودية مثلا فهي تستضيف مليوني يمني وأكثر من نصف مليون سوري، إلا أن الفرق أن الذاهبين إلى السعودية لا تراهم مصطفين طوابير على باب المطارات أو القطارات بل وصل عشرات الآلاف من اللاجئين إلى السعودية ودول الخليج الأخرى دون ضجيج، وهناك سؤال مهم وهو «هل إذا لم نر طوابير اللاجئين يعني أننا لا نستقبل لاجئين؟ هؤلاء يستوعبون في البلدان التي يصلون إليها. ثم أود الإشارة إلى أن الكويت استضافت مؤتمرين لدعم اللاجئين والعمل الإنساني في سوريا. ولدينا في البحرين الألوف من السوريين، وهو الحال نفسه في الكويت وبلدان الخليج الأخرى. لكن نحن لا نعلن أننا استقبلنا لاجئين ولا نقيم الضجيج حوله. لكن أعتقد أنه يتعين علينا أن تكون لدينا لغة أوضح في هذا المجال وأن نقول بصوت مرتفع إن عدم وجود طوابير ليس معناه أننا لم نستقبل أحدا، بل إن نظام وتدابير استقبالهم أفضل مما يلاقونه من مواقف عنصرية في بعض الأحيان في أوروبا، فالدولة لدينا تتولى الأمور وليس هناك أي رفض لاستقبالهم. ثم أود أن أشير إلى أن بلدان الخليج قدمت مساعدات كبيرة إلى بلدان الجوار السوري التي تستقبل اللاجئين مثل الأردن ولبنان وحتى تركيا. أنا شخصيا قمت بزيارة مخيم الزعتري في الأردن، وإضافة ذلك فإن الحكومة البحرينية علمت على بناء 4 مدارس تولينا الجانب التعليمي، ونحن نعتبر أن هذا الموضوع بالغ الأهمية إضافة إلى أنه يقام تحت إشراف الهيئة الخيرية الملكية بتوجيه من الملك. نحن نتعاطى مع السوريين الذين يصلون إلينا ليس باعتبارهم لاجئين بل باعتبارهم مواطنين.
* دعنا ننتقل إلى الملف اليمني، هل تعتقدون أن الحل في اليمن هو في الحل العسكري فقط؟
- دعني أقول لك إن من اختار أن يكون الحل عسكريا هو الحوثي وحلفاؤه في اليمن من النظام السابق. هم الذين انقلبوا على الاتفاق الذي توصلت إليه الدول الخليجية مع الرئيس السابق ووصلنا إلى المرحلة الانتقالية مع الرئيس عبد ربه منصور هادي. لكن الحوثيين هم من طردوا وسيطروا على المباني الحكومية واحتجزوا مسؤولين وسلكوا الخيار العسكري وهددوا مصالح اليمن ومصالحنا، لكن في اللحظة التي يتراجع فيها ويلقي السلاح ويعود، فنحن مستعدون للعودة إلى عملية سياسية واضحة، إذ إن المسألة ليست مسألة إنهاء وجود أحد في اليمن. الموضوع أن الشرعية هي صاحبة السلطة وهي صاحبة السلاح في هذا البلد وما عداه هو تهديد صريح لمصالحنا في المنطقة.
* هنالك معلومات لدينا حول ضغوط غربية مورست للدفع باتجاه هدنة ووقف العمليات العسكرية والعودة إلى العملية السياسية. هل تلاقي هذه الطلبات آذانا صاغية لدى بلدان التحالف العربي؟
- هذا حصل في وقت سابق، وقررنا قبل ما يزيد عن الشهر هدنة من خمسة أيام قابلة للتمديد إلا أنه تم خرقها من قبل الحوثيين وحلفائهم في اليوم التالي، هم من لا يريدون الهدنة ولا الالتزام بتفتيش الطائرات لإيصال المواد الإنسانية وهم يصرون على التواصل المباشر مع حلفائهم في إيران، هم لم يلتزموا بأية تعهدات ويريدون إنهاء القرار الدولي رقم 2216 الصادر عن مجلس الأمن الدولي. المسألة بالنسبة إلينا واضحة: أية طائرة حتى وإن كانت إيرانية أو من أي دولة تريد الهبوط في صنعاء لم يسمح لها بالدخول إلا بعد تفتيشها، ويتعين أن يؤخذ بعين الاعتبار أننا في حالة حرب. طالما لم يتراجع الحوثي عن خياراته العسكرية، فنحن لن نتراجع عن مواجهته ولن نسمح له بأن يهدد مصالحنا وأن يفتك بشعوبنا.
* هناك محادثات تجري بعيدا عن الأضواء وتحديدا في مسقط وربما في عواصم أو مدن أخرى، هل توصلت إلى شيء بخصوص الحل السياسي في اليمن؟
- أقولها بكل صراحة، ليس لدي أي معلومات ولم يستشرنا أحد بشأن هذه الاتصالات ولم يطلعنا أحد على المحاضر والاتصالات التي حصلت ولذلك لا أستطيع التعليق لأنني أطلع على ذلك من الوسائل الإعلامية، نحن «السعودية والإمارات والبحرين» لدينا موقف في إطار التحالف الذي يجمعنا وإن كان أحد يحاول بطريقة أخرى، فنحن لسنا على اطلاع على ذلك.
* لكن هل يعتبر التحالف أن معركته الحاسمة في اليمن هي معركة استعادة العاصمة صنعاء؟
- لست وزيرا للدفاع ولست جنرالا. لكن بالطبع صنعاء هي العاصمة والقلب والمركز، وإذا أردنا إعادة الشرعية إلى مكانها، فيجب أن تعود الشرعية إلى عاصمة البلد أي صنعاء. ومسألة الوجود في مدينة عدن مؤقتة وإن ذهبوا إلى تعز فسيكون ذلك أيضا مؤقتا. وصلب الموضوع أن يكون مكان الشرعية في العاصمة.
* إيران ما قبل الاتفاق النووي وإيران ما بعده..
- عندما أبرم الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة «5+1»، راهن غربيون كثيرون على أن الاتفاق سيعيد إدخال طهران في الدورة السياسية والاقتصادية والاستثمارية العالمية وبالتالي فإن إيران ما بعد الاتفاق لا يمكن أن تكون كما إيران ما قبل الاتفاق، بمعنى أنه سيدفعها لاتباع سياسة معتدلة تساهم في إيجاد الحلول للمشكلات العالقة وخلافه. هل هذا الرهان رهان صائب أم أن نذر فشله أصبحت بينة؟
من المبكر الحكم على ذلك ولننتظر بعض الشيء. لننتظر أولا أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ وهذا لم يحصل بعد. لكن قبل أن ذلك، أستطيع أن أقول إن الاتفاق لم يغط كافة مصادر التوتير الذي تقوم به حكومة إيران الاتفاق فقط شمل «الملف النووي» دون تبعاته الأخرى، علينا أن نلاحظ أن لإيران، بعيدا عن الملف النووي، علاقات متوترة معنا. فضلا عن ذلك، نحن نرى أن الاتفاق غطى جانب «النووي»، وترك جوانب أخرى لم يغطها، لا بل إن الاتفاق سيوفر لإيران رفع أسماء شركات وأشخاص من قوائم المقاطعة وهي مرتبطة بالإرهاب مثل شركات وأشخاص يرتبطون بالحرس الثوري وأحدهم مطلوب في الأرجنتين بتهمة تفجير الكنيس اليهودي. وهذه المسألة، بالنسبة إلينا، لن تساعد على إحلال الأمن والاستقرار. لكننا لا نريد أن نكون سلبيين.
* ولكنكم رحبتم بالاتفاق؟
- أرجو ألا نتوقف عند كلمة «ترحيب» لأننا في الحقيقة أبدينا تطلعنا إلى أن هذه الخطوة، إن نجحت وتم العمل بالكامل ببنود الاتفاق، فإنه سيسهم بلا شك بالأمن والاستقرار. لكن يتعين لذلك، أولا، أن تلتزم طهران بالتنفيذ الكامل لمتطلباته وثانيا يجب أن يكون هناك عمل مواز لإصلاح علاقات إيران بجيرانها. وإذا غيب هذا المطلب، فإننا لن نصل إلى أي مكان مع إيران. الاتفاق، عندها، سيعني دولا ولن يعنينا بشيء لأنه سيغطي قطاعا معينا «النووي» بينما هم يحاربوننا بالكلاشنيكوف والقنابل ومادة سي 4 المتفجرة. هل تعرف حجم الكميات المهربة من هذه المادة إلى البحرين؟ هي كانت كافية لإزالة مدينة المنامة من الوجود. وهذا لم نكتشفه نحن بأنفسنا فقط بل مع حلفائنا في منطقة الخليج بمن فيها البحرية الأميركية وغيرها. الكل يعرف الخط الذي سلكته الزوارق التي نقلت هذه المواد المتفجرة. وإذا أخذنا بالحسبان ملف تصدير الإرهاب وتدريب الإرهابيين والفاشية الدينية التي تحاول السيطرة على دولنا، فعندها سنرى أن هذا الاتفاق لن نجني منه أية فائدة.
* هل المحادثات التي حصلت بينكم وبين الرئيس هولاند جاءت ببعض الإجابات المطمئنة بصدد المسائل بخصوص الملف النووي الإيراني، إضافة إلى ذلك حضرت البحرين القمة التي دعا إليها الرئيس أوباما في كامب ديفيد عقب إبرام الاتفاق، وسؤالي هو: هل أنتم مطمئنون إلى أن واشنطن ستبقى على خطها وأن تنفذ ما تعلنه لجهة تمسكها بأمن الخليج ودفاعها عن أمنه واستقراره ومصالحه؟.
- أميركا بلد حليف وصديق وهذا لم يبدأ أمس أو اليوم. علاقاتنا معها تعود لعام 1893.
* أي ليست لديكم مخاوف، كما نرى ونسمع هنا وهناك؟
- كلا. ما نراه اليوم إعادة تأطير العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والمنطقة. ونحن لا يوجد لدينا أية مخاوف من أن تصبح إيران ضمن المنظمة الإقليمية في المنطقة. انضمام طهران إلى المنظومة الإقليمية سيكون في صالحنا في نهاية المطاف شرط أن تكون ملتزمة بسياسة حسن الجوار والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتتخلى عن الازدواجية بين اللغة والتصرف.
الازدواجية هي أساس المشكلة. نحن نسمع لغة تهديد من الحرس الثوري أو من قائد الثورة خامنئي عندما يتكلم عن دول المنطقة ويسيء إليها، ثم يأتي وزير الخارجية محمد جواد ظريف، هذا الرجل الدبلوماسي الطيب المبتسم، ويقول أرجوكم ألا تعيروا هذا الكلام انتباهكم ويجب أن نتحاور. ولكن هل يمكن أن نتحاور وفي الوقت نفسه نتحارب؟ أقول: لتغير طهران سياستها وترفع يدها عن شيعة العرب وأهل بلدان العرب وتضع حدا لسياسة التفريق على أساس طائفي، وعندها إذا خطت إيران باتجاهنا خطوة واحدة فسنخطو نحوها خطوتين. نحن في نهاية الأمر لا نستطيع أن نكون في خلاف مستمر مع دولة تبعد عنا 150 كلم. ومصلحتنا أن تكون علاقتنا مع إيران طيبة. وفي أي حال لا يستطيع أي منا إلا أن يدافع عن نفسه. ونحن في البحرين لم نهاجم أحدا بتاتا. نحن دائما في حالة ردة الفعل والدفاع عن النفس.
* أين أصبح البحث عن قوة عربية مشتركة؟ وما تقولونه لجهة من يعتبر أن بلدان الخليج ليست متحمسة لأن ترى هذه القوة النور؟
- موضوع القوة العربية المشتركة لا يمكن أن ينتهى منه سريعا. الدول العربية وبالأخص بلدان الخليج، ليس لها اعتراض على إنشاء القوة المشتركة. نحن ندعمها من حيث المبدأ ونرى فائدتها وأهميتها. ولكن نحن لا نريد إنشاء قوة تكون مقوماتها عاجزة عن العمل مع بعضها البعض أو أن تنشأ قوة عديمة القدرة على الحركة. يتعين علينا أن نصل إلى قوة قادرة على التحرك وأن تكون فاعلة. وهذا لم ننته من دراسته. نحن جاهزون للحضور والمشاركة. لكننا نطالب بقوة فاعلة وليس فقط بقوة اسمية. في النهاية، إذا وصلنا إلى إنشاء جسم فارغ وعديم الفائدة، فسيكون بلا معنى. نريد أن تكون القوة حقيقة وفاعلة وذات فائدة. أما من جهة الموافقة على المبدأ والرغبة بظهور القوة المشتركة، فهذا نتشارك فيه جميعا.
* ما، بنظر البحرين، التهديدات الجديدة - القديمة التي تحدق بأمن الخليج، هل هي إقليمية، عسكرية، إرهابية، اقتصادية.. وكيف تنظرون لأمن الخليج اليوم وللسنوات والعقود القادمة؟
- أمن الخليج كان دائما يشكل أولوية والتهديدات كانت دائما موجودة. التهديدات كانت موجودة قبل الثورة الإيرانية. ألم يكن شاه إيران يطالب بالبحرين؟ صدام حسين، ألم يهدد الخليج؟ الخليج منطقة استراتيجية وكانت دائما تواجه التهديدات والتحديات وكانت تتوافر دائما الحماية.
اليوم، الفرق أن التهديدات زادت. هناك التهديدات الإرهابية ومنها الإرهاب الذي تصدره الدول «تهديد إيران المباشر عبر الحرس الثوري، تهديد حزب الله، الحرب في اليمن..» ثم هناك التهديد الفاشي الديني للفكر المتطرف مثل «القاعدة» و«داعش» و«الحشود» و«أنصار الله» و«أنصار الحق». وهذا النوع من التهديد هو من أهم التحديات التي نواجهها والتي يتعين أن نحمي مجتمعاتنا منها. ثم هناك التحدي الاقتصادي الذي يتمثل في موقع الخليج في الاقتصاد العالمي الجديد.
هذه التحديات تتطلب خطوات تكاملية تدفع مجلس التعاون إلى الأمام. وهو ما فهمه الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز عندما طرح مشروع «الاتحاد» لدول مجلس التعاون الخليجي. لكن ظهرت أراء مختلفة بشأنه، إذ اعتبره البعض اندماجيا وآخرون يرونه تكامليا. وهذا الفهم هو الأقرب إلى الصواب وهذا المفهوم قريب من مفهوم الاتحاد الأوروبي، حيث تحافظ كل دولة على سيادتها لكنها في الوقت نفسه تسعى لتوحيد سياستها تجاه كل الأخطار. لكن هذا لا يعني أنه ليست لدينا سياسة موحدة تجاه المخاطر. المسألة هي بناء المؤسسات. هذا سيحدث لأن مجلس التعاون وجد ليبقى ويتطور. ثم أريد أن أشير إلى تحد آخر هو أن إيقاع الأحداث تفوق سرعته سرعتنا على الرد والتعامل معها، ولذا فإن سرعة المسار التكاملي يتعين أن تماشي على الأقل إيقاع التحديات. هذه التحديات تتزايد باستمرار وهي تتكالب، ليس ردا فرديا من كل دولة على حدة ولكن ردا جماعيا يقوم على أساس مؤسسي. علينا الخروج من مرحلة التنسيق الآني لمواجهة الأخطار التي تأتينا إلى مرحلة منع ظهور هذه الأخطار عبر العمل المؤسسي.
* سؤال أخير: بحثتم مع الرئيس هولاند الملف السوري فيما هناك تعزيز للعمل العسكري لكثير من الأطراف «روسيا، تركيا، فرنسا، بريطانيا..» ونوع من التسابق بين الجهود الدبلوماسية - السياسية والتسابق العسكري؟
- كل ما جئت على ذكره هو نتيجة للظروف الميدانية. لكن هل هذه التحركات يمكن أن تفضي إلى حل؟ لا أرى ذلك، وإذ أردنا الحل، علينا العودة إلى نص بيان جنيف واحد، المادة 14 التي تقول بحكومة انتقالية يرضى بها الشعب السوري. الحل لا يمكن أن يكون عسكريا بل هو سياسي. والمشكلة أن هناك وضعان إقليمي ودولي يسيطر عليهما الانقسام بالنسبة للوضع السوري وكيفية الخروج من الأزمة التي هجرت نصف الشعب السوري وهدمت البلد. نكرر أن لا بديل عن حل سياسي لسبب بسيط وهو أن ليس هناك من طرف قادر على القضاء على الطرف الآخر. أما مصير هذا الشخص أو ذاك المسؤول، فهذا متروك للشعب السوري.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».