نتنياهو في لندن لرفع الضغوط الأوروبية المتزايدة عليه لتحريك عملية السلام

مئات المتظاهرين أمام مقر الحكومة البريطانية و107 آلاف توقيع تطالب باعتقاله

نتنياهو في لندن لرفع الضغوط الأوروبية المتزايدة عليه لتحريك عملية السلام
TT

نتنياهو في لندن لرفع الضغوط الأوروبية المتزايدة عليه لتحريك عملية السلام

نتنياهو في لندن لرفع الضغوط الأوروبية المتزايدة عليه لتحريك عملية السلام

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن لقاءاته المكثفة مع القادة الأوروبيين، بما في ذلك زعماء بريطانيا التي وصل إليها بعد ظهر أمس، تستهدف الرد على ضغوطهم الهادفة إلى تحريك عملية السلام. ووضع نتنياهو معادلة جديدة لتحركه الأوروبي، «يكون فيها الأوروبيون واعين لدور إسرائيل في حمايتهم من الإرهاب» على حد قوله.
ومن على متن الطائرة التي أقلته إلى لندن، صرح نتنياهو، بأنه سيلتقي رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، وأن اللقاء يأتي في أعقاب عشرات المكالمات الهاتفية واللقاءات التي أجراها منذ انتخابه رئيسا للحكومة، مع رؤساء، ورؤساء وزراء، ووزراء خارجية من عشرات الدول.
وكان نتنياهو أدلى بتصريحات أراد بها تذكير أوروبا «بأن حليفتها هي إسرائيل وليس العالم الثالث»، كما قال مقرب منه، وذلك بعدما استقبل رئيس المفوضية الأوروبية، دونالد توسك، وخاطبه قائلا: «إننا نواجه وإياكم التحديات مقابل من هم في اتجاه معاكس للحداثة، في عقلية الوحشية البدائية والهمجية والقتل التي تعود إلى العصور الوسطى، والتي تأتي من تياري الإسلام المتطرف - السنة المتطرفة بقيادة (داعش) والشيعة المتطرفة بقيادة إيران. وكلاهما تعملان على أنقاض الدول المتشرذمة في الشرق الأوسط، تسعيان إلى إقامة إمبراطورية إسلامية وتحاربان بعضها البعض حول مسألة هوية الطرف الذي سيحكم هذه الإمبراطورية». وأضاف: «إن إيران تبني الصواريخ البالستية العابرة للقارات من أجل ضرب أوروبا وليس من أجل ضرب إسرائيل، فنحن موجودون على نفس القارة مثلها (...) ونعتقد أن هذه هي مشكلة مشتركة لنا».
وقد حاول نتنياهو من خلال تصريحاته تلك، توجيه النقاش بعيدا عن الحديث المستمر، من قبل زعامات أوروبية عدة، عن احتلال إسرائيل للضفة الغربية، والقيود التي تفرضها على قطاع غزة، وضرورة العودة إلى محادثات السلام مع الفلسطينيين الذين يريدون إقامة دولتهم في الضفة والقطاع. وقد رد رئيس المفوضية الأوروبية دونالد توسك، على نتنياهو قائلا: «اللقاء بيننا يعقد على خلفية فترة مليئة بالتحديات بالنسبة للشرق الأوسط ولأوروبا (...) والتحديات بيننا مبنية على كيفية مواصلة العمل معا من أجل التعامل مع تلك التحديات (...) وأحد السبل للقيام بذلك هو إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط».
وكشف نتنياهو أنه تحدث مع رئيس الوزراء الإيطالي، ماثيو رينتزي، في لقائهما الأخير حول إمكانية التعاون في أفريقيا جنوبي صحراء السهارى، بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى، بهدف التعامل مع جذور المشكلة، وتعزيز الحكومات الأفريقية في مجالات الزراعة والاقتصاد والأمن والطاقة، ومن أجل منع تدهور هذه المجتمعات وتدفق جماهيرها إلى أوروبا من أجل إنقاذ حياتهم».
أما بريطانيا التي يزورها نتنياهو، ويلتقي رئيس حكومتها، فقد استقبلته بعريضة وقعها أكثر من 107 آلاف بريطاني، تدعو حكومة كاميرون، إلى اعتقاله لارتكابه جرائم حرب في غزة. فيما احتشد مئات المناصرين للشعب الفلسطيني أمام مقر الحكومة البريطانية في «10 داوننغ ستريت»، يرفعون يافطات عليها صور لنتنياهو كتب أسفلها «مجرم حرب»، تعلوها عبارة «اعتقلوا نتنياهو».
وقد سارعت الأوساط الحكومية إلى التوضيح، بأن رؤساء الدول الزائرين يتمتعون بحصانة ضد الإجراءات القانونية، ومن ثم لا يجوز اعتقالهم. ومع ذلك لا يمكن تجاوز تأثير هذه التوقيعات التي تعكس موقف البريطانيين من العدوان الإسرائيلي على غزة صيف العام الماضي. فقد جاء في العريضة، أنه «بموجب القانون الدولي يجب أن يعتقل (نتنياهو) لدى وصوله إلى المملكة المتحدة، بسبب المذبحة التي قتل فيها أكثر من 2000 مدني في عام 2014».
ويبحث البرلمان عادة، كل الالتماسات التي تحصل على أكثر من 100 ألف توقيع، لطرحها للمناقشة.
وقالت الحكومة البريطانية: «ندرك أن الصراع في غزة العام الماضي أسفر عن محصلة مرعبة من القتلى. ومثلما قال رئيس الوزراء (ديفيد كاميرون)، شعرنا جميعا بحزن بالغ للعنف، وكانت المملكة المتحدة في طليعة جهود الإعمار الدولية.» وأضافت: «غير أن رئيس الوزراء كان واضحا بشأن اعتراف المملكة المتحدة بحق إسرائيل في اتخاذ الإجراء المناسب للدفاع عن نفسها، في إطار القانون الإنساني الدولي».
وكان أكثر من 500 طفل قد سقطوا ضحايا الحرب العدوانية، من بين 2100 فلسطيني قتلوا فيها، أغلبهم من المدنيين، مقابل مقتل 73 إسرائيليا معظمهم جنود.
وبعد شهرين من حرب غزة، وافق البرلمان البريطاني على الاعتراف بفلسطين كدولة - وهو إجراء غير ملزم، لكنه رسالة رمزية لدعم الفلسطينيين. وأصدرت محكمة بريطانية في عام 2009، مذكرة اعتقال بحق وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، تسيبي ليفني، التي اتهمت بارتكاب جرائم حرب. غير أن بريطانيا سارعت إلى سحب مذكرتها عندما ألغت ليفني زيارتها.
وتسعى أوروبا عموما، إلى وضع خطط لتحمل المنتجات التي تصنع في مستوطنات إسرائيلية علامات تشير إلى أنها مصنوعة في أراض محتلة وليس في إسرائيل. وأثار هذا التحرك غضب إسرائيل التي تعتقد أن أوروبا تطبق معايير مزدوجة وتعاقب شريكا تجاريا مهما.
وتقوم بعض المتاجر في بريطانيا بوضع علامات على منتجات المستوطنات الإسرائيلية فعلا، لتوضيح أنها منتجة هناك. ونشرت وزارة الخارجية تحذيرات في موقعها، من مخاطر التعامل مع شركات إسرائيلية تعمل داخل الضفة الغربية.



ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
TT

ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)

تقف خمس شابات في وسط العاصمة الأوكرانية، رغم البرد القارس، دقيقة صمت إحياء لذكرى ضحايا الغزو الروسي، في مبادرة أطلقها الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مارس (آذار) 2022 على أن تكون جزءا من الحياة اليومية، لكن بعد حوالى ثلاث سنوات من الحرب أصبحت مشهدا نادر الحدوث.

حملت الفتيات لافتات تدعو المارة إلى التوقف للمشاركة في دقيقة صمت عند التاسعة صباحا، وهو جزء من هذه المبادرة الرسمية التي أطلقها زيلينسكي بعد أسابيع قليلة من بدء الحرب. لكن معظم الحشود الخارجة من محطة مترو غولدن غايت المركزية في كييف، كانت تمر بمحاذاتهن من دون التوقف.

وبعد انتهاء الدقيقة، طوت طالبة الصحافة أوليا كوزيل (17 عاما) اللافتات المصنوعة من ورق الكرتون المقوى في حقيبة.

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «أشعر بالغضب من الأشخاص الذين لا يتوقفون، الذين ينظرون ويقرأون، وأستطيع أن أرى في عيونهم أنهم يقرأون لافتاتنا لكنهم يواصلون طريقهم».

كوزيل هي جزء من مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يحاولون إعادة الزخم لمبادرة زيلينسكي.

عندما لا يكون هناك تحذير من غارات جوية، يجتمع هؤلاء مرة في الأسبوع في مكان مزدحم لتشجيع سكان كييف على التوقف لمدة 60 ثانية.

وتقول كوزيل إن دقيقة الصمت هي وسيلة لمعالجة الحزن الجماعي والفردي الذي يخيم على الأوكرانيين أكانوا يعيشون قرب الجبهة أو بعيدا منها.

ويبدو أن حملة الشابات بدأت تثمر. فقد وافقت بلدية كييف هذا الأسبوع على القراءة الأولى لمشروع قانون يجعل دقيقة الصمت إلزامية في المدارس وبعض وسائل النقل العام. ويشمل المقترح أيضا عدا تنازليا يتردّد صداه عبر مكبرات الصوت في كل أنحاء المدينة من الساعة 9,00 حتى 9,01 صباح كل يوم.

وتعود الفكرة الأصلية لهذه المبادرة إلى إيرينا تسيبوخ، الصحافية التي أصبحت مقدمة رعاية على الجبهة والمعروفة في أوكرانيا باسمها الحركي «تشيكا». وأثار مقتلها قرب الجبهة في مايو (أيار)، قبل ثلاثة أيام من عيد ميلادها السادس والعشرين، موجة من الحزن.

ناشطات من منظمة «الشرف» يحملن صور جنود أوكرانيين سقطوا في المعارك خلال وقفة «دقيقة صمت» في كييف (أ.ف.ب)

وقالت صديقتها كاترينا داتسينكو لوكالة الصحافة الفرنسية في أحد مقاهي كييف «عندما علمنا بمقتل إيرا (إيرينا) قلنا لأنفسنا أمرين: أولا، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ أرادت إيرا أن تعيش كثيرا. وثانيا: يجب أن نكمل معركتها. لا يمكننا أن نستسلم».

وكانت تسيبوخ تريد من الأوكرانيين أن يخصّصوا دقيقة لأحبائهم أو الأشخاص الذين يمثلون لهم شيئا ما، على أساس أن التفكير الجماعي في ضحايا الحرب يمكن أن يوحّد الأمة في مواجهة الصدمة الفردية.

* الأكلاف البشرية

قال زيلينسكي أخيرا إن 43 ألف جندي أوكراني قتلوا في الحرب، رغم أن التقديرات المستقلة تشير إلى أن العدد أعلى من ذلك بكثير.

من جهتها، تفيد الأمم المتحدة بأن العدد المؤكد للقتلى المدنيين البالغ 11743 هو أقل من الواقع إلى حد كبير.

ومع ارتفاع هذه الحصيلة بشكل يومي، يحاول الناشطون غرس معنى جديد لطريقة تخليد ضحايا الحرب.

وقالت الناشطة داتسينكو (26 عاما) التي شاركت في تأسيس المنظمة غير الحكومية «فشانوي» أي «الشرف»، «لا أعرف كيف يمكن لدولة بهذا الحجم أن تخلّد ذكرى كل شخص، لكنّ ذلك ممكن على مستوى المجتمع».

من جهته، رأى أنتون دروبوفيتش، المدير السابق لمعهد الذاكرة الوطنية في أوكرانيا، أن دقيقة الصمت «لا تتعلق بالحرب، بل بالأشخاص. أولئك الذين كانوا معنا بالأمس، والذين شعرنا بدفئهم لكنهم لم يعودوا هنا... الأمر يتعلق بالحب والكلمات التي لم يكن لديك الوقت لتقولها للأشخاص الذين تحبهم».

لكن بعض معارضي الفكرة يقولون إن التذكير اليومي بالخسارة يجعل الناس عالقين في الماضي.