أخيرًا.. إيزيديو أميركا يفكرون بأن يدفنوا في موطنهم الجديد

بعدما ظلوا ينقلون جثث موتاهم إلى موطنهم في شمال العراق

الإيزيدي حسن خليل يحلق شعر زبون في صالونه بنبراسكا (نيويورك تايمز)
الإيزيدي حسن خليل يحلق شعر زبون في صالونه بنبراسكا (نيويورك تايمز)
TT

أخيرًا.. إيزيديو أميركا يفكرون بأن يدفنوا في موطنهم الجديد

الإيزيدي حسن خليل يحلق شعر زبون في صالونه بنبراسكا (نيويورك تايمز)
الإيزيدي حسن خليل يحلق شعر زبون في صالونه بنبراسكا (نيويورك تايمز)

جاءوا إلى أميركا سعيًا وراء حرية العبادة والعمل بسلام، لكن بعد الموت، يأمل الكثيرون في أن يُدفنوا وسط تلال موطنهم في شمال العراق.
شهدت الجالية الإيزيدية الموجودة في مدينة لنكولن عاصمة ولاية نبراسكا الأميركية - والتي يبلغ قوامها نحو ألف شخص - الرعب خلال العام الماضي، وذلك في ظل نهب متشددي تنظيم داعش قرى الأجداد، وأخذهم النساء كرقيق، وذبحهم مئات الأشخاص؛ ما حوّل منطقة جبال سنجار شمال العراق إلى منطقة حرب. وتظل إمكانية العودة إلى الوطن – حتى في الكفن – قاتمة. لذلك، بدأ كبار السن الإيزيديين في لنكولن، التي يُعتقد أنها تضم أكبر تعداد سكاني إيزيدي في أميركا، في التفكير فيما كان يعتبره الكثيرون ذات مرة مستحيلا: إنهم يفضلون بناء مدفن في نبراسكا.
قال الشيخ حسن حسن، رجل دين إيزيدي، في الخمسينات من عمره، يعيش في لنكولن: «بعد ما حدث في الوطن، فقدنا أرضنا، وفقدنا موطننا، لم يتبق لنا أي شيء. وتساءل الناس: ماذا سنفعل لو توفي أحد هنا؟».
جاء الإيزيديون إلى عاصمة ولاية نبراسكا منذ ما يقرب من 20 عاما لانخفاض معدل الجريمة والوظائف الوفيرة والإيجارات المعقولة. والكثير منهم ربوا أطفالهم هنا، وتعلموا اللغة الإنجليزية، وحتى أصبحوا مشجعين لفريق جامعة نبراسكا لكرة القدم «كورنهوسكرز». ومع ذلك، لا يزال ارتباطهم بالوطن قويا.
أضاف حسن، الذي غادر العراق في عام 2009 وجاء إلى لنكولن بعدها بسنتين، عبر مترجم: «لا يتمتع معظم الإيزيديين بالثراء حقا، حيث تذهب معظم الأموال التي يجمعونها إلى عائلاتهم».
وبينما تسوء الظروف في العراق، يفد المزيد من الإيزيديين إلى لنكولن، فقد جاء زياد عيسى (27 عاما) مع زوجته وطفليه إلى المدينة قبل نحو خمسة أشهر. وأمده إيزيديون آخرون بأثاث لشقته المتواضعة – لكنها مريحة – بالقرب من وسط مدينة لنكولن يتمثل في بعض الأرائك والكراسي المستعملة. وساعدته جمعية خيرية محلية في العثور على وظيفة في بوفيه أطعمة، كما جلبت له فرصة سائق على شاحنة من أجل كسب الرزق. فيما يكون نجله الأكبر صداقات في المدرسة الابتدائية العامة التي يرتادها.
غولي خلف، تركت وظيفتها العام الماضي كمعلمة هنا، وساعدت في تدشين «الإيزيديون الدولية»، وهي مؤسسة غير ربحية تعمل على مساعدة الإيزيديين في جميع أنحاء العالم. وتقضي خلف الكثير من أمسياتها في الدردشة عبر «فيسبوك» مع الإيزيديين في معسكرات اللاجئين، التي تأمل مؤسستها في تنظيم المزيد من البرامج التعليمية هناك. وتقول الناشطة التي ترعرعت في معسكر لجوء في سوريا في ثمانينات القرن الماضي، وانتقلت إلى الولايات المتحدة وهي في سن المراهقة: «نحن محظوظون لأننا هنا. فنحن لدينا الفرصة للتحدث باسم الإيزيديين في العراق».
انتقلت خلف عندما كانت طفلة من مكان إلى مكان، وفي آخر مرة انتقلت من معسكرات اللجوء إلى مدينة أتلانتا عاصمة ولاية جورجيا وبعدها إلى مدينة بافلو بولاية نيويورك، حيث كانت هي وأسرتها ضمن حفنة من الإيزيديين. وبعد التخرج في الجامعة، جاءت إلى لنكولن لتكون جزءا من الجالية الإيزيدية الأكبر حجما.
يتسم الإيزيديون في لنكولن، المدينة التي يبلغ تعداد سكانها نحو 270 ألف نسمة، بأنهم متماسكون ومنظمون بشكل كبير. يتقابلون في شققهم، ويتجمعون في المتنزهات خلال عطلة نهاية الأسبوع: ولنكولن لا تحتوي على مركز أو دار عبادة أو حي تجاري للجالية الإيزيدية. لسنوات كثيرة، كان الإيزيديون يحتفلون بالأعياد الدينية من خلال استئجار قاعة ولائم، لكن منذ أن بدأ تنظيم داعش مجازره، أُلغِيت هذه المناسبات. أوضحت غولي خلف: «جميعنا محزونون ومنزعجون مما يحدث في وطننا».
ومع ذلك، يواصل الإيزيديون بناء حياتهم في لنكولن، ففي الخريف الماضي، فتح حسن خليل، إيزيدي قضى جزءا من طفولته في نفس معسكر اللجوء مع غولي خلف، صالون حلاقة للرجال بالقرب من جامعة نبراسكا. وفي وسط المحل وضع إناء للتبرع عليه صورة طفلة إيزيدية مصابة تعيش في معسكر لجوء. وإذا أخذ شخص ما زجاجة مياه غازية من الثلاجة، فإنه يقترح عليه وضع دولار أو دولارين للطفلة.
حتى قبل عامين كانت جثث الإيزيديين الذين يتوفون في الولايات المتحدة تعود في العادة إلى موطنهم الأصلي لدفنها، لكن تقدم «داعش» جعل هذا الأمر مستحيلا، ويأمل حسن الآن في إيجاد أرض دفن مناسبة في لنكولن. وأوضح أن الاجتماعات الأولية مع قادة المدينة وجماعات الضغط كانت واعدة.
وقال توم راندا، المدير التنفيذي لـ«منظمة حسن الجوار»، التي ساعدت القادمين الجدد من الإيزيديين في العثور على عمل وكسب الرزق، إن الحصول على جزء من المدفن الحالي قد يكون أكثر قابلية للتحقيق على المدى القصير من الحصول على أرض دفن منفصلة. قال حسن إن مشروع المدفن أكبر بكثير من مجرد إنجاز حاجة عملية. إنه أيضًا اعتراف بأن نبراسكا هي موطن الآن. واختتم حسن بالقول: «وهذا يعني أننا نريد البقاء هنا. وأننا نريد تأصيل جذورنا في لنكولن».
* خدمة: «نيويورك تايمز»



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.