حسن طواشي: في جازان نتنفس الشعر من المهد إلى اللحد

شاعر «شباب عكاظ» ينحدر من «أرض مزاجها مخلوق من الشاعرية»

الأمير خالد الفيصل يتوج حسن طواشي شاعرًا لشباب عكاظ
الأمير خالد الفيصل يتوج حسن طواشي شاعرًا لشباب عكاظ
TT

حسن طواشي: في جازان نتنفس الشعر من المهد إلى اللحد

الأمير خالد الفيصل يتوج حسن طواشي شاعرًا لشباب عكاظ
الأمير خالد الفيصل يتوج حسن طواشي شاعرًا لشباب عكاظ

قبل فوزه بجائزة «شباب عكاظ»، كان حسن طواشي الشاعر الذي أولده السهل والبحر وعانقته جبال جازان لتمنحه من سمرتها لونًا، ومن صمتها سكونًا؛ شاعرًا يفتش عن منصة يعلن من خلالها موهبته وتميزه، فكانت «عكاظ» التي مرّ من خلالها فرسان الشعر العربي مكانًا لولادة شاعر.
ينحدر حسن طواشي من جازان، التي تقع في أقصى الجنوب الغربي من السعودية على ساحل البحر الأحمر، والتي كانت بوابة الاتصال بأفريقيا وممرًا لقوافل قريش نحو اليمن والحبشة، وجازان هي المنطقة التي أنجبت شعراء وكتاب فاز ثلاثة منهم بجوائز شباب عكاظ.
التقينا شاعر شباب عكاظ، حسن طواشي بعد تتويجه ببردة عكاظ من الأمير خالد الفيصل، وكان معه هذا الحوار.
> كيف تصف فوزك بجائزة شباب عكاظ؟
- أظن بأنني سأثقل كاهل الأزهار التي تحمل مفرداتي، فالحدث كبير والامتداد التاريخي لسوق عكاظ يجبرني أن أرسم بالصمت لوحةً قزحيةً ترفرف فوق سور الشمس.
شاعر شباب عكاظ.. هذا اللقب الذي توج ذاكرتي بأكاليل الياسمين وصعد بتجربتي من أعلى سلالم الخلود، لا أستطيع أن أعبر عنه سوى بجملةٍ راقصة تقول إن عمري لم يتجاوز الأسبوع وتاريخ ولادتي كان يوم تتويجي بالجائزة.
> أليس غريبًا أن تكون في أول قائمة الشعراء الشباب في السعودية وأنت لم تصدر ديوانًا شعريًا، ومشاركاتك المنبرية قليلة جدًا؟
- نعم غريب في ظل تهافت الشباب على الأضواء والشهرة، ولكني أعي جيدًا هيبة الضوء، فلم أستعجل سطوع خيوطه الليمونة على عشب حروفي، فأنا لا أريد أن أدق أعمدة منبري على منصة الأرض وإنما أريدهُ أن يعتلي شاطئ الشمس.
أما عن الإنتاج، فلدي ديوان مخطوط ما زلت أناقش طموحي رغم اقتناعي به. فأنا أسير على خطة ممنهجة وكانت أولى ثمارها بردة شباب عكاظ.
> أخبرني ما قصة جازان مع الشعر؟ أنت ثالث شاب من هناك يفوز بجائزة شباب عكاظ للشعر.
- يقولون إن خلف كل زهرة فل في جازان شاعر، نحن من أرض ينافس بعضها بعضًا في سبيل أن يبزغ من كل شتلة كادي قمر يسرح ضفائر السحاب فتنهمر الكلمات من ثغر المطر. فلذلك ترى أغصان جازان ترتدي بُردَ الربيع في كل الفصول.
> كيف أصبحت البيئة الجازانية ملهمة للشعراء وخصوصا الشباب..؟ من أي معين تستقون القوافي؟
- لو حاولنا رسم جغرافية جازان لشاهدنا التالي؛ من الغرب ساحل بحري مليء بالغابات المائية التي تُشطر بعضها لتتشكل أنهارًا صغيرة تغازل نوارس الضفة المقابلة من الشاطئ، ومن الشرق تحمل سلسلة جبالها السحب على أكتافها وبينهما تولد الوديان والطبيعة الفاتنة.. هنا في جازان بمقدور قطرات الماء المعدودة أن تنبت العشب والزرع لخصوبة تربتها. وفي جازان يتغير مناخ الجو كلما سرت شرقا أو غربا بمعدل 50 كيلومتر، فأكاد أجزم أن مزاج هذي الأرض مخلوق من الشاعرية، وأن تحولات الطين والطبيعة خلقت من ذاتنا أحجية الشعر والحياة.
> إذن ترى أن البيئة في جازان تساهم في إنضاج مواهب الشعراء؟
- حينما تحالفت الطبيعة والطين واتفقت على رسم ملامح الإنسان الجازاني، كانت زهيرات الوادي تشرح لأنفاس الربيع بعض فتنتها، وكانت النوارس تقبل أقدام الشاطئ المختزن زرقة السماء، وكانت السحب تنزل مكتشفيها إلى الجبال لكي تفسر تحولات قطراتها الصغيرة إلى أنجمٍ وردية. توقفتْ الريح ثم أنصتت إلى غناء السنابل وانطفأ القمر، ثم خرجنا باسمين وكلما رفعت الأرحام أذانها بمولودٍ جديد همست الطبيعة في أذنيه: كن شاعرًا كحلم الأصيل على صدر البحر، كن شاعرًا مغردًا في حقول أجدادك، ولكن لا تعتلي ذات الغصن فأنت أنت. وكأننا نتنفس الشعر من المهد إلى اللحد.
> نعرف من جازان شعراء أمثال: الشاعر الكبير ضيف الله عداوي، والشاعر معبر النهاري والشاعر إبراهيم حلوش، والشاعر علي هتان، والشاعر حسن الصلهبي، مَنْ مِنْ هؤلاء الشعراء يمثل لكَ ولجيلك نموذجًا شعريًا؟
- عندما نعد شعراء جازان الكبار فإن العتب سيحط بك لا محالة نحتاج كتابا أكبر من مساحة أرضها، هم اليد الأحلى والأزكى التي تحمل لنا على سطورها أغنيات التميّز.
صراحة لكل واحد منهم طريقته في الكتابة فالتجارب مختلفة ومعين الإبداع واحد
كلهم نموذج يقدّسه الشعر.
> هل هناك تواصل بين جيلكم وبين هؤلاء الشعراء؟
- نعم هناك تواصل كبير جدًا، فلنا كل أسبوع «خميسية» نتناقش فيها حول الشعر إلى أن تلد السماء قنديلها الذهبي. وأنا على وجه الخصوص لا أنشر أي قصيدة قبل أن أسمع آراءهم.
> هل لكم تواصل (بحكم الجغرافيا) مع التجربة الشعرية في اليمن؟
- هناك تواصل وإن كان ضعيفا.
> من هم الشعراء العرب والسعوديون الذين أثروا في تجربتك الشعرية..؟ إلى أي تجربة أنت أقرب؟
- منذُ البدء وأنا أحاول ألا أتأثر بتجربةٍ ما، فالتأثر الشعري في رأيي هو استنساخ التجربة الشعرية. ولكن هناك من استنشقت رئة ذائقتي نسائمهم اللطيفة مثل: غازي القصيبي، ومحمد الثبيتي، ومحمد إبراهيم يعقوب، ومحمد ولد الطالب، ونزار قباني، والبردوني، وخالد السعدي، والكثير غيرهم.
حقيقة أريد أن تكون لي مدرسة شعرية مستقلة ستتضح معالمها بعد توفيق الله في الخمس السنوات القادمة، هكذا تقول طموحاتي.
> شاعر شباب عكاظ حيدر العبد الله الذي توج أميرًا للشعراء، قال إنه يفتش عن الطاقة الكامنة في جوف المفردة الشعرية ليفجرها.. أنت عن ماذا تفتش..؟
- أفتش عن رحمٍ بمقدوره أن ينجب نجمتي خيال وتصوير على سطور البنفسج.
> شاعر آخر من شباب عكاظ، هو مواطنك إياد الحكمي، قال إن الشعر يعيش غربته، وإن الشاعر كائن معرض للانقراض.. ما رأيك أنت..؟
- أرى أن الأجيال القادمة تتصاعد على سلالم الثقافة والفكر وبهم سيستعيد الشعر رونقه. ولكن لا بد أن يوفر لهم المكاتب المشبعة بالعلوم والأدب، فمكتباتنا لا ترقى لأن تكون سوى قرطاسية من نوع فاخر.
> شاعر شباب عكاظ في دورته الثامنة علي الدندن قال إن الشعر «يمثل فضاء للكشف»، أنت ماذا يمثل لك الشعر؟
- هو المرآة التي تختبر الإنسان في ذاتي حتى تعشب على جناحٍ ملائكي غصن زيتون.
فالحياة والشعر والإنسانية هم زاد الحضارة وشراع السلام.
> كيف يعبر الشعر عن همومك وهموم جيلك من الشعراء؟
- أتوقع بأننا استطعنا أن نعالج بالشعر الجروح المفتوحة على صدر الإنسانية، همومي لا تتجاوز سوار الإبداع وجذوة الإنسانية، والهم الأجمل الذي يعانق مرآتي تكمن في كيفية رسم لوحةٍ لطفلٍ يشرع ذراعيه إلى البحر مبتسما، وبعض الكلمات التي تلحنها الأمهات في عيد نبضها الخامس والستين.



مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟
TT

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

صدر العدد الجديد من مجلة الفيصل وتضمن العديد من الموضوعات والمواد المهمة. وكرست المجلة ملف العدد لموضوع إقصاء المرأة من حقل الفلسفة، وعدم وجود فيلسوفات. شارك في الملف: كل من رسلان عامر: «غياب المرأة الفلسفي بين التاريخ والتأريخ». خديجة زتيلي: «هل بالإمكان الحديث عن مساهمة نسائية في الفلسفة العربية المعاصرة؟» فرانك درويش: «المرأة في محيط الفلسفة». أحمد برقاوي: «ما الذي حال بين المرأة والتفلسف؟» ريتا فرج: «الفيلسوفات وتطور الأبحاث الحديثة من اليونان القديمة إلى التاريخ المعاصر». يمنى طريف الخولي: «النساء حين يتفلسفن». نذير الماجد: «الفلسفة نتاج هيمنة ذكورية أم نشاط إنساني محايد؟» كلير مثاك كومهيل، راشيل وايزمان: «كيف أعادت أربع نساء الفلسفة إلى الحياة؟» (ترجمة: سماح ممدوح حسن).

أما الحوار فكان مع المفكر التونسي فتحي التريكي (حاوره: مرزوق العمري)، وفيه يؤكد على أن الدين لا يعوض الفلسفة، وأن الفلسفة لا تحل محل الدين، وأن المفكرين الدينيين الحقيقيين يرفضون التفلسف لتنشيط نظرياتهم وآرائهم. وكذلك تضمن العدد حواراً مع الروائي العربي إبراهيم عبد المجيد الذي يرى أن الحزن والفقد ليس مصدرهما التقدم في العمر فقط... ولكن أن تنظر حولك فترى وطناً لم يعد وطناً (حاوره: حسين عبد الرحيم).

ونطالع مقالات لكل من المفكر المغربي عبد العزيز بومسهولي «الفلسفة وإعادة التفكير في الممارسات الثقافية»، والكاتب والأكاديمي السعودي عبد الله البريدي «اللغة والقيم العابرة... مقاربة لفك الرموز»، وضمنه يقول إننا مطالبون بتطوير مناهج بحثية لتحليل تورط اللغة بتمرير أفكار معطوبة وقيم عدمية وهويات رديئة. ويذهب الناقد سعيد بنكراد في مقال «الصورة من المحاكاة إلى البناء الجمالي» إلى أن الصورة ليست محاكاة ولا تنقل بحياد أو صدق ما تمثله، لكنها على العكس من ذلك تتصرف في ممكنات موضوعاتها. وترجم ميلود عرنيبة مقال الفرنسي ميشال لوبغي «من أجل محبة الكتب إمبراطورية الغيوم».

ونقرأ مقالاً للأنثروبولوجي الفرنسي فرانك ميرمييه بعنوان «مسار أنثربولوجي فرنسي في اليمن». ومقال «لا تحرر الحرية» (أريانا ماركيتي، ترجمة إسماعيل نسيم). و«فوزية أبو خالد... لم يزل الماء الطين طرياً بين أصابع اللغة» (أحمد بوقري). «أعباء الذاكرة ومسؤولية الكتابة» (هيثم حسين). «العمى العالمي: غزة بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية» (يوسف القدرة). «الطيور على أشكالها تقع: سوسيولوجيا شبكة العلاقات الاجتماعية» (نادية سروجي). «هومي بابا: درس في الشغف» (لطفية الدليمي).

ويطالع القارئ في مختلف أبواب المجلة عدداً من الموضوعات المهمة. وهي كالتالي: قضايا: سقوط التماثيل... إزاحة للفضاء السيميائي وإعادة ترتيب للهياكل والأجساد والأصوات (نزار أغري). ثقافات: «هل يمكن أن تحب الفن وتكره الفنان؟» ميليسا فيبوس (ترجمة خولة سليمان). بورتريه: محمد خضر... المؤلف وسرديات الأسلوب المتأخر (علي حسن الفواز). عمارة: إعادة تشكيل الفضاءات العامة والخاصة في جدة بين التراث والحداثة (بدر الدين مصطفى). حكايتي مع الكتب: الكتب صحبة رائعة وجميلة الهمس (فيصل دراج). فضاءات: «11 رصيف برنلي»... الابنة غير الشرعية لفرنسوا ميتران تواجه أشباح الحياة السرية (ترجمة جمال الجلاصي). تحقيقات: الترفيه قوة ناعمة في بناء المستقبل وتنمية ثقافية مؤثرة في المجتمع السعودي (هدى الدغفق). جوائز: جوائز الترجمة العربية بين المنجز والمأمول (الزواوي بغورة). المسرح: الكاتبة ملحة عبد الله: لا أكتب من أجل جائزة أو أن يصفق لي الجمهور، إنما كي أسجل اسمي في تاريخ الفن (حوار: صبحي موسى).

وفي باب القراءات: نجوان درويش... تجربة فلسطينية جسورة تليق بالشعر الجديد (محمد عبيد الله). جماليات البيت وسردية الخواء... قراءة في روايات علاء الديب (عمر شهريار). «أغنية للعتمة» ماتروشكا الحكايات والأنساب تشطر التاريخ في صعودها نحو الأغنية (سمية عزام). تشكيل: مهدية آل طالب: دور الفن لا يتحقق سوى من خلال الفنان (هدى الدغفق). مسرح: المنظومة المسرحية الألمانية يؤرقها سوء الإدارة والتمييز (عبد السلام إبراهيم)

ونقرأ مراجعات لكتب: «وجه صغير يتكدس في كل ظهيرة» (عماد الدين موسى)، «مروة» (نشوة أحمد)، «خاتم سليمي» (نور السيد)، «غراميات استثنائية فادحة» (معتصم الشاعر)، «أبناء الطين» (حسام الأحمد)، «حساء بمذاق الورد» (جميلة عمايرة).

وفي العدد نطالع نصوص: «مارتن هيدغر يصحو من نومه» (سيف الرحبي)، «مختارات من الشعر الكوري» (محمد خطاب)، «سحر الأزرق» (مشاعل عبد الله)، «معرض وجوه» (طاهر آل سيف)، «سارقة الذكريات» (وجدي الأهدل)، «أوهام الشجر» (منصور الجهني).