رسمي أبو علي يتذكر مجلة «الرصيف» ومقهى «أم الريس» في بيروت

في جلسة جمعته مع الشاعر الفلسطيني أحمد دحبور

رسمي أبو علي يتذكر مجلة «الرصيف» ومقهى «أم الريس» في بيروت
TT

رسمي أبو علي يتذكر مجلة «الرصيف» ومقهى «أم الريس» في بيروت

رسمي أبو علي يتذكر مجلة «الرصيف» ومقهى «أم الريس» في بيروت

في أمسية جمعت الشاعر رسمي أبو علي وصديقه الشاعر أحمد دحبور، في مدينة رام الله، كان الحديث بين الاثنين حميميًا، اتقدت فيه المشاعر كما الذاكرة، حيث بدءا بسرد الحكايات بتلقائية.
بدأ رسمي أبو علي حديثه بالتأكيد على أن الحديث عن تجربة «الرصيف» حديث طويل، واصفًا التجربة بأنها حركة المهمشين، ومن هم مهشمون الآن، أو من سوف يهمشون في المستقبل، لافتًا إلى أن «الرصيف يتسع يومًا بعد يوم إلى حد ما»، مستذكرًا جملة هنري ميلر في كتابه عن رامبو «إن المصير الذي يقودون إليه الشعب، هو المصير الذي ينتظرهم جميعًا».. وقال: «لا مسافة بيني وبين الرصيف، فأنا الرصيف».
واستذكر أبو علي مقهى أم الريس في حي الفاكهاني ببيروت، وتديره سيدة فلسطينية في أواسط العمر، و«كان بمثابة ظاهرة حضارية وسط غابات السلاح، وكنت وعلي فودة من رواده الدائمين، حتى أن فودة كتب قصيدة تحدث فيها عن أننا كنا بمثابة نادل للزبونة الوحيدة في المقهى»، لافتًا إلى أنه ابتعد عن لغة اليسار الفلسطيني واللبناني السائدة في تلك الفترة، والتي شبهها بأنها «شبه ستالينية»، وهو ما عبرنا عنه مع الصديق الكاتب التونسي صافي زعيم، في 1979، من خلال «المانفيستو الجنائزي رقم صفر»، والذي كان بمثابة إعلان عن مجلة «النصوص المضادة»، وحمل شعار «العمل.. الفن.. اللعب»، في عودة للحلم الشيوعي، وماركس شاعرًا. وكان مضمونه يتضمن «هجومًا لاذعًا للمؤسسة الفلسطينية التي وصفناها بأنها فوق البيروقراطية»، ومهد للرصيف، الذي حمل ولا يزال شعار «قليل من المؤسسة.. قليل من الرصيف».
وأضاف: «يمكن النظر إلى تجربة الرصيف على أنها تعبير عن موقف المثقف الثوري العضوي من السياسي، والمسافة النقدية من أي سلطة، فنحن لم نكن في حالة تطبيع أو عداء أو تبعية مع الثورة وقياداتها، فحيثما أصابت الثورة نحن معها، ولكن هذا لا يمنع انتقادها إن وجدناها أخطأت، وهذا باعتقادي دور المثقف عمومًا، وليس الثوريين منهم فقط.. نحن رفضنا أن يكون للمثقف آباء، فكان الرصيف».
وأشار إلى أن الرصيف تضمن نبوءة مستقبلية، وخرجت عنه مجلة بذات العنوان دون رئيس تحرير، وتراتبية: «كنا خمسة: أنا وصديقي الشهيد أبو علي فودة والعراقيين أبو روزا، وآدهم حاتم، وغيرهم، وجمعنا البيان، ولم تجمعنا الآيديولوجيا.. البيان الافتتاحي حول الرصيف، وصفناه بأنه ديالكتيكي أممي، وهو فكر تفاعلي ماركسي نقيض الفكر الاستاتيكي الثنائي، وأننا مستقلون تمامًا، ولا نتبع لأية جهة، بل حتى إن المجلة التي أصدرناها، جمعناها بـ(الشحتة) من أصدقاء لنا، بل إنني تنبأت بانهيار الاتحاد السوفياتي، بقولي إننا مقبلون على نظام أحادي المركز، وفهم الشيوعيون حينها أننا نغيب الاتحاد السوفياتي، وبالتالي كنا لنا نهج بالرصيف على أساس هذا التنبؤ، وهو موثق، كما أشرنا بأننا فوضويون بمعنى كنا تيارًا وليس تنظيمًا، لقناعتنا بأن البناء الهرمي حتى لو كان ثوريًا، يمس بناء الثورة، ولعل هذه الهرمية هي من كانت وراء انهيار الكثير من الثورات، فالفوضوية هي النص المضاد النقيض لفكرة الزعيم.. وحصل ما حصل بالاتحاد السوفياتي».
وسرد أبو علي حكايته مع العراقي الكردي أبو روزا، وكان شاعرًا «ممتازًا»، وكيف اتفقا على أن يفسح له المجال لنشر إبداعاته الشعرية مقابل أن يقوم أبو علي بكتابة سلسلة قصص حول «أبو روزا»، وهو ما كان بالفعل، معترفًا بأن الرصيف جاء «لشعوري بأن المؤسسة غير قادرة على استيعابي أصلاً، وهو ما عبرت عنه في قصتي (بيت اسمه الريس)، وكان نصًا مضادًا لكل ما يكتب في أدب المقاومة حينها، حيث بدت فيه المؤسسة كظل باهت».
وأكد أبو علي، الذي قدم إلى فلسطين ضمن فعاليات الملتقى الثقافي التربوي السابع: الرصيف، وبعد خمس وثلاثين سنة من تأسيسه، لا يزال على حاله، «فلا قطيعة مع المؤسسة الرسمية الضرورية، ولكن هذا لا يعني أننا نتفق معها، فنحاول أن نتكامل معها، وهو تكامل النقائض، إن جاز التعبير»، قبل أن يقرأ قصيدة ذات نكهة روسية، وهي قصيدة رثاء للشاعر معين بسيسو، وقرأها بالروسية رئيس اتحاد الكتاب الروس الكاتب والمترجم أوليغ ميترافانوفيش بافيكين، وقصة قصيرة بعنوان «الأحلام السكايلابية السعيدة للمواطن الكردي غير السعيد أبو روزا».
بدوره، أشار الشاعر أحمد دحبور، إلى أن علاقته بصديقه رسمي أبو علي تمتد إلى منتصف قرن إلا قليلاً، «تأسست على الوعي والأسئلة والحيرة، وأيضًا العناد في الثبات على ما اخترناه، وأن يكون له رؤية وبصيرة».. وقال: «لعل رسمي أبو علي من المثقفين الفلسطينيين القلائل، الذين وصل جسر التقاطع بين ما يكتبون وما يعيشون حد المرآة، فمن يقرأ رسمي أبو علي كمن يطلع عليه في المرآة، فهو إنسان بلا حسابات، ويجترح المغامرة سعيدًا بالمصير الذي ينتظره».
وأضاف: «بيننا زهاء نصف قرن من العلاقة، والانسجام، والاختلاف، والاشتباك، وأحيانا العداوة بمعناها الإيجابي، والاشتياق، ولكن أعتقد أن قدر المبدع أن يختزل في نصه، ورغم أن رسمي بدأ النشر مؤخرًا، إلا أنه مع بدايات إبداعاته الأدبية طرح سيلاً من الأسئلة، فكان يعبر في كتاباته عما يراه ويعايشه إزاء فلسطين وقضيتها، والعالم، والوجود.. عندما اختار الإبداع بدأ بقصة قصيرة، ومع أنه تميز بها أيما تميز، إلا أن تلك الجمرة الدفينة، أي فكرة أن يبوح بما لا يباح، كانت كامنة لديه في الشعر، وتجلى ذلك في مجموعته «لا تشبه هذا النهر»، فهو رجل من سياق آخر، وليس من زمن آخر، ويملك رؤية وحساسية خاصتين تبرزان هول أن تكون فلسطينيًا».
وتذكر دحبور تلك الأمسية التي جمعته وأبو علي في منزل الأخير ببيروت، بينما كانت القذائف تتساقط على مقربة من المكان، حيث كان رسمي يكمل سرده التلقائي، وكأن ما يجري ليس إلا شريطًا سينمائيًا، واصفًا إياه بأنه «رجل عرف كيف يكون، فهو ينأى عن المفردات والمصلحات الضخمة.. إنه هو وكفى، وبالتالي قدم نفسه كما يريد للنفس الفلسطينية أن تكون، وكأنه يقول أنا ابن هذا الوطن، وابن هذه الحياة، ولن أنزاح عن الرصيف الذي أنا عليه، فكانت ظاهرة الرصيف التي كانت جزءًا من ذاكرة بيروت وثقافتها، رغم انتحالها من آخرين لاحقًا، فهو اختار الرصيف كطريقة للاحتجاج الصامت على كثير من أخطاء المقاومة في تلك الحقبة الزمنية.. فهو في كل ما كتب كان يريد أن يقول بأننا موجودون، ووجودنا ليس مصادفة كفلسطينيين».

رسمي أبو علي (يسار الصورة) مع الشاعر الفلسطيني أحمد دحبور



النوبلية هان كانغ تطرح أسئلة لا نريد التفكير فيها

 هان كانغ
هان كانغ
TT

النوبلية هان كانغ تطرح أسئلة لا نريد التفكير فيها

 هان كانغ
هان كانغ

في أغسطس (آب) الماضي، نشرت آن رايس دعوة للتمرد على تطبيق التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تحذّر فيها من أن الصوابية السياسية (مصطلح يُستخدَم لوصف اللغة أو السياسات أو الإجراءات التي تهدف إلى تجنب الإساءة أو الحرمان لأفراد مجموعات معينة في المجتمع) ستجلب نهاية العالم الأدبي: حظر الكتب، والقضاء على المؤلفين، فضلاً عن أنها ستدخلنا في عصر جديد من الرقابة، وأعلنت رايس: «يتعين علينا أن ندافع عن الخيال باعتباره مساحة يمكن فيها استكشاف السلوكيات والأفكار المخالفة للقواعد»، وأضافت: «أعتقد أنه يتعين علينا أن نكون على استعداد للدفاع عن كل الذين يتعرضون للازدراء».

غلاف الترجمة الإنجليزية للرواية

وباعتباري من محبي الأدب «المخالف للقواعد»، فإنني لم أستطع تحديد سبب شعوري بأن منشورها كان أكثر إزعاجاً من صرخات المعركة المعتادة التي يُطلقها المصابون بالجنون من الصوابية السياسية، لكنني وجدت أخيراً الإجابة بعد قراءة رواية الكاتبة هان كانغ - نوبل للآداب، 2024-: «النباتية»، وهي: ماذا لو كان هؤلاء الذين يتم ازدراؤهم قادرين على الدفاع عن أنفسهم؟

إن كل التحذيرات الموجودة على الأرض لا يمكنها أن تُعِدّ القارئ للصدمات التي سيتعرض لها عند قراءة هذه الرواية التي تُعَدّ أول عمل مُترجَم لهذه الكاتبة الكورية في العالم الناطق باللغة الإنجليزية.

ففي البداية، قد تنظر إلى العنوان وتقرأ الجملة الأولى في الرواية التي تقول فيها الكاتبة: «قبل أن تتحول زوجتي نباتية، كنت أعتقد أنها شخص عادي تماماً في كل شيء»؛ إذ يبدو أن الزوج يعتقد أن الخطر الأكبر يتمثل في التحول إلى النظام الغذائي النباتي، لكن لا توجد نهاية للأهوال التي تتردد داخل هذه الرواية التي تؤكد على فكرة الموت بشكل رائع.

عندما استيقظت يونغ - هي (بطلة الرواية) ذات صباح من أحلام مضطربة، وجدت نفسها قد تحولت نباتية مروعة؛ إذ إن رواية هان القصيرة، المكونة من ثلاثة أجزاء، تتنقل بين الإثارة المنزلية والتحول والتأمل في حب النباتات، كما أنها تُروى من وجهات نظر زوجها، الذي يعمل في مكتب (وهو ما يظهر في الجزء الأول)، وصهرها المهووس، وهو فنان (يظهر في الجزء الثاني)، وشقيقتها الكبرى المثقلة بالأعباء، والتي تدير متجراً لمستحضرات التجميل (تظهر في الجزء الثالث).

وتتحدد هوية هذه الشخصيات الثلاث إلى حد كبير من خلال ما يفعلونه لكسب العيش، وفي حين توقفت يونغ - هي عن القيام بأي شيء تقريباً، فإنها تقول في إحدى لحظاتها النادرة من الحوار المباشر: «كان لدي حلم»، وهو تفسيرها الوحيد لتحولها إلى نظام أكل الخضراوات الذي اكتشفته حديثاً.

في البداية، قوبلت يونغ - هي بازدراء عابر من قِبل العائلة والأصدقاء؛ إذ صرَح أحد أصدقائها على العشاء بشكل عدواني قائلاً: «أكره أن أشارك وجبة مع شخص يعتبر أكل اللحوم أمراً مثيراً للاشمئزاز، لمجرد أن هذا هو شعوره الشخصي... ألا توافقني الرأي؟».

وسرعان ما يخلق شكل يونغ - هي الجسدي الآثار السلبية للغاية التي يخشاها المقربون منها: فقدان الوزن، والأرق، وانخفاض الرغبة الجنسية، والتخلي في نهاية المطاف عن تفاصيل الحياة «المتحضرة» اليومية.

إن هذه الرواية مليئة بكل أنواع التغذية القسرية والاعتداءات الجنسية واضطرابات الأكل، لكن هذه الأمور لا يتم ذكرها بالاسم في عالم هان، غير أن الأمر يظهر في الأحداث، فالتجمع العائلي الذي تتعرَّض فيه يونغ - هي للهجوم من قِبل والدها بسبب أكل اللحوم يتحول دوامة من الأذى الذاتي، ولم تكن هذه هي المرة الأخيرة التي ينتهك فيها رجل (أو هي نفسها) جسدها، لكن انتهاك العقل هو قضية مختلفة.

وتحتاج رواية «النباتية» إلى كل هذا العنف؛ لأنه يرتبط في عالم الكاتبة بالاحتياجات الجسدية: أكل اللحوم، وممارسة الجنس، أو حتى رعاية الآخرين، لكن التدخل الخارجي، من جانب العائلة والأصدقاء والأطباء، يعمل على تعديل واقع هذه الرواية، إلا أن جهودهم في النهاية تبدو ضعيفة مثل إنقاذ آن رايس لـ«المُحتقَرين».

إذن، مَن هو الضحية هنا؟

في هذه الرواية، نشاهد مقاطع قصيرة مكتوبة بخط مائل تصف أفكار يونغ - هي، والتي تتضمن مونولوجات داخلية تشبه المذكرات اليومية؛ إذ يبدأ أحد المقاطع بالقول: «لا أستطيع أن أثق إلا في صدري الآن، أنا أحب صدري، فلا يمكن قتل أي شيء بواسطته، لكن اليد والقدم واللسان والنظرة، كلها أسلحة غير آمنة»، ثم تدخل في إدراك مفاجئ بأن شكلها القديم بات يتلاشى، وتتساءل: «لماذا أتغير هكذا؟ لماذا باتت أظافري حادة بهذا الشكل؟ ما الذي سأخدشه؟».

وفي بعض الأوقات، تحتاج لغة الدمار إلى تفاصيل حسية فقط مثل طائر يحتضر مختبئاً بداخل قبضة مشدودة، أو كيس نصف ممتلئ بالدم، أو زهور مرسومة على جسد عارٍ، أو رائحة لحم مشوي لا تُحتمَل.

وكانت رواية «النباتية»، التي نُشرت في كوريا الجنوبية عام 2007، وهي مستوحاة من قصة قصيرة للمؤلفة بعنوان «ثمرة امرأتي»، هي أول أعمال هان التي ستتحول فيلماً روائياً طويلاً (وقد صدر فيلم ثانٍ، مقتبس من قصة قصيرة أخرى، في عام 2011).

وتم الاحتفاء بالرواية باعتبارها «ذات رؤيا»، كما أنها نُشرَت في جميع أنحاء العالم، وكان حماس مترجمتها، ديبوراه سميث، هو الذي ساعد على تقديم «النباتية» إلى دور النشر في بريطانيا والولايات المتحدة. وقد تعلمت سميث اللغة الكورية منذ نحو ست سنوات فقط، وأتقنتها من خلال عملية ترجمة هذا الكتاب.

وتكمن الخطورة هنا في التركيز فقط على الجوانب الإثنوغرافية والاجتماعية، ففي بريطانيا، ظهرت رواية «النباتية» في قائمة أفضل الكتب مبيعاً في مؤسسة «ذا إيفيننج ستاندارد»، وقد حاول النقاد فهم مدى غرابة الرواية من خلال نسب ما فيها إلى الثقافة في كوريا الجنوبية.

وحاول النقاد البريطانيون التأكيد على أن اتباع النظام النباتي يعد أمراً مستحيلاً في كوريا الجنوبية، كما أنه من منظور النسوية الغربية المعاصرة يجب إدانة الرواية باعتبارها تجربة في «إذلال المرأة» أو «تعذيبها»، فهناك عالم كامل من الأدب خارج الدول الغربية لا يتناسب مع أسواقنا أو اتجاهاتنا.

ونجد أن تناول هان الرائع للاختيارات الشخصية والخضوع يتجلى في هذه الرواية، كما أن هناك شيئاً مميزاً آخر يتعلق بالأشكال الأدبية القصيرة، فهذه الرواية أقل من 200 صفحة.

وترتبط رواية «النباتية» بأعمال أدبية صغيرة متنوعة أخرى، مثل رواية «أقارب الدم» لسيردوين دوفي الصادرة عام 2007، ورواية «Bartleby, the Scrivener» لميلفي، فضلاً عن رواية الرعب الرائعة «البومة العمياء» للمؤلف الإيراني صادق هدايت الصادرة عام 1937 (كان هدايت نفسه نباتياً، وهناك مشاهد تظهر بانتظام في الرواية تتضمن المناظر التي يراها في كوابيسه، حيث يتم التعامل مع قتل الحيوانات باعتباره سبباً للجنون)، لكن في النهاية، كيف يمكن ألا نتذكر كافكا في وسط كل ذلك؟ فربما يكون كافكا النباتي الأكثر شهرة في تاريخ الأدب، ويبدو أنه تحدث ذات مرة إلى سمكة في حوض سمك قائلاً: «الآن أخيراً يمكنني أن أنظر إليك في سلام، لن آكلك بعد الآن».

ولكن قصة هان كانغ ليست قصة تحذيرية لآكلي اللحوم، وذلك بالنظر إلى أن رحلة يونغ - هي النباتية كانت بعيدة كل البُعد عن التوصل للسعادة؛ فالامتناع عن أكل الكائنات الحية لا يقود إلى التنوير، ومع انصراف يونغ - هي أكثر فأكثر عن الحياة، فإن مؤلفة الرواية تجعلنا نكافح للعثور على إجابة للسؤال عما إذا كان يتعين علينا أن نشجع بطلنا على البقاء أو الموت.

ومع هذا السؤال يأتي سؤال آخر، وهو السؤال النهائي الذي لا نريد أبداً التفكير فيه؛ إذ تسأل يونغ - هي في نهاية أحد أجزاء الرواية قائلة: «لماذا يعد الموت أمراً سيئاً إلى هذا الحد؟».

* خدمة «نيويورك تايمز». وبوروشيستا خاكبور هي مؤلفة أميركية - إيرانية ولها روايتان: «الأبناء والأشياء الأخرى القابلة للاشتعال» و«الوهم الأخير»