شاب من الأنبار يفقد أصابع يديه العشر بعد تعذيبه من قبل الجيش

عدي حاتم سليمان انتهى بمستشفى في أربيل بسبب اسمه

عدي حاتم سليمان يرقد في مستشفى بأربيل («الشرق الأوسط»)
عدي حاتم سليمان يرقد في مستشفى بأربيل («الشرق الأوسط»)
TT

شاب من الأنبار يفقد أصابع يديه العشر بعد تعذيبه من قبل الجيش

عدي حاتم سليمان يرقد في مستشفى بأربيل («الشرق الأوسط»)
عدي حاتم سليمان يرقد في مستشفى بأربيل («الشرق الأوسط»)

رغم عدم وجود أي صلة قرابة بينه وبين الشيخ علي حاتم سليمان، وهو من شيوخ عشائر الدليم في العراق، سوى تشابه الأسماء، فإن الشاب عدي حاتم سليمان من أهالي الأنبار تعرض للاعتقال من قبل قوات تابعة للجيش العراقي في عامرية الفلوجة أثناء توجهه لأداء الامتحانات في بغداد، الأمر لم يتوقف على اعتقاله فحسب، بل تجاوز ذلك إلى تعرض هذا الشاب لأقسى أنواع التعذيب من قبل الميليشيات الشيعية والجيش العراقي ما أدى إلى فقدانه لأصابع يديه إثر تعليقه منها لمدة سبعة أيام.
وروى عدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في مستشفى بأربيل، عاصمة إقليم كردستان التي نقله أهله إليها بعد إطلاق سراحه: «خرجت من ناحية عامرية الفلوجة التي أعيش فيها إلى مدينة بغداد لأداء الامتحانات النهائية كوني طالبا جامعيا، وفي الطريق إلى العاصمة بالتحديد عند الوصول إلى نقطة تفتيش (متين) وبعد أن أخذوا مني شهادة الجنسية للتدقيق عادوا واعتقلوني، ونقلوني إلى مقر الفوج الأول في الفرقة الثامنة في الجيش العراقي، ومن ثم تم تحويلي إلى الفرقة الثامنة، وبقيت مكتوف اليدين حتى منتصف الليل، وبعدها وضعوني في كرفان صغير لمدة ثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث أخرجوني من الكرفان، وكمموا فمي بالحجارة ووثقوا يدي من الخلف وعصبوا عيني ونزعوا ملابسي وعلقوني عاريا أمام الشمس بعد أن شدوا يدي».
وتابع عدي: «واصلوا تعذيبي بهذا الشكل لمدة سبعة أيام متتالية، حيث كانوا يواصلون ضربي دون توقف، ويوجهون لي اللكمات ويركلونني ويكوون جسدي بالحجارة الحارة، ومن ثم نقلوني إلى مشفى العامرية في بغداد بعد فقداني الوعي من شدة التعذيب، ورموني في إحدى ردهاته دون تقديم أي علاج ومكثت فيه ثمانية أيام، ولخطورة الحالة تم تحويلي إلى مشفى اليرموك حيث قال الأطباء فيه إنه يجب بتر يدي لإصابتي بمرض الغرغرينا، لكن اتصل خالي بالشيخ علي حاتم سليمان الذي قام بتحمل مصاريف نقلي من بغداد إلى أربيل ودفع تكاليف علاجي فيها»..
أجريت لعدي العملية الأولي التي تم فيها بتر اثنتين من أصابعه وينتظر إجراء ثلاث عمليات أخرى، خاصة إن أجزاء أخرى من جسده تعرضت إلى التعذيب، في حين يشير الأطباء في المستشفى الذي يرقد فيه بأربيل إلى أن حالته ما زالت خطرة وقد تبتر يداه مستقبلا إن لم يتم علاج مرض الغرغرينا الذي أصيب به بسبب تلوث جروحه أثناء التعذيب.
من جهته، قال أحد أقارب الشاب عدي، الذي يرافقه في المشفى وفضل عدم الكشف عن اسمه خوفا من اعتقاله: «هذه الجريمة ضد ابننا عدي تمت بدافع طائفي، ويجب على رئيس الوزراء متابعة الموضوع، وتحويل الجناة إلى القضاء لينالوا جزاءهم، فهذا الشاب المسكين فقد أصابعه العشر دون أي ذنب»، داعيا العالم العربي والمجتمع الدولي إلى وضع حد لهذه الممارسات الطائفية التي تستهدف السنة في العراق على يد الميليشيات، فهناك الآلاف مثل عدي يتعرضون لشتى أنواع التعذيب.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».