لاري كينغ.. ملك الليل في التلفزيون الأميركي: لا عودة

قابل ملوكًا ورؤساء.. لكنه يريد كلينتون آخر من يقابله.. ليؤبنه

لاري كينغ.. ملك الليل في التلفزيون الأميركي: لا عودة
TT

لاري كينغ.. ملك الليل في التلفزيون الأميركي: لا عودة

لاري كينغ.. ملك الليل في التلفزيون الأميركي: لا عودة

سجل لاري كينغ، ربما أشهر مقدم مقابلات تلفزيونية ليلية جادة ومستمرة في التلفزيون الأميركي، أرقامًا عالية في كثير من جوانب حياته:
قدم البرنامج التلفزيوني خمسًا وعشرين سنة. قبل ذلك، قدم برنامج مقابلات إذاعية ليلية لعشرين عامًا. وتزوج ثماني مرات. وكتب عشرة كتب.
رغم شهرة لاري كينغ، كان اسمه لورنس زايغار، من عائلة يهودية في نيويورك. عندما وصل عمره إلى أربع وعشرين سنة. غير اسمه بعد أن بدأ يقدم، قبل برنامج المقابلات الإذاعية، برنامجًا موسيقيًا في إذاعة «دبليو إيه إتش آر» في ميامي (ولاية فلوريدا).
كتب كينغ، في كتاب مذكراته، أنه غير اسمه حسب رغبة مدير الإذاعة الذي قال له إن اسم «زايغار» «صعب النطق، ويهودي، وربما لا يكسب كثيرًا من المستمعين».
وكتب كينغ أنه صار مولعًا بالإذاعة، والمذيعين، والأغاني الإذاعية، منذ أن كان صبيًا في حي بروكلين في نيويورك في ثلاثينات القرن الماضي. وأنه فضل ذلك على الدراسة الجامعية.
قبل أن يقدم البرنامج الموسيقي في إذاعة فلوريدا (كان عمره 22 عامًا)، عمل مساعدًا في استوديوهات الإذاعة، ينظف المكان، ويرتب الأسطوانات، ويحضر القهوة والساندويتشات إلى المذيعين والموسيقيين.
بعد عامين، استقال مقدم برنامج منوعات غنائية صباحية. وطلب مدير الإذاعة من كينغ تقديم البرنامج حتى يعثر على مذيع محترف. لكن، برهن كينغ أنه مذيع حقيقي، ونال إعجاب مدير الإذاعة، وأصبح مقدم البرنامج الرسمي.
قضى عامين يقدم قطعًا موسيقية من التاسعة صباحًا وحتى منتصف النهار (مقابل 200 دولار في الشهر). ومرة أخرى، عندما استقال مقدم برنامج المقابلات الليلية في الإذاعة، طلب المدير منه تقديم المقابلات حتى يعثر على مذيع محترف. ومرة أخرى، برهن كينغ على قدرته. واحترف تقديم المقابلات.
أجرى كينغ أول مقابلة على الهواء مع جرسونة في مطعم في ميامي. ثم أجرى مقابلات على الهواء من المطعم نفسه. مع جرسونات وطباخين. في وقت لاحق، صار يقابل الزبائن. صار يقف أمام باب المطعم، ويسأل كل واحد: «لماذا هذا المطعم دون غيره؟.. ماذا تريد أن تأكل؟.. من هي التي معك؟..»، ثم ينتظر حتى يخرج الزبون من المطعم ليسأله عما أكل، وعن انطباعاته.
في عام 1978، انتقل كينغ، من الإذاعة المحلية في ولاية فلوريدا إلى شبكة إذاعات «ميوتشوال» التي تغطي كل الولايات المتحدة. وبدأ يقدم مقابلات ليلية من منتصف الليل حتى السادسة صباحًا. قسم الفترة إلى ثلاثة أقسام: يسأل هو الضيف. ثم يسأل المستمعون الضيف، ثم يناقش المستمعون موضوع المقابلة، أو أي موضوع.
وقاده نجاحه في المقابلات الإذاعية إلى مقابلات في شبكة تلفزيون «سي إن إن». بدأ يقدم مقابلات متفرقة. ثم أسس برنامج «لاري كينغ على الهواء» الذي بدأ عام 1985، وتوقف عام 2010.
منذ أيام المقابلات الإذاعية، اشتهر كينغ بالأسئلة المباشرة الهادئة، أي أنه ليس من النوع الدبلوماسي الذي يغلف السؤال. لكنه، في نفس الوقت، ليس من النوع الصاخب الذي يجادل ضيفه بصوت عالٍ.
أولاً، أسئلة جادة، وقصيرة، وواضحة، وذكية، ومباشرة. ينظر إلى الضيف في عينيه، ويسأله.
ثانيًا، يصمت صمتًا تامًا بعد السؤال، ليسمع (ويسمع المشاهدون) الجواب. لا يجادل، ولا يحاور، ولا يناور. ويعطي الضيف فرصة ليقول ما يريد.
واشتهر كينغ بشيء آخر غير أساسي، وهو جلوسه في الاستوديو من دون جاكتة، وبقميص، وربطة عنق، وحمالة بنطلون. كان يفعل ذلك تلقائيًا في البداية، لكن مخرج البرنامج أقنعه بأن كثيرًا من المشاهدين (والمشاهدات) يتابعون ألوان القمصان وربطات العنق وحمالات البنطلون. وبدأ ينوع الألوان والأشكال. بعضها هادئ، وبعضها صارخ.
وأقسم ألا يرتدي جاكتة خلال البرنامج (لكنه فعل ذلك في آخر برنامج قدمه عندما أعلن أنه سيعتزل).
اشتهرت ملابسه إلى درجة أن مواقع في الإنترنت صارت تتابع، ليس فقط مناقشات برنامجه، ولكن، أيضًا، ألوان القمصان، وربطات العنق، التي يرتديها. وحاول معجبين ومعجبات الربط بين هذه الألوان (هادئة أو صارخة)، وبين موضوع المقابلة (هادئ أو ساخن)، وبين شخصية المقابل (هادئ أو صارخ).
واشتهر كينغ، أيضًا، بنظارتين سميكتين، وبنكات لاذعة، وبذكريات طفولته في حي بروكلين (نيويورك)، حيث ولد وتربى.

* أشهر من قابل
قابل كينغ، في برنامجه، ملوكًا ورؤساء، وصنعت بعض المقابلات التاريخ. مثل مقابلته مع روس بيرو، المليونير الذي ترشح لرئاسة الجمهورية في عام 1992 (لكنه لم يفز)، واشتهرت المقابلة لأن بيرو أعلن خلالها ترشيح نفسه. وقلده بعد ذلك مرشحون آخرون.
من الذين قابلهم: الرؤساء: فورد، وكارتر، وبوش الأب، وبوش الابن. ومرات كثيرة، صديقة كلينتون. والرئيس الروسي السابق غورباتشوف، ورئيسة وزراء بريطانيا السابقة ثاتشر، ومونيكا لوينسكي، عشيقة الرئيس السابق كلينتون، والمغنية مادونا، والمغني فرانك سناترا، ولاعب كرة السلة مايكل غوردن، والزعيم الأسود المسلم مالكولم إكس (في الإذاعة).
حافظ كينغ، خلال كل هذه المقابلات، على حياده. لم يجادل محافظًا لأنه ليبرالي، أو امرأة لأنه رجل، أو مسلمًا لأنه يهودي، أو أسود لأنه أبيض. ورغم أنه ليبرالي، لم يقل ذلك ولا مرة واحدة خلال مقابلاته، وكسب بذلك (بالإضافة إلى أسلوبه الهادئ) كل أنواع الناس.

* ثماني زوجات
لم ينجح كينغ في كل جانب من جوانب حياته. واجه، عندما كان شابًا في فلوريدا، اتهامات بالرشوة والتزوير. وسجن لفترة قصيرة.
ولم ينجح في العيش مع زوجاته لفترات طويلة. تزوج ثماني مرات من ست نساء (تزوج واحدة، ثم طلقها، ثم تزوجها، بعد واحدة أخرى):
- «فرادا»، صديقته البريئة في المدرسة الثانوية (أربعة أعوام).
- «ألين»، أجملهن، وكانت «فتاة الغلاف» في مجلة «بلاي بوي» التي تخصصت في نشر صور الجميلات العاريات (عامين).
- «مايكي»، موظفة الإذاعة الهادئة (أربعة أعوام).
- «فتاة الغلاف» مرة أخرى (أربعة أعوام).
- «شارون» الأرستقراطية (ثمانية أعوام).
- «مايكي»، مرة أخرى (أقل من عام).
- «جولي» المناكفة التي فضلت أن تعيش في مدينة غير مدينته (عامين).
- «شون» مغنية ومقدمة برامج فنية (عشرة أعوام، حتى الآن. تفتخر بأنها أطول زوجاته عمرًا معه). جانب آخر غير مستقر في حياته: علاقاته مع أولاده وبناته. تخاصم مع بنته «كيلي» التي تبنت والدًا آخر. ورفع قضية ضده ولد من زوجة (من رجل آخر). ولم يسلم من الإشاعات عن علاقات غرامية. وضرب زوجاته، وشتمهن. وعن استكباره وتعاليه.
لكنه، رغم مشكلاته، كتب عشرة كتب (اثنين عن مرض القلب الذي أصيب به. وواحد مع بنته «كايا» عن ذكريات طفولته. واثنين عن زوجاته). ورغم ذلك، كان يكتب عمودًا في جريدة «يو إس توداي». ورغم ذلك، أدار جمعية خيرية باسمه تبرعت بملايين الدولارات للطلاب الفقراء. في الأسبوع الماضي، كتب عنه، وعن كتبه، وعن نسائه، مارك لايبوفتش، مسؤول الإعلام في صحيفة «نيويورك تايمز». قال إنه قابله في مطعم «بالم» المشهور بتقديم «أحسن لحم بيف ستيك في واشنطن».
قال إن عمره صار 81 عامًا. وظهر الكبر على وجهه، وعلى قامته، وفي مشيته. لكن، يبدو أن لسانه (قدرته على الكلام) لم تتغير.
وكتب لايبوفتش: «ظل لسان كينغ فصيحًا، كما كان. لكنه فصيح في الحديث عن الموت. صار واضحًا أن الرجل يخاف من الموت». وتحت عنوان: «آخر ضيف»، كتب الصحافي: «يريد كينغ من الرئيس كلينتون أن يكون آخر ضيف. يؤبنه. لكن، يتحسر.. كينغ: ساكن هناك، ولن أكون هناك».



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».