انتهاء «شهر العسل» بين متظاهري العراق والعبادي

علاوي يدعو رئيس الوزراء إلى مناظرة تلفزيونية

عراقيون يرددون هتافات ضد الحكومة خلال مظاهرة في كربلاء أول من أمس (رويترز)
عراقيون يرددون هتافات ضد الحكومة خلال مظاهرة في كربلاء أول من أمس (رويترز)
TT

انتهاء «شهر العسل» بين متظاهري العراق والعبادي

عراقيون يرددون هتافات ضد الحكومة خلال مظاهرة في كربلاء أول من أمس (رويترز)
عراقيون يرددون هتافات ضد الحكومة خلال مظاهرة في كربلاء أول من أمس (رويترز)

عبر شعار لافت رفعته إحدى الفتيات في مظاهرة ساحة التحرير وسط بغداد، أول من أمس، أنهت تظاهرات العراق شهر العسل مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بعد أن سحبت منه التفويض الممنوح له منذ أكثر من شهر وطالبته بوضع توقيتات زمنية لإجراء الإصلاحات.
إحدى المتظاهرات رفعت لافتة كتب عليها «يا بو يسر (يسر ابنة العبادي) دوس، دوس.. حتى نحصلك عروس»، وهو ما يعني أن المتظاهرين الذين رفعوا صورًا مختلفة للعبادي في أكثر من محافظة، واحدة منها تظهره وهو يغط في نوم عميق مع عبارة «صح النوم»، قد بدأوا يتراجعون عن دعمهم المطلق لرئيس الوزراء خلال الأسابيع الستة الماضية.
من جهته، فقد شن نائب الرئيس العراقي المقال ورئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، هجومًا عنيفًا هو الأول من نوعه على العبادي داعيًا إياه إلى مناظرة تلفزيونية. وقال علاوي في بيان صدر عن مكتبه، أمس، شكر في مستهله المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل التي رفع المتظاهرون العراقيون صورها: «لقد استغربت من اتهام العبادي لي بأنني رفعت مستوى الرواتب التقاعدية» مبينًا أن «حكومة الاحتلال برئاسة (الحاكم المدني الأميركي بول) بريمر، والعبادي كان وزيرًا للاتصالات فيها، لم تضع أي مؤشر أو سلم للرواتب في العراق، وأود أن تتم مراجعة كتاب المفتش الأميركي العام في العراق عن حجم الفساد في عهد الاحتلال». وأشار علاوي إلى أن «بريمر وزع الميزانية في يناير (كانون الثاني) من عام 2004 على وزرائه، وعند استلامي الحكومة أواخر يونيو (حزيران) كان في الميزانية بحدود 150 مليون دولار فقط، عدا الأموال التي سلمت قبل شغلي رئاسة الحكومة بستة أشهر لوزراء بريمر». وتابع علاوي: «الحري برئيس اللجنة المالية لمدة أربعة أعوام قبل أن يكون رئيسًا للوزراء، حيدر العبادي، أن يقترح تقليص أو إلغاء الرواتب وهو ما يعني أنه لا يكترث للدستور»، منوهًا بأن «هذا ثاني هجوم يشنه حيدر العبادي ضدي، الأول عندما قال إن نواب الرئيس ونواب رئيس الوزراء هم بوابة الفساد، والثاني ما قاله من كلام محزن حول الرواتب والرواتب التقاعدية، وأنا على استعداد لمناظرته على التلفاز وبالمباشر».
في سياق ذلك، عبر عدد من منسقي التظاهرات عن خيبة أملهم مما أسموه أداء ضعيفًا لرئيس الوزراء بالقياس إلى حجم التفويض الممنوح له من قبل الشعب والمرجعية الدينية. وقال الدكتور كاظم المقدادي لـ«الشرق الأوسط»، إن «التصريحات الأخيرة للعبادي تمثل خيبة أمل حقيقية لنا لأنها باتت منسجمة مع من كان يتوجب عليه محاربتهم وضربهم بيد من حديد مثلما طالبته المرجعية»، مشيرًا إلى أن «تكرار العبادي القول إن الإصلاحات يجب أن تتطابق مع الدستور والقوانين إنما هي محاولة منه لنيل قبول من أصدر في أول الأمر قرارات بإقالتهم من مناصبهم مع الدعوة إلى إحالة المتهمين منهم بالفساد إلى القضاء وهو ما لم يفعله حتى اليوم».
وأوضح المقدادي أن «القوى المتنفذة تمكنت للأسف من امتصاص صاعقة التظاهرات عندما لم يكن العبادي بمستواها حيث لو أنه كان اتخذ قرارات جريئة لما تمكن هؤلاء من الالتفاف بطرق وأساليب مختلفة على التظاهرات».
على صعيد متصل، أفاد مصدر مطلع «الشرق الأوسط» بأنه «في الوقت الذي لا يزال فيه نوري المالكي (رئيس الوزراء السابق) يسكن في نفس القصر الحكومي ولم يغادره بوصفه نائبًا لرئيس الجمهورية حتى اللحظة من الناحية القانونية، إلا أنه رفض تسلم راتبه الأخير وهو ما يوحي بالتناقض بين إعلان البقاء في المنصب وبين رفض الراتب الذي يتقاضاه بوصفه نائبًا لرئيس الجمهورية». وأضاف المصدر الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أن «هناك مراهنة على انشقاقات في صفوف المتظاهرين كما أن هناك تحركًا على جهات داخل المتظاهرين عن طريق عرض أموال لهم والأسلوب الآخر الذي بات يجري اتباعه هو التهديد». بدوره، أكد الناشط المدني نبيل جاسم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة تكمن في أن العبادي لم يكن بمستوى التظاهرات والتخويل الذي منحه له المتظاهرون والمرجعيات الدينية، ونحن لم نكن نتوقع من الفاسدين أن يستسلموا، لكنهم وجدوا موقفًا متراخيًا من رئيس الوزراء الذي لم يقم بأي شيء فاعل حتى الآن سوى محاولات تقشفية لمواجهة الأزمة المالية التي تمر بها البلاد».
وكانت تظاهرات الجمعة في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية رفعت صور المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل على خلفية موقفها من استقبال اللاجئين العراقيين والسوريين في بلادها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.