حركة سودانية معارضة تدعو الجيش بالحياد في الصراع السياسي

رئيس {الإصلاح الآن} يتحدى اعتقال منسوبيها ويتعهد بمواصلة العمل السياسي

حركة سودانية معارضة تدعو الجيش بالحياد في الصراع السياسي
TT

حركة سودانية معارضة تدعو الجيش بالحياد في الصراع السياسي

حركة سودانية معارضة تدعو الجيش بالحياد في الصراع السياسي

نددت حركة سياسية سودانية معارضة بالاعتقالات التي طالبت منسوبيها ومنسوبي أحزاب معارضة أخرى، بعد تنظيمهم لقاءات سياسية في الميادين العامة داخل العاصمة الخرطوم، وهددت بعدم الرضوخ لما سمته بـ«الإجراءات التعسفية» التي تمارسها السلطات ضدها وضد المعارضين، وتعهدت بمواصلة تواصلها مع الجماهير بكل السبل السلمية، داعية القوات النظامية والأجهزة العدلية للوقوف على مسافة واحدة من كل الأحزاب السياسية السودانية، ولحراسة الدستور، في إشارة لانحيازها إلى النظام الحاكم.
وقال غازي صلاح الدين العتباني، رئيس حركة الإصلاح الآن الإسلامية، المنشق عن الحزب الحاكم، في مؤتمر صحافي عقد بالخرطوم أمس إن حركته تتعرض لتعسف وعنف شديدين، رغم موقفها المعلن بانتهاج العمل السياسي السلمي، وندد باعتقال أربعة من قادة حركته أقاموا لقاء سياسية في أحد الميادين العامة، ورفضت السلطات إطلاق سراحهم.
وفي تحدٍّ لقرارات الاعتقال والتضييق على حريات العمل السياسي، قالت الحركة إن الإجراءات الاستثنائية لن تخيفها أو تثنيها عن الاستمرار في العمل السياسي السلمي، مهما كانت النتائج، وصولاً إلى تغيير قواعد اللعبة السياسية في البلاد، وإحداث انتقال ناعم للسلطة لا يُعزل فيه أحد.
وينفي الرئيس البشير وجود معتقلين سياسيين في السجون، في الوقت الذي يتعرض فيه أعضاء من حزب المؤتمر السوداني وحزب البعث المعارض لنوع جديد من الاحتجاز السياسي، يتمثل في إجبارهم على المثول أمام قوات الأمن منذ وقت مبكر في الصباح، والبقاء هناك حتى قبيل منتصف الليل، مع احتجاز سياراتهم وهواتفهم، مع استمرار هذا الوضع لأكثر من شهر، بالإضافة إلى وجود محتجزين منذ أيام من مختلف الأحزاب.
ويعد العتباني أحد القادة التاريخيين للإسلاميين السودانيين، بيد أنه فُصل من الحزب الحاكم لمطالبته بإجراء إصلاحات في الحكم والاقتصاد، وإدانته مقتل مدنيين في احتجاجات سبتمبر (أيلول) 2013، تقول تقارير صحافية إن أكثر من 200 مدني قتلوا خلالها برصاص الشرطة والأمن.
وفور فصله مع عدد من قادة الإسلاميين، أنشأ العتباني حركة الإصلاح الآن المعارضة، وعلى الرغم من إعلانها تبني المعارضة السلمية لمواجهة نظام الإسلاميين الذي ينتمي إليه معظم قادتها، ومشاركتها في جلسات الحوار الوطني الذي دعا له الرئيس البشير في يناير (كانون الثاني) 2014، فإن الحركة واجهت تضييقًا وتعسفًا في التعامل معها، وفقًا للعتباني.
وطالب العتباني في حديثه للصحافيين بإتاحة مجال للحريات السياسية والحريات العامة، ودعا القوات النظامية للتعامل بحياد ومهنية والعمل على حراسة الدستور، ورفض التحول إلى ذراع لأي حزب سياسي، في إشارة إلى تحيز القوات التي تشمل الجيش والأمن والشرطة للحزب الحاكم وتنفيذ مخططاته في قمع الحريات.
وقال العتباني إن حركته تميزت بجنوحها للسلم والحوار، مهما كانت خشونته، وظلت تترصد المبادرات لتنمية جذور الثقة بين الأطراف السودانية المتنازعة، موضحا أن حركته عانت خلال الفترة الماضية تعسفًا وتعنتًا، تجلى في عدم السماح لها بممارسة نشاطها السياسي وفقًا للدستور الانتقالي وقانون الأحزاب السياسية، رغم التصريحات التي تصدر عن رأس النظام بإتاحة الحريات السياسية من أجل الحوار الوطني.
وأوضح العتباني أن اللقاءات الجماهيرية التي اعتقل بسببها أعضاء حركته تهدف إلى لفت أنظار المواطنين إلى وجود قطع لجذور التواصل والجدل السياسي، مؤكدا أنها ستؤدي إلى ركود سياسي وعجز تضيق بسببهما فرصة السودان في الوصول إلى معالجة لأزماته التي يعيشها.
وفي سياق ذي صلة، سخر العتباني من تصريحات الرئيس عمر البشير أمام الجالية السودانية في الصين، التي رفض فيها الحوار مع المعارضين خارج السودان، وتهديده بتمزيق أي قرارات دولية قد تطال نظامه، وقال إن حركته ترفض العقوبات الدولية لأنها تؤثر على المواطنين دون الحاكمين، وقال العتباني بهذا الخصوص: «العقوبات الدولية تأتي نتيجة لضعف سياسي داخلي، ودعوتنا لتوحيد الجبهة الداخلية تستهدف وقفها.. والحديث المستفز والمتحدي للمجتمع الدولي يتضرر منه الشعب أكثر من الحاكم، لذا لا تنبغي مبارزة النظام الدولي الذي يفرض العقوبات، لأنه ليس من الحصافة والحكمة في شيء».
كما ندد العتباني بما سماه «التدليس» بشأن الدعوة لعقد ملتقى تحضيري للحوار الوطني.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.