النزوح السوري يعكس الفشل السياسي الغربي

كبير مسؤولي ملف الأمم المتحدة للإغاثة: النظام الدولي للمساعدات الإنسانية وصل إلى «نقطة الانهيار»

شرطية تتابع وقفة احتجاجية لعدد من المهاجرين السوريين والأجانب داخل محطة القطار في مدينة بيكسي بهنغاريا أمس (رويترز)
شرطية تتابع وقفة احتجاجية لعدد من المهاجرين السوريين والأجانب داخل محطة القطار في مدينة بيكسي بهنغاريا أمس (رويترز)
TT

النزوح السوري يعكس الفشل السياسي الغربي

شرطية تتابع وقفة احتجاجية لعدد من المهاجرين السوريين والأجانب داخل محطة القطار في مدينة بيكسي بهنغاريا أمس (رويترز)
شرطية تتابع وقفة احتجاجية لعدد من المهاجرين السوريين والأجانب داخل محطة القطار في مدينة بيكسي بهنغاريا أمس (رويترز)

دفعت صور اليأس القاتمة على أعتاب أوروبا بسوريا مجددا لكي تكون محل اهتمام العالم، حيث يتكدس اللاجئون في محطات القطارات ويتسلقون السياجات الحدودية، مع الأطفال السوريين الصغار الذين تدفع بهم الأمواج إلى الشواطئ.
ولم يكن خفيا أن تصاعد موجات اللاجئين السوريين سوف يضرب أعتاب الشرق الأوسط، ويجتاح العواصم الأوروبية. ومع ذلك لم تفعل العواصم الغربية الكثير لإيقاف أو التخفيف من وطأة الكارثة وئيدة الحركة، التي أصابت المدنيين السوريين، وتدفع بهم دفعا إلى الفرار والهرب.
تقول لينا خاطب الباحثة لدى جامعة لندن، وكانت حتى وقت قريب مديرة مركز كارنيغي الشرق الأوسط: «إن أزمة المهاجرين في أوروبا هي أزمة ذاتية بالأساس؛ فإذا ما تحركت الدول الأوروبية لإيجاد حلول جادة للصراعات السياسية مثل الصراع السوري، وتكريس ما يكفي من الوقت والموارد للمساعدات الإنسانية في الخارج، ما كانت أوروبا لتشهد ذلك الوضع الحالي».
إن أسباب الأزمة الحالية جلية للغاية، حيث طغت موجات اللاجئين على الدول المجاورة مثل لبنان والأردن حتى مستوى إغلاق الحدود في وجه الكثيرين منهم، بينما انخفض التمويل الدولي للمساعدات الإنسانية أكثر فأكثر عما هو مطلوب. ثم، تأتي خسائر الحكومة السورية العسكرية والتحولات في ميادين القتال، التي أرسلت بموجات جديدة من اللاجئين الفارين بحياتهم من البلاد. وبعض من أولئك الناس ظنوا في بادئ الأمر أنهم سوف يتمسكون بالمكوث في بلادهم، وأن أوضاعهم تختلف عن اللاجئين الأوائل عند اندلاع الأزمة، الذين كانوا من الفقراء أو الضعفاء، أو من المطلوبين لدى الحكومة السورية، أو القاطنين في مناطق تضررت بشكل كبير في بادئ الأمر. ولكن موجات المغادرين الآن تضم المزيد من أبناء الطبقة المتوسطة أو الأثرياء من السوريين، والكثيرون منهم يؤيدون حكومة بلادهم، والكثيرون منهم كذلك من سكان المناطق التي كانت تعتبر آمنة في أول الأمر.
وأحد أولئك اللاجئين، ويدعى رواد (25 عاما)، وهو خريج إحدى الجامعات الحكومية، غادر إلى ألمانيا برفقة شقيقه الأصغر إياد (13 عاما)، الذي (نظرا لأنه قاصر) قد يساعد عائلته بأكملها في الحصول على حق اللجوء السياسي.
قطعوا المسافة مشيًا حتى اليونان توفيرًا للمال، كما قال رواد عبر رسالة نصية هاتفية، وكانوا يقضون لياليهم نومًا في الغابات ومحطات القطارات إلى جانب عائلات أخرى من شمال سوريا من الذين كانوا يعارضون الرئيس السوري بشار الأسد.
انضمت أعداد متزايدة من اللاجئين إلى الشابين رواد وإياد اللذين عثرا على مأوى مؤقت في البلدان المجاورة لسوريا. أما لبنان، فهناك واحد من أصل ثلاثة أشخاص هو لاجئو سوري، كما شدد الأردن للغاية من إجراءاته الصارمة حيال سياسات الدخول والإقامة على أراضيه للاجئين السوريين، حتى في تركيا، وهي الدولة الكبيرة ذات الاستعداد والقدرة على استيعاب المزيد من اللاجئين، فإن التوترات السياسية المحلية الناشئة تضفي بظلال من عدم اليقين على مصير اللاجئين هناك.
ومع ارتفاع أعداد النازحين السوريين إلى 11 مليون مواطن اليوم من بضعة مئات في عام 2011، فإن جهود التوصل إلى حل سياسي لا تلقى مزيد اهتمام. فالجدل على أشده بين الولايات المتحدة والاتحاد الروسي، داخل أروقة مجلس الأمن الدولي في الوقت الذي تواصل فيه الطائرات الحربية الحكومية السورية إلقاء البراميل المتفجرة التي لا تفرق بين مؤيد ومعارض.
ظل يعقوب الحلو، كبير مسؤولي ملف الأمم المتحدة الإنساني في سوريا، ولسنوات يحذر أنه مع الأزمة السورية، «أسوأ أزمات الوقت الحالي»، وصل النظام الدولي للمساعدات الإنسانية إلى «نقطة الانهيار»، وعلى الأخص مع تراكم مختلف الصراعات الأخرى في جميع أنحاء العالم، من أفغانستان، إلى العراق، ثم الصومال، وغيرها كثير.
قال السيد الحلو في بيروت في مارس (آذار): «ذلك هو ثمن الفشل السياسي»، معلنا أن انهيار نظام المساعدات الإنسانية ناجم عن المأزق الاستراتيجي المتجمد إزاء سوريا، وتابع القول بأن ساعة الطيران الحربي الواحدة تكلف الولايات المتحدة الأميركية 68 ألف دولار لإرسال طائراتها المقاتلة لقصف تنظيم داعش الإرهابي، بينما تلقت منظمة الأمم المتحدة أقل من نصف الأموال التي تحتاج إليها لرعاية نصف سكان سوريا قبل الحرب.
بالنسبة للدول المجاورة وحدها، لم تتلقَّ الأمم المتحدة إلا مبلغ 1.67 مليار دولار من أصل 4.5 مليار دولار المطلوبة لجهود الإغاثة في عام 2015. وبالنسبة لأولئك النازحين داخل سوريا، تم تسلم مبلغ 908 ملايين دولار فقط من أصل 2.89 مليار دولار مطلوبة.
* خدمة «نيويورك تايمز»



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.