وزير الإعلام في جنوب السودان: اتفاقية السلام ولدت ميتة

جوبا تؤكد أنها ستستقبل زعيم التمرد كنائب أول للرئيس في الحكومة الانتقالية

وزير الإعلام في جنوب السودان: اتفاقية السلام ولدت ميتة
TT

وزير الإعلام في جنوب السودان: اتفاقية السلام ولدت ميتة

وزير الإعلام في جنوب السودان: اتفاقية السلام ولدت ميتة

أكدت دولة جنوب السودان أنها مستعدة لاستقبال زعيم المعارضة المسلحة رياك مشار، الذي سيتم تعيينه في منصب النائب الأول للرئيس في الحكومة الانتقالية، التي يتوقع أن تبدأ عملها بعد 90 يومًا، ولكنها اعتبرت اتفاق السلام الذي تم توقيعه بين الحكومة والمتمردين بأنه «ولد مشوها إن لم يكن ميتا»، فيما أكد الجيش الحكومي التزامه بتنفيذ وقف إطلاق النار، وقال: إن أربعة من كبار الضباط سيشاركون ابتداء من يوم الجمعة وحتى الاثنين المقبل في حلقة دراسية في العاصمة الإثيوبية مع المتمردين، في وقت تجدد فيه القتال في مواقع أخرى خاصة، في ولايتي جونقلي في شرق البلاد وأعالي النيل في شمالها.
وقال مايكل مكواي، وزير الإعلام في جنوب السودان المتحدث الرسمي باسم الحكومة، لـ«الشرق الأوسط» إن المعارضة المسلحة بقيادة رياك مشار ما زالت تواصل عملياتها العسكرية ضد المدنيين في ولايتي جونقلي وأعالي النيل الغنيتين بحقول النفط، وأضاف مؤكدا أن مشار أوضح في تصريحات صحافية بأنه «غير معني باتفاق السلام قبل أن تسيطر قواته على بلدتي الناصر في ولاية جونقلي، ومكال في أعالي النيل، وهو الآن يعمل على ذلك من خلال الهجوم على قواتنا رغم إعلان وقف إطلاق النار»، مشددًا على أن حكومته ملتزمة بوقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس سلفا كير ميارديت الأسبوع الماضي، واعتبر التهديدات التي تصدر من عواصم دول كبرى، بما فيها الولايات المتحدة توجه نحو الحكومة وحدها، داعيًا «الإيقاد» والدول الكبرى إلى إجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة الطرف الذي يقوم بخرق إطلاق النار، وحمل المسؤولية لدول «الإيقاد» ومجلس الأمن الدولي مسؤولية أي انهيار يحدث لاتفاق السلام وعودة الحرب.
وأضاف مكواي أن حكومته على استعداد لاستقبال زعيم التمرد رياك مشار في موقعه الجديد كنائب أول لرئيس جنوب السودان في الحكومة الانتقالية، موضحا أن الترتيبات والتجهيزات الخاصة ببدء الفترة ما قبل الانتقالية الممتدة على 90 يومًا لم تبدأ بعد، وتابع موضحا أن مشار «يفترض أن يصل إلى جوبا مع بداية الفترة الانتقالية بعد التجهيزات اللازمة، وستكون هناك اتصالات لتشكيل حكومة الفترة الانتقالية، والتي ينبغي أن تبدأ بعد انتهاء الفترة ما قبل الانتقالية، وتنفيذ الترتيبات الأمنية بتجميع القوات وتدريبها وإعادة انتشارها.. وقد سبق أن استقبلنا من قبل مجموعة من المعتقلين السابقين بقيادة باقان أموم في جوبا، ويمكن أن نستقبل مشار بذات الكيفية.. وسنتعامل معه لأنه شريكنا في تنفيذ اتفاقية السلام».
من جانبه، دعا المتحدث الرسمي باسم جيش جنوب السودان فيليب أقوير وسطاء «الإيقاد» إجراء تحقيقات حول الخروقات التي حدثت عقب توقيع اتفاق السلام وإعلان وقف إطلاق النار من قبل جوبا، واتهم قوات التمرد بشن هجوم على بواخر نيلية تابعة للقوات الحكومية في مناطق وانكاي ونيو في ولاية جونقلي، وتونجة في أعالي النيل، مشيرًا إلى أن انقسام مجموعة من المعارضة المسلحة يؤكد أن مشار لا يملك القدرة للسيطرة على قواته.
من جهته، قال المتحدث باسم المعارضة المسلحة وليم قادياك دينق في بيان صحافي بأن معارك عنيفة دارت بين قواته والجيش الحكومي في مناطق وانكاي نيو في ولاية جونقلي بشرق البلاد، وفنجة في شمالها بأعالي النيل، مشيرًا إلى أن القوات الحكومية شنت الهجوم من ثلاث بواخر، وأن جوبا لا تلتزم بوقف إطلاق النار.



«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
TT

«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)

اعتقلت وحدة من مقاتلي «فاغنر» الروسية الخاصة 6 مدنيين موريتانيين على الأقل في إحدى القرى الواقعة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي، وفق ما أكدت مصادر محلية وإعلامية موريتانية، الثلاثاء.

وقالت المصادر إن مجموعة من مقاتلي «فاغنر» دخلوا قرية لقظف، الواقعة على بُعد 40 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة باسكنو، أقصى جنوب شرقي موريتانيا، غير بعيد عن الحدود مع دولة مالي. مؤكدةً أن جميع سكان قرية لقظف يحملون الجنسية الموريتانية، رغم أن القرية تقع داخل شريط حدودي «غير مرسَّم»، وبالتالي تتداخل فيه صلاحيات البلدين: مالي وموريتانيا.

موريتانيان معتقلان من طرف مجموعة «فاغنر» (إعلام محلي)

وبسبب غياب ترسيم الحدود، نفَّذ الجيش المالي المدعوم من قوات «فاغنر»، خلال العامين الأخيرين، عمليات عسكرية كثيرة داخل الشريط الحدودي، ضمن ما تطلق عليه مالي «مطاردة العناصر الإرهابية»، لكنَّ هذه العمليات راح ضحيتها عشرات المدنيين الموريتانيين.

اقتحام واختطاف

وصفت المصادر المحلية ما حدث أمس في القرية بأنه «عملية اختطاف» تعرَّض لها ستة مواطنين موريتانيين، فيما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صور وأسماء «المختطفين»، وكان بعضهم يحمل بطاقة تعريفه الموريتانية.

وحسب المصادر نفسها، فإن قوات «فاغنر» اقتحمت القرية خلال تنظيم سوق محلية أسبوعية، وأطلقوا وابلاً من الرصاص في الهواء، قبل أن يجمعوا رجال القرية، ويقرروا توقيف 7 أشخاص، أفرجوا عن واحد منهم لاحقاً، كما صادروا خمس سيارات رباعية الدفع وعابرة للصحراء، تعود ملكيتها إلى رجال من القرية.

في غضون ذلك، نشرت الصحافة المحلية أن قوات «فاغنر» نقلت الموقوفين الستة إلى مدينة نامبالا، داخل أراضي مالي، وسلَّمتهم للجيش المالي، وسيجري نقلهم إلى العاصمة باماكو، «تمهيداً لإطلاق سراحهم»، على حد تعبير صحيفة محلية.

رعب «فاغنر»

خلال العامين الأخيرين قُتل عشرات الموريتانيين على يد الجيش المالي وقوات «فاغنر» الروسية، داخل الشريط الحدودي بين البلدين، وحتى داخل أراضي مالي، وهو ما أسفر عن برود في العلاقة بين البلدين، كاد يتطور إلى قطيعة نهائية.

وقُتل أغلب هؤلاء الموريتانيين بطرق بشعة، من بينها الحرق والدفن في قبور جماعية، مما أشعل موجة غضب عارمة في الشارع الموريتاني، لكنَّ الماليين برَّروا ذلك بالحرب التي يخوضونها ضد الإرهاب، والتي دعت الموريتانيين إلى اصطحاب هوياتهم، والابتعاد عن مناطق الاشتباك.

قوات موريتانية على الحدود مع مالي (أ.ف.ب)

ومنذ أكثر من عامين، تجري معارك عنيفة بين الجيش المالي المدعوم من «فاغنر» من جهة، و«جبهة تحرير ماسينا» التابعة لتنظيم «القاعدة» في منطقة على الحدود مع موريتانيا، وتحدث مطاردات تنتهي في الغالب داخل الشريط الحدودي.

شريط حدودي رمادي

يمتد الشريط الحدودي بين البلدين على أكثر من ألفي كيلومتر، وبعمق يزيد على 10 كيلومترات، حيث تقع فيه عشرات القرى التي يقطنها سكان من البلدين، دون تحديد إن كانت موريتانية أم مالية.

وحاول البلدان ترسيم الحدود عدة مرات منذ الاستقلال عن فرنسا قبل ستين عاماً، لكنَّ هذه المحاولات لم تُفضِ إلى نتيجة، ليشكل البلدان بعد ذلك لجنة مشتركة لتسيير الحدود.

وسبق أن هددت السلطات الموريتانية، التي احتجت على ما يتعرض له مواطنوها، بالرد والتصعيد أكثر من مرة، وطالبت في الوقت ذاته مواطنيها بالانسحاب من هذه المنطقة، حتى تنتهي المعارك. لكنَّ سكان المنطقة الحدودية من البدو، المشتغلين بتربية الأبقار والإبل والأغنام، ويعيشون منذ قرون على التحرك في المنطقة، بحثاً عن الماء والمرعى، لا يمتلك أغلبهم أي أوراق مدنية، وبعضهم الآخر يحوز الجنسيتين؛ الموريتانية والمالية.

ومع تصاعد استهداف الموريتانيين، زار قائد الجيش المالي نواكشوط، مطلع مايو (أيار) الماضي، وعقد لقاءات مطولة مع قائد الجيش الموريتاني ووزير الدفاع، أسفرت عن تشكيل لجنة مشتركة، والاتفاق على تنسيق العمليات على الأرض.

الرئيس الموريتاني أجرى مشاورات مع المسؤولين في مالي لمنع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي بلاده (أ.ف.ب)

وكان الهدف من هذا التنسيق، حسبما أعلن الطرفان، هو منع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي موريتانيا، لكن أيضاً تفادي أي استهداف للموريتانيين بالخطأ داخل الشريط الحدودي. ومنذ ذلك الوقت لم يُقتَل أي مواطن موريتاني داخل الشريط الحدودي، فيما تراجعت بنسبة كبيرة تحركات قوات «فاغنر» في الشريط الحدودي، وتعد عملية توقيف الموريتانيين (الثلاثاء) الأولى من نوعها منذ ستة أشهر.