تقرير مجزرة دوما: النظام تعمّد قصف الأسواق في ساعة الذروة

مقتل 2040 شخصًا على يد الجهات الرئيسية الفاعلة في سوريا

تقرير مجزرة دوما: النظام تعمّد قصف الأسواق في ساعة الذروة
TT

تقرير مجزرة دوما: النظام تعمّد قصف الأسواق في ساعة الذروة

تقرير مجزرة دوما: النظام تعمّد قصف الأسواق في ساعة الذروة

وثق تقرير أعدته الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع المكتب القانوني للائتلاف الوطني المعارض، المجزرة التي ارتكبت من قبل طيران النظام الحربي السوري في 19 أغسطس (آب) الماضي، الذي أطلق هجوما باستخدام ثمانية صواريخ قصفت سوقين شعبيتين وحيّا سكنيا، وتسببت في مقتل 122 شخصا و458 مصابا.
ومدينة دوما أكبر مدن منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق، وخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية. وكما هو حال كل بلدات ومدن الغوطة الشرقية تخضع مدينة دوما لحصار من قبل قوات نظام الأسد مستمر منذ 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2013 حتى الآن، الأمر الذي فاقم من الظروف المعيشية والإنسانية كافة.
وقد وثق الباحث الميداني الدكتور مجد دالاتي المجزرة من داخل دوما، وقام بمعاينة الجرحى، وأجرى العديد من العمليات الجراحية بنفسه، وتواصل خلال الأيام التالية مع أهالي الضحايا من أجل توثيق الأسماء وجمع كل التفاصيل، كما قام بالتقاط صور وفيديوهات وأجرى العديد من المقابلات، اضطر التقرير لتغيير أسماء أصحابها حفاظا على سلامة بقية أفراد أسرهم. وتحتفظ الأطراف المشرفة على التقرير بالمعلومات الأصلية في أرشيفها الخاص، وتحتفظ بنسخ من جميع مقاطع الفيديو والصور المذكورة في هذا التقرير.
وأثبت البحث أن المناطق المستهدفة كانت عبارة عن أسواق مدنية لا وجود فيها لأي مراكز عسكرية أو مخازن أسلحة تابعة للمعارضة خلال الهجوم أو حتى قبله، وقد تبين لنا أن توقيت هذه الهجمات واستهداف سوق عامة مزدحمة كما هو المعتاد، يُظهران تعمُّدَ قوات الأسد أن تتسبب بإيقاع أكبر قدر ممكن من القتلى والجرحى والدمار، وفي الحد الأدنى وفي حال اعتبار أن هذه الهجمات كانت عشوائية، فقد تسببت بمقتل وجرح مئات المدنيين.
عمليات القصف، وبالتالي القتل والتدمير الممنهج، التي يقوم بها نظام الأسد يبدو أنها تهدف بشكل رئيسي إلى إفشال إنشاء أي نموذج يُقدم بديلا عنه، كما يؤدي إلى نزوح السكان من مناطق تسيطر عليها فصائل الثورة إلى مناطق سيطرته التي تحظى عمليا بأمان نسبي، وهذا ما يخطط له.
كما أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقرير الضحايا الدوري لشهر أغسطس (آب)، ووثقت فيه مقتل 2040 شخصا على يد الجهات الرئيسية الفاعلة في سوريا. ويؤكد التقرير أن التوثيق لا يشمل الضحايا من القوات الحكومية والضحايا من تنظيم داعش لعدم وجود معايير يمكن اتباعها في ظل حظر وملاحقة السلطات السورية وقوات تنظيم داعش لفريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
يتحدث التقرير عن قيام القوات الحكومية والميليشيات الموالية لها بقتل 1623 شخصا، يتوزعون إلى: 1213 مدنيا، بينهم 302 طفل (بمعدل 10 أطفال يوميا)، و289 سيدة، و77 شخصا بسبب التعذيب، و410 مسلحين.
وأشار التقرير إلى أن نسبة الضحايا من الأطفال والنساء بلغت 40 في المائة من أعداد الضحايا المدنيين، وهذا يدل على استهداف متعمد للمدنيين من قبل القوات الحكومية.
من جهة أخرى، وثق التقرير مقتل 14 مدنيا على يد قوات «الإدارة الذاتية» الكردية، بينهم 3 أطفال، و3 سيدات. وذكر التقرير أن عدد الضحايا الذين قتلوا على يد التنظيمات المتشددة بلغ 247 شخصا، توزعوا إلى: 236 شخصا على يد تنظيم داعش، و119 من مسلحي فصائل المعارضة، و117 مدنيا.. وبين المدنيين 15 طفلا، و8 سيدات، وشخص واحد بسبب التعذيب.
أما تنظيم جبهة النصرة فقد وثق التقرير قيامه بقتل 5 مسلحين، و6 مدنيين، بينهم سيدتان، وشخص واحد بسبب التعذيب.
وقدم التقرير إحصائية الضحايا الذين قتلوا على يد عناصر فصائل المعارضة المسلحة، وقد بلغت 104 مدنيين، بينهم 26 طفلا، و18 سيدة، وشخص واحد بسبب التعذيب. كما قتلت مسلحا واحدا.
كما سجل التقرير قيام قوات التحالف الدولي بقتل 14 مدنيا، بينهم 6 أطفال وسيدة، خلال الشهر الماضي.
وتضمن التقرير توثيق مقتل 12 مسلحا، و25 مدنيا، بينهم 3 أطفال، و4 سيدات، قتلوا إما غرقا في مراكب الهجرة أو في حوادث التفجيرات التي لم تستطع الشبكة السورية لحقوق الإنسان التأكد من هوية منفذيها، أو على يد مجموعات مسلحة مجهولة بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.