شركاء العبادي وخصومه يمتصون صدمة الإصلاحات الأولى ويبدأون مرحلة تبادل التفاهمات

كشف سياسي مطلع ومقرب من قيادات في حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي لـ«الشرق الأوسط» أن انطباعا بدأ يتشكل لدى الكثير من القيادات البارزة أن رئيس الوزراء حيدر العبادي مضى إلى ما هو أبعد مما كان يجب أن يمضي به على صعيد الإصلاحات، سواء لجهة عدم استشارة شركائه خصوصا الكبار منهم في أعلى هرم السلطة في العراق، أو الإطار التنفيذي للإصلاحات التي تمت عملية استيعاب الصدمة الأولى لها وبدء مرحلة إفراغها من محتواها عبر صيغة تبادل التفاهمات المسبق مع هذه القيادات.
وأضاف السياسي المطلع تعليقا على اجتماع الرئاسات الثلاث في العراق مساء أول من أمس: إن «العبادي هو الذي طلب هذا اللقاء بنفسه وهو ما عده الرئيس فؤاد معصوم مبادرة إيجابية بعدما كان منزعجا طوال الفترة الماضية لأن العبادي بدا وكأنه لا يريد أن يقيم وزنا للدستور الذي يعده معصوم خطأ أحمر بسبب كونه الضامن الوحيد، على كثرة ما فيه من أخطاء وألغام، لوحدة العراق الهشة أصلا وبالتالي فإنه في حال تجاوز الدستور بحجة تنفيذ إصلاحات ضرورية تمثل مطالب جماهيرية حقيقية فإن هذا الأمر يمكن أن يفتح أبواب المجهول لا سيما أن العراق يخوض الآن معركة وجود ضد تنظيم داعش».
وأوضح السياسي المطلع أن أهم ما خلص إليه اجتماع الرئاسات الثلاث هو بدء فتح صفحة جديدة بين رئاسة الوزراء من جهة ورئاستي الجمهورية والبرلمان وهو ما عززه رئيس الجمهورية حين التقى السفير الأميركي في العراق (أمس) وأعلن في اللقاء دعمه الكامل لما تقوم به الحكومة بما ينسجم مع الدستور والقوانين وهو ما تعهد به العبادي أمام معصوم والجبوري.
وأكد السياسي المطلع أن العبادي الذي بدا محاصرا بتسرعه باتخاذ قرارات، هي إما غير قابلة للتنفيذ ما لم يتم التوافق عليها داخل البرلمان، أو أنها تبدو كإجراءات تقشفية، حيث وجد العبادي نفسه في وضع صعب بين إرادة جماهيرية غير كاسحة بما تجعله يتخذ قرارات جراحية، وهو ما جعله يطالب بتظاهرات مليونية، وبين إرادة سياسية لا تزال أقوى منه داخل الطبقة السياسية.
وكان اجتماع الرئاسات الثلاث وطبقا للبيان الذي صدر عنه أكد دعمه للخطوات العملية التي تحقق مصلحة الشعب العراقي في إنجاز ما تم التصويت عليه بشأن الإصلاحات الحكومية والبرلمانية. وأشار البيان إلى أن العبادي نفسه أكد على ضرورة أن تسير جميع الإصلاحات وتنفذ وفق الدستور والقانون.
وفي هذا السياق، أكد موفق الربيعي، عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة هي أن العبادي كان عليه الإسراع في التنفيذ وليس في إصدار المزيد من حزم الإصلاح التي ربما أخافت بعض الشركاء السياسيين وبالتالي فإن عملية دعم التظاهرات لم تعد هي القضية الأساسية بقدر ما أصبحت القصة هي في كيفية التعامل مع الإصلاحات». وأشار الربيعي إلى أن التحالف الوطني ليس موحدا حيال العبادي وإصلاحاته كما إنه لا يحظى بدعم كامل من قبل السنة بسبب أن لديهم مطالب سابقة للإصلاحات لم تنفذ وهو ما ينطبق أيضا على الأكراد أيضا.
من جهتهما، أبدى كل من زعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم وزعيم ائتلاف العربية صالح المطلك انزعاجهما من الطريقة التي طرحت بها مسألة الإصلاحات. ودعا الحكيم خلال اجتماع الشورى المركزية للمجلس إلى أن تكون الإصلاحات جدية وشاملة وجذرية ومتلائمة مع القانون والدستور، مبينا أن التظاهرات حق دستوري وستسهم في دعم عملية الإصلاح. وأشار الحكيم إلى أهمية تلبية مطالب المتظاهرين وإعداد خطط كفؤة وناجعة لإنهاء الأزمات التي يئن منها الشعب العراقي.
أما المطلك فيرى أنه ليس من المعقول أن تتبنى جهة معينة (في إشارة إلى ائتلاف دولة القانون الذي ينتمي إليه العبادي) إصلاح الخراب في البلاد وهو كان سببا رئيسيا في إيجاده. وشدد في بيان على ضرورة «ألا تستهدف عملية الإصلاح أحدًا بدوافع سياسية». وأبدى المطلك تأييده لحزمة الإصلاحات من منطلق وطني ولإصلاح المؤسسات الحكومية وبناء دولة مستقرة وفقا للعدالة والمساواة وتحقيق آمال الشعب العراقي، مبينًا أن “الإصلاحات يجب أن تؤدي إلى حكومة تكنوقراط بعيدًا عن الحزبية والمحاصصة. ودعا إلى تشكيل لجنة محايدة من أصحاب الكفاءة لها القدرة على كشف الفساد ومكافحته وبإشراف الأمم المتحدة وبالاستعانة بشركات دولية.