تعز تعيش كارثة إنسانية و80% من السكان دون غذاء

57 ألف أسرة نازحة و9 آلاف حالة مصابة بحمى الضنك

يمنيون يمرون بمحاذاة أكوام من النفايات في شارع رئيسي أمس في تعز ثالث أكبر مدينة يمنية (أ ف ب)
يمنيون يمرون بمحاذاة أكوام من النفايات في شارع رئيسي أمس في تعز ثالث أكبر مدينة يمنية (أ ف ب)
TT

تعز تعيش كارثة إنسانية و80% من السكان دون غذاء

يمنيون يمرون بمحاذاة أكوام من النفايات في شارع رئيسي أمس في تعز ثالث أكبر مدينة يمنية (أ ف ب)
يمنيون يمرون بمحاذاة أكوام من النفايات في شارع رئيسي أمس في تعز ثالث أكبر مدينة يمنية (أ ف ب)

كارثة إنسانية بكل معانيها تعيشها محافظة تعز، الواقعة إلى الجنوب من العاصمة اليمنية صنعاء، لما تعيشه من مجازر مروعة ووحشية يتعرض لها المدنيون بشكل شبه يومي على أيدي ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، الجثث في الطرقات والحياة حقبة سوداء والغذاء معدوم والمياه غائرة.
وعلى الرغم من مناشدة الحكومة المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته الأخلاقية والتدخل العاجل لوقف المجازر بحق المدنيين بعد أن تمادت الميليشيات في إجرامها بحق المدنيين ضاربة عرض الحائط بكل القوانين والتشريعات الدولية التي تؤكد على حماية المدنيين أثناء الحروب، إلا أنه حتى دون بارقة أمل تلوح في الأفق، الأمر الذي دفع السكان بالنزوح هربا من الموت.
مع ازدياد الحالة السيئة بعد إغلاق المستشفيات الحكومية والأهلية أبوابها وآخرها إغلاق مستشفيي الروضة والصفوة، في اليومين الماضيين، وهما المستشفيان الوحيدان اللذان يعملان في تعز بالإضافة إلى عملهما ميدانيا في استقبال المقاومة الشعبية والجيش الوطني الذين يصابون جراء الاشتباكات العنيفة مع ميليشيات الحوثي وصالح وكذا استقبال ضحايا قصف الميليشيات التي تستمر في قصفها للأحياء السكنية بعدما تم دحرهم من عدة مناطق في المدينة، حيث تستمر المقاومة الشعبية المسنودة بالجيش المؤيد للشرعية في إحراز تقدم كبير في الجبهة الشرقية وفي إفشال مخططات الميليشيات باستعادة بعض المناطق ومنها منزل المخلوع صالح ومنطقة ثعبات.
ويقول رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس الثوري بمحافظة تعز ورئيس مؤسسة فجر الأمل الخيرية للتنمية الاجتماعية، بليغ التميمي، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع الإنساني في تعز جد حرج وتعاني من كارثة مستمرة ومجاعة محققة وتدهور جد مخيف بالجانب الإنساني فهناك أكثر من 80 في المائة من سكان المدينة يعانون من انعدام الغذاء والدواء وأكثر من مليون ونصف المليون من سكان تعز لا يجدون المياه الصالحة للشرب، 90 في المائة من المرافق العامة، سواء مستشفيات أو مصالح حكومية تم إغلاقها، و57 ألف أسرة نازحة بأمس الحاجة إلى الاحتياجات الغذائية والدوائية، و400 ألف طفل ما دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية و150 ألف طفل ما دون سن السنتين يعانون من الموت بسبب سوء التغذية».
ويضيف «حمى الضنك تفتك بأرواح الآلاف فهناك أكثر من 9 آلاف إصابة وأكثر من 92 وفيات بحمى الضنك، يعني ما يمكن قوله هو حصار مطبق على المدينة، مواد غذائية شبه منعدمة ومشتقات نفطية غير موجودة وقمائم مرمية في الشوارع، عن ماذا أحدثك؟! وعن أية مآس أتكلم بها معك، هذه هي حال تعز.
وناشد رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس الثوري بمحافظة تعز بليغ التميمي عبر صحيفة «الشرق الأوسط» «رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والحكومة الشرعية وخصوصا الوزراء في الرياض أن يقوموا بواجبهم الإنساني العاجل في تدارك وضع تعز، فهم المسؤولون مسؤولية كاملة عن حياة المواطنين وأوضاعهم في اليمن وبالذات في تعز التي تعاني من ويلات الحروب، كما نناشد المنظمات والجهات المانحة في الداخل والخارج أن تقوم بدورها، وكذلك رجال المال والأعمال من أبناء تعز ومن غير أبناء تعز من فاعلي الخير، خاصة وأن المستشفيات قد أغلقت أبوابها فمستشفى الصفوة قد أغلق أبوابه منذ 3 أيام ومستشفى الروضة امتنع، أمس، عن استقبال المرضى بسبب نفاد الأدوية وتكاثر المرضى الذين لا يجدون أسرة لهم في هذه المستشفيات، وكما نناشد الأمم المتحدة التي نسمع فيها جعجعة ولا نرى طحينا أن يكون لها دور في تعز وأن تتدخل تدخلا عاجلا، وهذا هو كل ما نريده».
ولم تتوقف الميليشيات الحوثية عند هذا الحد بل تجاوزته بالاعتداء على جمعية الهلال الأحمر اليمني، فرعها بمحافظة تعز وسط اليمن، لتتوقف الجمعية عن تقديم خدماتها في المحافظة بشكل كامل.
وبينما تستمر المواجهات العنيفة بين المقاومة الشعبية المسنودة من الجيش الوطني المساند لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح، من جهة أخرى، قتل أكثر من 30 من ميليشيات الحوثي وصالح وأصيب أكثر من 25 آخرين، خلال المواجهات الأخيرة في عدد من الجبهات في وادي الضباب والكمب وثعبات ومحيط منزل المخلوع صالح.
وقال الناطق باسم المجلس التنسيقي للمقاومة الشعبية بتعز رشاد الشرعبي لـ«الشرق الأوسط» إن «المقاومة الشعبية المسنودة بالجيش المؤيد للشرعية أفشل محاولات ميليشيات الحوثي وصالح المتكررة باستعادة منقطة ثعبات ومنزل المخلوع صالح على الرغم من استخدامها في هجماتها مختلف أنواع الأسلحة بالتزامن مع القصف بالمدفعية الثقيلة والدبابات والكاتيوشا».
وأضاف «لقي 33 عنصرا من ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية مصرعهم وأصيب 25 آخرون في المواجهات التي دارت بين الميليشيا وأبطال المقاومة الشعبية والجيش المؤيد للشرعية في منطقة وادي الضباب وبالكمب جوار منزل الرئيس المخلوع ومنطقة ثعبات، واستشهد أحد أبطال المقاومة وأصيب 23 آخرون خلال تلك المواجهات، كما واستشهد مواطنان وأصيب 5 من المدنيين جراء القصف العشوائي المستمر على الأحياء السكنية بمدينة تعز وضواحيها.
وأكد الشرعبي أن أبطال المقاومة أفشلوا هجوما لميليشيا الحوثي وصالح في محاولة لاختراق جبهة حي الدحي والمرور، في حين تواصل الميليشيا قصفها العشوائي بصواريخ الكاتيوشا ومدافع الهاوزر من مواقع تمركزها في الجند وجبل أومان والمركز التدريبي بالحوبان مستهدفة أحياء الاجينات والمدينة القديمة والموشكي والحوض والبعرارة وقلعة القاهرة التاريخية.
وفي الوقت الذي تستمر فيه ميليشيا الحوثيين وصالح في قصفها للأحياء السكنية بالمدافع وصواريخ الكاتيوشا ومدافع الهاوزر من الأماكن التي ما زالت تتمركز فيها في الوقت الذي تم دحرهم من مناطق عدة بتعز،، تواصل أيضا من عمليات ملاحقة واختطاف جميع المناوئين لهم إلى جانب ارتكابها الجرائم وتقييد الحرية والاختفاء القسري وآخرها اختطاف سكرتير الحزب الاشتراكي اليمني بمديرية ماوية خالد عبيدان، بعدما تلقى أقرباؤه تهديدات جراء نشاطه مع المقاومة الشعبية وتأييده لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وهو ما أدانه المجلس التنسيقي للمقاومة الشعبية بتعز وقالت في بيان لها، تلقت «الشرق الأوسط» على نسخه منه، «تابع المجلس التنسيقي للمقاومة الشعبية بمحافظة تعز باهتمام بالغ استمرار ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية في ملاحقة أبناء تعز وارتكاب جرائم اعتداء وخطف وتقييد حرية وإخفاء قسري وآخرها اختطاف مسؤول الحزب الاشتراكي اليمني في مديرية ماوية خالد عبيدان بعد تلقي أقربائه تهديدات جراء نشاطه لصالح المقاومة الشعبية».
وأضاف البيان «يدين المجلس بأشد العبارات اختطاف خالد عبيدان في منطقة الحوبان وإخفائه قسريا وحرمان أسرته من معرفة مكان حجز حريته من قبل ميليشيا إجرامية لم تجرب وسيلة من وسائل الإجرام ضد أبناء تعز الرافضين لها إلا واستخدمتها من قصف وقنص وحصار وتضييق في المداخل للمدينة وتفتيش وحتى الاختطاف والإخفاء القسري».
ويجدد المجلس التنسيقي للمقاومة الشعبية بتعز تأكيده أن الجرائم المستمرة من قبل الميليشيا الانقلابية «لن تمر دون مساءلة وحساب لمرتكبيها والمسؤولين والموجهين لهم طال الزمن أو قصر، فإنه يدعو المنظمات الحقوقية القيام بواجبها ورصد وتوثيق هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان وحرياتهم وإدانة مرتكبيها والعمل على الإفراج عن المختطفين والمخفيين قسريا من أبناء تعز في زنازين هذه الميليشيا وفي مقدمتهم الدكتور عبد القادر الجنيد وعشرات آخرين».
من جهته، يقول مصدر من المقاومة الشعبية بتعز لـ«الشرق الأوسط» إن «المقاومة الشعبية والجيش الوطني يستمران في إلحاق الخسائر الفادحة بالميليشيات المتمردة في الأرواح والعتاد على كل الجبهات وإن أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تمكنوا من صد هجوم لميليشيا الحوثي وصالح في جبهة الضباب، الجهة الغربية رغم استخدام الميليشيات كل أنواع الأسلحة الثقيلة والفارق الكبير، كما أحرزت تقدما في الجبهة الشرقية وتحديدا في أحياء الجحملية».
ويضيف «ميليشيات الحوثي وصالح مستمرة في قصفها العشوائي على اﻷحياء السكنية مستخدمة صواريخ الكاتيوشا والدبابات ومدفع 23 م.ط، وقد تركز القصف على أحياء صبر المودام الكمب وثعبات والقاهرة والمدينة القديمة والحصب والمرور ومواقع تتمركز عليها في تبة علي عزيز ومطار تعز بالجند والمعسكر التدريبي وجبل أومان بالحوبان، غير أن المقاومة الشعبية في حي ثعبات التحمت بالمقاومة في حي حسنات بعد سيطرتها على المواقع الفاصلة بينهما وذلك بعد تمكن الأبطال من صد هجمات شرسة استهدفت حي ثعبات والتموين العسكري والكندي ومحيط قصر الشعب استخدمت فيه الميليشيا الأسلحة المختلفة وبشكل كثيف».
ويشير «اقتحمت ميليشيا الحوثي وصالح جامعة تعز وتمركزت فيها وهو ما يشير إلى أنها تريد تحويل الجامعة إلى ثكنة عسكرية بعدما فشلت في التقدم باتجاه جبل الدحي المطل على الجامعة والذي تسيطر عليه المقاومة الشعبية والجيش المؤيد للشرعية».
ويؤكد مصدر من المقاومة لـ«الشرق الأوسط» «احتياجهم الدعم العسكري والأسلحة النوعية لحسم المعركة وطرد ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح من تعز وضرورة تقديم التحالف العربي الدعم اللازم الذي تحتاجه مقاومة تعز، وصحيح أن غاراتها ضد مقراتهم وتجمعاتهم يعيق تقدمهم لكنها غير كافية».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.