عميلة الموساد «ياعيل» تروي كيف عاشت في بيروت لأشهر

أعدت لتصفية ثلاثة مسؤولين فلسطينيين كبار

عميلة الموساد «ياعيل» تروي كيف عاشت في بيروت لأشهر
TT

عميلة الموساد «ياعيل» تروي كيف عاشت في بيروت لأشهر

عميلة الموساد «ياعيل» تروي كيف عاشت في بيروت لأشهر

سمحت الحكومة الإسرائيلية بنشر قصة حياة عميلة سابقة في «الموساد» (جهاز المخابرات الخارجي)، التي عاشت في بيروت أشهرا عدة، سنة 1973. ومهدت بذلك لعملية اغتيال ثلاثة من قادة منظمة التحرير الفلسطينية، بدعوى أنهم ينتمون إلى الخلية المسؤولة عن تنفيذ عملية اغتيال الرياضيين الإسرائيليين في الألعاب الأولمبية في ألمانيا سنة 1972.
وتنشر تفاصيل هذه القصة في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ابتداء من ملحق يوم الجمعة المقبل، تحت عنوان «المستهدفون الثلاثة في بيوتهم». وهي ملخص لكتاب سيصدر لاحقا. ورغم مرور أكثر من 42 سنة على العملية، أبقت الحكومة الإسرائيلية على خيوط عدة سرية، ولم تجز نشر اسم العميلة، مع أنها تجاوزت التاسعة والسبعين، وتكتفي بالإشارة إليها بالاسم المستعار «ياعيل»، التي عدتها «العين الراصدة للموساد في بيروت».
والحديث يجري عن العملية التي أطلق عليها الموساد اسم «فردان»، وسماها أحد قادتها، إيهود باراك، «ربيع الشباب»، وتم خلالها اغتيال محمد يوسف النجار وكمال ناصر وكمال عدوان. وتكتب الصحيفة: مساء التاسع من أبريل (نيسان) 1973، وفي إحدى أكثر عمليات الموساد الإسرائيلي جرأة، تمت تصفية ثلاثة مسؤولين فلسطينيين كبار في بيوتهم في بيروت، وهم الذين كانوا ضمن المسؤولين عن قتل 11 رياضيا إسرائيليا في أولمبياد ميونيخ. ولم يكن يعرف محاربو وحدة النخبة في الجيش، الذين شاركوا في عملية «ربيع الشباب» الدور الذي قامت به في تلك الليلة عميلة الموساد «ياعيل»، التي ولدت في كندا ونشأت في الولايات المتحدة، وكانت تقيم في بيت مستأجر في شارع الوليد في بيروت، أمام بيوت الشخصيات الثلاث، وتعقبت تحركاتهم خلال الأسابيع التي سبقت العملية، ونقلت المعلومات الاستخبارية في بث مباشر إلى قادتها في إسرائيل. بعد 42 سنة من تلك الليلة، ما تزال هوية «ياعيل» التي تبلغ من العمر 79 عاما اليوم، مجهولة، ويمنع نشر صورة لها خشية أن تحاول جهات معادية الانتقام منها على دورها في العملية. ورغم هذه القيود، فقد قررت أخيرا، كشف جانب من قصة حياتها، وفي هذه الأيام سيصدر عن منشورات «الكيبوتس الموحد» كتاب «ياعيل - محاربة الموساد في بيروت». وقامت بتأليف الكتاب، الصحافية المؤرخة، أفرات ماس، اعتمادا على محادثات أجرتها طوال عامين مع ياعيل ومع الأشخاص الذين عملوا معها، وبعد أن مر الكتاب على رقابة عسكرية صارمة. وكانت ياعيل قد التقت مساء التاسع من أبريل 1973 في أحد فنادق بيروت، مع شريكها في العملية، ابيتار، وأبلغته أن المستهدفين الثلاثة يوجدون في منازلهم. وبعد ساعات عدة، استيقظت ياعيل من نومها في بيتها على دوي الرصاص. «زحفت على الأرض ونظرت إلى الخارج لرؤية ما يحدث». تقول ياعيل: كانت ثلاث سيارات كبيرة تقف في الشارع، وتزايد دوي الرصاص، وحدث كل شيء بسرعة، وفجأة سمعت أحدهم يصرخ بالعبرية: «تعال إلى هنا، تعال إلى هنا». عندما سمعت العبرية في بيروت عرفت أنه حان وقت العملية، وربطت بين ما يحدث وبين المعلومات التي سلمتها قبل ساعات لابيتار.
وتتحدث ياعيل في اللقاء، عن طفولتها في الولايات المتحدة، وعن تجنيدها للموساد بعد قرارها الهجرة إلى إسرائيل. وقد عملت تحت قيادة مايك هراري، قائد كتيبة «قيسارية»، المسؤولة عن جمع المعلومات في الموساد. وبعد فترة وجيزة من اجتيازها للتدريب، تم إرسالها في مهمتها الأولى: جمع معلومات في بيروت. وعلى مدار فترة من الزمن دامت أشهرا، كانت تتنقل جوا بين بيروت وبروكسل، بادعاء أنها كاتبة تعد بحثا عن سيدة إنجليزية عاشت في القرن التاسع عشر ردحا من الزمن في لبنان. وقد سكنت ياعيل بداية في فندق، ومن ثم عثرت على شقة في شارع الوليد، كانت تطل على بيوت قادة منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد اغتيال الثلاثة، بقيت لخمسة أيام في بيروت، ثم غادرتها. وتحكي ياعيل عن اللقاء المؤثر بينها وبين رئيسة الحكومة غولدا مائير في حينه، التي طلبت التعرف على المرأة «التي خاطرت بحياتها من أجل الدولة». وتقول ياعيل إن غولدا صدمت حين شاهدتها تدخل إلى الغرفة، وقالت لها: «هل فعلت هذه الطفلة الصغيرة كل هذا؟».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.