عبء اقتصادي جديد ألقته الحكومة السورية على كاهل المواطن بعد القرار الأخير القاضي برفع أسعار الأدوية المحلية بنسبة بلغت 50 في المائة، بحجة تأمين أنواع بمعايير عالية وحماية المرضى من تلك المهربة الغالية الثمن.
ويهدف القرار بحسب تصريحات نقيب الصيادلة في سوريا، محمود الحسن للإعلام الرسمي، إلى إيجاد هامش ربحي يمكّن معامل الأدوية السورية من تغطية تكلفة التصنيع المرتفعة في ظل الارتفاع المتلاحق لأسعار المواد الخام المستوردة بالعملة الصعبة، إضافة إلى محاولة إعادة إنتاج كل الأنواع التي تم التوقف عن إنتاجها، مشيرًا إلى تعهد منشآت ومعامل التصنيع بذلك، وتوجيه لجان الشؤون الصيدلية في النقابة إلى اللجان المشتركة بين النقابة ووزارتي الصحة والتجارة الداخلية إلى العمل على مراقبة الصيدليات ومستودعات الأدوية للتأكد من الالتزام بالأسعار الجديدة.
وقلل أحد صيادلة دمشق في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من إمكانية أن يفضي قرار رفع الأسعار إلى حل أزمة الأدوية السورية، موضحًا أن أسباب أزمة الدواء لا تتعلق فقط بتكاليف الإنتاج المرتفعة بل بعدة قضايا، أهمها انعدام الجودة، فضلاً عن فقدان عشرات الأصناف من الأدوية، خاصة أدوية الأمراض المزمنة التي فقد منها ما يزيد على 80 صنفا ولم تتوفر لها بدائل تحمل ذات الجودة المطلوبة.
ورغم أن الهدف من رفع الأسعار هو سد جزء كبير من تكاليف استيراد المستحضرات الطبية الأولية، فإن المصدر رجح أن تبقى الأسعار الجديدة لا تتناسب مع ارتفاع تكاليف الإنتاج التي زادت ستة أضعاف عما كانت عليه قبل عام 2012، نتيجة انخفاض سعر صرف الليرة السورية أمام سعر صرف الدولار عدا عن التكاليف الإضافية المتعلقة بالإنتاج وارتفاع تكاليف النقل المتعلقة أصلاً بأزمة غلاء المحروقات وفقدانها من السوق النظامية.
من جهته أشار أحد الأطباء السوريين المقيمين في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الكثير من الأدوية السورية باتت شبه معدومة الفاعلية، نتيجة عدم تفعيل الدور الرقابي المنوط باللجان المختصة التي تخلت عن عملها بعد اندلاع الأحداث في سوريا، وخصوصا لجان الرقابة التي يفترض أن تتابع عمليات إنتاج الأصناف البديلة التي يتم إنتاجها في منشآت حديثة كانت قد منحت تراخيص عاجلة بعد دمار ما يقارب 25 معملاً لصناعة الأدوية في كل من حلب وحمص وريف دمشق.
ولفت المصدر إلى أن انعدام فعالية الأدوية كثيرا، ما يدفع بالمريض للعودة إلى الطبيب بغية صرف أصناف بديلة، ويدفع الأخير إلى الاستعاضة عن الأدوية المحلية بأصناف أجنبية مهربة، وهذا ما وفر للأدوية الأجنبية موطئ قدم واسعة في سوق الأدوية السورية.
وكانت الرقابة الدوائية قد توقفت عن القيام بواجباتها منذ بداية عام 2012 بشكل شبه كامل، سواء كانت على منشآت التصنيع لضبط النسب المطلوبة في تركيب الدواء، أو تلك التي كانت تجري تجاه الرقابة على الصيدليات لضبط عمليات البيع غير المشروع أو على الأسعار التي باتت توضع بمزاجية فاضحة من قبل الصيادلة، بحجة انخفاض الهامش الربحي لهم أمام ارتفاع المعيشة في سوريا وعدم رفع أسعار الأدوية خلال أربع سنوات إلا لمرة واحدة في منتصف عام 2013.
كما توقفت نقابة الصيادلة عن إرسال التعاميم الرقابية المرسلة للصيدليات عبر نشرات أسبوعية تحمل أسماء وأرقاما لأصناف من الأدوية غير المطابقة للمواصفات بهدف سحبها من السوق قبل بيعها للمستهلك.
وكان نقيب الصيادلة محمود الحسن قد كشف عن خروج 24 معملا عن العمل من أصل 69 معملا كانت تعمل قبل عام 2011، وبالمقابل بين الحسن لوكالة «سانا» عن عودة 14 معملا منها للإنتاج بطاقة إنتاجية بلغت النصف في دمشق وريف حلب وريف دمشق.
وكشف نقيب الصيادلة عن وجود أكثر من 200 رخصة لمعامل أدوية ستدخل تباعًا إلى السوق السورية، لرفد السوق السورية والمساهمة في سد أي نقص يمكن أن يحدث، مشيرًا إلى أن 80 في المائة من السوق المحلية تتم تغطيتها من الأدوية الوطنية، و20 في المائة يتم الحصول عليها عن طريق الاستيراد.
الأدوية في سوريا: رفع الأسعار 50%.. وفاعلية مفقودة بغياب الرقابة
دمار 25 معملاً لصناعتها في حلب وحمص وريف دمشق
الأدوية في سوريا: رفع الأسعار 50%.. وفاعلية مفقودة بغياب الرقابة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة