مصر ترفض الانتقادات لأحكام «قضية ماريوت».. وتستدعي السفير البريطاني

واشنطن تعرب عن «خيبة أملها».. وغريست وكلوني يدعوان السيسي إلى «العفو»

المصري الكندي محمد فهمي (وسط) والمراسل بيتر غريست (يمين) لدى مثولهم في المحكمة بالقاهرة أمس (أ.ب)
المصري الكندي محمد فهمي (وسط) والمراسل بيتر غريست (يمين) لدى مثولهم في المحكمة بالقاهرة أمس (أ.ب)
TT

مصر ترفض الانتقادات لأحكام «قضية ماريوت».. وتستدعي السفير البريطاني

المصري الكندي محمد فهمي (وسط) والمراسل بيتر غريست (يمين) لدى مثولهم في المحكمة بالقاهرة أمس (أ.ب)
المصري الكندي محمد فهمي (وسط) والمراسل بيتر غريست (يمين) لدى مثولهم في المحكمة بالقاهرة أمس (أ.ب)

أصدرت القاهرة بيانا شديد اللهجة ترفض فيه انتقادات غربية وجهت إلى أحكام قضائية ضد عدد من الصحافيين التابعين لقناة «الجزيرة» الإنجليزية، في القضية المعروفة إعلاميا بـ«خلية ماريوت»، مشددة على أن ذلك يعد «تدخلا غير مقبول»، وأن مصر «دولة قانون». كما استدعت الخارجية المصرية السفير البريطاني في القاهرة اعتراضا على «تعليقاته» على الحكم ذاته، في وقت أبدت فيه الخارجية الأميركية «خيبة أملها وقلقها» تجاه الحكم، بينما دعا المتهم الأسترالي في القضية بيتر غريست الرئيس المصري إلى استخدام حقه الدستوري في إصدار «عفو رئاسي» عن المتهمين، دافعا بأن وراء الحكم «دوافع سياسية».
واستدعت الخارجية المصرية صباح أمس السفير البريطاني لدى القاهرة جون كاسن لإبداء اعتراضها الشديد على ما صدر منه من تصريحات اعتبرتها القاهرة «تدخلاً غير مقبول في أحكام القضاء المصري»، مؤكدة أن تصريحاته «تتنافى مع الأعراف والممارسات الدبلوماسية لسفير معتمد في دولة أجنبية، مهمته الرئيسية توثيق العلاقات مع الدولة المعتمد لديها».
وكان كاسن عقب على الحكم فور صدوره، قائلا في بيان نشر على موقع السفارة البريطانية في القاهرة: «أعرب عن قلقي لأن الحكم سيضعف الثقة داخليا وفي الخارج في الأساس الذي ينبني عليه الاستقرار في مصر. أعرف أن للمتهمين حق نقض الحكم. المملكة المتحدة سوف تستمر في متابعة التطورات عن قرب. من الضروري للسلطات المصرية أن تتحرك لحل مشكلة المواطنين البريطانيين اللذين تأثرا بهذه القضية بشكل عاجل».
وقالت مصادر قضائية مصرية لـ«الشرق الأوسط» إن حكم المحكمة الذي صدر أول من أمس: «لم يتطرق إلى المتهمين البريطانيين دومينيك لورانس جون وسوزان ميلني، وهما ضمن 11 متهما حوكموا غيابيا في القضية الأولى وصدر ضدهم حكم بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، ولم يعاد محاكمتهم ضمن القضية الجديدة لأن القانون المصري لا يتيح ذلك إلا إذا جرى القبض على المتهم أو سلم نفسه للسلطات، وهو الأمر الذي حدث في حالة المتهمة نورا حسن البنا التي حوكمت غيابيا في المرة الأولى، ثم قضت المحكمة ببراءتها عقب القبض عليها مؤخرا».
وتعقيبا على تصريح كاسن بأن «الأحكام الصادرة سوف تقلل من الثقة في الخطوات التي تقوم بها مصر نحو تحقيق الاستقرار، بناء على تنفيذ الحقوق المنصوص عليها في الدستور المصري»، قال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث باسم الخارجية المصرية، إن «المهم هو ثقة الشعب المصري في نزاهة قضائه واستقلاليته»، مؤكدًا أن مصر لا تنتظر دروسا من أحد، بينما رفضت مصادر دبلوماسية مصرية وبريطانية الإدلاء لـ«الشرق الأوسط» بأي تصريحات حول «نتائج الاستدعاء»، قائلة إن ذلك «شأن سري خاص بالدبلوماسية الدولية، وسيجري التعليق عليه بشأن رسمي في حال دعت الضرورة لذلك».
ويذكر أن الحكومة البريطانية وجهت الشهر الماضي دعوة من رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لزيارة بريطانيا في وقت لاحق هذا العام، وهو ما رحبت به الرئاسة المصرية دون تحديد موعد دقيق لإجراء الزيارة، لكن لا يعلم حاليا ما إذا كانت التعليقات الخاصة بالسفير البريطاني و«الاستدعاء الدبلوماسي» ستؤثران على خطة الزيارة.
وفي ذات الإطار من ردود الفعل الدولية على الحكم، أعرب مسؤولون أميركيون عن «خيبة أملهم وقلقهم»، ودعا المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي الحكومة المصرية إلى «اتخاذ جميع التدابير المتاحة لمعالجة هذا الحكم، الذي يقوض حرية التعبير، اللازمة لتحقيق الاستقرار والتنمية».
لكن الخارجية المصرية أكدت أمس رفضها الكامل لأية بيانات أو تصريحات صادرة عن جهات خارجية تتعلق بالحكم. واعتبرت في بيان شديد اللهجة أن ذلك يعد «تدخلاً غير مقبول في أحكام القضاء المصري يحمل إسقاطات معروف أسبابها، وخلط متعمد بين حريات نص الدستور المصري على حمايتها، ومخالفات قانونية صريحة وموثقة تضمنتها حيثيات الحكم الصادر في القضية».
وقال السفير أبو زيد إن «مصر دولة قانون، ودستورها يصون ويحمي جميع الحقوق والحريات»، مشددا على أن «المحاولات المستمرة لخلط الأوراق، للإيحاء بأن الأحكام تستهدف تقييد حرية الصحافة، هي ادعاءات لا تتسق مع الواقع، إذ إن هناك الآلاف من الصحافيين المصريين وغير المصريين الذين يعملون في مصر بحرية تامة ولم توجه إليهم أي اتهامات»، مشيرا إلى أن «المتهمين في قضية خلية ماريوت اقترفوا مخالفات قانونية محددة وموثقة استندت إليها هيئة المحكمة»، ومؤكدا أن «مصر دولة عريقة وشعبها على وعي كامل بكل حقوقه والتزاماته، ومن يتبنون مثل تلك الحملات لديهم كثير مما يستحق النقد».
وعلى صعيد متصل، دفعت المحامية الدولية أمل كلوني، عضو فريق الدفاع عن المتهمين، بأن «حيثيات الحكم ضعيفة ومتضاربة»، مشيرة خلال مقابلة على إحدى الفضائيات المصرية مساء أول من أمس إلى أن «الاتجاه إلى طلب العفو سيكون الاتجاه المفضل لعدة أسباب»، وتابعت أن «الرئيس السيسي قال في وقت سابق إنه لم يكن يحبذ أن يسجن الصحافيين، ولكن القضية موجودة قبل أن يتولى مهامه في سدة الحكم. ولهذا أتمنى أن يتدخل، إذ إنه قال إنه لن يتدخل في مسار القضاء، ولكن بإمكانه بعد ذلك ممارسة سلطته والإفراج عن المتهمين والعفو»، مؤكدة أن «الجميع ينظر إلى القضاء المصري باحترام».
من جانبه، دعا الأسترالي بيتر غريست، أحد الصحافيين الثلاثة الذين حكم عليهم في القضية والذي جرى ترحيله من مصر بناء على قانون يسمح بترحيل المتهمين الأجانب، الرئيس المصري إلى العفو عنهم. وقال غريست في مؤتمر صحافي عقده في سيدني: «في غياب أي دليل يؤكد حصول أعمال تستحق الإدانة، فإن الخلاصة الوحيدة التي يمكن أن نتوصل إليها هي أن دوافع سياسية تقف وراء الحكم».
من جهة أخرى، أكدت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» أن ثلاثة من المتهمين، وهم محمد فاضل فهمي وباهر محمد وشادي عبد الحميد، جرى إيداعهم منذ مساء السبت في سجن طرة (جنوب القاهرة) تنفيذا للحكم الصادر ضدهم بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات، إضافة إلى عقوبة ثانية إضافية بحق باهر بالحبس 6 أشهر. وأوضحت المصادر أن إدارة السجون تنتظر بيانا من النيابة العامة باحتساب مدة السجن المتبقية لكل من المتهمين، بعد خصم مدد الحبس الاحتياطي وفترة العقوبة التي قضوها سابقا تنفيذا للحكم الأول.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.