شوبانا بهارتيا.. بارونة وسائل الإعلام الهندية

واحدة من 4 سيدات هنديات أدرجن كأقوى النساء على قائمة مجلة «فوربس» لعام 2015

شوبانا بهارتيا.. بارونة وسائل الإعلام الهندية
TT

شوبانا بهارتيا.. بارونة وسائل الإعلام الهندية

شوبانا بهارتيا.. بارونة وسائل الإعلام الهندية

تتخذ تلك المجموعة الكبيرة من مدينة دلهي مقرًا لها ويعد اسمها من الأسماء الشهيرة والمعروفة في الهند. وهي تشرف على نشر ثاني أكبر الصحف الهندية واسعة الانتشار باللغتين الهندية والإنجليزية (صحيفة «هندوستان» و«هندوستان تايمز»)، فضلا عن صحيفة «مينت» الخاصة بالأعمال التجارية، بالتعاون مع صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية. كما استثمرت المجموعة الكبيرة كذلك في مجالات الإذاعة والأعمال التجارية والتعليم.
كانت رحلة شاقة وطويلة للسيدة التي تبلغ من العمر (58 عامًا) والتي هي اليوم في موقف محل حسد الجميع، لكونها المرشحة الأوفر حظًا بين تلك النساء للسيطرة على منافذ قوية في عالم الإعلام الهندي ذي السيطرة الذكورية.
ولدت شوبانا لأسرة ثرية، فقد كان والدها سليل أبرز العائلات التجارية الهندية، عائلة بيرلا، الذين مولوا حركة الحرية الهندية إلى حد كبير.
أدار والدها، كي كي بيرلا، الكثير من الشركات في الهند ومن بينها شركات للإنتاج الإعلامي، والمنسوجات، ومصانع السكر، والأسمدة. ولكنه أوكل إدارة إمبراطورية الإعلام إلى بهارتيا، التي لم تعد تستخدم اسم العائلة بيرلا بعد زواجها. وفي عام 1986، وعند بلوغها 29 عامًا من عمرها، اختارها والدها لرئاسة مؤسسة «هندوستان تايمز» تحت منصب مدير الشركة. كان الدفع بامرأة في أي منصب إداري من النوادر في فترة الثمانينات بالهند، حيث كان القرار يؤدي لارتباكات، غير أن ذلك لم يسبب قلقًا كثيرًا للسيد بيرلا. عندما انضمت بهارتيا لمؤسسة «هندوستان تايمز»، كانت أول امرأة تتولى منصب المدير التنفيذي لصحيفة وطنية، وربما أصغرهم سنًا.
تأسست مجموعة «هندوستان تايمز» الإعلامية قبل 90 عاما في سنة 1942 في صورة جدول أعمال الاستقلال التي بدأت بناء على طلب المهاتما غاندي كجملة موجهة ضد الحكام الاستعماريين، التي تحولت اليوم إلى مشروع تجاري ناجح ومربح.
وتحت قيادتها، شهدت النسخة الإنجليزية الرئيسية في مجموعة «هندوستان» الإعلامية عملية تغيير كبيرة في التصميم، وتحول في أساليب عرض وتقديم الأخبار.
ومنذ ذلك الحين، حققت الشركة قفزات سريعة، لدرجة أن البعض قد يقول إنها الآن واحدة من أقطاب الإعلام الأكثر أهمية في الهند بأسرها.
حينما حاول مراسلنا التواصل مع المؤسسة الإعلامية لإجراء مقابلة شخصية لم تكن هناك استجابة، لذلك، عمدت مراسلة «الشرق الأوسط» إلى محاولة استقصاء تاريخ بارونة وسائل الإعلام الهندية.
يقول النائب البرلماني شاندان ميترا، الذي عمل مع السيدة بهارتيا في منصب مدير التحرير التنفيذي: «كنت واحدًا من فريقها لأول تجربة تخوضها لهندسة وتنظيم التغيير في مؤسسة (هندوستان تايمز). وفي فترة التسعينات وبهدف زيادة المبيعات والانتشار والبقاء على مستوى المنافسة، راقبت بهارتيا نبض القراء وعدلت من المحتوى المنشور حتى يشتمل على الملحقات التي تتابع التطورات في السفر والسياحة والأغذية والموضة وأنماط الحياة. لقد كانت سريعة للغاية في التقاط الاتجاهات الجديدة وكانت جريئة كذلك في متابعة التغيير والنمو».
يقول فير سانغفي، الذي عينته بهارتيا كمحرر لأجل تجديد «هندوستان تايمز»: «كانت الصحيفة تُدار كهيئة حكومية بيروقراطية، ولم يكن هناك مكان للجدارة أو الإدارة المهنية قبل أن تتولى المهام. كان الأمر بمثابة حاملة حاويات ضخمة للغاية، تلك التي نجحت بهارتيا في إدارتها والدوران بها بكل بطء ومهارة وثقة».
بعد توليها المهام، سعت لعقد مقابلة مع كاثرين غراهام من صحيفة «واشنطن بوست»، التي كانت معجبة بها كثيرًا. وأسفر ذلك الاجتماع عن رابطة طويلة الأجل. حيث وظفت بهارتيا مديرًا فنيًا من صحيفة «واشنطن بوست» ليعمل على إعادة تصميم الصحيفة. تقول بهارتيا في ذكرى الاحتفال بمرور 75 عامًا على تأسيس «هندوستان تايمز»: «لقد اعتمدنا شعارين للعمل: التغيير مع الاستمرار، والمحتوى هو الملك». تحدثت بهارتيا في مقابلة مع شبكة «سي إن بي سي - تي في 18» حول رؤيتها لصناعة الأخبار.
وقالت حول التحولات في مؤسسة «هندوستان تايمز» الإعلامية: «انظر إلى التوجهات التي تراها على الصعيد العالمي، فإنك ترى شبابًا صغيرًا يحاول الانتقال إلى منصات أخرى لاستهلاك الأخبار، حيث تشكل المعلومات أكبر التحديات وأخطرها. وذلك الأمر هو أكثر ملاءمة بالنسبة للشباب الهندي، والذي يشكل 50 في المائة من تعداد السكان لمن هم أقل من 25 عاما. وبالتالي، فإن المحافظة عليهم تتطلب تغيرات مهمة في كل شيء».
وردا على سؤال ما إذا كانت قد خسرت شيئًا خلال مرحلة التحول من عهد والدها حتى الآن، فقالت: «لا أعتقد أننا خسرنًا شيئًا. بل أعتقد أن الإعلام صار أكثر حدة وتنافسية الآن. نظرًا لوجود الكثير من اللاعبين على الساحة والكثير من وسائل الإعلام، كما أن المستهلكين يطالبوننا دوما بأعلى جودة ممكنة ومستويات راقية من الصحافة، فإن ذلك يستلزم أيضًا مستويات عالية من الاستثمار، وأعلى درجات الجمال في العمل وجودة الإنتاج»، وأشارت إلى أن المحتوى كان هو التركيز الأوحد في عهد والدها السابق.
وعلقت قائلة: «يبقى مستقبل وسائل الإعلام المطبوعة قويا للغاية خلال السنوات العشر المقبلة أو نحوها على أدنى تقدير. لا تزال لدينا معدلات أمية مرتفعة في الهند، وبسبب ذلك، فإن الجريدة تعتبر نقطة الاتصال الأولى لأولئك الذين ينتقلون من محيط الأمية إلى محيط القراءة والكتابة. ولذلك، سوف نشهد نموا مطردا، على الرغم من أنه سوف يكون نموا في اللغة العامية أكثر منه في اللغة الإنجليزية».
وإليكم الطريقة التي صارت بها بهارتيا ليست واحدة من أثرى النساء في العالم، ولكن من بين أكثر النساء اتصالا على مستوى العالم.
في عام 2005، بدأت في أول استثمار أجنبي مباشر في صناعة الصحف الهندية عندما باعت 20 في المائة من حصة الأسهم في شركتها إلى مجموعة «هندرسون غلوبال» الاستثمارية ومقرها في لندن.
وفي العام ذاته، قررت المؤسسة أيضًا الاستفادة من أسواق رأس المال لجمع الأموال اللازمة للتوسع. واليوم، تقدر القيمة السوقية لأسهم مجموعة «هندوستان تايمز» (350 مليون دولار) وحققت الشركة في عام 2014 أرباحا تُقدّر بـ(223 مليون دولار).
كان إدراج قائمة مجلة «فوربس» لاسم بهارتيا لا يتصل بالضرورة بملكيتها الفعلية للصحيفة، حيث تتمتع بهارتيا كذلك بمجموعة من الأصدقاء من ذوي النفوذ في الدوائر التجارية والسياسية.
على سبيل المثال، في لمحة لمجلة «كارافان» حول وزير المالية الهندي ارون جيتلي، قالت المجلة إنه من أقرب أصدقاء السيدة بهارتيا. ومن المفارقات، أنه عندما أراد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أن يدلي بأول لقاء صحافي مع وسائل الإعلام الهندية بعد توليه منصبه، تخير صحيفة «هندوستان تايمز».
تلقت شوبانا بهارتيا الكثير من الجوائز وشهادات التقدير عبر حياتها، حيث منحت جائزة «الصحافة الوطنية الهندية» في عام 1992، بينما منحها المنتدى الاقتصادي العالمي لقب «القائد العالمي للمستقبل» في عام 1996، ومنحتها غرفة التجارة والصناعة الشمالية الهندية لقب «سيدة الأعمال لهذا العام» في 2001. كما تلقت جائزة التميز المؤسسي من صحيفة «إيكونوميك تايمز» لعام 2007، كما جاء اسمها بين أكبر 50 سيدة أعمال هندية من قبل مجلة «فوربس آسيا». كما منحت مسؤولية رئيس ديوان التدقيق المحاسبي في عام 2006 - 2007. كما تابعت نشاطها مع الكثير من الجمعيات الصناعية في كل أرجاء البلاد، فضلا عن الدول الأجنبية. كما أنها عضو في الاتحاد الصحافي لدول الكومنولث ومقره في لندن، وفي المعهد الدولي للصحافة في فيينا.
كما رُشحت في مجلس الشيوخ بالبرلمان الهندي في دورته لعام 2006.
وعلى الرغم من أن سانغفي، الذي لا يزال مستشارا لدى مؤسسة «هندوستان تايمز»، يشدد على أنه مُنح الحرية المطلقة في إدارة المؤسسة، فإن مصدرًا للأخبار في الطبقة العليا من محرري الصحيفة أفاد أخيرًا بأن بهارتيا تبسط سيطرتها المطلقة على كل جزء من أجزاء المؤسسة الكبيرة. حيث لا تزال بهارتيا تؤكد على الإدارة المهنية للمؤسسة الإعلامية وأنها لا تتدخل في العمليات اليومية بالمؤسسة. ولكنها تحتفظ بوجودها في عمليات التحرير الرئيسية وتتابع العناوين الرئيسية في كل ليلة للصحف الصادرة صباحا.
وعلى نحو ما أعد الوالد كريمته لمباشرة مهامها في المؤسسة الإعلامية، تعد بهارتيا نجليها للمهمة ذاتها. ليست شوبانا مستعدة تماما لتسليم مقاليد الإمبراطورية الإعلامية في الوقت القريب. فهي لا تزال في خضم المهام والعمليات وهي سعيدة بذلك. وتقول: «ما زلتُ أحب عملي بشدة، وما زلت أستيقظ في الصباح لأستكمل ما توقفت عنده بالأمس».



رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
TT

رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)

في ظل صراعات وحروب إقليمية متصاعدة وتطورات ميدانية متسارعة، لعب الإعلام أدواراً عدة، سبقت في بعض الأحيان مهمات القوات العسكرية على الأرض؛ ما ألقى بظلال كثيفة على وسائل الإعلام الدولية. تزامن ذلك مع زيادة الاعتماد على «المؤثرين» ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار؛ ما دفع رئيسة «منتدى مصر للإعلام»، نهى النحاس، إلى التحذير من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار.

وفي حوارها مع «الشرق الأوسط»، عدّت نهى دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار «خطأً مهنياً»، وقالت إن «صُناع المحتوى و(المؤثرين) على منصات التواصل الاجتماعي يقدمون مواد دون التزام بمعايير مهنية. ودمجهم في غرف الأخبار كارثة مهنية».

وأشار تقرير نشره «معهد رويترز لدراسات الصحافة»، أخيراً، إلى «نمو في الاعتماد على مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار». ومع هذا النمو باتت هناك مطالبات بإدماج صناع المحتوى في غرف الأخبار. لكن نهى تؤكد أن الحل ليس بدمج المؤثرين، وتقول: «يمكن تدريب الصحافيين على إنتاج أنواع من المحتوى تجذب الأجيال الجديدة، لكن يجب أن يكون صانع المحتوى الإعلامي صحافياً يمتلك الأدوات والمعايير المهنية».

وتعد نهى «الإعلام المؤسسي أحد أبرز ضحايا الحروب الأخيرة»، وتقول إن «الإعلام استُخدم باحة خلفية للصراع، وفي بعض الأحيان تَقدمَ القوات العسكرية، وأدى مهمات في الحروب الأخيرة، بدءاً من الحرب الروسية - الأوكرانية وصولاً إلى حرب غزة».

وتبدي نهى دهشتها من الأدوار التي لعبها الإعلام في الصراعات الأخيرة بعد «سنوات طويلة من تراكم النقاشات المهنية ورسوخ القيم والمبادئ التحريرية».

وتاريخياً، لعب الإعلام دوراً في تغطية الحروب والنزاعات، وهو دور وثّقته دراسات عدة، لكنه في الحروب الأخيرة «أصبح عنصراً فاعلاً في الحرب؛ ما جعله يدفع الثمن مرتين؛ أمام جمهوره وأمام الصحافيين العاملين به»، بحسب نهى التي تشير إلى «قتل واغتيال عدد كبير من الصحافيين، واستهداف مقرات عملهم في مناطق الصراع دون محاسبة للمسؤول عن ذلك، في سابقة لم تحدث تاريخياً، وتثبت عدم وجود إرادة دولية للدفاع عن الصحافيين».

وتقول نهى: «على الجانب الآخر، أدت ممارسات مؤسسات إعلامية دولية، كانت تعد نماذج في المهنية، إلى زعزعة الثقة في استقلالية الإعلام»، مشيرة إلى أن «دور الإعلام في الحروب والصراعات هو الإخبار ونقل معاناة المدنيين بحيادية قدر المستطاع، لا أن يصبح جزءاً من الحرب وينحاز لأحد طرفيها».

نهى النحاس

وترفض نهى «الصحافة المرافقة للقوات العسكرية»، وتعدها «صحافة مطعوناً في صدقيتها»، موضحة أن «الصحافي أو الإعلامي المرافق للقوات ينظر للمعركة بعين القوات العسكرية التي يرافقها؛ ما يعني أنه منحاز لأحد طرفَي الصراع». وتقول: «عندما ينخرط الصحافي مع جبهة من الجبهات لا يعود قادراً على نقل الحقائق».

وضعت الحروب الأخيرة الصحافيين في غرف الأخبار «أمام واقع جديد جعل أصواتهم غير مسموعة في مؤسساتهم، في بعض الأحيان»، وتوضح نهى ضاربة المثل بالرسالة المفتوحة التي وقّعها عدد من الصحافيين في صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية ضد تغطية حرب غزة وتجاهل قتل عدد كبير من الصحافيين، والتي أدت في النهاية إلى إيقافهم عن تغطية حرب غزة.

زعزعت الانحيازات الإعلامية في التغطية، الثقة في استقلالية الإعلام، وأفقدت مؤسسات إعلامية كبرى مصداقيتها، بعد أن كانت حتى وقت قريب نماذج للالتزام بالمعايير المهنية. ورغم ما فقدته مؤسسات الإعلام الدولية من رصيد لدى الجمهور، لا تتوقع نهى أن «تقدم على تغيير سياستها؛ لأن ما حدث ليس مجرد خطأ مهني، بل أمر مرتبط بتشابك مصالح معقد في التمويل والملكية». ولفتت إلى أن «الحروب عطّلت مشروعات التطوير في غرف الأخبار، وأرهقت الصحافيين نفسياً ومهنياً».

وترى أن تراجع الثقة في نماذج الإعلام الدولية، يستدعي العمل على بناء مدارس إعلامية محلية تعكس الواقع في المجتمعات العربية، مشيرة إلى وجود مدارس صحافية مميزة في مصر ولبنان ودول الخليج لا بد من العمل على تطويرها وترسيخها بعيداً عن الاعتماد على استلهام الأفكار من نماذج غربية.

بناء تلك المدارس الإعلامية ليس بالأمر السهل؛ فهو بحسب نهى «يحتاج إلى نقاش وجهد كبير في التعليم وبناء الكوادر وترسيخ الإيمان بالإعلام المستقل». وهنا تؤكد أن «استقلالية الإعلام لا تعني بالضرورة تمويله من جهات مستقلة، بل أن تكون إدارته التحريرية مستقلة عن التمويل قدر الإمكان»، مشددة على أن «التمويل العام لوسائل الإعلام مهم ومرحّب به، لا سيما في لحظات الاستقطاب السياسي؛ حتى لا يلعب المال السياسي دوراً في تخريب مصداقية المؤسسة».

غيّرت الحروب غرف الأخبار وألقت بظلالها على طريقة عملها، لتعيد النقاشات الإعلامية إلى «الأسس والمعايير والأخلاقيات»، تزامناً مع تطورات تكنولوجية متسارعة، ترى نهى أنها «ضرورية لكن كأدوات لإيصال الرسالة الإعلامية بفاعلية».

من هذا المنطلق، ترفض نهى التوسع في مناقشة قضايا الذكاء الاصطناعي على حساب القضايا المهنية، وتقول: «نحتاج إلى إعادة تثبيت وترسيخ القواعد المهنية، ومن ثم الاهتمام بالأدوات التي تسهل وتطور الأداء، ومن بينها الذكاء الاصطناعي الذي لا يمكن إنكار أهميته».

وتضيف: «إذا كان الأساس به خلل، فإن الأداة لن تعالجه؛ لذلك لا بد من مناقشات في غرف الأخبار حول الأسس المهنية لاستعادة الجمهور الذي انصرف عن الأخبار».

وبالفعل، تشير دراسات عدة إلى تراجع الاهتمام بالأخبار بشكل مطرد، تزامناً مع تراجع الثقة في الإعلام منذ جائحة «كوفيد-19»، وتزايد ذلك مع الحرب الروسية - الأوكرانية. ووفقاً لمعهد «رويترز لدراسات الصحافة»، فإن «نحو 39 في المائة من الجمهور أصبحوا يتجنبون الأخبار».

وهنا تقول نهى إن «الثقة تتراجع في الإعلام بشكل مطرد؛ لأن الجمهور يشعر أن صوته لم يعد مسموعاً، إضافة إلى تشبع نسبة كبيرة من الجمهور بأخبار الحرب، إلى حد مطالبة البعض بنشر أخبار إيجابية». وتضيف أن «هذا التراجع امتزج مع صعود منصات التواصل التي أصبحت يُخلط بينها وبين الإعلام المؤسسي، لا سيما مع ما قدمته من متابعات للحروب والصراعات الأخيرة».

وتشير رئيسة «منتدى مصر للإعلام» إلى أن «الحروب الأخيرة في أوكرانيا وغزة وضعت أعباء مالية، وفرضت محتوى مختلفاً على المؤسسات الإعلامية أدى إلى زيادة تجنب الجمهور للأخبار»، بحسب ما جاء في دراسة نشرها معهد «رويترز لدراسات الصحافة»؛ ما يستلزم البحث عن وسائل لإعادة جذبه، أو لـ«غرفة أخبار ثالثة» كما فعلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، مستهدفة «جذب مزيد من القراء وزيادة الموارد».

وتستهدف «غرفة الأخبار الثالثة» إنشاء محتوى خاص لمنصات التواصل الاجتماعي، ومقاطع فيديو قصيرة تتناول موضوعات متنوعة لجذب الأجيال المرتبطة بالهواتف الذكية.

ويعد التدريب واحداً من أدوار المنتديات الإعلامية، ومن بينها «منتدى مصر للإعلام». وأوضحت نهى، في هذا المجال، أن «المنتديات الإعلامية هي تعبير عن الواقع الإعلامي لدولةٍ أو منطقةٍ ما، ونقطة تلاقٍ لمناقشة قضايا ومعارف مهنية، وملاحقة التطورات التكنولوجية».

وكان من المقرر عقد النسخة الثالثة من «منتدى مصر للإعلام» نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن تم تأجيلها «بسبب الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في المنطقة والتي كانت ستؤثر على حضور بعض ضيوف (المنتدى)»، بحسب نهى التي تشير إلى أنه «سيتم عقد النسخة الثالثة من (المنتدى) منتصف 2025».

وتوضح أنه «يجري حالياً مراجعة أجندة (المنتدى) وتحديثها وتغييرها استعداداً للإعلان عنها في الربع الأول من العام المقبل»، مشيرة إلى أنه لم يتم الاستقرار بعدُ على عنوان النسخة الثالثة، وإن كان هناك احتمال للإبقاء على عنوان النسخة المؤجلة «يمين قليلاً... يسار قليلاً!».

وتقول نهى إن «منتدى مصر للإعلام» سيركز كعادته على المناقشات المهنية والتدريبات العملية، لا سيما «منصة سنة أولى صحافة» المخصصة لتقديم ورش تدريبية لطلاب الإعلام تتناول الأساسيات والمعايير المهنية.

وتختتم حديثها بالتأكيد على أن الالتزام بالمعايير المهنية هو الأساس لبقاء الإعلام المؤسسي، مجددة الدعوة لفتح نقاشات جادة بشأن مأسسة نماذج إعلام محلية في المنطقة العربية.