مقاتلو المعارضة السورية يصدون محاولات «داعش» للتمدد إلى حي القدم جنوب دمشق

نجاحه يعني الوصول إلى مسافة تبعد كيلومتر واحد عن العاصمة

صورة وزعتها الشرطة البريطانية أمس تبدو فيها زاهرة طارق، من منطقة ولثام فوريست في شرق لندن، مع أطفالها الأربعة في مطار السيتي بالعاصمة البريطانية قبل مغادرتهم إلى أمستردام  بهولندا. وتتخوف الجهات الأمنية في لندن أن تكون العائلة في طريقها إلى سوريا (إ.ب.أ)
صورة وزعتها الشرطة البريطانية أمس تبدو فيها زاهرة طارق، من منطقة ولثام فوريست في شرق لندن، مع أطفالها الأربعة في مطار السيتي بالعاصمة البريطانية قبل مغادرتهم إلى أمستردام بهولندا. وتتخوف الجهات الأمنية في لندن أن تكون العائلة في طريقها إلى سوريا (إ.ب.أ)
TT

مقاتلو المعارضة السورية يصدون محاولات «داعش» للتمدد إلى حي القدم جنوب دمشق

صورة وزعتها الشرطة البريطانية أمس تبدو فيها زاهرة طارق، من منطقة ولثام فوريست في شرق لندن، مع أطفالها الأربعة في مطار السيتي بالعاصمة البريطانية قبل مغادرتهم إلى أمستردام  بهولندا. وتتخوف الجهات الأمنية في لندن أن تكون العائلة في طريقها إلى سوريا (إ.ب.أ)
صورة وزعتها الشرطة البريطانية أمس تبدو فيها زاهرة طارق، من منطقة ولثام فوريست في شرق لندن، مع أطفالها الأربعة في مطار السيتي بالعاصمة البريطانية قبل مغادرتهم إلى أمستردام بهولندا. وتتخوف الجهات الأمنية في لندن أن تكون العائلة في طريقها إلى سوريا (إ.ب.أ)

صدّت قوات «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» أمس، هجومًا واسعًا لتنظيم داعش على حي القدم في جنوب دمشق، حاول إثره التمدد من ضاحية الحجر الأسود إلى الحي الخاضع لسيطرة «الأجناد»، ليصبح على بعد مسافة كيلومتر واحد من أطراف العاصمة السورية.
ويعد هذا الهجوم، أحدث محاولة من التنظيم المتطرف للتمدد في أحياء جنوب دمشق وضواحيها، وقد جاء إثر مقتل عنصر من «داعش» متهم بمحاولة اغتيال قائد «أجناد الشام» في حي القدم، وذلك بعد ملاحقته من قبل «الأجناد» وإصابته. وتوعّد «داعش» بالسيطرة على حي القدم، بعد الهجوم. وبالفعل أعلن «الأجناد» عن وقوع اشتباكات عنيفة خاضها مقاتلوها في حي القدم الدمشقي بعد محاولة «داعش» التقدم باتجاه الحي الدمشقي.
وقال إسماعيل الداراني، عضو مجلس الثورة في دمشق، لـ«الشرق الأوسط» إن «أجناد الشام» لديه «قوة ضاربة تعدّ بالمئات في حي القدم، حشدت مقاتليها إثر الهجوم وصدّته، ومنعت (داعش) من التقدم إلى الحي»، وأشار إلى أن مقاتلي التنظيم المتشدّد «لا يستطيعون التقدم مع أنه يحشد مقاتليه من الحجر الأسود للسيطرة على القدم». وللعلم، لا يفصل بين القدم والحجر الأسود سوى خط سكة القطار فقط. وتعدّ المنطقتان من المناطق التي تحاصرها قوات النظام السورية التي ألزمت مقاتلي حي القدم بهدنة عسكرية، سمحت بموجبها إدخال المساعدات الإنسانية إلى الحي، وتعرّضت الهدنة في مرات كثيرة للاختراق من قبل قوات النظام، كما يقول ناشطون. وحسب الداراني أن مقاتلي «الأجناد» يعملون «على ملاحقة بعض خلايا داعش النائمة داخل الحي، بهدف محاصرتهم ومنعًا من الاتصال بمقاتلي داعش المهاجمين من الحجر الأسود»، مشددًا على أن الوضع «تحت السيطر ة».
هذا، وتسيطر فصائل «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» وحدها على حي القدم الدمشقي . الذي تفصله عن العاصمة مسافة كلم واحد، ويعد هذا الاشتباك، من الحوادث القليلة بين التنظيمين، علمًا أن «الأجناد» كان آخر الفصائل التي أعلنت الحرب على «داعش» بجنوب دمشق. وسجلت عدة اختراقات من قبل التنظيم، محاولاً إطلاق النار ضد مقاتلي «الأجناد»، الذي يقول مقربون منه إن «داعش باشر الاعتداء علينا». وتمثّل آخر تلك الأحداث، بمحاولة «داعش» اغتيال الشيخ أنس أبو مالك الشامي، قائد قطاع جنوب العاصمة دمشق في «الأجناد»، الذي أصيب بجروح بليغة إثر المحاولة، لكنه نجا. وعلى الأثر، لاحق «الأجناد» المتورطين الذين تبين أنهم يتبعون «داعش».
وفصّل «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» في بيان له، أنه «تم اعتقال أحد المتورّطين في هذه الجريمة الشنيعة وقد اعترف المنفذ على أحد الأشخاص وأثناء محاولة إلقاء القبض عليه أصيب بنيراننا وتمكن من الفرار»، كما أشار إلى أنه المعتقل «أقر بانتمائه إلى داعش في مخيم اليرموك»، في حين أنكر الأخير ذلك. وأشار البيان إلى أن المتهم الرئيس، قتل متأثرًا بجراحه أول من أمس، مما دفع التنظيم لمحاولة التقدم باتجاه حي القدم الدمشقي ثأرًا للقتيل. وكانت اشتباكات متقطّعة وعمليات قنص متبادلة دارت ليل الجمعة - السبت بين عناصر التنظيم المتطرف على أطراف حي القدم من جهة العسالي، كما أفاد ناشطون. وأسفرت المعارك عن وقوع عدد من الإصابات في صفوف الطرفين.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.