تفاقم أزمة البطالة في إيران وسط وعود حكومية بالإصلاح

20 مليونًا بين أميّ وشِبه أميّ.. والمحافظات المهمشة تسجل أعلى النِّسَب

إيرانيون عاطلون ينتظرون فرصة عمل وقتي في مدينة أران بمحافظة أصفهان (غيتي)
إيرانيون عاطلون ينتظرون فرصة عمل وقتي في مدينة أران بمحافظة أصفهان (غيتي)
TT

تفاقم أزمة البطالة في إيران وسط وعود حكومية بالإصلاح

إيرانيون عاطلون ينتظرون فرصة عمل وقتي في مدينة أران بمحافظة أصفهان (غيتي)
إيرانيون عاطلون ينتظرون فرصة عمل وقتي في مدينة أران بمحافظة أصفهان (غيتي)

تعاني إيران من أزمة بطالة حادة منذ سنوات، إذ فاق عدد خريجي الجامعة العاطلين عن العمل مليونين و200 ألف عام 2015، ويتوقع أن يتضاعف هذا العدد بحلول عام 2020، وفقا لبحث جديد أجراه مركز أبحاث البرلمان الإيراني.
ويظهر ارتفاع نسب البطالة الرسمية عجز الحكومات الإيرانية المتعاقبة في مواجهة أزمة البطالة، على الرغم من وعود مكافحة هذه الظاهرة بصورة نهائية عبر الإعلان عن مشاريع متعددة للسيطرة على الأزمة، وفقا لتقرير وكالة «مهر» الحكومية أول من أمس.
ويفيد تحليل مركز أبحاث البرلمان الإيراني أن معدلات البطالة واصلت الارتفاع بلا هوادة منذ بداية حكم الرئيس حسن روحاني، إذ ارتفع عدد الوافدين إلى سوق العمل من حاملي الشهادات الجامعية ليصل إلى نحو 5.6 مليون في 2013، بينما أظهرت الإحصائيات السابقة تراجع مؤشر الباحثين عن العمل بين عامي 2005 و2012. في الوقت ذاته، ذكرت الدراسة أن عام 2010 شهد أعلى نسبة معدلات البطالة حيث بلغ ما يعادل 13.5 في المائة في الوقت الذي كان النمو الاقتصادي في نفس العام 6.5 في المائة، وهو أعلى نسبة نمو بين 2005 و2014.
وبهذا الصدد، كان وزیر العمل والرفاه الاجتماعي قد صرح في 8 أغسطس (آب) الماضي بأن «كل خمس دقائق يزداد إيراني إلى عدد العاطلين عن العمل»، مشددا على ضرورة تأمين 800 ألف وظيفة سنويا. كما أوضح أن وزارته تغطي تأمين عشرة ملايين من ذوي الدخل المحدود وسكان الأحياء الفقيرة.
ومن جانبه، أوصى مركز أبحاث البرلمان الرئيس روحاني وإدارته، التي ترفع شعار حكومة «التدبير والأمل»، تجنب «إطلاق وعود غير واقعية تحت تأثير الأحاسيس»، ردا على مطالب شعبية في ظل اتساع دائرة البطالة المليونية. كذلك نصحت الدراسة الرئيس الإيراني بالبحث عن حلول جذرية لأزمة البطالة في زياراته للمحافظات، بدلا من تكرار جملة «بطالة الشباب مريرة».
وتتوقع الدراسة أن يصل معدل البطالة في 2020 إلى نحو 15.9 في المائة، وذلك على أحسن تقدير. أما في أسوأ الحالات، أي إذا لم يصل معدل النمو الاقتصادي إلى 5 في المائة، قد تفوق نسبة العاطلين عن العمل 18 في المائة. وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجه الحكومة، والناجمة عن اعتمادها على مبيعات النفط وانهيار أسعاره، فإن أغلب الدراسات يشير إلى أن معدلات النمو الاقتصادي لن تصل إلى 5 في المائة اللازمة لتقليص نسبة البطالة إلى 10 في المائة.
ووفقا للإحصائيات الرسمية، فإن عدد الشباب العاملين تراجع إلى نحو 2.26 مليون في نهاية 2013، مقارنة بـ4.49 عام 2005، ما يشير إلى أن 2.23 مليون شاب إيراني فقدوا وظائفهم خلال ثمانية أعوام.
ويشكك كثير في صحّة الإحصاءات الرسمية، إذ كانت مجلة «ميس» (Middle East Economic Survey)، المهتمة بالشؤون الاقتصادية والطاقة في الشرق الأوسط، قد ذكرت في تقرير أن أزمة البطالة في عام 2005 وحده بلغت 40 في المائة، أي ما يعادل 28 مليون شخصا. وفي السياق نفسه تشير أحدث أرقام البنك الدولي، التي نشرت في يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى أن 54 مليون إيراني خارج سوق العمل، مقابل 23.8 موظفا في مختلف القطاعات. وأشار التقرير كذلك إلى أن معدلات البطالة بين النساء وصلت إلى 18 في المائة وبين الرجال 7.9 في المائة، بينما بلغت نسبة البطالة بين الشباب بين 15 و24 عاما 22.9 في المائة.
على صعيد آخر، قال علي باقرزادة، مساعد وزير التعليم والتربية في مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي، إن إيران تشمل 20 مليون أميّ وشِبه أميّ، يعاني 9 ملايين و700 ألف منهم من الأمية التامة. وكان عطاء الله سلطاني، عضو لجنة التعليم والأبحاث في البرلمان الإيراني قد صرح قبل ذلك في حوار مع وكالة «مهر» نشر في 23 أغسطس الماضي بأن عدد الأميين في إيران 9 ملايين و600 ألف شخص، معتبرا ذلك «كارثة لبلد مثل إيران». وذكر سلطاني أن غالبية الأميين ينتمون إلى الفئة العمرية فوق سن 35 سنة، بينما أفاد باقرزادة أن ثلاثة ملايين و400 من الأميين تتراوح أعمارهم بين 10 و50 عاما، كما أكد وجود 11 مليون شبه أمي في إيران. علاوة على ذلك، أكد باقرزادة أن محافظات بلوشستان وأذربيجان وكردستان تحتل الرتبة الأولى من حيث نسبة الأميين في إيران، وعزا ارتفاع نسبة الأمية إلى التنوع العرقي ووعورة المناطق الحدودية والفقر والتهميش والعجز في توفير مستلزمات التعليم، بينما ذكر أن محافظات طهران وأصفهان كانت الأقل أمية في إيران.



قائد «الحرس الثوري»: «حزب الله» فرض إرادتَه على إسرائيل

سلامي يتوسط الرئيس مسعود بزشكيان وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني خلال مراسم ذكرى سليماني في طهران الخميس الماضي (تسنيم)
سلامي يتوسط الرئيس مسعود بزشكيان وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني خلال مراسم ذكرى سليماني في طهران الخميس الماضي (تسنيم)
TT

قائد «الحرس الثوري»: «حزب الله» فرض إرادتَه على إسرائيل

سلامي يتوسط الرئيس مسعود بزشكيان وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني خلال مراسم ذكرى سليماني في طهران الخميس الماضي (تسنيم)
سلامي يتوسط الرئيس مسعود بزشكيان وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني خلال مراسم ذكرى سليماني في طهران الخميس الماضي (تسنيم)

قال قائد «الحرس الثوري»، حسين سلامي، إن جماعات «محور المقاومة»، بما في ذلك «حزب الله» اللبناني، «فرضت إرادتها على إسرائيل»، فيما قال عضو في لجنة الأمن القومي البرلمانية إن بلاده دربت 130 ألفاً من المقاتلين في سوريا، متحدثاً عن جاهزيتهم للتحرك.

وتوجه سلامي، الاثنين، إلى مدينة كرمان، في جنوب وسط إيران، حيث مدفن الجنرال قاسم سليماني، المسؤول السابق عن العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، الذي قُتل في غارة جوية أميركية مطلع عام 2020.

ونقلت وسائل إعلام «الحرس الثوري» عن سلامي قوله: «العدو منهك، ولا يعرف ماذا يفعل؛ لم يعد لديه مكان للهروب». وتابع أن «جبهة المقاومة» اليوم في ذروة «قوتها»، مشيراً إلى «حزب الله»، وقال إن الجماعة الموالية لإيران «فرضت إرادتها على إسرائيل، والحكاية مستمرة».

وتعرَّض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات، بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها؛ حركة «حماس» الفلسطينية، وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال المتحدث باسم «الحرس الثوري»، الجنرال علي محمد نائيني، في مؤتمر صحافي، إن «سماء الأراضي المحتلة مفتوحة وغير محمية بالنسبة لنا». وأضاف أن «الجمهورية الإسلامية كانت مستعدة تماماً للمعارك الكبرى والمعقدة والصعبة على أي مقياس منذ وقت طويل».

أتى ذلك، في وقت نفت وزارة الخارجية الإيرانية تصريحات منسوبة لوزير الخارجية، عباس عراقجي، بشأن «خطورة الحكومة الإسلامية في سوريا».

وقال المتحدث باسم الخارجية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحافي دوري، إن الأنباء التي تحدثت عن ذلك «غير صحيحة. هذه الأخبار ملفقة حقاً، ومصممة لإثارة الفتنة بين دول المنطقة؛ وهناك الكثير منها».

وأضاف: «مواقف إيران تجاه سوريا واضحة، ومنذ بداية الأحداث تم التأكيد على أننا نحترم اختيار الشعب السوري، وما يقرره الشعب السوري يجب أن يُحترم من قبل جميع دول المنطقة». ونقلت وكالة «أرنا» الرسمية قوله إن «الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسلامتها مهم لنا وللمنطقة بأسرها، وفي الوقت نفسه، طرحنا المخاوف المشتركة».

وأضاف: «يجب أن تتمكن سوريا من اتخاذ قراراتها بشأن مصيرها ومستقبلها دون تدخلات مدمرة من الأطراف الإقليمية أو الدولية، وألا تتحول بأي حال من الأحوال إلى مأوى لنمو الإرهاب والعنف».

مصير حزين

وقبل ذلك، بساعات، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن الجنرال قاسم قريشي، نائب رئيس قوات «الباسيج» التابعة لـ«الحرس الثوري»، مساء الأحد، إن «سوريا اليوم محتلة من ثلاث دول أجنبية».

وأضاف قريشي: «نرى مصيراً حزيناً لسوريا، نشهد أقصى درجات الحزن والأسى لشعب سوريا».

وقال إن «سوريا التي كان من المفترض أن تكون اليوم في سلام كامل، أصبحت تحت سيطرة أكثر من 5 مجموعات انفصالية وإرهابية، فضلاً عن احتلالها من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وتركيا».

في سياق موازٍ، قال عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان، النائب أحمد بخايش أردستاني، إن «قوات المقاومة في سوريا مستعدة لتفعيلها بأي لحظة»، متحدثاً عن تدريب 130 ألف مقاتل «مقاوم» في سوريا.

ورجح النائب أن تزداد «النزاعات المسلحة» في سوريا، وقال في تصريح موقع «إيران أوبزرفر»، إن «هناك العديد من العوامل التي تشير إلى استمرار التوترات العسكرية في سوريا، ويبدو أن الصراعات المسلحة في البلاد ستستمر وربما تزداد».

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع المرشد الإيراني علي خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل». وقال إن إيران ليس لديها «وكلاء» في المنطقة، و«لن تحتاج إلى قوات تعمل بالنيابة إذا ما أرادت اتخاذ إجراء في المنطقة».

وأشار النائب إلى أن «قوات المقاومة السورية ساعدت في حفظ بشار الأسد وهزيمة (داعش)، لكن الجيش السوري منعهم من الانضمام إلى هيكل الجيش. وعندما نفذت (تحرير الشام) عمليات ضد الأسد، توقفت قوات المقاومة عن مساعدته. هذه القوات لا تزال موجودة ولديها القدرة على النشاط، ومن غير المحتمل أن يقبل العلويون الحكومة الجديدة إلا إذا زادت الحكومة قوتها الاقتصادية أو ضمنت استقرارهم الاقتصادي».

إيران وسوريا الجديدة

وأوضح أن «تصريحات المرشد بشأن الشباب السوري لا تعني أن إيران ستدعم فصائل المقاومة السورية، بل تعني أن الحكومة الجديدة في سوريا لا تستطيع مواجهة التحديات العديدة التي ستواجهها». وتوقع بذلك أن «تعاني البلاد من مشكلات أمنية ومعيشية كبيرة، وفي هذه الظروف، سيبدأ الشباب في سوريا في التحرك بشكل تلقائي، وسيشكلون تنظيمات لمواجهة الحكومة السورية الجديدة».

أما سياسة إيران تجاه سوريا، فقد أكد أردستاني أنها «تلتزم الصمت حالياً، لكن هذا الصمت لا يعني اللامبالاة، حيث إن حكام سوريا الجدد يواجهون تحديات كبيرة لتشكيل حكومة قوية في سوريا، ولا حاجة لإضافة تحديات جديدة لها».

وقال إن القيادة السورية الجديدة «لا تمانع من خلق نوع من الثنائية، أو القول إن الجمهورية الإسلامية تتدخل في شؤون سوريا، لأن حسب زعمهم لا يجدون دولة أضعف من إيران».

وأضاف في السياق نفسه: «ليست لديهم القوة أو الرغبة في مواجهة إسرائيل، وهم يتلقون دعماً مباشراً من تركيا. كما يسعون لجذب استثمارات الدول العربية دون أن يكون لديهم اهتمام بمواقفها، لكنهم لا يمانعون في اتخاذ موقف معادٍ لإيران».

بشأن روسيا، أوضح أنها «لن تتخلى عن نفوذها في سوريا، إذ حرصت على الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط ولا ترغب في فقدان قواعدها البحرية في شمال غرب سوريا».

وأعرب أردستاني عن اعتقاده بأن إنشاء نظام ديمقراطي في سوريا «يتطلب قادة يؤمنون بالديمقراطية، وهو غير متوقع في ظل جماعات مثل (تحرير الشام) التي لا تتوافق مع الديمقراطية الغربية». وأضاف أن «الخلافات بين الفصائل المسلحة في سوريا تجعل من الصعب تسليم الأسلحة للحكومة الجديدة».

وأشار أردستاني إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا قد يسعون لإبعاد أحمد الشرع، بسبب رفضه «تشكيل حكومة علمانية»، لافتاً إلى أن الشرع «يفضل كسب رضا الدول الأجنبية على إرضاء شعبه مما يضعف فرصه في كسب ثقة السوريين».

واتهم النائب الحكام الجدد في سوريا بتجاهل «السيادة السورية» بعدما قصفت إسرائيل مئات النقاط من البنية التحتية السورية بعد سقوط النظام السابق.

وأضاف أن حديث الإدارة الجديدة في دمشق عن «القيم العالمية يهدف لتثبيت حكمهم»، مرجحاً أن القوى الكبرى «قد تسعى مستقبلاً لاستبدال شخصية تؤمن بالعلمانية والديمقراطية الغربية بهم، مما قد يحفز الدول العربية على الاستثمار في سوريا».

كما تحدث عن «تبعية» حكام سوريا الجدد للدول الأجنبية، موضحاً أن «تحرير الشام» وأحمد الشرع يعتمدان على تركيا ودول أخرى. كما أضاف أن العلويين والأكراد، الذين يشكلون أقليات كبيرة في سوريا، يرفضون التعاون مع الحكومة المؤقتة ويخوضون صراعات مع الجماعات المتحالفة مع «تحرير الشام».

وقال إن «الأكراد، أكبر أقلية عرقية في سوريا، يخوضون معارك مع بعض المعارضين المسلحين المتحالفين مع (تحرير الشام)، في وقت يحظون فيه بدعم أميركي، بينما تسعى تركيا للقضاء على الجماعات المسلحة الكردية في شمال سوريا».