رئيس شركة عقارية: الاستثمار في سوق العقارات اليونانية ليس فكرة جيدة!

أندرو لانغتون لـ«الشرق الأوسط»: قطاع العقار فقد نصف قيمته منذ بداية أزمة الديون

فيلا فينشيا معروضة للبيع بسعر 3.5 مليون يورو.. وفي الإطار الخبير العقاري أندرو لانغتون
فيلا فينشيا معروضة للبيع بسعر 3.5 مليون يورو.. وفي الإطار الخبير العقاري أندرو لانغتون
TT

رئيس شركة عقارية: الاستثمار في سوق العقارات اليونانية ليس فكرة جيدة!

فيلا فينشيا معروضة للبيع بسعر 3.5 مليون يورو.. وفي الإطار الخبير العقاري أندرو لانغتون
فيلا فينشيا معروضة للبيع بسعر 3.5 مليون يورو.. وفي الإطار الخبير العقاري أندرو لانغتون

وصلت سوق العقارات اليونانية إلى أسوأ حالاتها هذا العام، وفقد قطاع العقار نصف قيمته منذ بداية أزمة الديون اليونانية، وفقا لتقدير شركات العقار اليونانية. وشرح الخبير العقاري اللندني أندرو لانغتون، رئيس مجلس إدارة شركة «إيلزفورد إنترناشيونال» العقارية، أبعاد الأزمة بوجود خمول تام للأسواق في اليونان وتوقف نشاط البيع والشراء تقريبا. ونفى لانغتون أن يكون الاستثمار في العقار اليوناني يمثل في الوقت الحاضر فكرة جيدة.
وفي أثينا، شرح وكيل عقاري محلي اسمه خريستوس بليتوس أن السوق كانت في أوج انتعاشها في عام 2004 عقب الدورة الأولمبية، حيث كان حجم التعاقدات في أثينا وحدها يصل إلى 250 ألف صفقة. ولكن في العام الماضي لم تجر في اليونان كلها سوى 3600 صفقة عقار. وبلغ الأمر أن بعض شقق الأحياء القديمة تراجع ثمنها إلى خمسة آلاف يورو، لكنها تبقى في السوق بلا مشتر.
ويحاول اليونانيون التخلص من العقارات الآن بسبب الضرائب الباهظة التي فرضتها الحكومة ضمن برنامج خفض الديون اليونانية، بينما ابتعد الأجانب عن الاستثمار في اليونان لفقدان الثقة في إمكانية التغلب على أزمة الديون والاحتمال القائم لخروج اليونان من منطقة اليورو.
«الشرق الأوسط» توجهت للخبير لانغتون ببعض التساؤلات عن السوق اليونانية نظرا لأن شركته لها تعاملات في هذه السوق، كما أن لانغتون نفسه يملك عقارات في جزيرة كورفو اليونانية.
* كيف كان التأثير على قطاع العقار اليوناني من جراء أزمة الديون اليونانية ومخاطر الخروج من منطقة اليورو؟
- كان تأثيرا سلبيا للغاية. فالسوق حاليا خاملة للغاية في كورفو وتوقفت التعاملات فيها.
* هل تعتقد أن الاستثمار في العقار اليوناني فكرة جيدة في الوقت الحاضر؟
- كلا.
* ما هي مخاطر الاستثمار في العقار اليوناني في الوقت الحاضر وتوقعات ارتفاع الأسعار في المستقبل؟
- حتى تنتهي الشكوك الاقتصادية السائدة حاليا حول اتفاق اليونان والاتحاد الأوروبي لإنقاذ البلاد من أزمة الديون فإن الاستثمار في العقار اليوناني سوف يستمر عالي المخاطر. وفي نهاية المطاف سوف يتحسن الموقف، لكن بشرط عودة الاستقرار الاقتصادي إلى البلاد.
* ما هي أفضل المناطق في اليونان للاستثمار العقاري.. وما أفضل أنواع العقارات للاستثمار فيها؟
- أفضل مناطق الاستثمار هي الجزر اليونانية التي لم تتأثر بمشكلة الهجرة، مثل جزر كوس وليسبوس في شرق المتوسط أو أي جزر قريبة من الساحل التركي. وفي اليونان نفسها نرشح منطقة بورتو هيلي كأفضل منطقة معيشية بالمقارنة مع أي منطقة أخرى في البحر المتوسط. ونحن ننصح بالتريث والحذر في شراء أي عقارات حول أثينا وسالونيكي، والتي يمكن أن تتعرض للتلف في حالات الشغب والعصيان المدني فيما إذا تدهور الوضع الاقتصادي.
* هل من السهل شراء العقارات اليونانية من الناحية البيروقراطية؟
- من السهل على مواطني الاتحاد الأوروبي الاستثمار في اليونان، ويمكن للأجانب أيضًا الشراء في اليونان ضمن النظم المحلية.
* ما هي الخطوات العملية لشراء العقار اليوناني ومعدلات الضرائب المتوقعة؟
- من الناحية الضريبية من الأفضل الشراء باسم المستثمر وليس عبر شركة مسجلة، حيث تجتذب الشركات مستويات ضريبية أعلى. وفي كل الأحوال يجب استشارة محام يوناني، ومعظمهم متمرسون على إنهاء الإجراءات بكفاءة ويتحدثون اللغة الإنجليزية بطلاقة.
* هل هناك أمثلة لأي نشاط عقاري يجري في اليونان في الوقت الحاضر؟
- التعاقدات العقارية قليلة في اليونان حاليا، ومع ذلك فإن سوق الإيجار منتعشة مع العديد من العقارات المؤجرة بالكامل خلال شهور الصيف الحالي. ويعني هذا أن سوق الشراء من أجل تأجير العقارات سوف تشهد بدايات الانتعاش، خصوصا للعقارات الساحلية التي تجذب المصطافين والسياح.
وتعاني سوق العقارات اليونانية من تخمة المعروض من العقارات وندرة المشترين. ويحاول المئات من مالكي العقار في اليونان التخلص من عقاراتهم بالبيع لعدم قدرتهم على سداد الأعباء الضريبية المتراكمة عليها. ولكن في مناخ من عدم الثقة وتفاقم المشاكل الاقتصادية لا يوجد مشترون في السوق.
ويجد ثلث أصحاب العقارات في اليونان صعوبة في تسديد الأعباء الضريبية، وقال أربعة من كل عشرة إنهم على استعداد لتسليم العقارات إلى الحكومة مجانًا للتخلص من الضرائب. ويخشى ثلث أصحاب العقارات مصادرة عقاراتهم لعدم قدرتهم على سداد أقساط القروض العقارية.
وبلغ الأمر أن قضية العقارات في اليونان تحولت إلى مجال الفكاهة، حيث تقول فكاهة دارجة إن أفضل وسيلة لمعاقبة الأبناء هي تحويل ملكية العقارات إليهم. ويوجد حاليا نحو نصف مليون عقار معروض للبيع في اليونان بلا مشترين، كما يبقى 300 ألف عقار شاغر.
وفي الوقت الذي يعتقد فيه وكيل العقارات اليوناني بليتوس أن الأسعار الحالية تمثل فرصة ذهبية للمستثمر الأجنبي، ويؤكد أن مستوى الضرائب معقول ولا يرتفع إلا بعد شراء العقار الثاني، فإن العديد من المستثمرين يعزفون الآن عن السوق اليونانية لأسباب جيدة. فمن دون استقرار اقتصادي وثقة في المستقبل لا تبدو العقارات اليونانية استثمارا جيدا في الوقت الحاضر.
وفي تجربة وكيل العقارات مانوليس أكاليستوس الذي يعمل من مكاتب شركته في جزيرة باروس ولديه نحو 500 عقار معروض للبيع، فإن عام 2014 كان أفضل أعوام العقار في المدينة، حيث باع نسبة 90 في المائة من العقارات المتاحة لمشترين أجانب. وهو يقول إنه قبل ذلك التاريخ كانت أسعار العقار في الجزيرة متضخمة لأن اليونانيين استطاعوا الحصول على قروض رخيصة بعد دخول اليونان إلى منطقة اليورو. وامتنع الأجانب حينذاك عن الشراء. ولكن بعد تراجع الأسعار عاد الأجانب بقوة خصوصا بعد صدور قانون يوناني جديد يمنح حق الإقامة للأجانب الذين يملكون عقارات في اليونان. وهو يعتقد أن الوضع لن يتحسن في اليونان إلا عندما يعود الانتعاش إلى أوروبا مرة أخرى ويبدأ الأجانب في شراء العقارات اليونانية. وفي الوقت الذي يعتقد فيه البعض أن اليونان فرصة جيدة للشراء الآن، فإن مجرد خروج اليونان من منطقة اليورو، وهو أمر وارد، سوف يعني تراجع أسعار العقارات إلى النصف مرة أخرى.
ومع ذلك، يخاطر العديد من البريطانيين بشراء العقارات اليونانية الرخيصة أملا في ارتفاع أسعارها في المستقبل. ويقول رئيس القطاع اليوناني في شركة «سافيلز الدولية للعقار» ألكسندروس مولاس إنه شهد بنفسه ارتفاعا ملحوظا في نشاط شراء البريطانيين لعقارات يونانية، خصوصا الفيلات في جزر ميكنوس وسانتوريني وكورفو. وهو يؤكد أنه منذ عام 2009 تراجعت الأسعار بنحو 35 في المائة، لكن التحول الوحيد في الشهور الأخيرة كان ارتفاع الاهتمام بصفقات الشراء من البريطانيين. وأسهمت في ذلك قوة الجنيه الإسترليني مقابل اليورو.
وما زال الوضع السياسي في اليونان غير مستقر بحكومة ائتلافية يسارية قد لا تستمر طويلا. لكن الاعتقاد السائد بين اليونانيين هو أن اليونان لن تغادر منطقة اليورو قريبا. وعلى الرغم مما يعتقده لانغتون بأن الاستثمار في اليونان الآن ليس فكرة جيدة، فإن العديد من الأوروبيين يستغلون فرصة انخفاض الأسعار ويلتقطون أفضل العقارات المتاحة في السوق بأسعار بخسة.
ويرى هؤلاء أن الفرص المتاحة في اليونان الآن لن تتكرر في جيل كامل خصوصا في القطاع الفاخر الذي كان يزيد تقليديا عن الأسعار في إسبانيا وتركيا بنسبة 40 في المائة لعدم وجود الكثير من هذه العقارات، لكنه الآن يتعادل في معدل الأسعار مع إسبانيا وتركيا.
ومن أكبر الصفقات التي تتحدث عنها اليونان في الوقت الحاضر شراء جزيرتين خاصتين بتعاقد ملكية يستمر مائة عام. ودفعت المليارديرة الروسية ألكترينا ريبولوفا مائة مليون يورو لشراء جزيرة سكوربيوس التي كان يملكها الثري اليوناني اريستوتل أوناسيس.
أما الاستثمار الثاني فكان من مسؤول قطري سابق رفيع دفع 4.9 مليون يورو لشراء جزيرة أوكسيا التي تبلغ مساحتها 1200 فدان. وبعد مفاوضات مستفيضة مع السلطات اليونانية سوف يسمح له بمساحة محدودة للبناء على الجزيرة وتبقى معظم غابات الجزيرة محمية طبيعية. وكان السعر المطلوب في جزيرة أوكسيا يبلغ 6.9 مليون يورو، بينما كان الثمن المطلوب في سكوربيوس 120 مليون يورو.

** نماذج لعقارات معروضة للبيع في اليونان
* فيلا فينشيا: وهي تقع شمال كورفو على مساحة 350 مترا مربعا ومكونة من ثلاثة طوابق، ولها طريق خاص نحو الشاطئ. وتحتوي الفيلا على كل متطلبات الحياة الحديثة بما في ذلك حماما سباحة خارجي وداخلي وقاعة للتريض. وهي تحتوي على سبع غرف نوم وغرفتي استقبال وستة حمامات وتعرضها للبيع شركة «إيلزفورد» بسعر 3.55 مليون يورو.
* فيلا كاباري: وهي تقع على جزيرة تينوس على مساحة 5700 متر مربع ومكونة من ست غرف نوم وخمسة حمامات، وحمام سباحة خارجي. وهي معروضة بسعر 1.8 مليون يورو.
* فيلا على مساحة 650 مترا مربعا في جزيرة ميكونوس بإطلالة على ثلاث جزر قريبة، تضم حمام سباحة على البحر وحدائق تراس على مساحة أربعة آلاف متر معروضة للبيع بسعر 6.2 مليون يورو. تعرض الفيلا للبيع وكالة «كريستي».
* فيلا قريبة من البحر في جزيرة كيا مكونة من ثماني غرف نوم تطل على البحر. لكن الوصول إلى هذه الجزيرة صعب بعد خفض رحلات السفن إليها من أثينا. وهي تعرض للبيع من وكالة «كريستي».



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»