العبادي يفتح المنطقة الخضراء في بغداد أمام المواطنين

في خطوة ضمن إجراءات لمكافحة الفساد في العراق

العبادي يفتح المنطقة الخضراء في بغداد أمام المواطنين
TT

العبادي يفتح المنطقة الخضراء في بغداد أمام المواطنين

العبادي يفتح المنطقة الخضراء في بغداد أمام المواطنين

أصدر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، توجيهات للقوات الأمنية لوضع ترتيبات تتيح فتح المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد، التي تضم مقرات حكومية وسفارات رئيسية، أمام المواطنين، حسبما أعلن مكتبه اليوم (الجمعة).
كما أعلن العبادي عزمه فتح شوارع رئيسية مغلقة من قبل شخصيات وأحزاب، في خطوات جديدة تأتي ضمن إجراءات لمكافحة الفساد وتحسين الخدمات، بدأت الحكومة بتطبيقها خلال الفترة الماضية، بعد مظاهرات شعبية حاشدة ودعم المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني.
وقال العبادي: «أصدرنا أوامر إلى الفرقة الخاصة وقيادة عمليات بغداد، بوضع الترتيبات اللازمة لفتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين»، وذلك بحسب بيان على موقعه الإلكتروني.
وتعد المنطقة الخضراء الواقعة وسط بغداد، أشد المناطق تحصينا في العاصمة، وهي تضم مقار حكومية أساسية كرئاسة الجمهورية ومجلسي الوزراء والنواب، إضافة إلى منازل مسؤولين وسياسيين بارزين.
وتضم المنطقة، وهي من الأرقى في بغداد وتمتاز بمبانيها الفخمة وشوارعها الواسعة، مقار دولية كمبنى الأمم المتحدة وسفارات دول كبرى أهمها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
ولا يمكن دخول المنطقة الخضراء، سوى للعاملين والمقيمين فيها، أو المستحصلين على إجازات دخول خاصة. وتحاط المنطقة بسور إسمنتي ونقاط حراسة، ويتطلب الدخول إليها عبور سلسلة من حواجز التفتيش. كما تنشر في داخلها دبابات وعربات مدرعة، وتتولى حمايتها قوات عراقية خاصة.
وفي عهد الرئيس الأسبق صدام حسين، كانت المنطقة الخضراء تضمّ القصور الرئاسية ومقار إقامة عدد من أبرز أركان النظام. إلا أنه في ذلك الوقت، كانت طرقاتها مفتوحة أمام السيارات.
وبعد سقوط النظام إثر الاجتياح الأميركي في 2003، تحول الكثير من هذه القصور إلى مقار للقوات الأميركية، ولاحقًا مقار إقامة للطبقة السياسية.
إلى ذلك، أمر العبادي القوات الأمنية في بغداد والمحافظات «بفتح الشوارع الرئيسية والفرعية المغلقة من قبل شخصيات وأحزاب ومتنفذين».
وتفرض الإجراءات الأمنية في بغداد وحماية منازل المسؤولين ومقرات الأحزاب وإدارات الدولة، والكثير منها خارج المنطقة الخضراء، إغلاق شوارع رئيسية وفرعية، مما يساهم في زيادة زحمة السير الخانقة التي تستمر معظم ساعات النهار، ويعقد من تنقل العراقيين في سياراتهم.
كما أمر العبادي اليوم، «بتشكيل لجان قانونية مختصة لمراجعة بيع وإيجار وتمليك عقارات الدولة في بغداد والمحافظات في المرحلة السابقة لأية جهة كانت، وإعادة الأموال التي تم الاستيلاء عليها خارج السياقات القانونية إلى الدولة، واستعادة الأموال التي فيها غبن في التقييم».
وتمكن عدد من السياسيين من الاستحواذ على قصور سابقة لصدام حسين أو منازل ذات قيمة مرتفعة، بشكل مجاني أو بأسعار رمزية.
وكانت الحكومة قد أقرّت في 9 أغسطس (آب)، إجراءات لمكافحة الفساد وتحسين الخدمات العامة، بعد أسابيع من المظاهرات، ودعوة المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني العبادي ليكون أكثر جرأة ضد الفساد.
ووافق البرلمان بعد يومين على الحزمة، مرفقًا إياها بإجراءات إضافية.
وعلى الرغم من دعم السيستاني والمطالب الشعبية، يرى محللون أنّ إجراء أي تغيير جذري في العراق سيكون صعبًا، نظرًا للطبيعة المتجذرة للفساد واستفادة الأحزاب منه، إضافة إلى تعقيدات الوضع السياسي والمذهبي.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».