واشنطن ترسل مبعوثها الخاص لسوريا لإجراء مشاورات حول الأزمة في موسكو والرياض وجنيف

المتحدث باسم الخارجية الأميركية: لدينا قلق قديم من دعم موسكو للأسد

واشنطن ترسل مبعوثها الخاص لسوريا لإجراء مشاورات حول الأزمة في موسكو والرياض وجنيف
TT

واشنطن ترسل مبعوثها الخاص لسوريا لإجراء مشاورات حول الأزمة في موسكو والرياض وجنيف

واشنطن ترسل مبعوثها الخاص لسوريا لإجراء مشاورات حول الأزمة في موسكو والرياض وجنيف

أعلنت الخارجية الأميركية أن مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى سوريا مايكل رانتي سيقوم بجولة دبلوماسية يزور فيها موسكو والرياض وجنيف اليوم الجمعة. وقال المتحدث باسم الخارجية جون كيربي إن رانتي الذي يتقن اللغة العربية وسبق أن شغل مراكز دبلوماسية في الكثير من دول الشرق الأوسط، سيتوجه في نهاية الأسبوع إلى موسكو ثم الرياض فجنيف وذلك لإجراء مباحثات مع مسؤولين روس وسعوديين وآخرين في الأمم المتحدة.
وتهدف الجولة إلى مواصلة النقاشات حول انتقال سياسي حقيقي في سوريا ووضع حد للأزمة السورية المستمرة منذ أربع سنوات. وفي جنيف سيلتقي رانتي مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا ستيفان دي ميستورا.
ويأتي هذا التحرك في إطار الجهود الدبلوماسية التي كثفت في الأسابيع الأخيرة في محاولة لحل النزاع السوري.
وقال جون كيربي المتحدث باسم الخارجية الأميركية لمجموعة من الصحافيين أمس، إنه ليس هناك حل عسكري للأزمة السورية، وأضاف: «إن جولة المبعوث الأميركي لسوريا مايكل رانتي هي جزء من جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري لاستكشاف الخيارات لحل الأزمة السورية مع الروس والمسؤولين السعوديين، وبحث عملية سياسية نعرف أنها يتعين أن تشمل جماعات المعارضة». وأضاف «الولايات المتحدة أعربت عن قلقها منذ وقت طويل حول دعم موسكو للأسد»، مؤكدا أن ما يمارسه الأسد من وحشية ضد شعبه وفقدان الشرعية لحكمه قد سمح لداعش بالتوسع داخل سوريا.
وأضاف أن الدبلوماسي الأميركي سيناقش «خيارات تعرض على المجتمع الدولي، ولا سيما مجموعة الولايات المتحدة - روسيا - السعودية من أجل عملية سياسية في سوريا»، مجددا التأكيد على أنه ليس هناك من حل عسكري للأزمة السورية.
ويأتي إعلان الخارجية الأميركية إرسال مبعوثها الخاص الذي عين في 27 يوليو (تموز) الماضي، بعد يوم من تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي مع نظيره المصري، حول أن بلاده تساند إنشاء تحالف دولي واسع لمحاربة «داعش» يشمل سوريا.
وتلعب موسكو دورا بارزا في الأزمة السورية منذ بدايتها، مع مشاورات منتظمة مع المجتمع الدولي واستضافة مؤتمرات متعددة للمعارضة السورية ومشاورات مستمرة بين موسكو وواشنطن، وقد أظهرت روسيا موقفا إيجابيا في دعمها لمشروع قرار مجلس الأمن 2235 حول سوريا ودعمها للخطة التي اقترحها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا.
لكن غموض موقف روسيا حول طبيعة المرحلة الانتقالية في سوريا ومصير بشار الأسد ظلا محل تساؤلات كثيرة خاصة مع التصريحات الروسية المتباينة. فقد أكدت موسكو لرئيس الائتلاف السورية خالد خوجة عدم تمسكها بالأسد، ثم جاء إعلان وزير الخارجية سيرجي لافروف رفض رحيل الأسد وإعلان بوتين استعداده لضم الحكومة السورية في تحالف دولي لمكافحة «داعش».
وأدت الاختلافات حول مصير الأسد إلى فشل محاولات العام الماضي لإحياء عملية جنيف، التي تدعمها الأمم المتحدة، بين المعارضة السورية ووفد من الحكومة السورية. وأصرت الإدارة الأميركية منذ فترة طويلة أن أي جهد دبلوماسي يجب أن يتضمن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد. ورحبت الولايات المتحدة بالجهود التي تقوم بها روسيا لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة السورية. وتساند واشنطن جهود الأمم المتحدة والمبعوث الخاص ستيفان دي ميستورا وتؤكد على التمسك ببنود جنيف واحد إلى تدعو إلى نقل السلطة إلى هيئة حكم انتقالي. وفي الوقت نفسه تقوم الولايات المتحدة بتدريب وتجهيز مقاتلي المعارضة السورية لمكافحة «داعش» في سوريا.
وتقف دول هامة في التحالف الدولي ضد «داعش» مثل المملكة العربية السعودية وتركيا ضد استمرار الأسد في أي مستقبل لسوريا. وأعرب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في عدة لقاءات مع المسؤولين الروس والأميركيين والبريطانيين أن الموقف السعودي، هو الموقف الرافض لاستمرار الرئيس السوري وضرورة رحيله وأنه لا مستقبل للأسد في سوريا.
من جانبه، كان مبعوث الأمم المتحدة لسوريا ستيفان دي ميستورا قد تقدم لمجلس الأمن بمبادرة مطورة تحمل أفكارا لإنشاء 4 مجموعات عمل مهمتها ضمان السلامة والحماية للسوريين وإنهاء الحصار وضمان وصول المساعدات الطبية، ومناقشة المسائل السياسية والدستورية لإنشاء هيئة حكم انتقالي وإجراء انتخابات في سوريا، إضافة إلى مجموعة تتولى بحث المسائل العسكرية والأمنية ومكافحة الإرهاب، ووقف إطلاق النار ومجموعة أخرى تختص بملف المؤسسات السورية العامة والعمل على إعادة الأعمار.
ويقترح دي ميستورا بالبدء في مسار تفاوضي يبدأ بالقضايا السهلة غير المختلف عليها فيما تكون تشكيل الهيئة الانتقالية في ختام المفاوضات. وتأخذ جماعات المعارضة السورية على خطة دي مستورا أنها لا تحدد صلاحيات الهيئة الانتقالية، ولا تحدد موقف الأسد خلال تلك المرحلة الانتقالية ولا تتضمن جدول زمني للمرحلة الانتقالية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.