تركيا: شراكة بين «العدالة والتنمية» والأكراد.. ورفض المعارضة دخول الحكومة المؤقتة

إردوغان يتوعد المعارضين بـ«الحساب» في الانتخابات المبكرة

الرئيس التركي طيب إردوغان متوسطا رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو والمتحدث بأسم البرلمان عصمت يلماظ في أحد مساجد العاصمة انقرة (رويترز)
الرئيس التركي طيب إردوغان متوسطا رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو والمتحدث بأسم البرلمان عصمت يلماظ في أحد مساجد العاصمة انقرة (رويترز)
TT

تركيا: شراكة بين «العدالة والتنمية» والأكراد.. ورفض المعارضة دخول الحكومة المؤقتة

الرئيس التركي طيب إردوغان متوسطا رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو والمتحدث بأسم البرلمان عصمت يلماظ في أحد مساجد العاصمة انقرة (رويترز)
الرئيس التركي طيب إردوغان متوسطا رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو والمتحدث بأسم البرلمان عصمت يلماظ في أحد مساجد العاصمة انقرة (رويترز)

تحولت الحكومة المؤقتة التركية التي ستقود البلاد حتى موعد الانتخابات التشريعية المبكرة في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، من حكومة شراكة وطنية تتمثل فيها الكتل البرلمانية بحسب تمثيلها في البرلمان، إلى حكومة شراكة بين حزب «العدالة والتنمية» وخصمه اللدود حزب «ديمقراطية الشعوب» الكردي، المتهم بأنه الذراع السياسية لتنظيم «حزب العمال الكردستاني» المحظور.
فما أن أعلن رئيس حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء التركي المكلّف أحمد داود أوغلو، لائحة أسماء الذين ستتمّ دعوتهم لتسلم حقائب وزارية في الحكومة الانتخابية التي سيتمّ تشكيلها خلال الأيام الخمسة القادمة، حتى سارع حزبا المعارضة الأساسيان، الشعب الجمهوري والحركة القومية، إلى إعلان رفضهما المشاركة، والتهديد بطرد كل من يقبل المشاركة في هذه الحكومة، بهدف إحراج حزب العدالة والتنمية الذي يخوض حملته الانتخابية على أساس كسر شوكة الحزب الكردي واتهامه بدعم الإرهاب، لأنه العقبة الكبرى أمام عودته إلى الحكم المنفرد للبلاد.
وتضمّنت قائمة داود أوغلو أسماء من كل الأحزاب السياسية المشاركة في البرلمان التركي، حيث وجّه برقية لأحد عشر نائبًا من حزب العدالة والتنمية و5 من حزب الشعب الجمهوري، بالإضافة إلى 3 من حزب الحركة القومية و3 من حزب الشعوب الديمقراطي الكردي. ودعا أوغلو الرئيس السابق لحزب الشعب الجمهوري والنائب الحالي عن مدينة أنطاليا دينيز بايكال، والنواب إردوغان طوبراق وإلهام كسيجي وعائشة غولسون بيلغيهان وتكين بينغول عن حزب الشعب الجمهوري. أما عن الحركة القومية فقد سمى النواب كنعان طانريقولو وتوغرول توركيش وميرال أقشنار. وعن حزب ديمقراطية الشعوب الكردي، اختار داود أوغلو النواب ليفينت توزال ومسلم دوغان وعلي حيدر كونجا.
وما إن أعلنت الأسماء، حتى توالت ردود فعل البرلمانيين المعارضين، فوصف أوكطاي فورال نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحركة القومية اقتراح داود أوغلو، بأنه «رخيص». وقال: «إن هذا الاقتراح الذي لا يتناسب والقيم الأخلاقية والدستور يُظهر لنا عقلية حزب العدالة والتنمية. هذه سياسة رخيصة». وأضاف: «عندما قلنا إن عملية السلام التي أطلقوها مع الأكراد لم تسفر عن أية نتيجة سوى إراقة الدماء، بادروا إلى اتهامنا. وحينما قلنا لدينا أربعة شروط للمشاركة في حكومة ائتلافية عمدوا إلى رفضها. وكذلك عندما أعلنا أننا لن نكون في حكومة بها ديمقراطية الشعوب عاودوا اتهامنا أيضًا. لا شكّ في أن هذا الشعب سيحاسب اللصوص الذين تلقوا الرشى وعززوا من قوة منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية».
أما دنيز بايكال الزعيم السابق لحزب الشعب الجمهوري، فقال: «سأتصرف وفقًا لأخلاقيات الحزب. وسأرد على اقتراحه بخطاب مفصل. وردي على داود أوغلو سيكون بمثابة وثيقة تاريخيّة». ورفض النائب عن حزب الشعب الجمهوري إردوغان طوبراق دعوة رئيس حزب العدالة والتنمية المشاركة في الحكومة الانتخابية. وقال طوبراق في بيانٍ صدر باسمه، إنّه يتوجّه بالشكر لداود أوغلو على الدعوة، إلا أنه لا يستطيع مخالفة مبادئ حزبه الرافض لهذه الحكومة والذي يرى الكثير من الأخطاء في هذه الخطوة».
وبدورها رفضت ميرال أكشانر نائبة حزب الحركة القومية الاقتراح المقدم لها من رئاسة الوزراء. لكن الحزب تلقى صفع ةمن النائب طوغرول توركيش وهو النجل الأكبر لمؤسّس حزب الحركة القومية ألب أرسلان توركيش، إذ وافق على المشاركة في الحكومة، لكن مساعد رئيس حزب الحركة القومية سميح يالجين أعلن أنّ قيادة الحزب ستقوم بطرد النائب في حال عدم تقديم الأخير استقالته من صفوف الحزب، وذلك لقبوله دعوة داود أوغلو في المشاركة بالحكومة الانتخابية التي سيشكلها. وقال يالجين: «لقد كان قرار توركيش مفاجئًا لنا ولم نكن ننتظر منه الإقدام على مثل هذه الخطوة. والآن عليه أن يقدّم استقالته من صفوف الحزب وإلا ستضطر القيادة لاتخاذ قرار إبعاده». وفي حال امتناع نواب حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية عن إرسال جواب القبول إلى حين الساعة 18:00 بتوقيت العاصمة التركية أنقرة، من يوم غد الخميس، فإنّ داود أوغلو سيقوم بتعيين نواب مستقلّين بدلاً عنهم.
ودخل الرئيس التركي مجددا على خط الانتخابات المبكرة، متوعدا أحزاب المعارضة بـ«رد شعبي» في الانتخابات المبكرة. وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان خلال لقائه العاشر مع ممثلي المخاتير في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة، أنّ الأحزاب التي تسببت في عرقلة تشكيل الحكومة الائتلافية، سيلقون حسابهم خلال الانتخابات المبكرة التي ستجري في الأول من نوفمبر المقبل، مشيرًا إلى أن الشعب التركي مُدرك تمامًا لحقيقة الجميع ونياتهم.
وردًّا على انتقادات رئيس حزب الحركة القومية «دولت بهتشلي» الذي وجّه اتهامات بحقّه بعرقلة تشكيل الحكومة الجديدة، قال إردوغان: «إنّ تصريحات بهتشلي واتهاماته لي بعرقلة تشكيل الحكومة، ما هي إلا محاولة منه لتغطية ما قام به من ممارسات من أجل عرقلة تشكيل هذه الحكومة. فلينظر هؤلاء إلى المرآة أولاً قبل إطلاق مثل هذه التصريحات».
وفيما يخصّ امتناعه عن تكليف رئيس حزب الشعب الجمهوري «كمال كليجدار أوغلو» بمهمّة تشكيل الحكومة الائتلافية بعد فشل رئيس حزب العدالة والتنمية من تشكيلها، صرّح إردوغان بأنّه لا يستطيع تكليف من لم يقم بزيارة رئاسة الجمهورية بمهمّة تشكيل الحكومة الجديدة، وأنّ الدستور التركي يخّول رئيس البلاد في اتخاذ قرار إجراء الانتخابات المبكرة بعد انتهاء مدة الـ45 يومًا المسموح لداود أوغلو بتشكيل الحكومة خلالها.



برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

TT

برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)

صوّت البرلمان في كوريا الجنوبية، السبت، على عزل الرئيس يون سوك يول، بعد محاولته الفاشلة لفرض الأحكام العرفية وعرقلة عمل المؤسسة التشريعية عبر اللجوء إلى الجيش في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال يون سوك يول، عقب قرار عزله، إنه «لن يستسلم أبداً»، داعياً في الوقت ذاته إلى الاستقرار.

واحتشد عشرات آلاف المتظاهرين أمام الجمعية الوطنية في أثناء إجراء عملية التصويت، معبرين عن فرحتهم لدى إعلان رئيس البرلمان وو وون شيك نتيجة التصويت. وصوّت 204 نواب لصالح مذكرة العزل، في حين عارضها 85 نائباً، وامتنع ثلاثة نواب عن التصويت، وأُبطلت ثماني بطاقات تصويت. وكان ينبغي أن يوافق البرلمان على مذكرة العزل بأغلبية 200 صوت من أصل 300. ونجحت المعارضة، التي تضم 192 نائباً، في إقناع 12 من أصل 108 من أعضاء حزب السلطة للشعب الذي ينتمي إليه يون، بالانضمام إليها. وبذلك، عُلق عمل يون في انتظار قرار المحكمة الدستورية المصادقة على فصله في غضون 180 يوماً. ومن المقرر أن يتولّى رئيس الوزراء هان دوك سو مهام منصبه مؤقتاً.

«انتصار عظيم»

قال زعيم الحزب الديمقراطي الذي يمثّل قوى المعارضة الرئيسة في البرلمان، بارك تشان داي، بعد التصويت، إن «إجراءات العزل اليوم تمثّل انتصاراً عظيماً للشعب والديمقراطية»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقبل التصويت، أكد بارك في كلمة أمام البرلمان، أن فرض الأحكام العرفية يشكّل «انتهاكاً واضحاً للدستور وخرقاً خطيراً للقانون»، مضيفاً أن «يون سوك يول هو العقل المدبر لهذا التمرد».

رئيس الجمعية الوطنية وو وون شيك يوقّع على قرار عزل رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ف.ب)

وأضاف: «أحضكم على التصويت لصالح العزل من أجل ترك درس تاريخي مفاده بأن أولئك الذين يدمّرون النظام الدستوري سوف يُحاسبون»، لافتاً إلى أن «يون سوك يول هو الخطر الأكبر على جمهورية كوريا». وفي السابع من ديسمبر الحالي، فشلت محاولة أولى لعزل يون عندما غادر معظم نواب حزب السلطة للشعب الجلسة البرلمانية لمنع اكتمال النصاب القانوني.

مظاهرات واسعة

عند إعلان عزل يون، عبّر نحو 200 ألف متظاهر كانوا محتشدين أمام الجمعية الوطنية عن فرحهم، ورقصوا على أنغام موسيقى البوب الكورية الصاخبة، كما احتضنوا بعضهم فيما كانوا يبكون، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وقالت تشوي جانغ ها (52 عاماً): «أليس من المدهش أننا، الشعب، حققنا هذا معاً؟».

كوريون جنوبيون يحتفلون بعد عزل البرلمان الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (رويترز)

في المقابل، تجمّع آلاف من مناصري يون في وسط سيول، حيث حُملت أعلام كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. وقال يون للتلفزيون إنه «محبط للغاية»، مؤكداً أنه «سيتنحى جانباً لبعض الوقت». ودعا إلى إنهاء «سياسة الإفراط والمواجهة» لصالح «سياسة التروي والتفكير». وأمام المحكمة الدستورية ستة أشهر للمصادقة على قرار البرلمان أو نقضه. ومع تقاعد ثلاثة من قضاتها التسعة في أكتوبر (تشرين الأول) من دون أن يجري استبدالهم بسبب الجمود السياسي، سيتعيّن على الستة المتبقين اتخاذ قرارهم بالإجماع. وإذا تمّت الموافقة على العزل فستُجرى انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة ستين يوماً. وتعهّد رئيس المحكمة مون هيونغ باي باتخاذ «إجراء سريع وعادل»، في حين دعا بقية القضاة إلى أول اجتماع صباح الاثنين.

تحديات قانونية

ويون سوك يول (63 عاماً) هو ثالث رئيس في تاريخ كوريا الجنوبية يعزله البرلمان، بعد بارك جون هيي في عام 2017، وروه مو هيون في عام 2004، غير أن المحكمة العليا نقضت إجراءات عزل روه موه هيون، بعد شهرين على اتخاذ القرار بعزله من قبل البرلمان. وباتت الشبكة القضائية تضيق على يون سوك يول ومعاونيه المقربين، بعد إبعاده عن السلطة وخضوعه لتحقيق جنائي بتهمة «التمرد» ومنعه من مغادرة البلاد.

زعيم الحزب الديمقراطي لي جاي ميونغ يُدلي بصوته خلال جلسة عامة للتصويت على عزل الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ب)

وكانت النيابة العامة قد أعلنت، الجمعة، توقيف رئيس القيادة العسكرية في سيول، كما أصدرت محكمة مذكرات توقيف بحق قائدي الشرطة الوطنية وشرطة سيول، مشيرة إلى «خطر إتلاف أدلة». وكان وزير الدفاع السابق كيم هونغ هيون، الذي يُعدّ الشخص الذي دفع الرئيس إلى فرض الأحكام العرفية، أول من تم توقيفه واحتجازه في الثامن من ديسمبر الحالي.

وأحدث يون سوك يول صدمة في كوريا الجنوبية ليل الثالث إلى الرابع من ديسمبر، عندما أعلن الأحكام العرفية للمرة الأولى منذ أكثر من أربعة عقود في البلاد، وأرسل الجيش إلى البرلمان، في محاولة لمنع النواب من الاجتماع. مع ذلك، تمكّن النواب من عقد جلسة طارئة في قاعة محاطة بالقوات الخاصة، وصوّتوا على نص يطالب بإلغاء الأحكام العرفية، الأمر الذي كان الرئيس ملزماً دستورياً على الامتثال له. وكان يون سوك يول مدعياً عاماً في السابق، وقد دخل السياسة متأخراً وانتُخب رئيساً في عام 2022. وبرر انقلابه الأخير بأنه لـ«حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تشكلها القوات الشيوعية الكورية الشمالية والقضاء على العناصر المعادية للدولة»، مُتهماً البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة بنسف كل مبادراته وتعطيل البلاد.