اغتيال قيادي عسكري بالمعارضة السورية في تركيا.. والنظام يتراجع في سهل الغاب

«داعش» يستخدم مجددًا السلاح الكيماوي في الشمال السوري

اغتيال قيادي عسكري بالمعارضة السورية في تركيا.. والنظام يتراجع في سهل الغاب
TT

اغتيال قيادي عسكري بالمعارضة السورية في تركيا.. والنظام يتراجع في سهل الغاب

اغتيال قيادي عسكري بالمعارضة السورية في تركيا.. والنظام يتراجع في سهل الغاب

قُتل قائد «ألوية صقور الغاب» جميل رعدون يوم أمس الأربعاء في انفجار سيارة مفخخة في جنوب تركيا، ورجح رسميون أتراك أن تكون العملية نتيجة «نزاع» بين مجموعات مسلحة متنافسة. فيما أفيد بتقدم حققته فصائل المعارضة في سهل الغاب بريف حماه الغربي بالتزامن مع انطلاق معركة جديدة للسيطرة على مطار أبو الظهور العسكري في ريف إدلب. ونقلت وكالة «الأناضول» الرسمية التركية عن المحافظ إيرجان توباجا، أن جميل رعدون توفي متأثرا بجروحه في المستشفى بعد انفجار سيارة أمام منزله في إنطاكية في محافظة هاتاي في جنوب البلاد، وتوقع توباجا أن يكون الانفجار نتيجة «نزاع بين مجموعات مسلحة متنافسة».
وكان رعدون الذي انشق عن الجيش السوري قبل نحو 4 سنوات، قد نجا من محاولتي اغتيال في مدينة الريحانية التركية الحدودية مع سوريا، إحداهما فشلت بعد انفجار عبوة في سيارته عندما كانت فارغة، والأخرى حين فككت الشرطة التركية العبوة التي زرعت في سيارته أيضًا قبل انفجارها.
وأوضح العقيد عبد الرزاق فريجة، وهو أحد القياديين في «ألوية صقور الغاب»، أن «انفجار العبوة في السيارة أسفر بداية عن بتر أطراف رعدون السفلى ليتم إسعافه إلى مشفى الدولة في إنطاكية، حيث توفي بعد أقل من نصف ساعة».
وبالتزامن، واصلت فصائل المعارضة المنضوية في غرفة عمليات «جيش الفتح» تقدمها في منطقة سهل الغاب بريف حماه الغربي، وسيطرت على عدة مواقع، بحسب «مكتب أخبار سوريا» الذي نقل عن الناشط الإعلامي المعارض محمد رشيد، تأكيده «سيطرة فصائل المعارضة على بلدة الزيارة وقرى المنصورة وتل واسط جنوبها وحاجز التنمية الريفية غربها، بعد اشتباكات دارت بينها وبين القوات النظامية أسفرت عن تدمير دبابة بعد استهدافها بصاروخ، بالإضافة إلى سيطرة المعارضة على دبابتين وعربة BMP وكميات من الذخائر المتنوعة كانت بحوزة الجنود النظاميين، في حين سقط عدد غير معروف من القتلى والجرحى في صفوف الجانبين».
ولفت رشيد إلى أن المعارك تزامنت مع غارات جوية «مكثفة» شنّها الطيران الحربي النظامي على قرى قليدين والدقماق والعنكاوي وغيرها، مخلّفًا دمارًا في المنازل السكنية والممتلكات نظرًا لخلو تلك المناطق من السكان «بشكل كامل».
وأوضح القيادي في «جيش الفتح» أبو البراء الحموي، أن عناصر المعارضة تتقدّم الآن باتجاه قريتي الحاكورة وخربة الناقوس آخر معاقل القوات النظامية في منطقة الغاب الأوسط، فيما يبقى معسكر جورين «الهدف الأول» لقذائف مقاتلي المعارضة، على حد تعبيره.
واستمر يوم أمس تدفق العائلات النازحة من قرى سهل الغاب إلى القرى والبلدات الخاضعة لسيطرة النظام في ريفي اللاذقية الشرقي والشمالي. ولفت أبو فؤاد قاسم أحد سكان بلدة صلنفة إلى أن البلدة استقبلت أخيرا أكثر من 800 عائلة من قرى مختلفة في سهل الغاب، مشيرًا إلى استمرار حالة النزوح «بشكل كبير»، حيث وصل يوم أمس الأربعاء ما لا يقل عن 50 عائلة جديدة.
ولفت ما أعلنته «منظمة أطباء بلا حدود» عن أن تنظيم «داعش ربما استخدم أسلحة كيماوية في هجوم على بلدة في شمال سوريا يوم الجمعة الماضي».
وقالت المنظمة في بيان إنها عالجت أربعة أشخاص من عائلة واحدة كانوا يعانون صعوبات في التنفس، وظهرت على جلودهم بثور بعد هجوم بقذائف الهاون على منزلهم في بلدة مارع السورية.
وأفادت الجمعية الطبية السورية - الأميركية، أيضا، بأنها تلقت 50 مريضا بدت عليهم علامات التعرض لمواد كيماوية.
وكان أكثر من مصدر داخل سوريا وخبراء دوليون أكدوا استخدام تنظيم داعش السلاح الكيميائي وبالتحديد الغازات السامة في هجمات ضد مناطق يسيطر عليها المقاتلون الأكراد في شمال شرقي سوريا أواخر شهر يونيو (حزيران) الماضي.
أما في ريف إدلب الشرقي، فأعلنت فصائل المعارضة المنضوية في غرفة عمليات جيش الفتح، مساء الثلاثاء، عن انطلاق معركة جديدة للسيطرة على مطار أبو الظهور العسكري. وأفاد مدير المركز الإعلامي في منطقة أبو الظهور خالد الخلف، لـ«مكتب أخبار سوريا»، بأن «المعارك بدأت بعد التمهيد لها من قبل مقاتلي المعارضة».
وأوضح الخلف أن عدد الغارات التي استهدفت محيط المطار تجاوز الـ70 غارة حتى صباح يوم الأربعاء، لافتا إلى أن «(جبهة النصرة) استلمت إدارة غرفة عمليات المعركة على المطار وحدها، رافضة مشاركة باقي الفصائل معها لأسباب مجهولة».
وفي حمص، قضى 4 أشخاص على الأقل، وأصيب نحو 40 آخرين، جراء انفجار في منطقة محطة وقود بحي الإنشاءات في مدينة حمص، كما أسفر الانفجار عن أضرار مادية في المنطقة، بحسب المرصد السوري. وتضاربت المعلومات حول سبب وطبيعة الانفجار، ففيما تحدثت مصادر ميدانية عن انفجار في صهريج يحمل وقودًا، أشارت مصادر أخرى إلى سقوط صاروخ على المنطقة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.