دار نشر مصرية تستعد لإصدار جزء ثان من «أحلام فترة النقاهة» لنجيب محفوظ

يحوي نصوصًا لم تنشر من قبل.. وسلماوي ينشر حواراته معه في كتاب جديد

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ
TT

دار نشر مصرية تستعد لإصدار جزء ثان من «أحلام فترة النقاهة» لنجيب محفوظ

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

يبدو أن «أحلام فترة النقاهة» لعملاق الرواية العربية الأديب نجيب محفوظ، لم تنته بعد، وأن الذكرى التاسعة لمولده والتي ستحل في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، سوف تشهد مفاجأة أدبية في هذا السياق، حيث ستصدر دار «الشروق» بالقاهرة التي آلت إليها نشر أعمال الكاتب الراحل، نصوصا جديدة لم تنشر له من قبل، كما سيصدر مركز الأهرام للنشر كتاب «حوارات نجيب محفوظ» الذي يتضمن لأول مرة الحوارات التي أجراها الكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب العرب مع محفوظ وكانت تنشر في «الأهرام» على مدى 12 عاما قبل رحيل محفوظ في عام 2006.
ويعد الكتاب واحدا من أهم الكتب التي تغوص في فكر وحياة وفلسفة أديب نوبل الكبير، حيث يرصد المؤلف على مدار سنوات في حواراته رؤى ومواقف وتوجهات نجيب محفوظ حيال القضايا السياسية والاجتماعية فضلا عن الأوضاع الفكرية والثقافية في مصر والوطن العربي، إضافة إلى آرائه في عدد من الشخصيات التاريخية مثل سعد زغلول وجمال عبد الناصر وغاندي ولينين وغيرهم من رواد السياسة والفكر والفن والثقافة.
ويذكر أن محفوظ اختار محمد سلماوي ليكون مبعوثه الشخصي في تسلم جائزة نوبل نيابة عنه، وإلقاء خطابه في احتفال الأكاديمية السويدية عام 1988، بمناسبة حصول محفوظ على جائزة نوبل آنذاك.
وتضم حوارات سلماوي بعضا من ذكرياته التي عايشها مع نجيب محفوظ من واقع العلاقة الشخصية التي جمعت سلماوي بأديب نوبل منذ سبعينات القرن الماضي حتى وفاته في 30 أغسطس (آب) 2006. إضافة إلى ملازمته له وإشرافه على نشر كتبه ومقالاته طوال فترة تجاوزت العشرين عاما.
وقالت دار «الشروق» إن النصوص الجديدة التي عثر عليها لمحفوظ، ولم تنشر من قبل تندرج في سياق النسق الأدبي الذي صدر عليه كتابه «أحلام فترة النقاهة».
ودشن محفوظ في «الأحلام» شكلا أدبيا جديدا اعتمد فيه على التقاط التماثلات العابرة في الأزمنة والأمكنة والبشر والأشياء، وتحويلها إلى رؤى وهواجس حلمية، يختلط فيها الحلم والواقع، حتى إنه في أحيان كثيرة تنمحي الحدود والفواصل الزمنية بينهما.
وتبرز في «أحلام فترة النقاهة» جرأة وبوح حسي، ينداح بسلاسة بين النوم واليقظة، حتى لكأن محفوظ يفجر ما لم يقله في رواياته وقصصه، ومن منطقة اللاوعي شديدة الحساسية والالتباس.
فالأحلام لا تدور فيما يرى النائم، ولا فيما يرى المتيقظ، وإنما تدور في منطقة وسط بينهما. فالذات الراوية (ذات الكاتب) تريد أن تستعيد الأشياء بنزقها وشهوتها الأولى من المنطقتين معا، مرتكزة على تتعدد دلالات ومستويات الحلم، وآليات توظيفه وتمثله. فهو طاقة لتحرير الذاكرة والواقع من هوامش العادة وتداعيات الشعور واللاشعور.
وقالت رحاب بسام مسؤولة النشر بدار «الشروق» في تصريحات لصحيفة «القاهرة» الأسبوعية إن «ابنتي الكاتب الراحل فاطمة وأم كلثوم توجهتا للدار منذ فترة وقامتا بتسليم ناشره مجموعة من قصص أحلام فترة النقاهة»، ورجحت بسام أن تكون ابنتاه عثرتا عليها بعد وفاة السيدة نعمة الله زوجة الكاتب الراحل وخلال عمل الأسرة على ترتيب أوراق الكاتب الراحل.
وأشارت إلى أن الدار أسندت للكاتب زكى سالم الذي كان مقربا من محفوظ مهمة مضاهاة الخطوط للتحقق من صحة نسب القصص لنجيب محفوظ، حيث كان يتابع مع محفوظ في السنوات الأخيرة من حياته مهمة نشر أعماله.
وأوضحت بسام أن الدار بصدد العمل على تنسيق القصص وتصحيحها، ومن المتوقع طرحها في عيد ميلاد نجيب محفوظ في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
من جهته قال الدكتور زكى سالم إنه «كان على علم بوجود مئات من قصص أحلام فترة النقاهة، التي لم تنشر للأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ، حيث أخبره محفوظ بذلك صراحة، فضلا عن أنه أملى له ولمجموعة من المقربين منه بعضا من تلك الأحلام نظرا للصعوبة التي كان يعانيها في الكتابة إثر محاولة اغتياله عام 1995».
وأضاف سالم: «كتبت عدة مقالات في مختلف الصحف مطالبا أسرة محفوظ بنشر ما لم ينشر من أحلام فترة النقاهة، وسعدت عندما علمت بنية دار الشروق إصدار الجزء الثاني من الأحلام بعد مرور أكثر من 9 سنوات»، ووصف سالم «الأحلام» بأنها ثروة أدبية لا تقدر بثمن وأنها تحتاج قارئا مثقفا يستطيع إدراك أبعادها فهي خلاصة تجربة عميقة ربما هي أعظم ما كتب محفوظ.
من جانبه، علق الكاتب يوسف القعيد على قرب إصدار مجموعة ثانية من «أحلام فترة النقاهة»، مشيرا إلى ضرورة التمهل حتى نتأكد من أن هذه الأعمال تخص محفوظ فعلا، لافتا إلى أن ابنتي الراحل وحدهما يمكن أن تضمنا ذلك، وقال القعيد إنه «لا يدرى السر وراء تأخر نشر هذه المجموعة من الأحلام طيلة هذه السنوات»، وأضاف: «كان هناك شخص واحد هو الذي يكتب بخط يده أحلام فترة النقاهة، هو صبري السيد الذي كان يعمل سكرتيرا للكاتب الراحل ثروت أباظة ثم أعاره لمحفوظ ليساعده في الكتابة بعد ما لحق به من ضرر نتيجة لمحاولة اغتياله».
ولفت القعيد إلى أن «الأحلام» كتبها محفوظ في بيته ولا أظن أحدا من المقربين منه يستطيع أن يزعم على وجه الدقة عدد هذه الأحلام.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.