استهداف الجنود بالعبوات الناسفة ينتقل إلى دلتا مصر

الجيش يقتنص القائد العسكري لـ«بيت المقدس».. وحكم بحبس قيادي إخواني 20 عامًا

عناصر من الأمن المصري يعاينون آثار تفجير العبوة الناسفة في حافلة كانت تقل رجال شرطة بمحافظة الجيزة أمس (أ.ب)
عناصر من الأمن المصري يعاينون آثار تفجير العبوة الناسفة في حافلة كانت تقل رجال شرطة بمحافظة الجيزة أمس (أ.ب)
TT

استهداف الجنود بالعبوات الناسفة ينتقل إلى دلتا مصر

عناصر من الأمن المصري يعاينون آثار تفجير العبوة الناسفة في حافلة كانت تقل رجال شرطة بمحافظة الجيزة أمس (أ.ب)
عناصر من الأمن المصري يعاينون آثار تفجير العبوة الناسفة في حافلة كانت تقل رجال شرطة بمحافظة الجيزة أمس (أ.ب)

في واقعة غير معتادة في مصر، انفجرت عبوة ناسفة صباح أمس على مقربة من حافلة تقل رجال شرطة في دلتا مصر (شمال القاهرة)، ليسفر الحادث عن مقتل ثلاثة منهم وإصابة 23 آخرين، أحدهم في حالة خطرة، وذلك في وقت تستمر فيه الحملة العسكرية التي يشنها الجيش المصري على الإرهاب في سيناء، التي شهدت نجاح الجيش في تصفية قائد الجناح العسكري بتنظيم «أنصار بيت المقدس»، أخطر الحركات الإرهابية المسلحة التي تعمل على أرض مصر.
وأصدرت وزارة الداخلية المصرية أمس بيانا قالت فيه إنه «أثناء سير أوتوبيس تابع لإدارة قوات الأمن بمحافظة البحيرة (التي تطل على البحر المتوسط شمال مصر)، يستقله عدد من أفراد الشرطة في طريقهم لمركز شرطة رشيد، وأمام قرية الشريف بدائرة المركز، انفجرت عبوة ناسفة على جانب الطريق أسفرت عن استشهاد فردين وإصابة 24 من رجال الشرطة. وتقوم الأجهزة الأمنية ورجال المفرقعات والبحث الجنائي بتمشيط المنطقة وتكثيف الجهود لضبط مرتكبي الواقعة»، وذلك قبل أن تؤكد مصادر رسمية بعد ساعات وفاة حالة أخرى من بين المصابين. وأوضحت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» أن «الجنديين المتوفيين أولا قتلا فور الانفجار نتيجة إصابة مباشرة بالصدر والرأس، ثم توفي ثالث متأثرا بإصابته بعد نقله إلى المستشفى، بينما تحسنت حالة 6 من المصابين بعد تلقي العلاج، وأحيل جندي إلى مستشفى الشرطة بالإسكندرية نظرا لخطورة حالته، بينما باقي الحالات مستقرة».
وبينما تتابع الأجهزة الأمنية والبحث الجنائي تحقيقاتها حول الحادث، وذلك لمعرفة طبيعة المادة المتفجرة، رجحت مصادر أمنية أن يكون الانفجار ناجما عن عبوة ناسفة جرى زراعتها في المنطقة الرملية المجاورة للطريق الأسفلتي، وتفجيرها عن بعد فور مرور الحافلة بجوارها، خصوصا أن شهود عيان أكدوا أن الحافلة هدأت من سرعتها عند اقترابها من منطقة الانفجار نظرا لوجود مطب صناعي.
وقال مراقبون وخبراء أمنيون لـ«الشرق الأوسط» إن «استهداف جنود في منطقة دلتا مصر بعبوة ناسفة هو تحول نوعي جديد في عمليات الإرهاب التي تستخدم أساليب التفجيرات، إذ ينتشر هذا الأسلوب في مناطق شمال سيناء.. بينما كانت العمليات السابقة في مختلف أرجاء شمال مصر تعتمد على استخدام العبوات الناسفة أو السيارات الملغومة لاستهداف أهداف ثابتة فقط، ولم تحدث استثناءات لهذه القاعدة إلا في حالة استهداف الشخصيات العامة، على غرار العملية الفاشلة لاغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم أو النائب العام الراحل المستشار هشام بركات».
وفي تحليلهم للأمر، يرى رجال الأمن أن «استهداف الأهداف المتحركة العشوائية بهذه الطريقة يعني أن مجموعات الإرهاب تعاني من حالة انضغاط شديد نتيجة التشديدات الأمنية على المنشآت في مختلف عموم مصر، كما أنهم يعانون من ضغط كبير من جانب القوات العسكرية على صعيد مسرح عملياتهم الرئيسي في سيناء.. وهو ما يدفعهم إلى تنفيذ عمليات غير نوعية بهذه الطريقة للبقاء على سطح الأحداث».
وكانت وزارة الداخلية أمس قد أصدرت بيانا آخر تناولت فيه جهودها الأخيرة لضبط العناصر الإرهابية في إطار العمليات الاستباقية التي تقوم بها منذ أشهر، إذ ذكرت أن القوات نجحت أول من أمس في ضبط 15 من عناصر القيادات الوسطى لتنظيم الإخوان والموالين لهم من المتهمين في قضايا التعدي على المنشآت والمشاركين في الأعمال العدائية، كما نجحت في ضبط اثنين من أعضاء اللجان النوعية التي تستهدف قوات الجيش والشرطة.
أما في سيناء، فأشارت مصادر محلية إلى أن العمليات التي يقوم بها الجيش في مربع العمليات الواقع شمال شرقي سيناء مستمرة بقوة منذ أيام، موضحة أن أمس شهد عدة اشتباكات في أكثر من موقع، خصوصا جنوب العريش وفي رفح، بينما تشهد مختلف الأنحاء تراجعا كبيرا للعناصر الإرهابية المسلحة، والتي تسعى للتحصن بالمناطق الجبلية النائية.
ويأتي ذلك في وقت أشارت فيه مصادر أمنية إلى نجاح القوات في قتل من يدعى بـ«قائد الجناح العسكري في تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي»، واسمه راشد أبو القاسم (34 عاما)، وذلك خلال قصف جوي لتجمع للعناصر المسلحة جنوب رفح مساء أول من أمس. كما أكدت المصادر نجاح القوات في ضبط قياديين من «العناصر التكفيرية شديدة الخطورة» في محيط العريش، ضمن عشرات الموقوفين خلال الأيام القليلة الماضية.
على صعيد آخر، قضت محكمة جنايات شبرا أمس بالسجن المشدد لمدة 20 عاما على القيادي الإخواني محسن راضي وسبعة آخرين، في القضية المعروفة إعلاميا بـ«أحداث بنها»، إضافة إلى تغريم كل متهم ألف جنيه (نحو 130 دولارا)، ومصادرة الأسلحة والمضبوطات، بينما قضت بانقضاء الدعوى ضد أحد المتهمين نظرا لوفاته خلال وقائع المحاكمة.
وكانت النيابة العامة وجهت إلى المتهمين تهمًا، منها «الانضمام إلى جماعة على خلاف أحكام القانون، والاشتراك في تجمهر الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، واستعراض القوة والتلويح بالعنف.. كما شرعوا في قتل شخص، وحيازة أسلحة دون ترخيص».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.