تعثر وصول الطواقم الطبية التطوعية إلى اليمن

أزمة إنسانية حادة في الكادر الطبي

تعثر وصول الطواقم الطبية التطوعية إلى اليمن
TT

تعثر وصول الطواقم الطبية التطوعية إلى اليمن

تعثر وصول الطواقم الطبية التطوعية إلى اليمن

قال وزير الصحة المكلف اليمني، بأن بلده لا يزال يواجه مشكلة إرسال وإعادة الطواقم الطبية التطوعية للعمل لصالح المرضى اليمنيين الذين تعرضوا إلى هجمات من المتمردون الذين انقلبوا على الشرعية اليمنية، فيما أعلن الصليب الأحمر الدولي، أن هناك 1186 قتيلا، و10.3 ألف مصاب في عدن، وكذلك 1.5 مليون يمني نازح داخل اليمن، و54.8 ألف يمني غادر بلاده نتيجة الحرب الداخلية.
وأوضح الدكتور ناصر باعوم، وزير الصحة اليمني المكلف، أن الشعب اليمني بحاجة إلى علاج الجرحى بالخارج، وكذلك إرسال فرق طبية متخصصة من الخارج إلى اليمن بأقصى سرعة، حيث توجد أزمة إنسانية حادة في الكادر الطبي، خصوصا في بعض التخصصات ومنها الأعصاب، والعظام، إضافة إلى غرف إنعاش واختصاصي تخدير.
وأشار وزير الصحة اليمني المكلف خلال الاجتماع التشاوري لدعم الأوضاع الإنسانية باليمن في المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، إلى أن هناك أكثر من 10.5 ألف حالة إصابة بحمى الضنك، فيما تعرض للوفاة 528 حالة في مدينة عدن فقط، مؤكدا أن الشحنات الواردة معظمها تصب في اتجاه واحد، وهي المضادات الحيوية، وكذلك السوائل الوريدية.
وذكر باعوم، أن بقاء المخلفات الغازية والحديدية من المقذوفات، هي مضاعفات حرب، على البيئة، حيث نسعى من خلال برامج النظافة أن نتخلص من جزئية تراكمات المقذوفات العسكرية الذي تسبب بها المتمردون.
ولفت وزير الصحة اليمني المكلف إلى أن بعض المنظمات وصلت إلى اليمن في وقت متأخر، حيث إن هناك أكثر من 80 في المائة افتقدوا الخدمات الأساسية، وأكثر من 1.5 مليون نازح من داخل المدن اليمنية، و1186 قتيلا و10.3 ألف جريح في محافظة عدن، فيما قالت المنظمة العربية للهلال والصليب الأحمر خلال الاجتماع التشاوري، بأن أكثر من 250 ألف لاجئ بين الصومال وجيبوتي وعمان ومصر والسعودية، و54.874 غادروا اليمن.
من جهة أخرى، ذكر ممثل مركز الملك سلمان للإغاثة، أنه جرى إرسال 500 ألف سلة غذائية في مختلف المناطق اليمنية، وساهمت في تغطية 2.5 مليون مستفيد، حيث عمل المركز مع الخطوط الطيران اليمنية، على إعادة 12 ألفا من العالقين اليمنيين إلى بلادهم، مشيرا إلى أن المركز قام بإنشاء جسر جوي بين الرياض وعدن منذ الأسبوع الأول من عودة الأمن في مدينة عدن.
وعرضت الأمم المتحدة خلال الاجتماع التشاوري، أرقاما عن وجود 22 مليون يمني، تعرضوا لتأثيرات سلبية، وبحاجة إلى المساعدة، بينهم 11.4 مليون طفل، وكذلك 20 مليونا بحاجة إلى مياه صالحة للشرب، إضافة إلى 15 مليونا آخرين إلى مساعدات وخدمات صحية أساسية.
فيما أوضح الدكتور عبد الله بن محمد الهزاع، الأمين العام للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، أن الاجتماع التشاوري لدعم الأوضاع الإنسانية في اليمن، يهدف إلى تنسيق العمل الإغاثي المبذول على أرض الواقع في اليمن، مشيرًا إلى أن الأمور باتت مُلّحة لوضع خطة عمل مشتركة بين المنظمات الإغاثية والمانحة على مستوى العالم، تحت مظلة مركز الملك سلمان الدولي للإغاثة الإنسانية؛ والذي يُعدّ بدوره المحور الأساسي الإنساني في توزيع الأدوار الإغاثية المنوطة بمساعدات اليمن على وجه الدقة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.