محافظ مأرب لـ («الشرق الأوسط»): صالح متحالف مع «القاعدة» لمواجهة الدولة والشرعية

الرئيس السابق سرب أسلحة ثقيلة من مستودعاته للتنظيم

محافظ مأرب لـ («الشرق الأوسط»): صالح متحالف مع «القاعدة» لمواجهة الدولة والشرعية
TT

محافظ مأرب لـ («الشرق الأوسط»): صالح متحالف مع «القاعدة» لمواجهة الدولة والشرعية

محافظ مأرب لـ («الشرق الأوسط»): صالح متحالف مع «القاعدة» لمواجهة الدولة والشرعية

أكد الشيخ سلطان العرادة محافظ محافظة مأرب وجود تحالف من الداخل اليمني بين المخلوع علي عبد الله صالح وتنظيم القاعدة، للتمركز في مناطق معينة والسيطرة عليها والاستفادة منها، ورفض الانسحاب ومواجهة الدولة والشرعية، والسيطرة على اليمن.
وكشف العرادة لـ«الشرق الأوسط»، عن قيام ضباط من فلول الرئيس المخلوع بتسريب أسلحة ثقيلة من مستودعاته لتنظيم القاعدة في بعض المناطق، مقابل صعوبة فعل ذلك في المناطق التي تقاوم فيها المقاومة الشعبية بشراسة.
وذهب إلى أن تنظيم القاعدة رغم اختلافه مع الحوثي في الفكر فإن التنسيق للهدم يتشابه، مؤكدا أن علي عبد الله صالح نجح في التنسيق مع الطرفين لجعلهما معاونين للهدم ومصدري خطر على اليمن وجزيرة العرب والأمة بكاملها.
وشدد على أن استمرار قوات التحالف بنفس الوتيرة التي هي عليه الآن في اليمن سيجعل أوراق المخططات الفارسية العفاشية والتنظيمات الإرهابية تتساقط.
أمام هذا الأمر أكد محللون أن فرص بقاء تنظيم القاعدة في مدينة المكلا عاصمة حضرموت شرقي اليمن التي سيطر عليها مطلع أبريل (نيسان) الماضي باتت ضعيفة جدا بعد الانتصارات التي حققتها الشرعية في عدن والأهم تحرير محافظة شبوة آخر معاقل الحوثيين جنوبي اليمن المتاخمة لحضرموت جغرافيا.
لكن لم يخف المحللون مخاوفهم من وجود اتصال بين عناصر من «القاعدة» المسيطرة على المكلا، وبين المخلوع صالح الذي ثبتت بالدليل علاقته مع «القاعدة» في مواقف كثيرة، كما أبدى المحللون مخاوفهم من حدوث انقسام في تنظيم القاعدة، وظهور فصيل يرفض الانسحاب من المكلا ويصر على مواجهة الدولة والشرعية.
ومع تحرير كافة المحافظات الجنوبية ارتفعت الأصوات المطالبة بانسحاب التنظيم من المدينة وتجنيبها أي صراع مسلح، وخصوصًا أنّ خطر الحوثيين الذي اتخذه التنظيم ذريعة للسيطرة على المكلا أصبح من الماضي وفي هذا الإطار أطلق ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي مطالبات عاجلة تدعو التنظيم للانسحاب الفوري من المدينة وتجنيبها أي صراعات.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن مسؤولاً حكوميا قدم من الرياض لقيادة مفاوضات بين الحكومة والمجلس الأهلي الذي يدير المكلا والتنظيم لمغادرة المدينة والانسحاب بأسرع وقت والاتفاق على شروط.
وأشار مصادر مطلعة في المكلا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قيادة «القاعدة» أبدت موافقة مبدئية بشأن الانسحاب من المدينة لكن هناك رفض من قبل بعض عناصر التنظيم الذين رفضوا فكرة الانسحاب.
وفي هذا الصدد أكد الأمين العام للمجلس الأهلي عبد الحكيم بن محفوظ، أنّ هناك موافقة من قبل «القاعدة» من حيث المبدأ على تجنيب حضرموت الدمار والاقتتال.
مشيرًا إلى أن «القاعدة» وافقت على إجراء حوار بهذا الصدد مع المجلس الأهلي والعلماء وطرف يمثل الدولة، وأبدى المجلس استعداده لرعاية الحوار والإسهام في تقريب وجهات النظر التي تهدف في النهاية لحقن الدماء وعودة الحياة إلى عاصمة حضرموت.
وأكد بن محفوظ أن المجلس الأهلي بدأ في تدشين العمل بمراكز الشرطة في المدينة تحاشيا لحدوث أي فراغ أمني مثلما حصل مع سيطرة التنظيم على المدينة في أبريل الماضي. وأن يستكمل المجلس الأهلي تسلم جميع المرافق الحكومية المتبقية تحت سيطرة «القاعدة»، بناء على ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين.
أمام هذا الأمر أوضح لـ«الشرق الأوسط» الدكتور قاسم المحبشي أستاذ الفكر السياسي في جامعة عدن أن علاقة نظام علي عبد الله صالح مع «القاعدة» تعود إلى تسعينات القرن الماضي عندما أقر الزعيم الروحي لـ«القاعدة» أسامة بن لادن في مقابلته الشهيرة مع مجلة الشرق الأوسط عام 1996 حينما كان يقيم في جبل عش النسور في أفغانستان بأنه اتفق مع علي عبد الله صالح على أن يشاركه في الحرب ضد الجنوب في صيف 1994م مقابل سماح الرئيس صالح لـ«القاعدة» بالبقاء في اليمن لما يتميز به من بيئة جبلية وقبلية حاضنة مثل أفغانستان تمامًا.
وذهب إلى أنه رغم تأكيد أسامة بن لادن في تلك المقابلة أن صالح نقض بعض شروط الاتفاق، إلا أن الأمر المؤكد أن صالح ظل يعمل مع «القاعدة» وعناصرها بعد أن أعاد صياغتها وتوظيفها لخدمة نظام حكمه الفاسد.
وقال: «القاعدة النشطة في محافظة حضرموت وفي عاصمتها البحرية المدنية المسالمة هي قاعدة صالح بامتياز إذ إنها تتحرك بالريموت كنترول كما يوجهها من مخبئه في سنحان، وربما كان هذا هو رهان صالح الأخير بعد الهزيمة الساحقة التي منيت بها فلول قواته المتحالفة مع الميليشيات الحوثية في عدن ولحج والضالع وأبين وشبوة والبيضاء وتعز».
وطالب الشرعية اليمنية ودول التحالف العربية بأخذ المزيد من الحيطة والحذر والإسراع في تعزيز انتصارات المقاومة في المدن المحررة، بإعادة بناء وتأهيل مؤسساتها، وتأمين حياة السكان فيها بقوى أمنية منظمة من سكانها، وألا تترك الباب مفتوحا لعبث صالح وخلاياه.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.