الصدر يدعو أتباعه إلى «مظاهرة مليونية» الجمعة في بغداد

وسط بوادر ترحيب من منظمي الحملة الاحتجاجية ضد الفساد

الصدر يدعو أتباعه إلى «مظاهرة مليونية» الجمعة في بغداد
TT

الصدر يدعو أتباعه إلى «مظاهرة مليونية» الجمعة في بغداد

الصدر يدعو أتباعه إلى «مظاهرة مليونية» الجمعة في بغداد

في موقف لم يفسره منظمو مظاهرات الجمعة في ساحة التحرير ببغداد على أنه محاولة التفاف على احتجاجاتهم من قبل جهة محسوبة على التيار الديني، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمس أتباعه إلى مظاهرة مليونية في العاصمة بغداد الجمعة المقبل.
وقال المتحدث باسم التيار الصدري، صلاح العبيدي، في مؤتمر صحافي بالنجف إن الصدر «دعا أبناء الشعب العراقي عموما وأبناء الخط الصدري خصوصا بضرورة الخروج والمشاركة في مظاهرة مليونية لسكنة بغداد حصرًا في العاصمة الجمعة المقبل»، مشددًا على ضرورة أن «تكون مطالب المتظاهرين موحدة ومطالبة بالإصلاح الشامل للقضاء». وأضاف العبيدي أن «المتظاهرين مطالبون برفع لافتات تنبذ الطائفية وضرورة تنفيذ حزمة الإصلاحات الشاملة والمحاسبة الفورية لسراق المال العام»، مبينًا أن «على المتظاهرين المطالبة بمحاسبة القادة الفاشلين وإحالتهم إلى القضاء». وشدد العبيدي على ضرورة «الابتعاد عن جميع المطالب الشخصية والفئوية والمطالبة بتنفيذ الخدمات العامة كالماء والكهرباء والتعليم»، داعيًا المتظاهرين إلى «عدم رفع صور الصدر والابتعاد عن مظاهر السب والشتم».
من جهته، قال المنسق العام للتيار المدني الديمقراطي في العراق ووزير العلوم والتكنولوجيا السابق رائد فهمي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنه «من حيث المبدأ ليس من حق جهة احتكار ساحة المظاهرات فهي مفتوحة للجميع من كل الفئات والاتجاهات ولكن المظاهرات وخلال هذه الفترة القصيرة أرست نوعًا من التقاليد والملامح المتفق عليها تشكل مصدر قوة لها. وباتت - دون أن تكون مكتوبة - محترمة من قبل الجميع»، مشيرًا إلى أن «أبرز هذه القواعد والتقاليد هي الطابع السلمي للمظاهرات كما أن مطالبها ليست فئوية أو حزبية بل هي مطالب عراقية عابرة للطوائف والأحزاب وبالتالي لا يوجد لون سياسي محدد لها». وأشار إلى أن «هناك جهات كثيرة شاركت في المظاهرات ولم تتمكن أو تدعي جهة سياسية أو حزبية ما أنها فرضت لونها الخاص على المظاهرات إذ إن الجميع دخلوا كعراقيين ولدى الجميع هدف أساسي وهو إبعادها عن التسييس الضيق لأن المظاهرات في النهاية هي سياسية من حيث المطالب سواء على صعيد الدعوات إلى الإصلاح أو التغيير ومكافحة الفساد وغيرها نظرًا لأن لكل هذه الأمور بعدًا سياسيًا لا يمكن نكرانه لكنه لا يدخل في قالب ضيق».
وأوضح فهمي أن «أية قوة جماهيرية تريد الدخول إلى الساحة ضمن هذه الأطر والمواصفات ستكون موضع ترحيب، لأن ما يهمنا هو نجاح المظاهرات لكي تحقق أهدافها وهو المطلب الأول والأساسي لنا جميعًا».
وتابع فهمي أن «هناك جهات حاولت الخروج على إجماع المظاهرات ولكنها لم تتمكن من تحقيق أهدافها، فضلا عن أن الساحة لفظتها خارجها، بل والأهم أن الجهات التي هي قريبة منها أدانت تصرفها وهذا هو أحد مصادر قوة هذه المظاهرات، خصوصًا أن هناك إجماعًا على أن الدولة العراقية الآن تعد من الدول الفاشلة وأن الحكومات الماضية هي من تتحمل ذلك وبالتالي فإن مكافحة الفساد والإصلاح هما الهدف الأسمى للمظاهرات وإن هذا الهدف لا يمكن تحقيقه بالكامل دون أن تتحقق وحدة المظاهرات».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.