عباس يبدأ خطوات عملية لترتيب البيت الداخلي على نحو يزيد نفوذه

قدم استقالة شكلية من المنظمة لانتخاب هيئة جديدة قبل أن يجرب المسألة مع حركة فتح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يقرأ الفاتحة مع أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة فتح في رام الله قبل اجتماعهم بالضفة الغربية أمس (أ.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يقرأ الفاتحة مع أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة فتح في رام الله قبل اجتماعهم بالضفة الغربية أمس (أ.ب)
TT

عباس يبدأ خطوات عملية لترتيب البيت الداخلي على نحو يزيد نفوذه

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يقرأ الفاتحة مع أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة فتح في رام الله قبل اجتماعهم بالضفة الغربية أمس (أ.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يقرأ الفاتحة مع أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة فتح في رام الله قبل اجتماعهم بالضفة الغربية أمس (أ.ب)

يسعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) إلى ترتيب البيت الداخلي الذي يحكمه (السلطة وحركة فتح)، فيما يبدو تقوية لنفوذه من جهة، واستعدادا لأي انتقال سلس للسلطة في وقت غير محدد أو معروف.
وبدأ عباس الذي يمسك بمفاتيح الحكم داخل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي أعلى هيئة قيادية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وحركة فتح، الحركة الأكبر في المنظمة، خطوات عملية جدا من أجل ترتيب «البيت» بعد سنوات من الجدل حول ضرورة تجديد هذه الهيئات ووضع نائب له. وطلب عباس اجتماعا طارئا للمجلس الوطني من أجل انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، بينما ينتظر أن يشرف شخصيا على المؤتمر السابع لحركة فتح الذي يفترض أن يفرز أيضا لجنة مركزية جديدة قبل نهاية العام.
وبينما تقول القيادات الفلسطينية إن الإجراءات تهدف إلى تفعيل هذه الهيئات القيادية، يرى مراقبون أنها تستهدف التخلص من خصوم عباس من جهة وإدخال آخرين موالين له من جهة ثانية.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف «الاستقالة شكلية وتهدف إلى ترتيب وضع المنظمة وانتخاب لجنة جديدة». وقال عضو اللجنة غسان الشكعة «الاستقالات ضرورية لتجديد عمل وشرعية اللجنة التنفيذية ولضخ دماء جديدة».
لكن مصادر أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن تشكيل لجنة تنفيذية جديدة، يستهدف التخلص من بعض خصوم الرئيس، وأحدهم سيكون ياسر عبد ربه، أمين سر اللجنة التنفيذية سابقا، والذي أقاله عباس من المنصب الشهر الماضي، وانتخاب آخرين مكانهم.
وأضافت المصادر «الهيئات الجديدة ستقوي موقف عباس أكثر وتمكنه من اختيار خليفة له وقتما يشاء».
وعلى الرغم من أن أي أحد ما زال غير مرشح بقوة من أجل خلافة عباس، فإن الرئيس الذي تجاوز الثمانين من عمره يحرص على اختياره شخصيا كما يبدو، بخلاف الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي رحل دون نائب أو مرشح وحيد، وكادت تدب خلافات طاحنة داخل فتح قبل الاستقرار على عباس نفسه.
ويدرك عباس أن المرحلة مختلفة إلى حد كبير إذ يطمح كثيرون لخلافة الرجل بينهم ألد أعدائه، القيادي المفصول من فتح محمد دحلان، وشخصيات مركزية داخل اللجنة المركزية لحركة فتح، ناهيك بحركة حماس التي تتربص بالمنظمة والسلطة معا. وقال المحلل السياسي هاني المصري «الرئيس يهدف إلى الوصول إلى هيئات قيادية مطواعة أكثر، سيتخلص من المعارضين وكبار السن والمرضى، وإذا نجح سيذهب إلى مؤتمر حركة فتح وهو أقوى».
ويرى المصري أن خطوات عباس تعني أنه يبحث عن مخرج آمن أو بقاء آمن. وأضاف «حتى الآن لا يوجد مؤشرات نحو خروج آمن».
وتابع «اختيار خليفة له ليس سهلا، لا يوجد شخصية قيادية مرشحة بقوة، هناك صراع داخل فتح، وهناك أيضا حركة حماس».
ولا يوجد في القانون الفلسطيني نص يتيح للرئيس تعيين نائب له. وقال المصري إن إصداره مرسوما بقوة القانون سيكون ضعيفا. وتابع «لذلك ما يجري سيضمن له بقاء آمن على المدى المنظور».
وحتى يتمكن عباس من اختيار لجنة تنفيذية جديدة، فقد قدم استقالته وآخرين من اللجنة التنفيذية، ومن ثم دعا المجلس الوطني وهو أعلى هيئة تشريعية، للانعقاد خلال شهر لانتخاب أعضاء لجنة تنفيذية جدد.
وأكد عباس أمس أنه قدم استقالته من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مع 9 أو 10 من أعضائها. وأضاف لدى استقباله صحافيين بولنديين أن «اللجنة التنفيذية، هي حكومة دولة فلسطين وتمثل كل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ونحن بحاجة إلى تفعيل اللجنة التنفيذية، لذلك قمت بتقديم استقالتي ومعي 9 أو 10 من أعضائها». وتابع «اجتماع المجلس الوطني سيكون خلال شهر».
وطلبت اللجنة التنفيذية من «الوطني» البدء في كل التحضيرات اللازمة لعقد جلسة استثنائية، مؤكدة أنها ستطلب من رئاسة المجلس اتخاذ كل الإجراءات القانونية الواجبة الاتباع لعقد هذه الجلسة بأسرع وقت ممكن.
وقال عضو المجلس الوطني تيسير نصر الله، «هذه الاستقالات لا تتعدى كونها شكلية، من أجل إيجاد سبب لعقد جلسة استثنائية للمجلس الوطني». وأضاف «رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون هو الوحيد المخول بقبول أو رفض الاستقالات». لكن هذه الإجراءات بغض النظر عن أهدافها، لم تعجب أبدا حركتي حماس والجهاد.
ولم تتوان حركة حماس التي تسعى إلى دخول المجلس الوطني والمنظمة في مهاجمة عباس فورا بعد تقديم الاستقالة ودعوة الوطني للانعقاد.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، إن «استقالة أعضاء اللجنة التنفيذية تهدف لإتاحة الفرصة أمام الرئيس محمود عباس لتشكيلها من جديد للتفرد في القرار السياسي بلا منازع».
وأضاف، «من يتصرف هذا التصرف بالتأكيد لا يمكن أن يدعو الإطار القيادي المؤقت لإعادة تشكيل المنظمة، على أسس ديمقراطية لتشمل الجهاد الإسلامي وحماس».
واستغرب أبو مرزوق «تجاهل» حركة حماس باعتبارها خارج المنظمة، معتبرا أن تلك الخطوة تشير لعدم وجود رغبة لدى الرئيس عباس في الوحدة الوطنية.
وعدت حركة حماس في بيان أمس، دعوة المجلس الوطني وإعادة تشكيل اللجنة التنفيذية بهذه الطريقة دليلا على استمرار حالة التفرد والتنكر للتوافق وعدم وجود أي نيات حقيقية لتحقيق المصالحة وهي خطوة استباقية لمنع أي جهد حقيقي لإعادة بناء المنظمة.
وقال سامي أبو زهري الناطق باسم حركة حماس: إن «ذلك يمثل تراجعًا وانقلابًا على اتفاق المصالحة ودعوة صريحة لإبقاء الانقسام انسجاما مع سياسة نتنياهو».
وأكد أبو زهري في تصريح صحافي أن حركته تدرس خياراتها في مواجهة سياسة التفرد وإدارة الظهر للاتفاقات الوطنية.
أما خالد البطش القيادي في حركة الجهاد الإسلامي فعبر عن أسفه لمخرجات اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير
وقال البطش، «نأسف لمخرجات هذا اللقاء الذي تم بالأمس حيث اقتصر اهتمام الحضور على استعادة هيكل المنظمة وسبل استكمال عدد الأعضاء بها بدلا من التركيز على استعادة دورها ومكانتها في إدارة وقيادة مشوار التحرير لفلسطين». وتساءل القيادي في حركة الجهاد «لماذا كل هذا التخوف من انعقاد الإطار الموحد إذا كنا حريصين على وقف التدهور في القضية الفلسطينية؟».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.