هل حان وقت التفكير في جدوى اختبارات التعليم النهائية؟

البعض يرى أنها «مبالغة» و«إهدار للوقت» وتؤثر سلبًا على الدراسة

كثير من الانتقادات توجه إلى الاختبارات (واشنطن بوست)
كثير من الانتقادات توجه إلى الاختبارات (واشنطن بوست)
TT

هل حان وقت التفكير في جدوى اختبارات التعليم النهائية؟

كثير من الانتقادات توجه إلى الاختبارات (واشنطن بوست)
كثير من الانتقادات توجه إلى الاختبارات (واشنطن بوست)

تعيد واحدة من أكبر الأنظمة المدرسية في أميركا التفكير في نهج الاختبارات النهائية، وقد تتخذ قرارا بإلغاء تلك الاختبارات تماما استجابة لتنامي القلق من حجم الاختبارات التي يخضع لها الطلبة، وتأثيرها سلبا على الوقت المخصص للتدريس داخل الصف الدراسي.
ويتم النظر في الاختبارات النهائية، التي تعد البنية الأساسية للنظام التعليمي الأميركي لفترة طويلة، بشكل متفحص في مقاطعة مونتغومري، بينما تبدأ ولاية ميريلاند وغيرها من الولايات الأخرى في اعتماد الاختبارات المعيارية المرتبطة بنظام معايير الأساس المشترك. وتزايد قلق الكثير من الآباء والمعلمين والقادة المنتخبين من المبالغة في الاختبارات، ويرون أن القائمة الطويلة من الاختبارات ليست سوى تكرار وإهدار لوقت التدريس الثمين. وتنظر إدارة تعليمية تتسم بالأداء المتميز في اقتراح قد يضع نهاية للاختبارات التقليدية لتحل محلها تقييمات دورية قد تشمل اختبارات موحدة، أو مشروعات، أو ملفات إنجاز، أو مقالات أو الأداء في المعامل. وسوف يتم وضع التقييمات بشكل مركزي بحيث يمكن جمع النتائج ومقارنتها على مستوى الأنظمة المدرسية المختلفة.
سوف يمثل هذا التغيير نقطة تحول كبيرة، لكن يقول مسؤولو الإدارة التعليمية إنها سوف تؤدي إلى زيادة الفترة الدراسية في كل فصل بمقدار أسبوعين من خلال إلغاء أيام المراجعة والاختبار، في الوقت الذي سوف تزيد فيه البيانات المباشرة الخاصة بتعلم الطلبة. ومن المتوقع أن يتم عرض هذا الاقتراح وغيره من الاقتراحات على مجلس إدارة مدرسة المقاطعة قريبا، حيث يرحب بعض أعضائه بالاحتمالات الجديدة.
وقالت باتريشيا أونيل، رئيسة مجلس إدارة المدرسة: «أشك في قيمة الاختبارات النهاية من الناحية العملية بالنسبة إلى الطلبة. نحن بحاجة إلى استكشاف كل الخيارات سواء كانت أنشطة متراكمة أو اختبارات يضعها المعلمون. ولا أعتقد أنه ينبغي استبعاد أي خيار».
ويرتبط الدفع باتجاه إعادة النظر في الاختبارات النهائية بتزايد الاعتقاد في إنهاك واستنزاف الطلبة بفعل الاختبارات، فإضافة إلى إجراء اختبارات نهائية مرتين سنويا، يخضع الكثير من الطلبة في مقاطعة مونتغومري إلى اختبارات تحديد مستوى متقدم، أو اختبارات بكالوريوس دولية. وكذلك يخضعون إلى اختبارات الولاية، واختبارات شراكة تقييم الجاهزية للكليات والعمل المرتبطة بالأساس المشترك، فضلا عن تقييمات الالتحاق بالكليات. ولدى الاختبارات النهائية تاريخ عصيب في مونتغومري. وقد شهد أكبر نظام مدرسي في ولاية ميريلاند إخفاق طلبة المرحلة الثانوية بدرجة مذهلة، حيث وصلت نسبة الرسوب في بعض المواد الرياضية إلى 60 في المائة أو أكثر، ولم ينجح مسؤولو المدارس في حل المشكلة.
ويناقش مسؤولو الإدارة التعليمية الأمر مع المجموعات المتخصصة وجمعوا آراء 480 معلما من خلال استطلاع رأي بشأن الاقتراحات التي سوف تضع نهاية للاختبارات، أو تحد من أهميتها، أو تحدد توزيعها على فترات داخل الصفوف الدراسية. وقد أخبروا لجنة التخطيط الاستراتيجي في مجلس الإدارة خلال الأسبوع الحالي بأن الآراء «متباينة» حتى هذه اللحظة، لكنهم قالوا إن خيار أن تحل التقييمات الدورية محل الاختبارات النهائية كان هو الأبرز وأثار أكبر قدر من الحماسة مقارنة بالاقتراحات الأخرى.
طبقا لهذا السيناريو، يمكن أن تنتهي الاختبارات النهائية في المرحلة الثانوية خلال العام الدراسي 2016 - 2017. ومن المحتمل أن يتم إعفاء الطلبة خلال العام المقبل من اختبارات الفصل الدراسي الثاني في المواد التي تعتمد اختبارات شراكة تقييم الجاهزية للكليات والعمل، أو اختبارات تقييم المرحلة الثانوية في ولاية ميريلاند ومن بينها الجبر 1، والجبر 2، واللغة الإنجليزية 10، والأحياء، ونظم الحكم.
وقال كريستوفر باركلي، رئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي بمجلس الإدارة، إنه سوف يدعم أي تغيير من شأنه أن يجعل عملية الاختبار أكثر تماسكا وترابطا وذات معنى، ويوزع التقييمات بحيث لا تتراكم جميعها في نهاية فصل دراسي. وأوضح قائلا: «لا يتعلق الأمر بالحد من الصرامة. نحن بحاجة إلى الصرامة، لكننا بحاجة إلى تنفيذ ذلك بطريقة ذات معنى».
وأثار استطلاع رأي المعلمين، الذي أجراه النظام المدرسي ووزعه من خلال المجموعة المنتخبة التي تمثل المعلمين، نقاشا عن الخطوة القادمة التي ينبغي اتخاذها. لم يتفق المعلمون على رأي واحد، على حد قول دوغ بروتي رئيس اتحاد المعلمين، حيث يريد البعض استمرار العمل بالاختبارات النهائية، في حين يعتقد البعض الآخر أن تلك الاختبارات ليست أفضل وسيلة لقياس ما تعلمه الطلبة. وقال بروتي إنه شخصيا يميل للتغيير. وأضاف قائلا: «هناك تقييمات أخرى أكثر أصالة وهناك طرق أفضل يمكن أن يقضي بها الأطفال وقتهم».
وقال روس راشتون، رئيس قسم الرياضيات في مدرسة «والت وايتمان» الثانوية، إنه يعتقد أن الاختبارات النهائية تعد الطلبة لمواجهة صعوبة اختبارات الكليات وتساعد المعلمين على تحديد مواطن الضعف الدراسية لدى الطلبة. ويود أن يستمر تطبيق الاختبارات النهائية بشكلها الحالي. وأوضح قائلا: «لا أعتقد أن الكثير من معلمي الرياضيات متحمسون لأي من تلك التغييرات. ويعتقد الكثيرون منا أنها خطوة إلى الوراء». ويأمل، في حال قيام مجلس إدارة المدرسة بمراجعة الأمر، أن يكون ذلك على أساس البيانات.
وكانت كارين أندرسون، إحدى أولياء الأمور في سيلفر سبرينغ، أقل اقتناعا بفوائد هذا التغيير، وقالت: «سأرحب بالأمر إذا كان سيتم الاستغناء عن الاختبارات أو الحد من شأنها. أعتقد أن هناك تركيزا مبالغا فيه على الاختبارات، وأعتقد أن هناك حاجة إلى عمل تغيير في الاتجاه المعاكس».
إضافة إلى الاقتراحات بإعادة التفكير في الاختبارات النهائية في المرحلة الثانوية، هناك اقتراح سوف يلغي الاختبارات التي تبلغ مدتها ساعتين في المرحلة الإعدادية والتي لا تساعد في المرحلة الثانوية. وقد حظي الاقتراح بدعم كبير بحسب ما أوضح مسؤولون. ويأتي التركيز على الاختبارات بعد موسم صعب من اختبارات الربيع، إضافة إلى تطبيق اختبارات شراكة تقييم الجاهزية للكليات والعمل على مستوى الإدارة التعليمية للمرة الأولى.
كذلك طلبت ليليان لويري، المشرفة على المدارس في ولاية ميريلاند، من الأنظمة المدرسية فحص عدد الاختبارات التي يضعونها، وإلغاء أي اختبارات مكررة. وتتعامل كل الأنظمة المدرسية بجدية مع الفكرة على حد قول بيل رينهارد، المتحدث باسم إدارة التعليم في ولاية ميريلاند. وقال أعضاء مجلس إدارة الكثير من المدارس إن اختبارات شراكة تقييم الجاهزية للكليات والعمل زادت مخاوف المجتمع بشأن عدد الاختبارات التي يخضع لها الطلبة. وقالت أونيل: «لم أر من قبل هذا القلق والاهتمام بشأن الاختبارات، ليس فقط من جانب الآباء والطلبة، بل من جانب أعضاء هيئة التدريس أيضا».
وقالت إيمي واتكينس، معلمة رياضيات في مدرسة «والتر جونسون» الثانوية، إنها تعتقد أن تغيير الاختبارات ربما سيساعد الطلبة، وتقدر الدور الذي تلعبه في إعداد الطالب للكلية. وأوضحت قائلة: «هناك الكثير من الاختبارات. إذا كانت اختبارات شراكة تقييم الجاهزية للكليات والعمل، والاختبارات النهائية تقيس المفاهيم ذاتها، فما جدوى التكرار؟».
كذلك مثلت طرق التقييم بالدرجات قضية كبرى في السابق في الاختبارات النهائية، حيث قال الكثيرون إن الطلبة لا يأخذون الاختبارات النهائية على محمل الجد لأن تأثيرها يكون أحيانا ضعيفا على إجمالي الدرجات. وفي الوقت الذي تمثل فيه الاختبارات النهائية 25 في المائة من درجات المادة، يمكن لطالب حصل على تقدير «سي» أثناء عمليات التقييم أن يرسب ويظل محتفظا بتقدير «سي» في المادة. ومن المنتظر من لجنة إدارة السياسات في مجلس الإدارة أن تنظر في سياسات التقييم بالدرجات، وأمور أخرى تتعلق بالاختبارات، في نهاية الصيف أو بداية الخريف، على حد قول مسؤولين. وقال داني روبرتس، مدرس أول في مدرسة «بيت صيدا تشيفي تشيز»، إنه عندما علم بأمر إلغاء الاختبارات كانت أول فكرة تخطر في باله هي أن «هذا الأمر رائع»، لكنه تساءل بعد ذلك عن النظام الذي سيحل محل الاختبارات. وأوضح قائلا: «تبدو الاختبارات غير ضرورية، لكني أعلم أن لها غرضا ما. وكل ما في الأمر أني لا أعلم ذلك الغرض».

* خدمة «واشنطن بوست»
(خاص بـ {الشرق الأوسط})



تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن
TT

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

أثار تحقيق تربوي مستقل، صدر منذ أيام، موجة جدل في بريطانيا بعد كشفه عن تردّي أوضاع أكثر من 1500 مدرسة غير مرخصة في مقاطعة هاكني اللندنية.
هذا التحقيق الذي استغرق عاماً من العمل، انتقد سلامة الطلاب والمناهج التعليمية في تلك المدارس اليهودية «المتشددة دينياً»، وأسند معلوماته إلى إثباتات وبيانات من وزارة التعليم، وهيئة تقييم المدارس البريطانية (أوفستيد) إلى جانب شهادات من بلدية هاكني ورابطة المدارس العبرية، ودعا بإلحاح إلى تحرك حكومي.
وقال التقرير إن القوانين البريطانية لا تتعامل بحزم مع المدارس غير المرخصة، معبراً عن استيائه من رد الفعل اللامبالي من الحكومة.
ووفقاً لما نقلته «بي بي سي» على موقعها الجمعة الماضي، فإن القائمين على التحقيق أجروا استفتاءً بين أهالي الجالية اليهودية «المتشددة» لمشاركة تجاربهم، من دون الكشف عن هوياتهم. ووجدوا أنّ التعليم الذي يتلقاه طلاب أبناء الجالية لا يتماشى مع معايير التدريس في البلاد.
وكشفت هيئة «أوفستيد» أنّ نحو 6 آلاف طالب في إنجلترا يدرسون في مؤسسات تعليمية غير مرخصة معظمها مدارس دينية، يهودية ومسيحية وإسلامية.
من جانبها، طالبت بلدية هاكني في العاصمة البريطانية، بتشديد القوانين على تلك المدارس، لكنّ وزارة التعليم في البلاد لم تبد نيّة لإجراء أي تعديلات. ودعا التقرير المستقل بتشديد القوانين على التدريس المنزلي، ومنح البلديات الصلاحية لضمان تعليم ذات جودة تتماشى مع الأسس البريطانية لمرتادي هذه المدارس، ولمن اختار أهلهم تدريسهم في المنزل. كما حثّ البلدية أن تطوّر آلية موحدة للتعامل مع الكم الهائل من مدارسها غير المرخصة التي تزيد من التفرقة الاجتماعية في البلاد، وتؤدي بالتالي إلى إنتاج فكر متشدد.
وهذه ليست المرة الأولى التي تُوضع فيها المدارس الدينية في بريطانيا تحت المجهر، حيث أفاد تقرير لأوفستيد في فبراير (شباط) 2016، بأنّ أداء تلاميذ مدرسة «بيس أهارون» الابتدائية، يُجمعون على فكرة أنّ دور المرأة يقتصر على «الاهتمام بالأطفال وتنظيف المنزل وتحضير الطعام»، منتقداً مستوى التعليم في المدرسة الذي «لا يرقى إلى المستوى المنتظر من مدرسة مستقلة»، ويقدّم «الشعائر الدينية على المعايير التعليمية» المتعارف عليها. واعتبرت الهيئة الحكومية أنّ هذه المدرسة الابتدائية الخاصة التي تكلّف ما يقارب الـ3000 جنيه إسترليني في السنة (أي نحو 4300 دولار أميركي)، لا تحضّر تلاميذها بشكل مناسب للانخراط في «الحياة البريطانية الحديثة».
وفي السياق ذاته، قال مفتشو هيئة «أوفستيد» إن نقاشاتهم مع التلاميذ كشفت أن «معظمهم عبّروا عن آراء في الأدوار التي يلعبها كل من المرأة والرجل في المجتمع، لا تتوافق ومبادئ المجتمع البريطاني الحديث»، كما «فشلوا في إظهار الاحترام والتسامح تجاه أشخاص من ديانات مختلفة»، فضلاً عن أنّ معرفتهم بديانات أخرى وثقافات مغايرة «محدودة للغاية».
يذكر أن الهيئة نفسها كانت قد انتقدت 7 مدارس إسلامية مستقلة في منطقة «تاور هاملتس»، شرق لندن، لفشلها في أداء واجبها لحماية الأطفال من التطرف. وأشارت «أوفستيد» في تقريرها الذي نشر بتاريخ 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، إلى تساهل بعض هذه المدارس مع ممارسات قد تعتبر مشجعة للتطرف، وعبرت عن مخاوف جدية تجاه تدابير حماية التلاميذ ورعايتهم من خطر الانجرار وراء الفكر التطرفي، حسبما أفادت «الشرق الأوسط» سابقاً.