مشروعات الحكومة وتبعات تصحيح العمالة تبطئان حركة العقار في السعودية

ارتفاع تكاليف خدماتها بنسبة 15 % خلال 3 سنوات

مشروعات الحكومة وتبعات تصحيح العمالة تبطئان حركة العقار في السعودية
TT

مشروعات الحكومة وتبعات تصحيح العمالة تبطئان حركة العقار في السعودية

مشروعات الحكومة وتبعات تصحيح العمالة تبطئان حركة العقار في السعودية

كشف مستثمرون في القطاع العقاري عن معاناة وصعوبات يلاقونها في توفير شركات مقاولات في الوقت الحالي لمواصلة مشروعاتهم، لافتين إلى أن تبعات قرار تصحيح أوضاع العمالة غير النظامية التي شرعت السعودية في تطبيقها منذ عام 2013، ما زالت تلقي بظلالها على المشروعات والحركة الإنشائية العقارية التي كانت تحوي النسبة الأكبر من تلك العمالة، مفصحين بأن انشغال معظمها بعقود المشروعات الضخمة السابقة، خصوصا الحكومية، أثر بشكل سلبي على مشروعات الأفراد والشركات.
وأفاد المستثمرون بأن هناك مشكلات تضغط على قطاع المقاولات والإنشاءات في العقار، بينها مشكلة تسرب العمال وعشوائية معظم شركات المقاولة بالتحديد المتوسطة والصغرى منها، موضحين أن عددا من المشروعات توقفت وأخرى تضررت من شح أعداد العمالة النادرة في حركة عكسية لحال العقار المحلي.
وكشف المستثمرون أن هناك صعوبة بالغة في توفير شركات مقاولات في الوقت الحالي، نتيجة انشغال معظمها بعقود المشروعات الضخمة السابقة، خصوصًا الحكومية التي أثرت بشكل سلبي على مشروعات الأفراد، بغض النظر عن أسعارها المتزايدة نتيجة الطلب المتنامي الذي تعجز الشركات المحلية على تلبيته، مقدرة نسبة ارتفاع أسعار خدماتها خلال السنوات الثلاث الأخيرة بأكثر من 15 في المائة، خصوصا أن شركات المقاولات أصبحت تعتمد أسعارا لا جدال فيها لعلمها بالطلب الكبير الذي يلف قطاعها.
وكشف نواف العقلة الذي يدير شركة عواصم الإنشائية أن أكثر من 75 في المائة من المشروعات بالسعودية قامت بها المؤسسات المتوسطة والصغيرة، مما يعني أن وجودها على الخريطة العقارية مهم للغاية، وأن من يلجأ إلى الشركات الكبرى هم أصحاب المشروعات الكبرى أو الحكومية التي تعتمد عليهم في الباطن، مبديا استغرابه من تشدد وزارة العمل في منح تأشيرات لأصحاب مؤسسات المقاولة خصوصا الصغرى والمتوسطة ومساواتها بغيرها من الأنشطة التجارية الأخرى.
وأوضح العقلة أن لقطاع المقاولات حسبة خاصة حيث إن الشركة التي يقل أفرادها عن 20 فردا فهي خاسرة لا محالة، نظرا لأن مشروع البناء الواحد يحتاج إلى هذا العدد كأدنى حد، حيث إن خمسة عمال لا يستطيعون بناء بنايتين على أقل تقدير، ورغم توافر طلبات البناء فإن إمكانات المقاولين محدودة.
وأضاف العقلة «أكثر ما نخشاه أن يستمر الوضع على ما هو عليه من ناحية خلو السوق من العمالة الماهرة، مما يعني مشكلة إضافية تنضم إلى مشكلات ارتفاع أسعار العقار وقيمة مواد البناء، والقادم هو ارتفاع كبير في قيمة خدمات العمالة الإنشائية أكثر مما هي مرتفعة حاليا»، لافتًا إلى أن السوق تعاني حلقة مفرغة من التنسيق بين توفير العمالة المحترفة التي يجري استقبالها على أنها تحمل مؤهلات هندسية.
وبين العقلة أن واقعنا يشتهر باستقدام العمالة الجديدة لتدريبها وتعليمها على المنشآت، ومن ثم تهاجر إلى الخارج وخصوصا إلى دول الخليج للاستفادة من ارتفاع قيمة عقود الإنشاء هناك.
ويشهد قطاع البناء في السعودية طلبا متزايدا في قطاع الإنشاءات بعكس القطاعات العقارية الأخرى، في ظل الإعلان عن المشروعات الكبرى التي تزيد الطلب على العمالة، إلا أن السوق كانت وما زالت تعاني قلة العمالة الماهرة المؤهلة، نتيجة ضعف إمكانات العمالة القادرة على البناء بالشكل الاحترافي، خصوصا أن معظم العمالة المستقدمة للعمل في هذا المجال لم يسبق لهم العمل أبدا فيه، بمعنى أنهم يكتسبون الخبرة هنا ومن ثم يغادرون للبحث عن العرض الأفضل وهو ما يكلف المؤسسات المحلية ثمنا غاليا.
من جهته، أكد عبد العزيز آل إبراهيم الخبير العقاري، أن الناس باتوا يعجزون عن تحمل نفقات العمالة، حيث إن الطلب عليهم أثر إلى حد كبير على تنامي قيمة أشغالهم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، في الوقت الذي تعيش فيه باقي الفروع الأخرى وضعا مختلفا عما يعاصره قطاع المقاولات، كاشفا أن الواقع والمستقبل لشركات المقاولات التي ستتصدر قائمة الشركات الأكثر طلبا وعملا، وتعد شركات المقاولات من أكثر الأنشطة التجارية حركة، وتتصدر بلا منازع الأفرع العقارية النشطة.
وأضاف آل إبراهيم أن ارتفاع تكلفة الإنشاءات يمر بارتفاع فاتورة العمالة مما ألقى بظلاله سلبا على أسعار العقار بشكل مباشر، وخصوصا في قطاع المقاولات الذي بات يتكبد تكاليف طائلة نتيجة ارتفاع قيمة استقطاب العمالة المتخصصة، وتدريبها لتصبح عمالة محترفة، مبينا أن بعض العمال يأتي للسعودية للتعلم، ومن ثم الذهاب إلى الخارج للعمل هناك، بعد أن يصبح ذا خبرة واحترافية.
وكشف أن هناك شركات سمسرة تغري العمالة المدربة للعمل في الخارج فور وصولهم إلى مرحلة الاحتراف، لتبدأ في مرحلة التفاضل لمن يدفع أكثر مما يعني مزايدة في الأسعار، التي انعكست سلبيا على تكلفة الإنشاءات في دولة تعيش نهضة عمرانية متواصلة، تحتاج إلى سنوات طويلة لتصل إلى الاكتفاء من إقامة المشروعات.
وكانت دراسة نشرتها وزارة الشؤون البلدية والقروية عن انحدار مستويات وقدرات قطاع المقاولات في السعودية، أثارت قضية تدني مستويات وفنيات العمالة الموجودة محليا، إلا أن الدراسة لم تأخذ على محمل الجد فلا تغييرات طالت القطاع ولا تصانيف ملزمة، في وقت أكدت فيه على ضرورة مراعاة أبجديات العمل الإنشائي بشكل جديد نتيجة انحدار الأعمال الحديثة.
وفي الاتجاه ذاته، أوضح فرحان الفهاد الذي يمتلك مؤسسة الوعد للمقاولات - إحدى شركات المقاولات المتوسطة -، أن هناك طلبا كبيرا من قبل الشركات العقارية الكبرى في السعودية على العمالة المتخصصة، حيث تفضل العمل مع تلك الشركات لأسباب مختلفة، أهمها عدم مماطلة الشركات في تسديد حقوقهم، إضافة إلى استمرار الشركات المنافسة استمالتهم بالعروض المادية الأفضل وهو تأمين تراه العمالة ممتازا إلى حد كبير، ناهيك عن احتكاك تلك العمالة ببيئات عمل أرقى وأرفع مستوى، مما يلقي بظلاله على توسيع الخبرات الإنشائية لدى الفني العامل.
واستطرد الفهاد بأن تلك الظروف ستنعكس بشكل مباشر على رفع قيمة خدمات العمالة، خصوصًا أن السوق الخليجية أصبحت شبه مفتوحة، في ظل استمرار تنامي دول الخليج ولو دون المأمول، نتيجة انخفاض أسعار النفط، إلا أن فتح السوق أضر بالعقار السعودي بشكل أكبر من الدول الأخرى، ويلاحظ ذلك من تسرب العمالة الماهرة منها بنسب كبيرة تفوق أي دولة خليجية أخرى، إلا أنه يعتقد أن إعادة بناء هيكلة لقطاع المقاولات يقوم على تدريب العمالة وفرض العقد الملزم ومنع التجاوزات التي تقوم بها بعض الشركات ومنها توقيع الكثير من المشروعات بتوقيت تسليم محدد والإخلال بذلك نتيجة استحواذها على نسبة عمل كبيرة تفوق إمكاناتهم في ظل غياب الرادع الحكومي.



السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
TT

السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة

بعد سلسلة من المتغيرات التي شهدها قطاع الإسكان السعودي، يتجه القطاع إلى التوازن مع انخفاض التضخم الحاصل في الأسعار بمختلف فروع القطاع العقاري، وسط مبادرات سعت إليها وزارة الإسكان السعودية؛ الأمر الذي قلص الفجوة بين العرض والطلب خلال السنوات الماضية، حيث حققت الوزارة القيمة المضافة من خلال تلك المبادرات في رفع نسب التملك بالبلاد.
وتوقع مختصان أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من النجاح الحكومي في مجال الإسكان، مشيرين إلى أن المواطن سيجني ثمار ذلك على مستوى الأسعار وتوافر المنتجات، التي تلبي مطالب جميع الفئات. ويمثل هذا النجاح امتداداً لإنجازات الحكومة، في طريق حل مشكلة الإسكان، عبر تنويع المنتجات العقارية وإتاحتها في جميع المناطق، مع توفير الحلول التمويلية الميسرة، والاستفادة بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار المختصان إلى أن أداء الحكومة، ممثلة في وزارة الإسكان، كان وراء خفض أسعار المساكن بشكل كبير، وذلك بعد أن وفرت للمواطنين منتجات عقارية متنوعة تلبي أذواق جميع المستفيدين من برامج الدعم السكني. وقال الخبير العقاري خالد المبيض إن «وزارة الإسكان تمكنت من إيجاد حلول عقارية ناجعة ومتنوعة، أدت إلى تراجع الأسعار بنسب تشجع جميع المواطنين بمختلف مستوياتهم المادية، على تملك العقارات»، مضيفاً أن «الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من النجاح في هذا الجانب».
وتابع: «أتذكر أن أول مشروع تسلمته وزارة الإسكان، كان يتعلق ببناء 500 ألف وحدة سكنية، بقيمة 250 مليار ريال (133.3 مليار دولار)، ما يعني أن قيمة الوحدة السكنية 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار). أما اليوم، فقد تمكنت الوزارة من إيجاد وحدات جاهزة بقيمة تصل إلى نصف هذا المبلغ وهو 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار)»، لافتاً إلى أن «الفرد يستطيع الحصول على هذه الوحدات بالتقسيط، مما يؤكد حرص البلاد على إيجاد مساكن لجميع فئات المجتمع السعودي».
وأضاف المبيض: «تفاوت أسعار المنتجات العقارية يمثل استراتيجية اتبعتها الوزارة في السنوات الأخيرة، ونجحت فيها بشكل كبير جداً». وقال: «أثمرت هذه السياسة زيادة إقبال محدودي الدخل على تملك المساكن، بجانب متوسطي وميسوري الدخل الذين يقبلون على تملك مساكن ومنازل وفيلات تناسب قدراتهم المادية، وهذا يُحسب لوزارة الإسكان ويمهد لإنهاء مشكلة السكن التي لطالما أرقت المجتمع في سنوات ماضية».
وتوقع الخبير العقاري أن تشهد المرحلة المقبلة طفرة في قطاع الإسكان. وقال: «يجب أن نضع في الاعتبار أن منتجات الوزارة التي تعلن عنها تباعاً، تحظى بإقبال الأفراد كافة، لا سيما أنها تراعي خصوصية الأسرة السعودية، كما أنها تلبي احتياجاتها في الشكل والمساحات».
وأضاف: «تمكنت الوزارة من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة، ومنازل مستقلة، وفيلات، ومنح أراضٍ وقروض لمن يرغبون في البناء بأنفسهم». وتابع «كل هذه الخيارات وفرتها الوزارة في صورة مبادرات متعددة، موجودة في برنامج (سكني)، وروجت لها بشكل جيد، ووصلت بها إلى المواطنين».
من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي علي الجعفري أن شراكة الوزارة مع شركات العقار السعودية تمثل خطوة استراتيجية تُحسب للحكومة في السنوات الأخيرة. وقال: «إحقاقاً للحق؛ أضاعت الوزارة عقب تأسيسها، بعض الوقت والجهد للبحث عن آليات تمكنها من بناء 500 ألف وحدة سكنية، لكنها عوضت ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص».
وأضاف الجعفري: «الوزارة في بداية عهدها لم تتعاون مع شركات التطوير العقاري السعودية لتنفيذ مشاريع السكن، ولو أنها سارعت بهذا التعاون، لكان لدينا اليوم عدد كبير من المنتجات العقارية التي تساهم في حل مشكلة السكن».
واستطرد: «الوزارة تداركت في السنوات الأخيرة هذا الأمر، واعتمدت على شركات التطوير السعودية، التي أصبحت بمثابة الذراع التنفيذية لتصورات الحكومة وتوجهاتها لحل مشكلة السكن»، مضيفاً: «اليوم الوزارة ترتكن إلى حزمة من المبادرات النوعية، التي وفرت كثيراً من التنوع في المنتجات العقارية، وهو ما أشاع جواً من التفاؤل بإمكانية حل مشكلة السكن في المملكة في وقت وجيز».
وأكد الجعفري ثقته باستمرار نجاح البلاد في إدارة ملف الإسكان. وقال: «أنا واثق بأن مؤشرات السكن اليوم أفضل بكثير منها قبل 8 سنوات مضت، بعد طرح الوزارة آلاف المنتجات العقارية وتسليمها إلى مستحقيها، بل ودخول عدد كبير منها إلى حيز الاستخدام».
وختم الجعفري: «نجاحات وزارة الإسكان تحقق مستهدفات (رؤية المملكة 2030)، خصوصاً فيما يتعلق بالوصول إلى نسبة تمليك بين المواطنين تصل إلى 70 في المائة» على حد وصفه.
وكانت «مؤسسة النقد السعودي (ساما)» أشارت إلى أن عقود التمويل العقاري السكني الجديدة للأفراد واصلت صعودها لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، مسجلة أعلى معدلات إقراض في تاريخ البنوك السعودية من حيث عدد العقود ومبالغ التمويل بنحو 23 ألفاً و668 عقداً مقارنة بنحو 9 آلاف و578 عقداً في يناير 2019، من إجمالي القروض العقارية السكنية المُقدمة من جميع الممولين العقاريين من بنوك وشركات التمويل.
وأوضح التقرير الخاص بـ«ساما» أن النمو في عدد عقود التمويل العقاري السكني وصل لنحو 147 في المائة مقارنة مع يناير 2019، فيما سجل حجم التمويل العقاري السكني الجديد في يناير 2020، نمواً بمقدار 112 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2019، والذي سجل نحو 4.766 مليار ريال (1.270 مليار دولار)، كما سجلت قروض يناير السكنية ارتفاعاً بنسبة اثنين في المائة عن الشهر السابق ديسمبر (كانون الأول) 2019، والذي وصل حجم التمويل خلاله إلى نحو 9.86 مليار ريال (2.6 مليار دولار)، فيما ارتفع عدد العقود بنسبة 1.5 في المائة عن شهر ديسمبر 2019، والذي شهد توقيع نحو 23 ألفاً و324 عقداً.
وأشار التقرير إلى أنه تم إبرام 94 في المائة من قيمة هذه العقود عن طريق البنوك التجارية، بينما أبرمت 6 في المائة منها عن طريق شركات التمويل العقاري، فيما بلغ عدد عقود المنتجات المدعومة من خلال برامج الإسكان في شهر يناير 2020 عن طريق الممولين العقاريين 22 ألفاً و432 عقداً وبقيمة إجمالية بلغت 9.4 مليار ريال (2.5 مليار دولار).