قمة ثلاثية في برلين بشأن أوكرانيا بغياب بوتينhttps://aawsat.com/home/article/435436/%D9%82%D9%85%D8%A9-%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D8%A3%D9%88%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D8%A8%D8%BA%D9%8A%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D9%88%D8%AA%D9%8A%D9%86
تستقبل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الاثنين في برلين، الرئيسين الفرنسي والأوكراني في غياب نظيرهما الروسي فلاديمير بوتين، لوضع استراتيجية بعد تصاعد العنف في شرق أوكرانيا المتمرد.
وكان الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو صرح خلال الأسبوع الحالي: «علينا تنسيق تحركاتنا».. بينما تبدو عملية السلام المتعلقة خصوصا بسحب الأسلحة من خط الجبهة في طريق مسدود.
وتصاعد التوتر الاثنين الماضي فجأة، عندما أعلنت كييف والانفصاليون مقتل عشرة أشخاص بينهم ثمانية مدنيين، وتحدثوا عن عمليات قصف مكثفة جدًا.
ودان الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وكييف والولايات المتحدة تصاعد العنف، محملين المسؤولية لروسيا المتهمة بدعم المتمردين عسكريا وبنشر قواتها في أوكرانيا. من جهتها، اتهمت موسكو التي تنفي هذه الاتهامات كييف بالإعداد لهجوم ضد الانفصاليين.
وكان الوضع قد هدأ نسبيا، لكن ليس هناك ما يدل على تهدئة دائمة. وقال مسؤول أوكراني كبير في أجهزة الأمن طالبًا عدم كشف هويته إنّ «روسيا في مأزق مثلنا ومثل الغربيين».
وفي هذا الإطار تسعى كييف إلى وضع خطة تحرك مع حلفائها الأوروبيين للاستعداد لتدهور محتمل على الأرض، كما قال مصدر دبلوماسي أوكراني لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال هذا المصدر: «من الواضح أنّ الروس لا يغيرون سلوكهم على الرغم من الضغوط»، مشيرًا بذلك إلى العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضت على موسكو العام الماضي، مضيفًا: «من هنا يأتي السؤال: ما هي الخطوط الحمر التي يفترض أن يتجاوزوها» لفرض عقوبات جديدة؟
وسيلتقي الرئيس الأوكراني الاثنين نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند وميركل للمرة الأولى منذ محادثات مينسك الطويلة التي جرت في 17 فبراير (شباط) الماضي، وأسفرت عن توقيع اتفاقات مينسك - 2.
وقد سمحت هذه المفاوضات بإحلال هدنة احترمت إلى حد ما في نزاع أسفر عن سقوط 6800 قتيل خلال 16 شهرًا، بينهم 1500 منذ توقيع هذه الاتفاقات.
لكن رجل روسيا القوي الذي كان حاضرًا في مينسك لم يدع إلى برلين الاثنين.
ولم تدلِ برلين بأي تصريحات رسمية في هذا الشأن. لكن كييف تريد وصف غياب الرئيس الروسي بأنّه «إشارة مهمة جدًا إلى بوتين».
أمّا باريس التي تبدو أقل تشددًا، فتؤكد أنّه «تلبية براغماتية جدًا» لطلب الرئيس الأوكراني. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي: «إنّه ليس اجتماعا ثلاثيا يهدف إلى تنظيم أي معركة دبلوماسية ضد روسيا». وأضاف أن قمة جديدة «رباعية» بمشاركة بوتين يفترض أن تعقد قريبا.
وقلل المصدر من خطورة التصعيد الأخير في العنف، مؤكدًا أنّ اللقاء «هو بالأحرى اختبار (...) ولسنا عشية عملية واسعة النطاق».
لكن برلين تبدو قلقة؛ فقد صرح الناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية سيباستيان فيشر أمس بأنّ «الوضع بالغ الخطورة (...) كل قذيفة تفاقم التصعيد وتجعل الوضع أقل استقرارا».
أمّا أوكرانيا التي تخشى منذ أشهر هجومًا للمتمردين في نهاية الصيف أو بداية الخريف، فتتوقع «أعمالا استفزازية» بمناسبة عيد استقلالها الاثنين.
وقال المسؤول الأوكراني في القطاع الأمني إنّ «هدفهم هو إجبارنا على تقديم تنازلات».
وفي نهاية أغسطس (آب)، تحل ذكرى حزينة على كييف. فقبل عام هزمت في إيلوفايسك المدينة الواقعة في الشرق الأوكراني التي كان الجيش مطوقا فيها وخسر 366 من رجاله، مما اضطر بوروشينكو لتوقيع سلسلة أولى من اتفاقات السلام بعد أيام، اعتبرها كثير من الأوكرانيين مهينة.
الأوروبيون يتباحثون في أفضل الوسائل لضمان أمن أوكرانيا دون انضمامها إلى «الناتو»https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A7/5091340-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%8A%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%D9%88%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%B6%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D9%84%D8%B6%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%A3%D9%88%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D8%AF%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%86%D8%B6%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%87%D8%A7-%D8%A5%D9%84%D9%89
الأوروبيون يتباحثون في أفضل الوسائل لضمان أمن أوكرانيا دون انضمامها إلى «الناتو»
صورة جماعية لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل (أ.ب)
ما زالت صورة التطوّرات المرتبطة بالحرب الروسية - الأوكرانية «ضبابية»، في حين تنشط الاتصالات وتُطرح المبادرات، والكل ينتظر عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وما سيُحدثه ذلك من انعطافات ترجح أن تكون حادة في كيفية تعاطي واشنطن مع هذا الملف.
ولأن أكثر القلقين هم القادة الأوروبيون، فإنهم تداعوا إلى قمة ستلتئم في بروكسل يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وستُخصص للوضع الأوكراني واحتمالات العودة إلى طاولة المفاوضات والشروط الضرورية لأمر مثل هذا، ولكن أيضاً لما يرتبه تغيّر السياسة الأميركية على الأوروبيين، وقدراتهم على الحلول محل الشريك الأميركي، في حال قرر ترمب تقليصاً كبيراً للمساعدات المخصصة لكييف.
والخوف الذي يعتمل بشكل خاص دول البلطيق ودولاً أخرى، مثل بولندا ورومانيا، وهي الأقرب جغرافياً لروسيا؛ أن تمتد العدوى الأميركية إلى دول في الاتحاد الأوروبي، وأن تنعكس فتوراً على مواصلة دعم أوكرانيا. وترى مصادر أوروبية في باريس أن قادة الاتحاد سيجدون البحث عن «الضمانات» التي بمقدورهم توفيرها لأوكرانيا؛ إن في حال انطلاق المفاوضات أو تواصل القتال بوتيرة مرتفعة، فضلاً عن صورة العلاقات المستقبلية معها.
بداية، ترى المصادر المشار إليها أنه «من المبكر» الحديث عن انطلاق المفاوضات في المستقبل القريب؛ إذ إنها ما زالت، حتى اليوم، «افتراضية» وأقرب إلى «بالونات اختبار». وليس سراً أن موسكو تريد الانتظار وهي، منذ اليوم، تعد أن إدارة ترمب ستكون أكثر «تساهلاً» و«تفهّماً» لمطالبها، فضلاً عن أن الانتظار سيعطيها الفرصة لتحقيق مزيد من التقدم والسيطرة على شرق أوكرانيا.
ونوّه الكرملين، الجمعة، بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.
قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، خلال إحاطة إعلامية، إن «التصريح الأخير (للرئيس دونالد ترمب) يتماشى بالكامل مع موقفنا ورؤية (ترمب) للأسباب الكامنة وراء التصعيد هي أيضاً متوافقة مع رؤيتنا... ومن الواضح أن ترمب يدرك ما يتسبّب في تصعيد الوضع». وأكد بيسكوف أن الشروط المطلوبة لإجراء مفاوضات حول أوكرانيا لم تتوافر بعد. وقال: «لا نريد وقفاً لإطلاق النار، بل نريد السلام عند استيفاء شروطنا وبلوغ أهدافنا».
وفي هذا السياق، تتعيّن الإشارة إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لم يحصل على شيء ملموس من الرئيس ترمب خلال الاجتماع الثلاثي الذي نجح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تنظيمه يوم السبت الماضي، بمناسبة احتفالية الانتهاء من أعمال ترميم كاتدرائية نوتردام. وكان ترمب دعا إلى «وقف فوري لإطلاق النار» ومفاوضات لإنهاء النزاع في أوكرانيا بعد اللقاء المذكور، مضيفاً أن إدارته العتيدة ستخفّض «على الأرجح» المساعدات لكييف.
ونقلت «رويترز» عن رئيس مكتب زيلينسكي، أندريه يرماك، قوله في مقابلة أُجريت معه الخميس، إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا؛ لأنها ليست في الوضع الذي تتطلّع إليه فيما يتعلق بالأسلحة والضمانات الأمنية. وأضاف يرماك: «نحن لا نمتلك الأسلحة، ولا نمتلك الوضع الذي نتحدث عنه. وهذا يعني حصولنا على دعوة للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وتفاهمات على ضمانات واضحة... حتى نطمئن بأن بوتين لن يعود إلى الحرب في غضون عامين أو ثلاثة أعوام. وخلاصته أن بلاده مستعدة للتفاوض ولكن (ليس اليوم)».
ثمة حقيقة مفصلية تجعل الحديث عن المفاوضات، وإن تأخرت، أمراً لا مفر منه وقوامها أن الغربيين يعون اليوم، كما تعي أوكرانيا نفسها، أن تغيّر الموازين العسكرية لصالح القوات الأوكرانية التي سيكون بمقدورها استعادة الأراضي التي احتلتها القوات الروسية بما فيها شبه جزيرة القرم التي احتلتها في عام 2014؛ أمر لن يتحقق. والدليل على ذلك استمرار تقدم الروس في منطقة دونباس رغم الكم الهائل من الأسلحة بالغة التقدم التي تُوفّر للأوكرانيين والصعوبات التي تواجهها في تعبئة مزيد من الجنود إلى جبهات القتال. من هنا، فإن زيلينسكي الذي يعي حقيقة الوضع، غيّر خطابه، بل إنه لم يعد يتردد في القول في الأسابيع الأخيرة، إنه يقبل، ضمن شروط، الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع استمرار سيطرة روسيا على الأراضي التي احتلتها خلال الغزو.
ترى المصادر الأوروبية أن تطور الخطاب الأوكراني أمر بالغ الأهمية، وأهميته «أنه يستبدل بتحرير كامل التراب الأوكراني ضمانات» يحصل عليها من الغربيين. من هنا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه يتناول طبيعة هذه الضمانات. والمعلوم أن كييف ترى في انضمامها إلى الحلف الأطلسي الضمانة المثالية.
والخميس، أكد وزراء خارجية ست دول أوروبية - أطلسية (فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا وبريطانيا)، وممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، بمناسبة اجتماع لهم في برلين؛ دعمهم انضمام أوكرانيا إلى حلف «الناتو». وجاء في بيان لهم: «سنواصل دعم أوكرانيا في مسارها الذي لا رجعة فيه نحو التكامل الأوروبي الأطلسي الكامل، بما في ذلك عضوية حلف شمال الأطلسي». وجاء في البيان أيضا أن «السلام في أوكرانيا والأمن في أوروبا لا ينفصلان».
بيد أن الرغبة الأوروبية تواجه رفضاً روسياً مطلقاً، وكانت ضمن أحد الأسباب التي دفعت بوتين إلى إطلاق «العملية العسكرية الخاصة». كذلك، فإن واشنطن ترفض الانضمام، وثمة تحفظات عليه من داخل الاتحاد. وبما أن أمراً مثل هذا لا يمكن أن يتحقّق إلا برضا واشنطن وبالنظر إلى «تحفظات» ترمب، منذ ولايته الأولى إزاء حلف الأطلسي وتهديده بخروج الولايات المتحدة منه إلا إذا وفّى الأوروبيون بتعهداتهم المالية إزاءه وزادوا من ميزانياتهم العسكرية، فإن حصول كييف على العضوية الأطلسية يسير في طريق مسدود. وليس ترمب وحده من يطالب بذلك؛ إذ إن الأمين العام لحلف الأطلسي الجديد، رئيس الوزراء الهولندي السابق، مارك روته، عدّ أن التهديد الروسي «يقترب من أوروبا بسرعة كبيرة»، وأنه يتوجّب على بلدانها «تخصيص مزيد من الأموال» للدفاع.
ولأن الانضمام مستبعد، فإن الأوروبيين يبحثون في إمكان إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا «بشكل فردي»، وليس بغطاء أطلسي رغم أن هذه الدول أطلسية. ولكن تطوراً مثل هذا لا يمكن أن يحصل إلا بعد توقف الحرب أو حصول هدنة. وسبق للرئيس الفرنسي أن قدّم، في شهر فبراير (شباط) الماضي، اقتراحاً بهذا المعنى، إلا أنه جُوبه برفض من كثير من الدول وعلى رأسها ألمانيا.
وقال زيلينسكي، بعد لقاء مؤخراً في كييف مع زعيم المعارضة الألمانية فريديريش ميرز: «بصراحة يمكننا التفكير والعمل على ما يطرحه إيمانويل»، وهو «أن توجد قوات من دولة ما على الأراضي الأوكرانية، وهو ما سيضمن لنا الأمن ما دام أن أوكرانيا ليست في (الناتو)». لكن الرفض الذي واجه ماكرون قبل ثمانية أشهر دفع باريس إلى «توضيح» طرحها؛ بحيث إن المقترح يقوم على إرسال وحدات تقوم بتدريب القوات الأوكرانية على القيام بنزع الألغام وأعمال من هذا القبيل. لكن الطرح اليوم، كما برز من خلال اجتماع الرئيس الفرنسي برئيس الوزراء البولندي دونالد توسك الخميس، مختلف. وعنوانه العمل على إرسال قوات أوروبية من أجل طمأنة أوكرانيا وردع روسيا عن القيام بمغامرة عسكرية لاحقة.
هل أن أمراً مثل هذا يمكن أن يتحقق؟ من المبكر التنبّؤ بما سيحصل. واللافت أن توسك أكد من جهته أنه ناقش مع ماكرون إمكان إرسال قوات إلى أوكرانيا. إلا أنه سارع إلى القول إن بلاده «لا تخطط لمثل هذه الإجراءات... في الوقت الحالي»، وإن قرار الإرسال من عدمه «يُتخذ في بولندا». وهذا يبيّن أن البحث ما زال في أوله ويحتاج إقراره إلى مزيد من الاتصالات، وأن يقبل الطرفان الروسي والأوكراني بقيام هدنة جدية. وإلا فإنه كلام لا جدوى منه.