اليونيسيف: اليمن طفولة مهددة تعاني من كارثة إنسانية

الإمارات تتكفل بتأهيل مستشفى الجمهورية.. والكويت بصحة الأم والطفل

يمنيون يصطفون انتظارا لملء صفائح الماء وسط اضطرابات واسعة في صنعاء (أ.ف.ب)
يمنيون يصطفون انتظارا لملء صفائح الماء وسط اضطرابات واسعة في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

اليونيسيف: اليمن طفولة مهددة تعاني من كارثة إنسانية

يمنيون يصطفون انتظارا لملء صفائح الماء وسط اضطرابات واسعة في صنعاء (أ.ف.ب)
يمنيون يصطفون انتظارا لملء صفائح الماء وسط اضطرابات واسعة في صنعاء (أ.ف.ب)

قال مدير عام الصحة والسكان في محافظة عدن جنوب اليمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن دولة الإمارات العربية المتحدة ستقوم بتجهيز وتشغيل مستشفى الجمهورية التعليمي، وكذا ثمانية مجمعات صحية في مدينة عدن، فضلا عن مراكز الوبائيات والسرطان والفشل الكلوي.
وأضاف أنه التقى بموفد دولة الكويت التي مثلتها جمعية المريض الكويتي، التي تم عمل مذكرة تفاهم معها بشأن مساهمتها في دعم المحافظة في ناحية الرعاية الصحية الأولية، وتحديدا صحة الأم والطفل، بحيث تقوم الجمعية الكويتية بتشغيل كل من مستشفى الشعب ومستشفى الصداقة بمدينة الشيخ عثمان وسط عدن، والذي تتبعه مراكز الطوارئ التوليدية، مثل مركز الشعب بمدينة كريتر جنوب عدن، ومراكز المنصورة وبئر أحمد والتواهي، إلى جانب تزويد هذه المرافق التوليدية بعشر سيارات إسعاف.
وأضاف أن لقاء بالوفد الكويتي الزائر لمحافظة عدن كان إيجابيا ومشجعا، مشيرا إلى أن الاتفاق مع ممثلي جمعية المريض الكويتي سيكون له الأثر البالغ على مراكز الطوارئ، المعنية برعاية الطفل والأم، والتي توقف نشاطها رغم أهمية ما تقدمه من خدمات صحية أولية لسكان المدينة.
وكان فريق من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في اليمن زار كلا من مستشفى 22 مايو ومستشفى الصداقة بمحافظة عدن. واطلع الفريق على الأضرار التي تعرض لها مستشفى 22 مايو، عقب الحريق الذي اندلع في مولدات المستشفى وعلى أثره تم إخلاء ما يقارب الـ120 مريضا، وتوقف العمل بشكل كامل في المستشفى.
كما رصد الفريق الاحتياجات الإسعافية من المواد الطبية والأدوية التي يحتاجها مستشفى الصداقة، لرفعها للمكتب الرئيسي لمركز الملك سلمان في الرياض، بهدف جدولتها ضمن خطته التي تأتي تواصلا للجسر الإغاثي الجوي إلى محافظة عدن.
من جهة ثانية، صدر تقرير عن منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، أكد أن متوسط عدد الأطفال الذين يُقتلون أو يشوهون في اليمن بشكل يومي يصل إلى 8 أطفال نتيجة للحرب الدائرة في البلاد. وأوضح تقرير اليونيسيف وعنوانه «اليمن: طفولة مهددة» أن 398 طفلا قتلوا، وأصيب 600 آخرون منذ تصاعد العنف في اليمن.
وشنت ميليشيات علي صالح والحوثي حربا عبثية على عدد من محافظات اليمن في الشمال والجنوب أواخر مارس (آذار) الماضي، وقصفت قرى وأحياء سكنية بصورة عشوائية كلفت الآلاف الضحايا. وتدخل عدد من الدول العربية بقيادة السعودية مشكلة حلفا عربيا شن غارات جوية على مواقع ومعسكرات تسيطر عليها الميليشيات. وأسفرت الهجمات المتبادلة بين الجانبين عن استهداف بعض من منازل المواطنين وأحياء سكنية مما أوقع قتلى وجرحى بينهم أطفال. وقال التقرير إنه «من آثار الصراع المسلح، الذي يدمر واحدة من أفقر دول العالم العربي، تَعطّل الخدمات الصحية وارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال وإغلاق المدارس وارتفاع أعداد الأطفال المجندين في الجماعات المسلحة».
وقال جوليين هارنس، ممثل اليونيسيف في اليمن: «تمثل هذه الأزمة مأساة حقيقية بالنسبة للأطفال في اليمن». وأضاف: «يتعرض الأطفال للقتل بفعل القصف والاقتتال، ويواجه الناجون منهم خطر الأمراض وسوء التغذية. ولا يمكن أن نسمح لذلك بالاستمرار».
وشدد التقرير على أن النزاع لا يدمر حياة الأطفال الآن فقط، ولكن ستكون له آثار مروعة عليهم في المستقبل أيضًا.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.