تقرير لجنة سقوط الموصل يتحول إلى مساومة على مستقبل المالكي

جاء بمثابة «القشة التي قصمت ظهر تاريخه السياسي»

تقرير لجنة سقوط الموصل يتحول إلى مساومة على مستقبل المالكي
TT

تقرير لجنة سقوط الموصل يتحول إلى مساومة على مستقبل المالكي

تقرير لجنة سقوط الموصل يتحول إلى مساومة على مستقبل المالكي

بعد أيام من إحالة البرلمان العراقي تقرير اللجنة التحقيقية التي شكلها في أسباب سقوط الموصل ليلة 10 يونيو (حزيران) 2014 بيد تنظيم داعش، إلى القضاء، فإن الجدل الناشب حاليا لا يتعلق بالموصل بقدر ما يتعلق بنوري المالكي النائب المقال لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وقائد القوات المسلحة السابق.
أزمة المهنية وعدم الحيادية واللاموضوعية، التي دمغت بها اللجنة التي شكلت طبقا للأسلوب المتبع في مثل هذه الحالات وهو المحاصصة العرقية والطائفية، بدأت عندما ظهر اسم المالكي على رأس قائمة المتهمين في سقوط ثانية كبرى مدن العراق (الموصل) ومحافظاته (نينوى). وإذا كانت القاعدة القانونية تصنف المالكي ومعه 34 متهما آخرين في خانة الأبرياء حتى تثبت إدانتهم، فإن الاحتجاجات بين من يؤيد إحالة المالكي إلى القضاء المتهم أصلا بانحيازه إلى جانبه، وبين من يعارض ذلك، أخرجت القصة من دائرة الجدل حول أسباب وحيثيات سقوط الموصل إلى: هل إحالة المالكي إلى القضاء جائزة أم لا؟ وهل هي مبنية على أدلة وقرائن أم هي مجرد تصفية حسابات سياسية مع رجل يبدو الآن يترنح بين فقدان منصبه نائبا لرئيس الجمهورية، وهو آخر منصب تنفيذي يحتله الآن ولو دون صلاحيات، وبين إمكانية العودة نائبا في البرلمان أم لا؟ وأين خلفه رئيس الوزراء والقائد العام الحالي للقوات المسلحة حيدر العبادي من قصة اتهام زعيمه في حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون نوري المالكي لا سيما أنه لم يعلق بشيء على النتائج التي انتهى إليها التقرير، بل حتى داخل حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون اللذين لا يزال المالكي يتزعمهما، وإن كانا منقسمين من حيث الولاء بينه وبين العبادي، فإن مؤيدي المالكي هم الأقل بالقياس إلى كثرة الصامتين عن إمكانية محاكمته أم لا؟
المالكي خسر كثيرا من تاريخه السياسي بعد أن بدا خلال مدة حكمه الثانية (2010 - 2014) على غير ما كان عليه من وجهة نظر شركائه؛ حيث كانت الموصل، التي لم يحسن قيادة الجيوش التي كانت تقاتل فيها تحت إمرته بصفته قائدا عاما، بمثابة القشة التي قصمت ظهر هذا التاريخ؛ حيث يحاول من تبقى معه من «الدعوة» و«دولة القانون» الدفاع لا عن كونه متهما أو بريئا؛ بل توقع إمكانية أن يعود من زيارة قام بها إلى إيران أم إنه سيمكث هناك خوفا مما قد يترتب على إحالته إلى القضاء.
الجدل حول المالكي؛ لا سقوط الموصل، لا يبدو محاولة لحرف النتائج التي انتهى إليها التقرير بصرف النظر عن درجة مهنيته التي طعن بها المالكي أو موضوعيته التي تراها الغالبية العظمى من البرلمانيين والسياسيين العراقيين. وفي سياق المضمون الذي حاول التقرير من خلاله تأكيد الأسباب التي أدت إلى سقوط الموصل، فإنه حاول تأشير مجموعة من المسائل التي تداخل فيها السياسي مع العسكري بطريقة يقول عنها الخبير الأمني والعسكري المتخصص هشام الهاشمي إن «فيها الكثير من الاضطراب والتشويش»، فالتقرير يرى أن القيادة العراقية تغاضت عن معطيات بشأن سقوط الموصل وأدارت المعركة بشكل سيئ. ويشير التقرير إلى أنه تم تجاهل معلومات استخباراتية بشأن نية تنظيم داعش شن هجوم على الموصل. وينتقد التقرير القيادة السابقة برئاسة المالكي، المسؤولة عن هذا التغاضي، بالإضافة إلى الأداء السيئ للقوات الأمنية العراقية، حيث اقترفت القيادات العسكرية الكثير من الأخطاء. ويأخذ التقرير على المالكي عدم امتلاكه تصورا دقيقا وعدم اختياره قادة على كفاءة وأنه لم يعر أهمية كافية لإعادة تنظيم الجيش بعد الانهيار.
وفي سياق رؤيته للنتائج التي انتهى إليها تقرير الموصل، قال الهاشمي لـ«الشرق الأوسط» إن «أعضاء اللجنة يفتقدون مهنية التحقيق لجهة عدم وجود محقق أمني أو عسكري معهم، وبالتالي فإن التصور الحقيقي غاب عنهم لجهة سلسلة الأوامر العسكرية والفروق في التسميات بين المراكز العسكرية، وبالتالي بدا التقرير غامضا لجهة التفاصيل»، مشيرا إلى أن «التهم الموجهة سواء للمالكي أو لغيره تهم عامة وقد أحيلت كلها إلى القضاء بموجب المادة 193 من قانون العقوبات العراقي الفقرة الثالثة، وهي مادة قاسية لا يمكن تكييفها مع تفاصيل التقرير المختلفة».
وأشار الهاشمي إلى أن «التوافق السياسي لعب دوره في النتائج النهائية للتقرير، بما في ذلك زج اسم بابكر زيباري رئيس الأركان السابق في التقرير، مع أنه ليس له من الأمر شيء، لكي يضم التقرير متهمين سنة وشيعة وأكرادا».
وإذا كان محافظ نينوى أثيل النجيفي أحد المتهمين بسقوط الموصل بموجب التقرير، فإنه كان أبلغ «الشرق الأوسط» بشأن شهادته أمام اللجنة التي استغرقت أكثر من سبع ساعات، أن «الانهيار السريع للقطعات العسكرية الذي أدى في النهاية إلى السقوط السريع للموصل بيد تنظيم داعش، كان بسبب انسحاب مفاجئ لقوات الشرطة الاتحادية من الساحل الأيمن، حيث لم تجر أي عمليات قتالية، بل جاءت عملية الانسحاب بشكل مثير للشبهات، في حين كانت هناك أفواج ووحدات قتالية تملك القوة والقدرة على القتال، لكنها لم تقاتل بأوامر من (قائد العمليات السابق مهدي) الغراوي مباشرة وبعلم القائد العام للقوات المسلحة آنذاك نوري المالكي»، مشيرا إلى أنه أرفق شهادته أمام اللجنة بـ«خرائط توضح كيف حصل ذلك، وقناعتي أن ما حصل هو بمثابة تسليم الموصل بهدف الهجوم من الساحل الأيسر غير أنهم (الغراوي ومن معه وكذلك المالكي) فوجئوا بالانسحاب السريع والهروب الجماعي من الساحل الأيسر»، موضحا أن «هناك خطة تقتضي انسحاب القطعات من الساحل الأيمن وتركه بيد (داعش) ومن ثم توجيه ضربة من الساحل الأيسر وسحق المدينة بمن فيها من خلال السماح للإرهابيين بالدخول إلى المدينة ومن ثم ضرب المدينة والإرهابيين معا».
وتابع النجيفي روايته قائلا: «لقد أبلغت اللجنة وبكل وضوح تفاصيل الفساد المالي الخطير في المؤسسة الأمنية والعسكرية في الموصل، وتأثير ذلك لاحقا على ما حصل في الموصل من انهيار سريع».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.