الأفغان يفقدون وظائفهم مع الانسحاب الأميركي

في ظل حكومة غارقة في المشاكل تحت حصار الهجمات الإرهابية وقضايا الفساد

مواطن أفغاني في طابور جوازات السفر مع عشرات آخرين بحثا عن فرصة عمل خارج بلادهم (واشنطن بوست)
مواطن أفغاني في طابور جوازات السفر مع عشرات آخرين بحثا عن فرصة عمل خارج بلادهم (واشنطن بوست)
TT

الأفغان يفقدون وظائفهم مع الانسحاب الأميركي

مواطن أفغاني في طابور جوازات السفر مع عشرات آخرين بحثا عن فرصة عمل خارج بلادهم (واشنطن بوست)
مواطن أفغاني في طابور جوازات السفر مع عشرات آخرين بحثا عن فرصة عمل خارج بلادهم (واشنطن بوست)

في ركن مترب من العاصمة الأفغانية، تحوطه الرائحة الكريهة لمياه الصرف الصحي ويكتظ بالمساكن المؤقتة، تأتي الأسر كل يوم في شاحنات البضائع لتفريغ ممتلكاتهم فوق إحدى الكومات. فهم من بين 82 ألف لاجئ أفغاني غير مسجل من الذين طردوا من باكستان المجاورة منذ يناير (كانون الثاني) إلى جانب نحو 150 ألف مرحلين من إيران خلال نفس الفترة - والكثير منهم عاد إلى الوطن خالي الوفاض.
تقول شوميلا مالك (45 عاما) التي رجعت لبلادها في مارس (آذار) «كانت الحياة شاقة للغاية في باكستان، ولكنها كانت حياة. أما هنا فلا نعرف أحدا، وليس هناك عمل». أما زوجها، وهو أحد العمال، فطرد من عمله بسبب مرض بالكلى، ويقطع ولداهما النهار في البحث عن قطع الخردة المعدنية لشراء الطعام. تقول السيدة مالك «ينبغي أن يكونا في المدرسة، ولكننا نعتمد عليهما في العثور على عبوات البيبسي الفارغة. إذا كنا نستطيع العودة إلى باكستان غدا فسوف نفعل».
في الجانب الآخر من المدينة، يصطف المئات من الرجال الذين تعلوهم أمارات الكآبة والقلق خارج مكتب الجوازات الحكومي، وهم يحملون المستندات في ملفات بلاستيكية. في تمام السابعة صباحا عندما يفتح المكتب الحكومي أبوابه، يزداد طول صف المتقدمين للحصول على التأشيرة إلى 1000 مواطن. والكثير منهم بلا عمل ويقولون إنهم عازمون على مغادرة البلاد بحثا عن العمل، أي عمل، وفي أي دولة يمكنهم الوصول إليها.
يقول ساهل شاخزاده (26 عاما) الذي توقفت تجارته لبيع الهواتف الجوالة الصغيرة منذ فترة وجيزة «لم أكن أتوقع أن أغادر بلدي، ولكن الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم». وهناك عشرة رجال آخرين، بعضهم يرتدي ملابس العمل المتسخة والملطخة وهم يتفقون مع الشاب ساهل فيما يقول: «كل من يقف في ذلك الصف يعاني من نفس المتاعب، ليس هناك أمن، ولا استثمار، ولا مستقبل لأحد هنا. والأمل الوحيد هو في المغادرة».
على كلا جانبي ذلك المد البشري - حيث تدفق العائدين المحتاجين مع عدم وجود أماكن يعودون إليها والزيادة المطردة في المتقدمين لمكاتب الجوازات الآملين في أي مخرج - تبدو علامات الركود الاقتصادي الأفغاني والحكومة الغارقة في المشاكل، والتي تركت الملايين من المواطنين يحتاطون لأنفسهم في زمن عدم اليقين.
تكافح حكومة الرئيس أشرف غني التي لم تجاوز العام الأول من عمرها، تحت حصار الهجمات الإرهابية، وقضايا الفساد وصدمة نهاية المجهود الحربي الدولي وفورة التنمية الاقتصادية المصاحبة له، ضد تلك العوائق الرهيبة للبقاء على تماسك البلاد. يرتفع المعدل الرسمي للبطالة إلى 35 في المائة - وهو أكثر بأربعة أضعاف عما كان عليه في عام 2013 - ويقول خبراء الاقتصاد إنه يقترب من 50 في المائة مع إضافة الأعداد الضخمة من العاطلين سنويا.
تبدو تلك الظاهرة جلية عبر كافة أرجاء العاصمة، حينما يتجمع عشرات الآلاف من الناس في صباح كل يوم عند مفترق الطرق، ومواقف الحافلات، وأعلى الجسور، يأملون في يوم عمل جديد. ومع تقلص الاقتصاد الرسمي في البلاد، تقلصت أعداد الرجال الذين لديهم وظائف ثابتة أو وظائف مكتبية وتحولوا للانتظار في النواصي برفقة مجموعة من الأدوات، ويتنافسون مع العاطلين الدائمين عن العمل لأجل بناء أحد الجدران أو حفر أحد الخنادق.
يقول أحد المحاسبين الحكوميين السابقين ويدعى نعمت الله وهو يقف بجوار دراجته التي تحمل حقيبة مليئة بأدوات العمل عند إحدى النواصي في غرب كابل «قبل عامين، كان كل شيء على ما يرام. والآن مر شهران وأربعة أيام منذ أن عثرت على عمل. لدي ستة أطفال، ولم أعد قادرا على إعالتهم. منذ مجيء الحكومة الجديدة، تدهور الأمن بشكل كبير، واختفت الوظائف. إنني ساخط على الحكومة، وساخط على كل شيء، ولا أدري ما أصنع».
إن محل نعمت الله الذي يقف عنده انتظارا لفرصة عمل في الاقتصاد غير الرسمي بالبلاد يبتعد بضع بنايات قليلة عن حالة الفوضى المسيطر عليها في مكتب الجوازات، حيث يحاول رجال أمثاله اتخاذ قفزات أكثر حدة منه ناحية المجهول. أما الكتل السكنية المحيطة فتمتلئ بأكشاك الطعام وآلات نسخ المستندات على جوانب الأرصفة، وتواصل عناصر الشرطة الصراخ في جماهير الصفوف البطيئة. وفقا للمسؤولين من وزارة الداخلية التي تدير ذلك المكتب، يأتي في كل يوم قرابة 5000 مواطن إلى المكتب وهناك نحو 2000 مواطن يستلمون جوازات سفرهم يوميا، وهو الحد الأقصى الذي يمكن إنتاجه في كل يوم. ويرجع جزء من الاندفاع على المكاتب للقرار الحكومي الصادر العام الماضي بإلغاء كافة جوازات السفر القديمة والمكتوبة بخط اليد ويستلزم ذلك من كافة المسافرين المحتملين الحصول على جوازات إلكترونية جديدة. وحتى الآن، تم إصدار ما يقرب من 50 ألف جواز سفر جديد.
*خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



«اختفاء» اقتصادي صيني بارز بعد انتقاد الرئيس في محادثة خاصة

الرئيس الصيني شي جينبينغ (أ.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ (أ.ب)
TT

«اختفاء» اقتصادي صيني بارز بعد انتقاد الرئيس في محادثة خاصة

الرئيس الصيني شي جينبينغ (أ.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ (أ.ب)

اختفى أحد كبار الاقتصاديين في الصين بعد تأديبه لانتقاده رئيس البلاد شي جينبينغ خلال محادثة خاصة في منصة إلكترونية.

ووفقاً لصحيفة «غارديان» البريطانية، فإن تشو هينغ بينغ، عمل في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية (كاس) لأكثر من 20 عاماً، وكان آخر منصب له هو نائب مدير معهد الاقتصاد ومدير مركز أبحاث السياسات العامة.

وذكرت تقارير أنه أدلى بتصريحات مسيئة حول اقتصاد الصين، وربما حول الرئيس على وجه التحديد، في مجموعة خاصة بمنصة «وي تشات»، ثم اعتقل في أبريل (نيسان)، ووضع قيد التحقيق، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال» التي نقلت عن مصادر مجهولة.

ولم تنجح المحاولات للاتصال به في منزله، ولم تستجب «كاس» لاستفسارات بشأنه. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أفادت وسائل الإعلام في هونغ كونغ عن تغيير في كبار المسؤولين في الأكاديمية، حيث تمت إقالة المدير والسكرتير من مناصبهما في نفس الوقت الذي جُرد فيه تشو من منصبه، ولم يعد مدرجاً على موقع «كاس»، وكذلك تم إغلاق المواقع الإلكترونية المتعلقة بعمله في جامعة «تسينغهوا»، فيما أعيد تعيين المسؤولين الآخرين في الأكاديمية، وفقاً لصحيفة «سينغ تاو ديلي».

ولا تُعرف تفاصيل ما كتبه تشو في المجموعة الخاصة، على الرغم من أن «سينغ تاو ديلي» قالت إن «السياسات المركزية تمت مناقشتها بشكل غير لائق». كما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أنه أشار إلى «وفاة شي».

ولفتت «غارديان» إلى أن «كاس» مؤسسة بحثية رائدة في الصين، تقدم تقاريرها مباشرة إلى مجلس الوزراء، ومجلس الدولة، وكانت لفترة طويلة مؤسسة استشارية مؤثرة، وتقدم أحياناً تحليلات صريحة نسبياً، ولكن في ظل الحكم الاستبدادي المتزايد لشي، أصبح انتقاد الحزب الشيوعي وقيادته الفردية موضع استياء متزايد، ويتم التعامل معه بشكل عقابي.

وفي وقت سابق، أخبر أكاديميون صحيفة «غارديان» عن تزايد الخوف بينهم من الإبلاغ عن مناقشة التقييمات السلبية للوضع الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي؛ خوفاً من الانتقام، فيما يتم تجنب مناقشة سياسات الرئيس، وخاصة عبر مواقع الإنترنت التي تخضع للرقابة والمراقبة.

وهناك مخاوف من أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم قد يفشل في تحقيق نمو بنسبة 5%، وهو رقم متواضع نسبياً وفقاً للمعايير التاريخية. وأعلن البنك المركزي، الثلاثاء، عن أكبر تدابير تحفيزية منذ سنوات في محاولة لتعزيز النمو، لكن الخبراء أعربوا عن قلقهم من أن التدابير، بما في ذلك خفض أسعار الفائدة، لن تكون كافية. وتكشفت أزمة متنامية في سوق العقارات في الصين منذ أن اتخذت السلطات إجراءات صارمة ضد الاقتراض المفرط من قبل المطورين، مما دفع العديد منهم إلى التخلف عن سداد ديونهم.

ويواصل مطورو العقارات وملاكها التعامل مع أقساط الرهن العقاري المرتفعة، مما يثقل كاهل قدرتهم على الاستثمار والنمو. وتجنب المطورون طرح تخفيضات واسعة، خوفاً من أن يؤدي التحفيز إلى طفرة في المبيعات وخلق فقاعة عقارية جديدة.