إسرائيل وتركيا تتقدمان في مسار المصالحة بينهما

محادثاتهما توصلت إلى تخفيف الحصار عن غزة

إسرائيل وتركيا تتقدمان في مسار المصالحة بينهما
TT

إسرائيل وتركيا تتقدمان في مسار المصالحة بينهما

إسرائيل وتركيا تتقدمان في مسار المصالحة بينهما

أكدت مصادر سياسية في تل أبيب ما نشر في أنقرة، الليلة قبل الماضية، من أن هناك تقدما كبيرا في الحوار من أجل مصالحة إسرائيلية تركية تضع حدا للأزمة السياسية بين البلدين، المستمرة منذ ست سنوات، والتي تفاقمت بعد الهجوم الإسرائيلي على سفينة مرمرة سنة 2010 وقتل 9 من ركابها الأتراك. وقالت هذه المصادر، إن الطرفين الإسرائيلي والتركي، يجريان محادثات على مستوى المدير العام لوزارة الخارجية. وقد حققا تقدما كبيرا ولم يتبق سوى بعض الرتوش التفصيلية. وأكدت أن التقدم حصل بشكل خاص، عندما تفاهما في الحوار حول موضوع إنهاء الحصار على قطاع غزة، الذي وضعته تركيا شرطا للمصالحة. وقد رفض مسؤول إسرائيلي الحديث عن «عقد اتفاق طويل الأمد بين إسرائيل وحماس»، كما تنشر وسائل الإعلام الفلسطينية. وقال إن الحديث يجري عن «التزامات من حركة حماس بوقف إطلاق النار ولجم التنظيمات المسلحة الأخرى في قطاع غزة، ترد عليها إسرائيل بالمثل. ولكنه ليس اتفاق تهدئة بين إسرائيل وحماس». وأضاف: «من جهتنا لا يوجد حصار على قطاع غزة سوى الحصار العسكري الذي يمنع دخول أسلحة وتهريب مسلحين إلى القطاع. لهذا فإن الحديث يجري عن إقامة ميناء بحري بمراقبة إسرائيلية، وهذا كما هو معروف، مشروع طويل المدى وسننفذه فقط إذا وجدنا الطرف الآخر ملتزما بوقف النار».
وكان مستشار رئيس الحكومة التركية ياسين اقطاي، توقع التوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل، يحل مسألة الحصار ويفتح المعابر ويوقف إطلاق النار بين الجانبين. ونشرت مصادر أخرى أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، عقد لقاء مغلقا مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الأسبوع الماضي، نوقشت خلاله قضية التهدئة. وأن إردوغان طرح خلال اللقاء، إمكانية بناء مطار في غزة وفتح معبر بحري إلى ميناء في شمال قبرص تسيطر عليه تركيا، تجري فيه الفحوصات الأمنية بمشاركة إسرائيلية.
ومع أن تقارير فلسطينية تحدثت عن اتفاق بين إسرائيل وحماس سيثمر هدنة طويلة، مداها ثماني إلى عشر سنوات، وتوافق عليها حركة الجهاد الإسلامي، إلا أن الإسرائيليين يتحدثون عن اتفاق مع تركيا فقط، ويطلبون من أنقرة ضمانات لوقف إطلاق النار من طرف حماس وبقية التنظيمات في القطاع.
يشار إلى أن التقارير حول اتفاق موقع بين إسرائيل وحماس تنشر منذ أسابيع، لكن تصريح مستشار رئيس الحكومة التركية الذي نشر في صحيفة «الرسالة» في غزة، يشير إلى تقدم عملي، وربما إلى تفاهمات وصلت إلى مرحلة الصياغة. وقد حصل التقدم الجديد كما يبدو، بسبب تفهم إسرائيل للمصالح التركية.
بالنسبة لتركيا سيشكل مثل هذا الاتفاق إنجازا كبيرا، لأن نضالها الطويل ضد الحصار المفروض على غزة، أثر على مواقف إسرائيل، فتكسب النقاط في الشارع العربي. والأهم من ذلك، هو أن إنشاء ميناء في شمال قبرص سيمنح تركيا السيطرة الكاملة على حركة التجارة البحرية مع غزة، لأنه في غياب علاقات دبلوماسية بين شمال قبرص وغالبية دول العالم سيضطر تجار غزة إلى إرسال بضائعهم إلى قبرص أولا، ومن هناك إلى ميناء تركي، ومنه إلى موانئ العالم. لكن إسرائيل تتحسب من رد الفعل الأميركي والأوروبي على هذه التطورات، لأن اتفاقا كهذا، سيكون بمثابة ضربة للسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس. إذ سيعفي إسرائيل من المفاوضات على اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني، ويضع حدا للضغوط الدولية عليها في موضوع الاستيطان أو الانسحاب من الضفة الغربية، وسيضعف الجبهة الفلسطينية إلى أبعد الحدود، ويحقق فصلا تاما بين الضفة الغربية والقطاع، وسينهي جهود المصالحة الفلسطينية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.